متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الواحد والسّتّون / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 3/3/2024 م …

يتضمّن العدد الواحد والسّتّون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرة تحاول متابعة تداعيات العدوان الصهيوني وفقرة عن غَوص مصر في أوحال التطبيع السياسي والإقتصادي، وفقرة عن العمل غير النظامي في البلدان العربية، وفقرة عن الإجتماعات السنوية لصندوق النقد الدّولي والبنك العالمي بمراكش ( تشرين الأول/اكتوبر 2023)، وأخرى عن القمة الوزارية لمنظمة التجارة العالمية بالإمارات، وفقرة عن أسواق النفط وتأثيرات العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة، وفقرة عن التعامل الأمريكي مع الدّول الصغيرة، من خلال نموذج نيكاراغوا، وفقرة عن الخرق الأمريكي المستمر ل”حرية التجارة” المزعومة التي تفرضها على الدّول الأخرى،




 

تداعيات الوضع في البحر الأحمر

تأَثَّرت حركة نقل الغاز والمحروقات حول العالم بقصف المقاومة اليمنية، وهو ما أسْمَتْهُ وسائل الإعلام “التوترات الأمنية في البحر الأحمر” التي كانت لها تداعيات على شركات الطاقة العالمية، ومن بينها شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية التي توقفت عن إرسال سفن عبر مضيق باب المندب منذ أسابيع، فيما قررت شركة “بي بي” البريطانية إيقاف جميع عمليات عبور السفن للبحر الأحمر، وقرّرت شركة “إكوينور” النرويجية تغيير مسار السفن التي كان يفترض أن تعبر البحر الأحمر، وقررت شركة “قطر للغاز” استخدام طرق بحرية بديلة عن البحر الأحمر لتسليم شحنات الغاز المسال، بينما أوضحت شركة “إديسون” الإيطالية أنها تعاني من تباطؤ في إمدادات الشركة من الغاز المسال، فيما ارتفعت أسعار عقود تأمين الشحن البحري، مع فرض رسوم لتغطية المخاطر المرتبطة بنزاعات، تُضاف إلى الزيادة الكبيرة في تكلفة الشحن نتيجة سلوك مسار بديل أطول، منذ بداية تنفيذ الهجمات على سفن تجارية مرتبطة بالكيان الصهيوني، وقَدّرَ صندوق النقد الدولي انخفاض حجم النقل البحري للحاويات عبر البحر الأحمر بنسبة 30% تقريبًا خلال عام واحد، بعد أن كانت (قبل السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023) تعبر المنطقة بين 12% و15% من حجم التجارة العالمية، بحسب بيانات الاتحاد الأوروبي…

أشارت المديرة العامة لشركة “أسكوما إنترناشونال” للتأمين إلى ارتفاع معدّلات التأمين إلى ما بين 5 و10 أضعاف، سواء لضمان السفن أو البضائع التي تعبر البحر الأحمر،  وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية ( أ.ف.ب. 23 شباط/فبراير 2024 ) إن المعدّل الحالي لرسوم التأمين المرتبط بمخاطر النزاعات يراوح بين 0,6% و1% من قيمة السفينة، وهي مبالغ كبيرة لأن السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر هي حاملات حاويات ضخمة أو ناقلات نفط تُقدّر قيمتها بنحو 120 مليون دولارا في المتوسّط، مع اختلاف مبالغ التّأمين وفق جنسيّات الشركات المالكة أو المشغّلة للسفن، لأن السفن الأميركية والبريطانية أصبحت – إلى جانب السفن المرتبطةو بالكيان الصهيوني – “أهدافًا مشروعة” منذ 12 كانون الثاني/يناير 2024، تاريخ شَنّ بريطانيا والولايات المتحدة هجومات عدوانية على شعب اليمن.

أدّت هذه الهجمات على السفن إلى لجوء بعض الشركات إلى الشحن الجوي، وهو أعلى كلفة، حتى قبل ارتفاعه منذ بداية العدوان، وفق وكالة بيانات الأسعار “تي إيه سي إنديكس” التي أظْهرت ارتفاع مؤشرات الشحن الجوي بنسبة 6,4% خلال الأسبوع الثالث من شهر شباط/فبراير 2024، وارتفعت أسعار الشحن الجوي من شنغهاي 8,8% على أساس أسبوعي يوم الاثنين 19 شباط/فبرالير 2024، مدفوعة بزيادات كبيرة في حجم الشّحن إلى أوروبا، مباشرة قبل عُطْلة السنة الصينية الجديدة، حيث تغلق العديد من المصانع في الصين أبوابها لقضاء العطلة التي تستمر 8 أيام، وتسعى الشركات لإيصال المخزون إلى الزبائن قبل ذلك، وارتفعت أسعار الشحن الجوي خارج هونغ كونغ بنسبة 5,9%، في حين قفزت أسعار الشحن الجوي خارج جنوب شرق آسيا بنسبة 10% بفعل ارتفاع تكاليف مرور السفن عبر مناطق أخرى غير البحر الأحمر الذي يؤدي إلى قناة السويس وإلى البحر الأبيض المتوسط، وهو الطريق التجاري الرئيسي والأقْصَر، حيث تمر 12% من حركة الشّحن العالمية بين مراكز التصنيع في آسيا وأوروبا وأمريكا التي تستهلك هذه السّلع، ويُؤَدِّي استخدام  الشحن الجوي إلى ارتفاع التكاليف… 

 

مصر

يتواطأ النّظام المصري بشكل مُباشر مع الكيان الصهيوني في حصار فلسطينِيِّي غزة وفي معالجة وتسويق الغاز المنهوب من سواحل فلسطين نحو أوروبا، غير إن حال الشعب المصري ساءت منذ تطبيع علاقات النظام مع الكيان الصهيوني، فارتفع حجم الدّيون الخارجية إلى 165 مليار دولارا، وانخفض سعر الجُنَيْه المصري إلى مستويات قياسية، وبلغ سعر الدّولار في السوق الموازية ضِعْفَ سعره الرّسمي الذي حدّده المصرف المركزي، وفرّط النظام المصري، قبل سبع سنوات في جزيرَتَيْ تيران وصنافير الإستراتيجيّتَيْن لصالح السّعودية، ثم باع مُؤَخّرًا أرضًا مصرية لتشرف دُوَيْلة الإمارات على إنشاء وإدارة شؤون مدينة “رأس الحكمة” على ساحل البحر الأبيض المتوسّط، وعَلّل رئيس الوزراء المصري بأن الإمارات ستضخ استثمارات مباشرة بقيمة 35 مليار دولار لتنمية مشروع مدينة رأس الحكمة، مِمَّا يساهم في حل الأزمة الحادة للعملات الأجنبية وفي السيطرة على وجود سِعْرَيْن للدولار، وفق رئيس الوزراء…

من جهة أخرى، وبعد أن كانت مصر تُصدّر الغاز إلى الكيان الصهيوني بسعر تفضيلي (أقل من سعر التكلفة)، أصبحت مصر تستورد الغاز المَسْرُوق من سواحل فلسطين، وفي ذروة العدوان على فِلسْطِينِيِّي غزة، قرّر الكيان الصهيوني توسيع القُدْرة الإنتاجية لحقل تمار (وهو قريب من غزة) لتوفير المزيد من الغاز لمصر وتعزيز العلاقات الثّنائية، وفق موقع “كالكاليست” الصهيوني الذي أَكَّدَ ارتفاع صادرات الغاز المَسْرُوق من فلسطين، إلى مصر، منذ بداية عدوان السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 وسوف ترتفع صادرات الغاز إلى مصر من ملْيارَيْ متر مكعّب سنويا إلى ست مليارات متر مكعب سنة 2025 من حقل تمار ونحو خمسة مليارات متر مُكَعَّب من حقل ليفيثان، ويعتزم الكيان الصهيوني استخدام الإيرادات الإضافية لمد خط أنابيب نقل بطول 150 كيلومترا من حقل تمار إلى منصة تمار بجانب شواطئ عسقلان، بقيمة نحو 673 مليون دولار، ويُصدّر الكيان الصهيوني نحو 4,3 مليارات متر مُكَعّب نحو الأردن لتوليد نحو 70% من الكهرباء التي تحتاجها البلاد، وحقّق الكيان الصهيوني، سنة 2022، إيرادات بقيمة 8,4 مليارات دولارا، من صادرات الغاز الطبيعي إلى مصر للبلاد نحو 8.4 مليارات دولار، وبذلك تُساهم مصر والأردن بشكل مُباشر في تمويل ميزانية العدو، ومنها ميزانية الحرب، بينما تعيش مصر أزمات اقتصادية ومالية حادّة، ولم تتمكّن الحكومة من الحصول على قرض من صندوق النقد الدّولي، بقيمة ثلاث مليارات دولارا، بسبب التّخلّف عن سداد حصص حل أجل سدادها، وباعت الحكومة أو رهَنَتْ ممتلكات الشعب، و”عقدت عدة صفقات استثمارية لزيادة موارد الدولة من العملة الصعبة” وفق تعبير رئيس الوزراء مُدّعيًا “إن هذه الصفقات سوف تُوَفِّرُ مزايا متعددة، من بينها تحسين الوضع الإقتصادي وتوفير سيولة نقدية كبيرة تُساهم في استقرار سوق النّقد الأجنبي (سوق الصّرف)، ومئات الآلاف من فرص العمل، وستسهم في إحداث انتعاشة اقتصادية بمشاركة الشركات والمصانع المصرية…”، وفق وِكالتَيْ رويترز وبلومبرغ 23 شباط/فبراير 2024

 

عرب – العمل غير النظامي:

يمكن تعريف العمل غير النظامي بالعمل في أنشطة اقتصادية لا ينظّمها القانون، أو في مؤسّسات غير مُسجّلة رسمياً ولا تصرّح عن أعمالها وعمّالها وعاملاتها لمصلحة الضرائب والتّأمينات الإجتماعية والصّحّية، أو في أنشطة ومؤسسات مُسَجّلَة ولكن أصحاب العمل لا يصرّحون عن عمّالهم وعاملاتهم ويتهرّبون من الموجبات القانونية، ومن بينها تحديد أوقات العمل وعدد الساعات وفترات العُطلة الأسبوعية والسنوية ومُدّتها، والحد الأدنى للرواتب وتسديد اشتراكات الضمان الاجتماعي وتعويضات نهاية الخدمة أو التّسريح من العمل، وغيرها، ويشمل العمل غير النّظامي، وفق تعريف منظمة العمل الدّولية، أشكالاً مختلفة ومتنوّعة، تَضُمُّ العاملين والعاملات لحسابهم الخاص في أنشطة غير منظمة، أو في مؤسّسات القطاع اللانظامي، أو في وظائف غير منظّمة…

يُشير تقرير منظمة العمل الدولية بعنوان “التشغيل والآفاق الاجتماعية في الدول العربية – اتجاهات 2024” وتقرير منظمة العمل العربية بعنوان “التشغيل والآفاق الاجتماعية في الدول العربية – اتجاهات 2024″، إلى ارتفاع نسبة العُمال غير النّظاميين في الدول العربية، خصوصًا بين الشباب والنازحين واللاجئين ( السوريين والفلسطينيين في لبنان على سبيل المثال) والفئات الأكثر ضعفاً وأصحاب المستويات التعليمية المتدنية، ورَبَط التّقريران بين بين العمل “غير النّظامي” والفقر، حيث أصبحت نصف القوى العاملة العربية “لانظامية” ( غير مُصرّح بها لدى مؤسسات التّأمين والحماية الإجتماعية )، أو من العاملين والعاملات في أنشطة ومؤسّسات لا نظامية، ويُعادل عددهم (هن) نحو 28,6 مليون عامل وعاملة يجري استغلالهم دون عقد أو أجحْرٍ ثابت أو عدد ساعات عمل مُحَدّدة، وأحيانًا للقيام بأعمال شاقّة، دون أي حماية قانونية أو اجتماعية، ويجري تشغيلهم غالباً على أساس المياومة وفي مقابل أجور زهيدة تقلّ عن الحد الأدنى للأجور المعتمد في كل بلد، ولم يتمكّن الاقتصاد الموازي (غير النظامي) من استيعاب أولئك الذين فقدوا وظائفهم المنظّمة، خلال انتشار وباء “كوفيد – 19″، ثم ارتفع حجم العمالة اللانظامية بنحو 10% سنة 2023، نسبة إلى مستواها قبل الجائحة، في حين زادت العمالة النظامية بنسبة 6% مقارنة بسنة 2019، وينتشر العمل غير النظامي بين الرجال أكثر من النساء وبين غير المتعلّمين أو ذوي المستويات المنخفضة من التحصيل العلمي وبين الشباب أكثر من الكُهُول… 

 

هوامش الإجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدّولي

مراكش (المغرب) من 09 إلى 15 تشرين الأول/اكتوبر 2023

انبثقت هذه المؤسسات عن اجتماع “بريتن وودز” ( واشنطن) سنة 1944، كانعكاس لموازين القوى بنهاية الحرب العالمية الثانية، وكرّست هيمنة الولايات المتحدة التي صَمّمت هذه الإجتماعات وهندَست المُؤسسات المنبثقة عنها، ولذلك لا تُشكل اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي حدثًا بارزا ولا تحمل مفاجآت، ولم تشذ اجتماعات مراكش ( اللقاء الثاني لهذه المؤسسات بإفريقيا، خلال نصف قَرْن، بعد لقاء نيروبي سنة 1973) بين التاسع والخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن الرّوتين المَعْهُود الذي يُكرّس هيمنة الدّول الإمبريالية على مجمل الهيئات الدّولية، رغم تعاظم اقتصاد بعض الدّول الأخرى مثل الصين والهند والبرازيل، وساد خلال لقاء مراكش خطاب الدّعوة إلى التقشّف وبرامج الإصلاح (أو التكييف ) الهيكلي التي انتفضت ضدها الشعوب، ودافعت مديرة صندوق النقد الدّولي عن مصالح الدّائنين، رغم أرقام الصندوق التي تُبين إن 60% من الدّول الفقيرة تُعاني من مستوى حَرِج للمديونية بفعل ارتفاع تكلفة خدمة الدَّيْن التي تُعادل خمسمائة مليون دولارا يوميا للدول الأشد فقرًا، بين 2023 و 2029، أو ما يُعادل أربعة أضعاف ميزانية الصّحّة بهذه الدّول التي سوف تضطر إلى خفض الإنفاق الحكومي بقيمة تفوق 220 مليار دولار خلال السنوات 2024 – 2029، وخصوصًا في قطاعات الصحّة والتعليم، وأدّى ارتفاع خدمة الدُّيُون إلى تخلُّف بعض الدّول عن السداد مثل سريلانكا وغانا، وإلى صعوبات تلاقيها حكومات تونس ومصر وغيرها، غير إن مهمة صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي تتمثل في الدّفاع عن مصلحة الدائنين، ورفض النقاش حول إلغاء جزء من الدّيون (التي حصل الدّائنون على أضْعافها ) أو زيادة الضرائب على الثروة، ورفض زيادة حصة دول الجنوب ( تمثل إفريقيا 3,5% من حجم الأصوات)، لأن هذه الزيادة تعني خفض حصة الولايات المتحدة التي تمتلك 17,5%  من حصص التصويت، أي إنها قادرة على تعطيل أي قرار لا يخدم مصلحتها…

 

منظمة التجارة العالمية – “حوار” غير مُتكافئ

أصبحت الإمارات – خصوصًا بعد تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع الإحتلال ومع الهند التي يحكمها اليمين المتطرف- العميل المُعتَمَد رسميا في المشرق العربي لتمثيل مصالح الدّول الإمبريالية (والكيان الصهيوني) وتستضيف الإمارات ( أبو ظبي) المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية من 26 إلى 29 شباط/فبراير 2024 وهو اجتمع يتم كل سَنَتَيْن لمراجعة قواعد التجارة العالمية، غير إن الدّول الغنية، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، تتجاهل كافة القواعد، بما فيها التي فَرَضَتْها هذه الدّول في وقت سابق، وتفرض قرارات وحيدة الجانب، تتضمّن تغيير القواعد والحَظْر و”العُقوبات” والسّطو على الأصول التي تودعها أفغانستان أو فنزويلا أو إيران أو روسيا في المصارف الأجنبية بغرض استخدامها لتسديد وارداتها، ويَحتوي جدول أعمال المؤتمر على دراسة قرارات الفصل في النزاعات التجارية، بعد رفض الولايات المتحدة تعيين قضاة جدد بمحكمة النزاعات الدولية التابعة لمنظمة التجارة العالمية، ونظرًا لوَزْن الولايات المتحدة العسكري والمالي (بفعل هيمنة الدّولار) لا يُتَوَقّع الإعلان عن اتفاق أو حلول لهذا المأزق القانوني، كما يتضمن جدول الأعمال دعم الدّول الغنية للصيد البحري (بعيدًا عن مياهها الإقليمية) والزراعة، مع تقْيِيد دعم الدّول الفقيرة لقطاعات صيد السمك والمواد الغذائية…   

 

محروقات

تَطوّرت تقنيات تكسير الصخور واستخراج الوقود الصخري ( باستخدام مواد كيماوية سامة وكميات كبيرة من المياه) ما خفض تكاليف إنتاجه، خصوصًا في الولايات المتحدة وكندا، فارتفع حجم وقيمة صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية في قطاع التنقيب عن النفط والغاز إلى أعلى مستوى لها منذ سبع سنوات ( منذ الربع الأول من سنة 2017)، لتزيد قيمتها عن 55 مليار دولارا خلال الشّهْرَيْن الأوّلَيْن من الربع الأول لسنة 2024، منها 26 مليار دولارا في صفقة واحدة، وتتم عملية الإستحواذ عبر “ابْتِلاع” الشركات الأَصْغَر من قِبَل الشركات الأكبر، وشكّلت الصفقات التي تشمل شركات النفط الصخري الأمريكية أكثر من 80% من القيمة الإجمالية للصفقات العالمية في مجال المحروقات، وقادت الشركات الأوروبية الكبرى ( التي حُرِمت من الغاز الروسي الرخيص وعالي الجودة) 66% من إجمالي قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ الدولية خلال شهرَيْ كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2024.

في روسيا، فرضت روسيا حظرا لمدة ستة أشهر على صادرات البنزين بدءا من أول آذار/مارس 2024، للحفاظ على استقرار الأسعار المَحلّيّة في ظل تزايد طلب المستهلكين والمزارعين وكذلك لإتاحة الفرصة لصيانة المصافي في ثاني أكبر مُصَدّر عالمي للنفط، حيث أنتجت روسيا، سنة 2023، نحو 43,9 مليون طن من النفط المُصَفّى (البنزين) وصدرت نحو 5,76 مليون طن أو نحو 13% من إنتاجها الذي بلغ إجمالي إيراداته من التصدير 1,9 تريليون دولارا، إلى دول كثيرة، من بينها نيجيريا وليبيا وتونس والإمارات وغيرها، وفق  صحيفة آر بي سي اليومية يوم الثلاثاء 27 شباط/فبراير 2024، ولا ينطبق حظر التصدير المؤقت على كميات الإمدادات المتفق عليها إلى دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنغوليا وأوزبكستان وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وسبق أن اتهمت روسيا وكالة الإستخبارات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي باستهداف بعض مصافي التكرير الروسية التي تعرّضت لهجمات بطائرات بدون طيار، خلال خريف وشتاء 2023-2024 وكانت روسيا قد اتفقت مع السعودية ( أكبر مُصَدّر عالمي للنفط) على خفض الإنتاج بهدف الحفاظ على مستوى الأسعار، في إطار ما سُمِّي  أوبك+، أي منظمة البلدان المصدرة للنفط ومُصَدِّرين رئيسيين آخرين من غَيْر الأعضاء، وبذلك خفضت روسيا صادراتها من النفط والوقود طوعا بمقدار 500 ألف برميل يوميا خلال الربع الأول من سنة 2024، كجزء من جهود أوبك + لدعم الأسعار التي ارتفعت بمعدّل ثلاث إلى أربع دولارات للبرميل، منذ تَصَدِّي المقاومة اليَمَنِيّة إلى السّفن التي لها علاقة بالكيان الصّهيوني، بفعل إعادة توجيه نحو 75 مليون برميل من النفط نحو رأس الرجاء الصّالح بجنوب إفريقيا، لتَجَنُّب عبور البحر الأحمر وقناة السويس، كما ارتفعت أسعار الشّحن والتّأمين وزادت مُدّة الرّحلات…

 

الولايات المتحدة ضدّ نيكاراغوا – منْطق القُوّة

بعد انتصار الثورة وهزيمة نظام سوموزا المُوالي للإمبريالية الأمريكية، سنة 1979، أشْرَفت وكالة الإستخبارات الأمريكية ( حاولت الولايات المتحدة ضَمّ نيكاراغوا لها منذ منتصف القرن التاسع عشر واحتلتها سنة 1912) على تنظيم وتسليح المليشيات اليمينية المتطرفة، بهدف قلب نظام الحكم المنتخب ديمقراطيا، وشَدّدت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي الحصار على نيكاراغوا سنة 2018 وكانت حكومة نيكاراغوا قد رفعت قضية لدى محكمة العدل الدّولية ضد الولايات المتحدة التي نَظّمت وسلّحت مليشيات موالية لها بهدف قلب النّظام، وفازت نيكاراغوا بالقضية سنة 1986، وخلال العدوان الصهيوني على فلسطينيي غزة افتتحت نيكاراغوا “حديقة فلسطين” وشارع غَزّة في العاصمة ماناغوا، وانضمّت إلى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية لدعم “محاسبة حكومة الكيان الصهيوني على انتهاكاتها لاتفاقية الإبادة الجماعية في غزة”، وفي الأول من شباط/فبراير 2024، وجّهت حكومة نيكاراغوا إلى بريطانيا وألمانيا وهولندا وكندا تهمة تسليح الكيان الصهيوني والمُشاركة في الإبادة الجماعية الأمريكية الصهيونية، وأدّت مُقاومة نيكاراغوا إلى ارتفاع حدة التهديدات و”العقوبات” الأمريكية والأوروبية  

نفّذت الولايات المتحدة عشرات الإعتداءات والإستفزازات العسكرية منذ بداية القرن الواحد والعشرين، بهدف تنفيذ أَجَنْدَتِها الجيوسياسية، وتفرض تَدَابِير قَسْرِية أحادية الجانب و”عقوبات”على نحو ثلاثين دولة، وتلحق هذه التّدابير أضْرَارًا كبيرة بالفئات الضعيفة من المجتمعات، من خلال تقييد حصولها على الغذاء والأدوية والخدمات والمياه والصرف الصحي وفرص العمل، وتسعى حاليًا إلى اتخاذ مزيد من التدابير القسرية الأحادية الجانب ضد نيكاراغوا من خلال مشروع “قانون استعادة السيادة وحقوق الإنسان في نيكاراغوا الذي يتضمن عقوبات شاملة على صادرات البلاد ويهدف إقصاءها من الاتفاقيات الإقليمية، مما يؤثر على سيادة نيكاراغوا وجيرانها، ضمن المحاولات الأمريكية لزعزعة استقرار حكومة نيكاراغوا المنتخبة ديمقراطياً باستخدام “حقوق الإنسان” كذريعة دون وجود أي دليل على وقوع انتهاكات فعلية لحقوق الإنسان، وذلك دفاعًا عن الكيان الصهيوني (مُمثل الإمبريالية في الوطن العربي) الذي يرتكب الانتهاكات الحقيقية والمُوَثَّقَة لحقوق الإنسان بمشاركة الولايات المتحدة وحلفائها في تسليح الكيان الصهيوني ومشاركته في عمليات الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني… 

 

أمريكا/الصين، “حرية التجارة”؟

فاجَأت شركة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي – الخاضعة للعقوبات الهادفة إلى مَنْعِها من الوصول إلى التقنيات المتقدّمة – فاجأت العالم خلال شهر آب/أغسطس 2023 بهاتف جديد يعمل بشريحة متطورة لهاتف Huawei Mate 60 Pro الذي يُعتَبَرُ أحد رُموز النهضة التكنولوجية في الصين، رغم الجهود الأمريكية المستمرة لشل قدرتها على إنتاج أشباه الموصلات المتقدمة…

كانت شركة “هواوي” الصينية تستورد أشباه المواصلات وبعض مكونات الشرائح الإلكترونية من الشركات الأمريكية بقيمة مليارات الدّولارات، قبل فَرْض قيود تجارية عليها سنة 2019، وتم تشديد القيود سنة 2020 والسنوات التي تَلَتْها، بسبب انتهاكات مزعومة للعقوبات على مدى السنوات الماضية، وشملت هذه “العقوبات” كافة الصناعات المتطورة، وشدّدت الحكومة الأمريكية الحصار خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2022، ومنعت الموردين الأمريكيين من إرسال أدوات ومواد أشباه الموصلات إلى مصانع تصنيع الرقائق المتقدمة التي تديرها الصين في الصين، باستثناء الشركات التي لديها تراخيص موجودة مسبقا – والتي تكون صالحة عادة لمدة أربع سنوات – بمواصلة إمداد المنشأة، ومن بينها شركة ( Entegris ) التي استحوذت الصين على نحو 16% من صافي مبيعاتها بين تشرين الأول/اكتوبر 2022 وكانون الأول/ديسمبر 2023، بقيمة 3,5 مليار دولارا سنويا.

رغم الحصار والمُقاطعة والحظْر المَفْرُوض على شركات الإتصالات الصينية، تمكّنت شركة “هواوي” من إنتاج شريحة متطورة لهواتفها من الجيل الخامس، ولذلك قرّرت حكومة الولايات المتحدة تشديد الحصار الذي يستهدف أكبر مصنع لصناعة الرقائق في الصين، وفَرْض المزيد من الضغوط على شركة صينية لتصنيع الرقائق (الخاضعة للعقوبات ) من خلال منعها توريد المكونات المصنوعة في الولايات المتحدة وأوروبا والدّول الحليفة لها، وذلك بعد حوالي شَهْرَيْن من فَرْضِ وزارة التجارة الأمريكية حظْرًا شاملاً تمثّل في تعليق كافة التراخيص وأُذُون بيع وتصدير أشباه المواصلات لشركة ( Semiconductor Manufacturing International Corp (SMIC) ) الصينية، وعلّقت وزارة التجارة شحنات بقيمة ملايين الدولارات من مواد وأجزاء صناعة الرقائق التي كانت متجهة إلى الصين، وفق عقود قانونية سابقة لا تزال سارية المفعول، دون انتهاك أي قوانين أو لوائح أمريكية، وأدّى إلغاءإرسال هذه الشّحنات إلى انخفاض قيمة أسهم شركة (   Entegris ) الأمريكية بنسبة 1,9% يوم الأربعاء 21 شباط/فبراير 2024، وفق برقية لوكالة رويترز بنفس التاريخ…  

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.