عائشة ولكن / تقوى العلي
تقوى العلي ( الأردن ) الإثنين 21/11/2016 م …
كان يا مكان في بنت اسمها عايشة وكانت عايشة ولسة عايشة
بهذه الكلمات أنهت ‘عائشة’ جزءًا بسيطًا من معاناتها مع الحياة منذُ طفولتها ولغاية اليوم باختلاف تفاصيلها مع تغيرات الزمن والمكان والأشخاص…..والحياة هي هي ..
أبدعتْ المخرجة الاردنية ‘أسماء بسيسو’ التي سّلّطت الضوء على أهم المواضيع من خلال حالة فردية ‘عائشة’ في دور الرعاية ،ونظرة المجتمع لهم بتفاصيل دقيقة موجعة للانسانية من عدة سنوات اختصرتها بمهارةٍ فائقة بفيلم قصير مدته سبعون دقيقة ..في كل دقيقة وجع وألم وأمل .
‘عائشة’ البالغة من العمر السابعة والعشرون، صاحبة البشرة السمراء ،والقلب الأبيض بالرغم من الأحداث التي حدث معها منذ طفولتها يحق لها أن يكونَ قلبها أسود قاتم ،،نعم يحق لها ولنظرائها !.
ثمة ليالٍ رهيبة مرّت عليها ،برد وجوع وفقر مدقع ليالي دفعت ثمنها و’عائشة ‘لم تتقاضى منها إلا الحرمان فقط من كل نوع .
بأي ذنب تُركتْ’عائشة’؟
بأي بذنبْ حُرمتْ؟
بأي بذنب رُفضتْ؟
تربّت ‘عائشة ‘في دورٍ للرعاية هكذا سُميت للرعاية وليس للخيانة والإساءة ،لم تلقَ أي اهتمام ورعاية كإنسانة في الملجأ،على العكس تمامًا حُرمتْ بما فيه الكفاية من قبل هذه الدور التي من الواجب طوعًا الاهتمام بكل من يدخل كنفها كملجأ…الملجأ اسمٌ عظيم لهؤلاء من يطرقون أبوابهم فهو بمثابة’وطن ‘يحميهم ويدافع عنهم ويُأمن لهم ما يحلمون به .
قطعة خبز
عندما نحتارُ في اختيار طبقٍ من الطعام ، هناك من يحتار بكيف يصل إلى الطعام،،،ولو قطعة خبز ! رغيفٌ واحد بل قضمة من الخبز يفرّق بين الجوع والشبع!
‘ضربتني المشرفة ، لأنّني سرقتُ خبز لآكل ‘
بهذه العبارة تروي’عائشة’ قصتها القصيرة بسبعين دقيقة ‘في يومٍ أسودٍ حُرمَت من الطعام نوعًا من التأديب بسبب مشاكستها ،وهي تتضور جوعًا …بذكاءُ وسرعة البديهة عند عائشة دفعها لتراقب عن كثب المشرفة وهي تضع ما بقى من الطعام على حافة النافذة ،وتخلد لنومها ..وبحذر شديد وبكل الطرق حاولت عائشة الوصول لقطعة الخبز….(في عقلها ) وأخيرًا …انتشلتها بشغف وهربت بسرعة البرق على قدميها للغرفة لتشاطر صديقتها بها إلا من فوق رأسها من ينتشل القطعة بهدوء ، المشرفة لها ‘عائشة’ (الله لا يشبعك، بكفي أكل )وهي بالفعل كانت معاقبة ولم تأكل منذُ الصباحْ ،ألقتها أرضًا وظلت تركلها يُمنةً ويُسرةً حتى وقع على ظهرها بابٌ زجاجيٌّ وتفتت تاركًا أثره على ظهرها لغاية يومنا هذا ،تم أخذها على المستشفى وتم ترميم الجرح باثناعشرة قطبة !!،هذه العلامة لن تُنسى في ظهر ‘عائشة’ البريئة…(اجوع قاتل)
معاناة عائشة هي لسيت إلّا مثالًا ومؤشًرا خطيرًا لما يحدث داخل هذه الأسوار …
تفاصيل القصة ربما قاتلة لن أقول لحدٍما ،بل هي قاتلة !
عائشة القوية في وسط مجتمع لا يعترف إلا بالوهن
إنّ النجاح العظيم الذي يحققه الإنسان هو عندما يحقق الفوز في الحياة بلا معارك دامية أو جروح داخليّة ….’عائشة ‘انتصرت بنهاية المطاف ،فهي مستعدة استعدادًا تامًا للحياة ،وبصدق ‘الحياة تليق بها وبنظرائها’
أنهت دراستها الجامعيّة بتخصص’علم النفس ‘ مقتنعةً بمجالها ومؤمنة به ،وتطمح بالدراسات العليا خارج البلاد إن أتيحت لها الفرصة .
في هذا الوقت التئم جرح ‘عائشة ‘طوعًا لرغباتها ،وبكونها متصالحة مع ذاتها ،تجاوزت المحن والتنقل بين ضفاف الأمل ،والسرور بكل وجع يكتفه بسمة جميلة دون الانجراف لمعاناة الماضي …’عائشة’ أنتِ هنا بلغتي الحرّية.
قيود مجتمعيّة جاهليّة دفعت’ عائشة ‘ لكسر القيد بكل قواها ‘وقبولها طوعًا’واجب على مجتمعنا الاعتراف والاهتمام به كإنسان.
تقول’ما بخاف من المجتمع ،بس يمكن من نظرة الناس فهم ينظرون لي نظرة شفقة أو ازدراء لا أعلم !’
مجتمع يرفض كل من يترّبى ويترعرع في أي ملجأ أو دورٍ للرعاية مهما حاولنا اخفاء الحقيقة ،النظرة السوداوية لدى مجتمعنا الاردني بهذه الفئة تُدمر بدل من أن تبني بهم مستقبلًا مشرقٌا ..
عائشة قوة ، تحدي ، إصرار ،ترّفع عن جاهليّة مجتمع تُحسب عليه .
فكروا قليلًا ما الذنب الذي يقترفونه من يعيش بالملجأ بغض النظر عن تواجده به ؟؟
من المسؤول المباشر عن هذه الدور أليس وزارة التنمية ؟؟؟
ما مهامك بالضبط ؟أتدرين ما الذي يحدث داخل هذه الأسوارالآن؟!
الإجابة …..نموذج عائشة كفيل الرّد …ومن الممكن أسوأ!!!
التعليقات مغلقة.