المجاعة قائمة وتزيد / د. صبري ربيحات
د. صبري ربيحات ( الأردن ) – الثلاثاء 5/3/2024 م …
في غزة اليوم لا يزال الموت والدمار والتنكيل هو العنوان الابرز لما يحدث ولا يزال البرود حيال المعاناة الفلسطينية والتواطؤ مع المعتدي واضحا للعيان.
في الايام والاسابيع الاخيرة تبدت بعض مظاهر التعاطف الخجول مع ما يعانيه الفلسطينيون من إبادة وقتل وتشريد. وفي المقابل بات من الواضح أن لا أحد يرغب في وقف هذه الاعتداءات او يعرقل خطط الابادة والتهجير التي تنفذها القوة الصهيونية الغاشمة فالبعض يريد أن يعمل على طريقة الشعار الذي رفعه احد المرشحين للانتخابات “حب الكل …تحظى بالكل”
العديد من دول العالم اختارت ان تستخدم الطائرات لانزال بعض الاغذية في حركة رمزية كان قد بداءها الاردن للتعبير عن التعاطف الشعبي والرسمي مع الفلسطينين ولفت النظر الى حجم المعاناة.
المشكلة في تدخل دول عديدة اخرى ومن بينها الولايات المتحدة بهذه الطريقة المكلفة وغير الفعالة انها تخلق الانطباع لدى العالم بأن الفلسطينيين يتلقون مساعدات وان هناك حلول للمجاعة التي المت بهم .
حقيقة الامر ان ما يصل وعلى أهميته لا يكفي ابدا فالحاجة الفعلية اكثر مما يقدم بآلاف المرات …والخوف ان يسهم دخول بعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة على خط الانزال في صرف النظر عن الحل الذي طالبت به المنظمات الدولية والجامعة العربية ومحكمة العدل الدولية والمتمثل بضرورة اتخاذ الإجراءات التي تضمن وصول المواد الغذائية والمستلزمات الطيبة للشعب الغزي وتحميل اسرائيل مسؤولية ذلك.
التدخل الامريكي جاء لذر الرماد في العيون …فدولة الاساطيل والجسور الجوية التي اوصلت الاف اطنان الذخائر والدبابات وامتدت العدوان بالصواريخ والجنود والطائرات تصرح انها شاركت في عملية إنزال لاغذية تشتمل على بضعة اطنان لا تسمن ولا تغني من جوع .
ليس مستغربا ان تشارك امريكيا وغيرها لو ان هناك زلزال او كارثة طبيعية تحول دون الوصول الى المنكوبين بغير هذه الوسيلة لكن المستغرب والمستهجن ان يحصل ذلك من قبل دولة شريكة في الاعتداء وداعمة للمعتدي و لديها من النفوذ والتأثير ما يمكنها من فتح المعابر والسماح بالدخول والوصول لمئات الاف الاطنان من المساعدات التي تعرض الكثير منها للتلف وهي تنتظر على المعابر منذ شهور.
حرص بايدن وادارته على مشاعر قادة الصهاينة هو السبب وراء معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع وتعطل أميال من الشاحنات التي تقف في صفوف لا نهاية لها بانتظار الاذونات الإسرائيلية التي لا ولن تأت ما دامت الولايات المتحدة تتجنب ان تفسد على نتانياهو وزمرته شهوة القتل والابادة تحت غطاء الامن ومكافحة الإرهاب.
بوحي من التعريفات الامريكية الصهيونية التي اختارت ان تطلق صفة الارهاب على كل دولة أو جماعة او عقيدة او تنظيم لا يقبل بوجود اسرائيل او قد يشكل تهديدا لفضح مخططاتها ظهر في عالمنا تيار معاد لكل ما هو مقاومة واصبحت ثقافة التعايش والقبول والسلام مداخل لمغازلة الغرب واعلان للبراءة من المقاومة..
ضمن هذا التصور جرى الإجهاز على كل الانظمة التي تنادي بالقومية العربية وجرت شيطنة التنظيمات الاسلامية بطرق واساليب متنوعة منها تمويل ايجاد نموذج مشوه كالذي حصل في العراق وسوريه “داعش”
الجهود التي بذلت لتحطيم الروح المعنوية واحداث قطيعة مع عناصر الهوية وايدلوجية الوحدة كانت نتاج دراسات وخطط وتدخلات نظرت للعالم العربي من زاوية التهديدات التي يمكن ان يمثلها للقومية اليهودية.
لقد جرى توريط العراق في حروب أضعفت قوته ومهدت لاحتلاله وتدمير بنيته المؤسسية والعلمية والاقتصادية وجرى العبث بنسيجه الاجتماعي واحدثت داخله اقطاع سياسي شكل أرضية للتناحر والافساد.
وتحت عناوين الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان جرى الانقضاض على الانظمة في سورية وليبيا واعيدت صياغة النظام المصري ليتماشى مع النظام الجديد في كل ذلك لعبت أموال النفط والأنظمة الامنية العربية ادوارا مهمة في تجريف الهوية العربية واستبدالها بتراكيب هلامية لا لون لها ولا طعم ولا رائحة.
ما يحصل في غزة اليوم كان التهديد المفاجئ والكابوس الذي أفسد احلام الصهيونية العالمية بعدما اعتقدت انها تمكنت من الشرق الأوسط واخضعت كل من فيه. اليقظة التي مثلها انتصار السابع من اكتوبر ازعجت اسرائيل وكل حلفاءها في الغرب والشرق وكل ما يجري اليوم هو محاولة تهدئة الكيان الغاصب من الكابوس الغزاوي وتطمين العملاء والشركاء والحلفاء بأن الأمور ستعود الى ما كانت عليه..
المسيرات التي شهدتها الشوارع في لندن وهيوستن وبروكسل ومدريد وصنعاء وعمان وجاكرتا وجوهانسبرغ وريو دي جانيرو ستذكر الصهيوني باستحالة العودة الى الحلم الذي كان فيه مستغرقا وان الليالي القادمة مليئة بالكوابيس.
التعليقات مغلقة.