عندما رد عبد الناصر على رسالة طفلة يهودية / مصطفى عبد الفتاح
مصطفى عبد الفتاح ( الثلاثاء ) 22/11/2016 …
يمتلئ التاريخ المصري بالعديد من القصص والحكايات التي قد يغفلها البعض مع مرور الزمن، رغم أنها تحمل بين طياتها العديد من المعاني التي غابت عن الجميع، والتي تثبت دائمًا أن مصر والشعوب العربية ليست شعوب قتل واعتداء على الآخرين، وإنما هي شعوب يغلب عليها طابع السلم ومحبة الآخرين، رغم ما تعانيه دائمًا من الاضطهاد بكافة أنواعه.
اليوم نقدم لكم قصة طفلة يهودية أمريكية أرسلت إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رسالة أرفقت معها دولارين، طالبة منه عدم محاربة اليهود؛ حتى لايصاب أطفالهم بالضرر.
وجاء في نص الرسالة التي أرسلتها الطفلة اليهودية إلى الرئيس عبد الناصر، ونشرت في مجلة المصور عام 1955: “عزيزى السيد عبد الناصر، رأيت فى التليفزيون وسمعت أن الأطفال العرب فقراء، ولذلك أبعث إليك مع هذا الخطاب دولارين أقتصدهما، وكانت فى نيتي أن أشتري بهما هدية لأختي في عيد الفصح لليهود، وأرجو أن تشترى بهما بعض الثياب لأطفال العرب الفقراء.. وأرجوك ألا تحارب إسرائيل؛ لأن الأطفال هناك قد يصيبهم ضرر من هذه الحرب، وأعدك بأن أرسل نقودًا أخرى”.
اعتقد البعض أن الرئيس الراحل سيتجاهل الرسالة، لكن عبد الناصر قرر أن يطمئن الطفلة، وأرسل لها ردًّا على رسالتها جاء فيه: “عزيزتى ديبوراه رابنارتز، شكرًا لك على تبرعك لشراء ملابس للأطفال العرب اللاجئين الذين شردتهم إسرائيل، بعدما رأيت وسمعت عنهم من بؤس، وأرجو أن تعلمي أن مصر لا تضمر نوايا عدوانية، وأنها تعمل دائمًا للمشاركة فى رفاهية الإنسانية، وحفظ السلام العالمي، ولك أطيب تمنياتي”.
الغريب في الأمر أن إسرائيل بعد سنة واحدة من نشر الرسالة وتحديدًا عام 1956 شنت مع إنجلترا وفرنسا حربًا على مصر، والتي أطلق عليها “العدوان الثلاثي”، وذلك بعد أن وقعت مصر اتفاقًا مع الاتحاد السوفييتي على تزويد مصر بالأسلحة المتقدمة للتصدي لإسرئيل، فضلًا عن دعم مصر للجزائر في ثورتها ضد الاحتلال الفرنسي، وأخيرًا قرار عبد الناصر تأميم قناة السويس.
وكان الجيش المصري وقتها في مرحلة بناء، ورغم ضعف قوته أمام قوى الدول الثلاث، إلا أنه صمد في وجه العدوان بمساعدة المقاومة الشعبية.
وانتهت الحرب بفضيحة كبرى للدول الثلاث، وخرجت مصر منتصرة سياسيًّا، لكن العدوان نجح في تحقيق هدف وحيد، وهو نشر قوات طوارئ دولية في سيناء.
التعليقات مغلقة.