الياس فاخوري يكتب: إن لغزة هاشم ربا يحميها ويمنعها برجاله في الميدان ومعهم أمهاتهم، وأخواتهم، وزوجاتهم، وبناتهم، والبنين .. اما صهاينة “الفيل” فهلاكهم بيّن ومُبين!




الياس فاخوري ( الأردن ) – السبت 2/3/2024 م …

(==) حيثما وردت كلمة ” ديانا ” في مقالات الكاتب، فهي تعني تحديدا زوجته الراحلة الكبيرة والمفكرة القومية ، شهيدة الكلمة الحرة والموقف الوطني ” ديانا فاخوري “… والصورة المرفقة لهما معا …

 

من الجدة الى الحفيدة وبالعكس ..
ببراءة الأطفال – لا ببراعة محمود درويش – تتسائل “ديانا” (حفيدة المفكرة القومية “ديانا فاخوري”) باستنكار وقد هالها هول، وهلع، وفظاعة، وبشاعة، ورعب، وفداحة (القواميس تعجز عن الوصف) ما يجري في غزة وفلسطين باكملها: هل غزة هي اختبار الله!؟ “جرَّبناكَ يا الله، جرَّبناكَ” ..  خذ أعداد المسلمين والمسيحيين في العالم وعدد الصلوات المعتادة او المفروضة، يصلك حوالي 22 بليون صلاة يومياً (عدة تريليونات منذ ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023) الى جانب تريليوناتٍ من الادعية أنْ أوقف المذابح والمجازر الصهيواوروبيكية في غزة – أنْ اوقف ترحيل جهنم الى غزة!
 
وتستطرد ديانا الحفيدة مستنكرة طرح شرعية الدولة الدينية الصافية بلا تاريخ ولا جغرافيا والتي تنطوي على إلغاء الاخر والاغيار فتضرب جوهر الدين ذاته .. ويبقى السؤال: هل يمكن تحويل الدين الى قومية، وهل يمكن عملياً إقامة دولة يهودية بتعداد 15 مليون نسمة نُلملمهم من كافة زوايا الكرة الارضيّة على ارض واحدة .. ودولة مسيحية بتعداد 2.5 بليون نسمة، ودولة إسلامية بتعداد 2 بليون نسمة، ودولة هندوسية قوامها 1.2 بليون نسمة، ودولة بوذية تعدادها 515 مليون نسمة، و، و، و – وعلى اي ارض نقيم كل دولة بعد لملمة شتات اصحاب كل ديانة!؟ وماذا عن أركان ومكونات الدولة والامة من الجوامع والروابط المشتركة كاللغة، والهوية القومية، والعرقية، والإثنية، والبيولوجية، والدم، والجذور، والتاريخ، والمصير، والجغرافيا، والحضارة، والثقافة، والقيم والعادات والتقاليد!؟
 
ف”مَنْ أَدمى جبين الله ’ يا ابنَ الله”؟ .. وأَيُّوبُ؟ .. هل ماتَ، “وماتتِ العنقاءُ، وانصرفَ الصَّحابَهْ”؟ “لا تَذْكُرِ الموتى، فقد ماتوا فُرادى أَو.. عواصمْ”!
 
 هل نحن حقاً في مأزق مع الله!؟ وهل تحولنا الى اشكالية وجودية، وربما الى اشكالية تاريخية اذ نُعمل التأويل القبلي في تفسير النص الالهي!؟ وهل انزلقنا الى نقطة التقاطع بين جاذبية الغيب وجاذبية العدم لنفهم التاريخ بعيداً عن انتاج ديناميكية التفاعل مع جدلية الأزمنة فنختنق في زنزانة السلبية؟
 
ولعله من نعم “طوفان الأقصى” أنه اماط اللثام عن تموضع “الحضارة الغربية” على الهمجية والشراسة والتوحّش والبربرية، كما اظهر للعيان تهافت خطابها “التنويري” وتهالك بنيتها المعرفية العنصرية الاقصائية! فبعد سنوات القتل والتنكيل والاقتلاع الصهيواوروبيكي، ما زال الفلسطيني يغرز أظافره في الفولاذ، ولسان حاله:
المسافة صفر واسألوا السيدة ميركافا ..
فحاصِرْ حصَارَكَ، لا مفرُّ ..
المسافة صفر، سقطتْ ذراعك فالتقطها، واضرب عَدُوَّك ..
لا مفرُّ، وسقطتُ قربك، فالتقطني، واضرب عدوكَ بي ..
فأنت الآن حُرُّ .. 
قتلاكَ، أو جرحاك فيك ذخيرةٌ ..
 فاضربْ بها، إضربْ عدوَّكَ…
لا مَفَرُّ .. 
أَشلاؤنا أسماؤنا ..
نُصوب دمنا فوق ارضنا ونرفعه قلاعاً ..
المسافة صفر وصهاينة “الفيل” ادركوا ان هلاكهم بيّن ومُبين .. 
وهذا شهر شباط/فبراير 2024 يكسب يوماً إضافياً ليراكم رجال الله النصر فوق النصر باسقاط السقوط  وقهر “القوة التي لا تقهر” ولتعلو غزة فكرةً، ويداً، ونابلساً رشيداً، وزيتوناً، ورفحاً، وقدساً، وجنيناً، وشاما!
 
 غزة هاشم قصتنا، وغصتنا .. هي صورتنا، وسورتنا .. وسنُسقط السقوط، ونكون .. فالمسافة صفر بين صهاينة “الفيل” وهلاكهم!
 
غزة هاشم تصادق هنا على ما تعلّمناه من تجارب التاريخ حيث لا يُقاس الانتصار في الميدان بعدد المباني التي تحولت الى ركام، ولا بعدد الذين سقطوا، أكانوا يحملون البنادق أم الطحين ام حليب الأطفال. فهل قضت الـ ” B ـ 52 ” على الفيتكونغ في فيتنام؟ وهل قضت قنبلة هيروشيما على الساموراي؟ الانتصار، كما عرّفه كلاوزفيتس (Carl von Clausewitz)، يكون بأن “تسقط روح الآخر”، وهذا ما لم ولن يحصل لو بقي فلسطيني واحد على هذه الارض يُعيدُ للروح المُشَرَّد أوَّلَهْ ولو من المسافة صفر ..
 
 منتصب القامة شامخاً كان الفلسطيني وسيبقى، ولا تزال فلسطين هي فلسطين من النهر الى البحر! لك ان تأثم ظناً ان النجوم نارٌ، وان الشمس تتأرجح، وان الحق كذبٌ – لكن لا يراودنّك الشك لحظةً ان فلسطين لنا من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى ام الرشراش (27,009 كيلو متراً مربّعاً – متر ينطح مترا) .. فقوى الشر لن تسود، وقوى البغي والموت لن تتمكن من هزيمة “غزة” و”الجمهورية العربية الفلسطينية” .. على صخرة فلسطينية بُنيت .. وأبواب الجحيم لن تقوى عليها .. وها هي البحار والأنهار والاشجار تشدو: “لبلادنا، وَهِيَ القريبةُ من كلام اللهِ، سَقْفٌ من سحاب” .. هذا هو اليوم الذي صنعه الرب على ايدي رجاله في الميدان، فلنفرح ولنتهلل به فقد ادرك صهاينة “الفيل” ان هلاكهم، ولو من المسافة صفر، بيّن ومُبين!
ولا حل الا بالعودتين والدولة الواحدة، لا حل الدولتين – نقطة على السطر! فما حل الدولتين الا محاولة خجولة لطمأنة العدوّ ومكافأته على جرائمه ووحشيّته .. لا حل الا على نبض ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023 – حل العودتين والدولة الواحدة: لا اغتصاب، لا تهجير، لا لجوء .. ليعد أهل فلسطين – حملة المفاتيح، زُرٌاع التين والزيتون – الى ديارهم، وليعد المغتصبون الى حيث تحدّروا وآباؤهم .. ليعد نتنياهو الى بولندا، و”سموتريتش” الى اوكرانيا و”يسرائيل كاتس” الى رومانيا .. حِلّوا عن فلسطين فالسَّاعَةُ مَوْعِدُكمْ “وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ”!
إن لغزة هاشم ربا يحميها ويمنعها برجاله في الميدان ومعهم أمهاتهم، وأخواتهم، وزوجاتهم، وبناتهم، والبنين .. اما صهاينة “الفيل” فهلاكهم بيّن ومُبين والمسافة صفر!
 

الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين ..

نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..

 الياس فاخوري

كاتب عربي أردني

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.