من التاريخ القريب … موقعة “الفأس” بين بيونغ يانغ وواشنطن!

 

الثلاثاء 22/11/2016 م …

الأردن العربي …

يسمونها واقعة العصي، وأحيانا يطلقون عليها حادثة القتل بالفأس، واقعة كادت أن تفتح أبواب جحيم الحرب مرة ثانية في شبه الجزيرة الكورية، صبيحة 18 أغسطس 1976.

تلك الحادثة التي تخللتها مفارقات غريبة يمكن وصفها بأنها معركة صغيرة تلاحم فيها عسكريون كوريون شماليون مع أمريكيين وكوريين جنوبيين بالأيدي واستعملوا خلالها العصي والفؤوس، بل وسالت فيها دماء، على الرغم من أنه لم تطلق خلالها رصاصة واحدة.

بطبيعة الحال، تطورت الأوضاع الآن في العالم وباتت كوريا الشمالية دولة بسلاح نووي وصواريخ عابرة للقارات، إلا أن أعداء الأمس ظلوا على حالهم أعداء اليوم أيضا.

في تلك الصبيحة، عبر من الشطر الجنوبي ضابطان أمريكيان، هما آرثر بونيفاس ومارك باريت، إلى المنطقة المنزوعة السلاح بين الشطرين الكوريين، أعزلين، صحبة خمسة عمال مدنيين كوريين جنوبيين وأحد عشر جنديا أمريكيا، في مهمة لتقليم أغصان “شجرة حور” قيل إنها سدت الرؤية أمام مراقبي الهدنة الدوليين.

ويقول تقرير لمجلة ” National Interest” إن المجموعة لم تكن تتوقع متاعب على الرغم من حدوث لقاءات متوترة سابقة مع حراس الحدود الكوريين الشماليين، بخاصة أنه تم الاتفاق مسبقا مع ممثلي بيونغ يانغ على تقليم أغصان الشجرة.

وصلت المجموعة إلى الشجرة وبدأت عملها ، إلا أن 15 جنديا من كوريا الشمالية بقيادة الملازم باك نشول تقدموا في اتجاههم، وطلب تشول، (حفظ الامريكيون اسمه لمشاركته في أحداث مماثلة سابقة)، بوقف العمل وترك الشجرة على حالها، مشددا على أن الزعيم كيم إيل سونغ بنفسه غرسها!

الضابط الأمريكي المسؤول آرثر بونيفاس، تجاهل الاعتراض وأمر مجنديه بمواصلة العمل، إلا أن شاحنة كورية شمالية تحمل 20 جنديا وصلت إلى عين المكان بسرعة، وهجم أفرادها على الأمريكيين والكوريين الجنوبيين بالعصي وبالفؤوس، وانتهت المعركة بمقتل الضابطين الأمريكيين آرثر بونيفاس ومارك باريت، وبإصابات خطرة لحقت بتسعة جنود آخرين.

ودانت بيونغ يانغ بسرعة الواقعة، معتبرة إياها استفزازا من قبل “المشاغبين الإمبرياليين الأمريكيين”، مشيرة إلى أن 4 من جنودها تقدموا إليهم لتحذيرهم والطلب منهم عدم مواصلة العمل دون إذن من كوريا الشمالية، ورد هؤلاء “بمهاجمة حرس الحدود الكوريين الشماليين مرتكبين عملا استفزازيا خطيرا بضربهم شاهرين في وجوههم أسلحة قاتلة معتمدين على تفوقهم العددي”، بحسب بيان الجانب الشمالي.

وتقول مجلة ” National Interest” إن كوريا الشمالية ربما كانت تعتقد أن الولايات المتحدة منهكة للغاية من الحرب الشرسة آنذاك في فيتنام وانها لن تقو على الانخراط في حرب أخرى في شبه الجزيرة الكورية، و “قد تكون اعتقدت أن قتل الأمريكيين سيمر من دون انتقام، كما فعلت بعد استيلائها على سفينة التجسس USS Puebloعام 1968، وإسقاطها طائرة التجسس EC-121عام 1969″!

وبالفعل، لم يسكت الأمريكيون على تلك الإهانة، وأمر الرئيس جيرالد فورد بتنفيذ مهمة لاستعراض القوة أمام كوريا الشمالية، حيث اندفع 16 من مهندسي الجيش الامريكي مسلحين بالمناشير بعد 3 أيام من “موقعة الفأس” قاصدين الشجرة في المنطقة المنزوعة السلاح، تصحبهم قوة من 60 جنديا مسلحين بالحراب والفؤوس!

ولإيقاع المزيد من الرهبة والرعب في قلوب حرس الحدود الشماليين، حلّق في الأجواء سرب من الطائرات المروحية الهجومية من طراز كوبرا، وخلفه قاذفة القنابل بي- 52، ومقاتلتين كوريتين جنوبيتين من طراز إف – 4 وإف – 5، فيما ربضت طائرات قاذفة من طراز أف – 111 في مطارات الشطر الجنوبي وأرسلت حاملة طائرات إلى المنطقة.

وبتلك الطريقة فقط، تمكن مهندسو الجيش الأمريكي من الوصول إلى الشجرة، وتقليم أغصانها في مهمة استغرقت 42 دقيقة، سخرت لها واشنطن جيشا جرارا ردا على قتل ضابطيها في موقعة الفأس.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.