من استنشاق الغاز إلى الكريستال .. متعاطو مخدرات في العلاج يروون قصصهم

الأردن العربي –  الثلاثاء 5/3/2024 م …




* الفضول والاضطراب النفسي والسلوكي أبرز أسباب التوجه للمخدارت

تختلف قصص مدمني المخدرات في البدء بالتعاطي، لكن تجمعهم نتيجة واحدة هي الضياع، فكل من أدمن سابقا يقف اليوم امام مستقبل مجهول..

عمون تمكنت من الحصول على روايات عدد من مدمني مادة “الكريستال” المخدرة او “الشبوة” كما يُطلق عليها، والذين يتلقون علاجهم في مراكز الصحة النفسية، بعد أن قرروا الخلاص في صحوة متأخرة..

متعاطو الكريستال وفق الرصد تميزوا بكثرة الكلام ومحاولات استعطاف الطرف المقابل من خلال إظهار انفسهم كضحايا للإدمان، رغم انهم ليسو كذلك بحسب المختصين النفسيين لحالاتهم.

فاضل وهو اسم مستعار لشاب عشريني، يقول إنه بدأ التعاطي عندما كان عمره 11 عاما، إذ كان حينها يدمن استنشاق “الغاز”، وفي عمر الـ 16 عاما انتقل إلى تعاطي مادة الحشيش، ثم تعاطى “الليريكا” و”الترامادول” وصولا إلى “الكريستال” التي أدمن عليها منذ أول استخدام لها.

ويصف فاضل مادة الكريستال بأنها تسبب الهلوسات، وارتفاع درجة الحرارة، وزيادة ضغط الدم، وكانت تخلق لديه سلوكا عدوانيا شديد الخطورة.

وعن بداية تعاطيه للمواد المخدرة كشف فاضل، أن صديقه في الحي كان يستنشق الغاز وكان دائم الضحك ويحبه الجميع، فيما يشعر فاضل بأنه وحيد ولا يحبه أحد، ولذلك قرر أن يفعل ما يفعله صديقه ويستنشق الغاز.

ويضيف، “كنت افتح عين الغاز واستنشق كل يوم، ثم اخبرت صديقي هذا بذلك، فدعاني إلى تجربة الحشيش، وبعدها جربنا الليركا ثم الترامدول، حتى جربنا الكريستال في آخر المطاف”.

ويتابع، “في أول يوم جربت به الكريستال ضربت شقيقي وابن عمي ضربا مبرحا، لأنني كنت اشعر بقوة كبيرة، فقام أبي بضربي وطردي وقال لي: (أنت أضعف من الحشرة)”.

اما عن التوجه إلى العلاج فأكد فاضل أنه رضخ لضغط العائلة وتهديدهم له بالطرد والتبرئ منه في حال لم يتوجه إلى مركز العلاج.

* افتعال الحوادث رغبة في المشاكل والشجار

سعد (اسم مستعار) لرجل يقارب عمره على الاربعين عاما، بدأ بتلقي العلاج حديثا، رغم أنه يتعاطى المخدرات منذ العشرينيات من عمره، وجاء إلى المركز بنفسه بسبب كثرة مشاكله مع الناس..

يقول سعد، إنه كان يَسكن بمنطقة شعبية وكان الجميع يُلقي السلام عليه، ولكن عندما بدأ بالإدمان رغبة منه بتجربة “مغامرة جديدة” كما يقول، أصبح سيء الطباع وعصبي بدرجة كبيرة، وبدأت المشاكل بينه وبين جاره الذي نصحه بالأصل بتجربة هذه المادة، اذ قال له (المادة مثل السحر وبتعملك مود غير).

وبعد أن جربتها أول مرة – يضيف سعد: “شعرت بالفعل بالسعادة والطاقة ولكن مع مرور الأيام وتكرار التجربة ظهرت سوء الطباع علي حتى وصلت بي الحال لافتعال حوادث السير رغبة مني بالمشاكل”.

* دمر حياته

اما سليم (اسم مستعار) وهو شاب عشريني أدمن على مادة الكريستال منذ 3 سنوات، بدأت قصته منذ أن نصحه أحد اصدقائه في المدرسة بخوض تجربة فريدة من نوعها “تسعد حياتك” كما قال له، بعد أن فضفض له سليم عن المشاكل النفسية التي تمر بها عائلته عندما تركهم والده وتزوج من زوجة أخرى، وحالة الغضب المستمرة التي تعاني منها والدته..

يضيف سليم، “حينها شعرت بالرغبة في الخروج من المنزل والابتعاد عن هذا الجو، لكنني لم أكن أعرف أنني سأدمر حياتي”.

في النهاية يؤكد سليم ندمه الكبير على ما وصل إليه، موضحا أن كل ما كان يريده هو الانفصال عن جو التوتر والعصبية في المنزل.

* رمى شقيقته من الشرفة

الشاب العشريني خليل وهو اسم مستعار أيضا، بدأ إدمانه بعمر الـ 18 بعد نجاحه في التوجيهي، إذ اهداه أحد أصدقائه “سيجارة حشيش”، وقال: “جربت السيجارة لأنه حكالي خلص كبرت وصار لازم تدخن، ومن هنا كانت بداية الادمان”.

وأضاف خليل، “بعد الحشيش على طول بدأت أجرب الكريستال، وحكولي أصدقائي انها مادة جديدة ومودها عالي وما بتعمل ادمان، وبعد 3 ايام من ما بدأت اتعاطها رميت اختي من الشرفة لأنه مش عاجبني لبسها واجت الشرطة أخذتني”.

مختصون قالوا لـ عمون إن أسباب إقبال المدمنين على مادة الكريستال تعود إلى البيئة المحيطة بهم بالدرجة الأولى، فعلى سبيل المثال عندما يتعرض أحد الأشخاص لصدمة نفسية كوفاة أحد المقربين، أو طلاق الأهل، أو التنمر، يبحث لنفسه عن مَخرج، فإذا استوعبه من هم حوله ونصحوه بالتوجه للرياضة مثلا او غيرها نجا، أما اذا نصحه من حوله بتجربة المخدرات، فسيبدأ إدمانه والبحث عن المواد الأكثر فاعلية كالركريستال والجوكر وغيرها وهكذا تكون بداية النهاية.

وأضافوا، أن جميع مدمني الكريستال يشتركون بشعورهم في قلة الاهتمام، إثر قلة الوعي لديهم، وقلة المسؤولية وعدم الادراك، وعدم الرضا عن النفس.

المختص في الطب النفسي الدكتور عمر الفاعوري أكد لـ عمون، أن حالات الادمان على مادة الكريستال شديدة الخطورة ومنتشرة بين فئة المراهقين من الشباب ذكورا وإناثا على حد سواء، وبين طلاب الجامعات، وزاد انتشارها في الأردن إثر الأزمات الدولية المحيطة.

وأوضح الفاعوري، أن هذه المادة تستنشق بعد حرقها على القصدير أو ما يدعى بالخابور، وأبرز أعراض تعاطيها هي العصبية والعنف وقلة النوم لفترات طويلة وقلة الأكل وفقدان الوزن، إضافة إلى الشحوب والاصفرار وكثرة الكلام والحركة والخوف الشديد والتقلب المزاجي.

وقال إن خطورة هذه المادة تكمن بأن المتعاطي يعتقد أنه مراقب وملاحق من الجميع، إضافة إلى الهلاوس السمعية والأشكال الغريبة التي يراها وطريقة تجاوبه معها، إذ أن اغلبهم يتصرف مع هذه الأشكال بعدائية بسبب خوفه منها ويقوم بإيذاء من هم حوله عبر محاولة سرقتهم والاعتداء عليهم.

وبما يتعلق بالعلاج من الكريستال، أوضح الفاعوري أن العلاج يأخذ أكثر من اتجاه، أولها العلاج السلوكي والمعرفي والذي يعمل على تصويب سلوكيات وتصرفات الفرد، ومن ثم العلاج الدوائي للتخلص من الهلاوس السمعية والتهيؤات البصرية والاشتياق للمادة المخدرة، وآخرها العلاج التحفيزي لترك هذه المادة وعدم العودة لها.

ولفت إلى ان التوعية بهذه المادة قليلة جدا ويجب ان تُكثف، خاصة وأنها تسبب الإدمان من التجربة الأولى وهي مادة قاتلة، لافتا إلى أن الإقبال على العلاج منها قليل جدا لأن المتعاطين يخافون من الشعور بالألم، وإذا توجه أحدهم للعلاج فإنه يكون بسبب إصرار الأهل غالبا.

وبين وجود العديد من حالات التعافي التي نجحت بالتخلص من هذه الآفة وشُفيت بشكل كامل، وذلك بسبب رغبة المدمن نفسه بالتعافي بالدرجة الاولى، إضافة الى البيئة الايجابية والداعمة المحيطة به بالدرجة الثانية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.