عن «أحبولة» دي ميستورا واسطوانة«التقسيم».. الفرنسية! / محمد خروب

 

محمد خروب ( الأردن ) الثلاثاء 22/11/2016 م …

وكأن هذا الغرب الاستعماري لا يريد لمنطقتنا… شعوبها والدول، ان تهدأ وتستقر وتجد فرصتها للخروج من الأفخاخ والخطط الموضوعة في الادراج لتعميق هيمنتها التي استمرت لقرن من الزمان، تطمع لتمديدها هذه القوى ، رغم كل ما طرأ على عالمنا من تغييرات متلاحقة في موازين القوى والاقتصاد وهبوب رياح العولمة وتفاقم أزمة الرأسمالية، بعد ان ظن الغرب الامبريالي انه قد فاز بالجائزة, وان عجلة التاريخ قد توقفت, بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وتراجع قوى اليسار والثورة.

ما يحدث في منطقتنا منذ خمس سنوات ونصف مؤشر على حجم هذه الهجمة, التي شهدت تحالفاً غير مسبوق بين القوى الامبريالية والصهيونية والمجموعات الظلامية التي تسربلت برداء الاسلام السياسي بأجنحته المختلفة, جهادية كانت ام تكفيرية ام حملت أسماء مؤسسيها وثقافتهم المُغرِقة في الرجعية, خصوصاً تلك التي رأت في نفسها مندوبة الله (جلّت قدرته وعلا اسمه) على الأرض, تكفّر هذا وتمنح شهادة الايمان والتقوى لمن يسير في فلكها, ويسبّح بحمد خطابها ومُرشدها، وخلع صفة الكفر والزندقة على مَن يرفض خطابها ولا يرى فيه طريقاً للخروج من أزمة التخّلف مثلثة الأضلاع, التي تعصف بشعوبنا, منذ الاستعمار العثماني البغيض, مروراً بالحقبة الاستعمارية الغربية وليس انتهاء بالاستقلال المُزيّف الذي حققته بعض الدول العربية التي تم استيلادها, حتى وصل عددها الى ازيد من عشرين دولة, مجمل انتاجها «الخام» لا يصل الى مستوى دولة اوروبية من الدرجة الثانية «اقتصادياً» كإسبانيا.

ما علينا..

فيما تتواصل فصول الأزمة السورية المتمادية، قتلاً وخراباً, وتلوح في الأفق امكانية سحق المجموعات الارهابية التي عاثت ببلاد الشام والرافدين وليبيا واليمن فساداً ودماراً ، وفيما أخفقت الأكذوبة التي جرى «تبليعنا» إياها, ورحنا نرطن باسمها صباح مساء ونقصد هنا مصطلح «المجتمع الدولي» في ايجاد حل سياسي لهذه الأزمة الأخطر في تاريخ المنطقة بعد نكبة فلسطين، وفيما اكتشف المخدوعون في بلاد العرب، حجم المؤامرة، التي حيكت ضد سوريا, بهدف شطبها من الجغرافية وتفتيت عُرى العروبة وارجاعنا الى مجرد قبائل مبعثرة ومجتمعات بدائية بلا مستقبل او ارادة، يعود المبعوث الدولي حامل الرقم «3» في سلسلة المبعوثين الذين فوّضهم المجتمع الدولي.. اياه، «التوسط» لحل الأزمة ، ليطرح آخر ما في جعبته الفارغة, ويقترح اقامة «ادارة ذاتية» في الأحياء الشرقية من مدينة حلب, في مسعى مكشوف لانقاذ الجماعات الارهابية من المصير البائس التي ينتظرها، بعد ان أفشل رُعاتها وممولوها كل المقترحات والهُدَن لإنهاء استخدامهم سكان هذه الاحياء رهائن ودروعاً بشرية, يحتمون بهم من اجل تأخير هزيمتهم.. المُؤكّدة.

طرح دي ميستورا «خطة» من أربع نقاط على المسؤولين السوريين تفوح منها رائحة «التواطؤ» لإبقاء هذه المجموعات ذخراً ورصيداً, بهدف اطالة امد الأزمة السورية وعدم السماح بقطار الحل السياسي ان يصل الى غايته, في انتظار تغييرات «قد» تطرأ على المشهد الدولي بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض في العشرين من كانون الاول الوشيك ، وما قد تطرحه شخصيات ادارته اليمينية المُتطرِّفة من حلول للأزمات التي تعصف بالمنطقة، وخصوصاً ان معظم الأسماء المرشحة لشغل المناصب الفاعلة في ادارة ترامب, هي من الصقور اصحاب الخطاب الحافل بالعنصرية.

فشلت احبولة دي ميستورا ولم تمنحه دمشق اي فرصة لمناقشة خطته الخطيرة, فراح يُحرِّض ويتباكى على ما يحدث في حلب الشرقية، دون ان يأتي بذكر على جرائم المسلحين وارتكاباتهم, أقله التزاما بالموضوعية التي تفرضها عليها وظيفته، يعلم في قرارة نفسه, انه لا يُمثِّل سوى الطرف الذي جاء به وهو المُتخفّي خلف مصطلح «المجتمع الدولي».

سقطت احبولة «الادارة الذاتية» من التداول، لكن اسطوانة مشروخة اخرى تتمسك بها الدبلوماسية الفرنسية التي هي في حال ارتباك شديد, تفاقم بعد هزيمة هيلاري كلينتون التي عوّلت عليها باريس، كي تعيد الزخم للخيار العسكري الذي طالما دعا اليه الرئيس الفرنسي وخصوصاً وزير خارجيته المستقيل فابيوس، لنرى ان خَلفَه.. ايرولت يقول من الدوحة بعد لقاء جَمَعَه بمنسق «المفاوضات» رياض حجاب: «ان استراتيجية الحرب الشاملة التي يتبناها النظام وحلفاؤه, لا يمكن ان تؤدي الاّ الى تقسيم سوريا.. وتعزيز داعش»، الى ان ينتهي رئيس الدبلوماسية الفرنسية.بالقول: «هذه استراتيجية.. بمثابة خطأ استراتيجي» ولم ينسَ بالطبع دعوة «المجتمع الدولي» الى التحرُّك لوقف «المجزرة» في حلب!!.

في السطر الاخير.. يريد هؤلاء, الطمس على مواقفهم التي أفشَلَت كل محاولات ايجاد حل سياسي للأزمة السورية, تمسكاً من قِبَلِهم او وهماً سيطر عليهم, بأن الارهابيين سيتمكنون في النهاية من اسقاط الدولة السورية, كما «حلموا» بتحويل سوريا الى افغانستان «ثانية» تغرق في مستنقعها روسيا بوتين, لكنهم عبثاً يحاولون، فالميدان هو الذي يَكتب الوقائع ويحدد المآلات وليس اشارة اوباما بعد لقائه (وقوفا) مع بوتين لمدة اربع دقائق لا غير, على هامش منتدى «إيبك» في البيرو سوى الدليل «الساطع» على مدى تشاؤم معسكر الراغبين بتقسيم سوريا واشاعة الفوضى في المنطقة العربية: «أصبح من الصعب جداً, رؤية وسيلة يمكن ان تصمد بها مُعارَضة مُعتدِلة، مُدرَّبة وملتزِمة,.. لفترة طويلة من الزمن». قال الرئيس التارِك… قريباً.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.