مؤتمر دمشق للمعارضة السورية بين النفي والتأكيد / كمال خلف
كمال خلف ( الأربعاء ) 23/11/2016 م …
خلال أسبوع واحد فقط أصبحت الجهود التي تبذل لعقد مؤتمر للمعارضة السورية الداخلية والخارجية في دمشق بضمانات روسية محل جدل بين من ينفي ومن يؤكد ومن (بين بين) وهذه الصحيفة نشرت كل ذلك دون تحفظ.
لم أكن مهتما بنشاط المعارضة السورية طوال عام مضى ولست متابعا لأخبارها، وذلك بسبب غيابها عن دائرة الفعل، إذ بات الصراع في سوريا مسلحا بامتياز، ولا تملك المعارضة في الداخل والخارج سوى التعليق على أحداث ليس لها يد في صناعتها أو التأثير بها. الى ان خصني أحد أقطاب المعارضة في الخارج بخبر انعقاد مؤتمر دمشق والشخصيات التي يتم التواصل معها لتحضر إلى دمشق بضمانات روسية، وقمت بنشر ما قاله في “راي اليوم” الأحد الماضي. توالت بعدها الاتصالات بين من نفى علمه بالفكرة ومن حاول الاستفسار عنها ومن أكدها ومن شرح سياقها. الا ان وردني من ذات المصدر السابق قائمة بأسماء اللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر، وكنا قد نشرناها في عدد الجمعة كما وردت من المصدر دون أن نعلق عليها.
ونشرنا في ذات اليوم بناء على طلب صديق سلسلة من بيانات النفي لأكثر من شخصية وحزب تم نشرها كما أرسلها سواء كان ردا على ما نشرناها حول الموضوع أو ماورد على لسان المنسق العام لهيئة التنسيق المعارضة حسن عبد العظيم في مقابلة تلفزيونية اكد فيها تلك الجهود لعقد مؤتمر دمشق.
الصورة إذن تحتاج الى تفكيك وتحليل انطلاقا من خطاب المعارضة السورية وأدائها السابق والحالي. لا نشك مطلقا أن ثمة جهود تبذل في هذا السياق لكن لماذا الانكار؟ ولا نريد ابدا التشكيك بمن نفى علمه رغم أن البعض في بياناته تهجم علينا بعد أن مدح مهنيتنا سابقا. لا مشكلة فهذا معتاد بالخطاب السياسي العربي عموما.
لكن ما نريد تثبيته هنا بعيدا عن من نفى صدقا ومن نفى حذرا ومن أكد شجاعة ومن أكد نكاية. إن بعض المعارضة السورية دأبت على انتهاج خطابين خاصة في ضوء المتغيرات الميدانية والسياسية المحلية في سوريا والإقليمية والدولية . الخطاب الأول موجه الى جمهورها وبعض داعميها ، وهو خطاب يعتمد على مهاجمة النظام السياسي والرئيس بشار الأسد ومهاجمة الدول الداعمة له ونعتها بالاحتلال وعدم القبول بأقل من ازحاته بالكامل بالقوة العسكرية التي لا تملك من أمرها شيئا وتتكأ عليها أو بالعمل السياسي المرسوم لها في دوائر القرار الإقليمية والدولية الراعية لها. والخطاب الآخر هو ما يجري من وراء الستار وفي الكواليس عن الواقعية السياسية والخيارات المتاحه. يتحدث البعض عن تخلي الغرب عن المعارضة وعن عدمية المراهنة على السعودية وعن شح الدعم الذي كان مفتوحا بلا حساب . وعن الفساد وسرقة الأموال عن نفورهم من المحسيني وجماعته عن ارتباط هذا أو ذاك بالأجهزة الأمنية السورية . عن هذا المحسوب على قطر وهذا المدعوم من تركيا وهذا القريب من مصر ، بل أكثر من هذا يفتح البعض طريقا إلى روسيا وآخرين يتصلون بإيران سرا .وربما مؤتمر دمشق المزمع يقع أيضا في دائرة هذه الازدواجية . نحن إذن أمام خطاب للخاصة وخطاب للعامة ، خطاب للإعلام والداعمين وخطاب للمقربين والاعضاء .
المعارضة السورية بوضع لا تحسد عليهمع فشل فاقع في أدائها بسبب شح الشفافية في مواقفها، والتعامل مع المستجدات وفق منظار من يرضى علينا ومن يغضب منا . من حظي بدعم هذه الدولة ومن أقصي من المشهد .
ثمة نصحية لهذه القوى والتيارات والشخصيات التي للأنصاف لا نضعها في سلة واحدة والتي تكاثرت حتى بتنا لا نحفظ اسماءها وتوصيفاتها ، ماهو الهدف الذي تسعون إليه ؟ وهل هو ضمن امكانتكم؟ إذا كان القدوم إلى عاصمتكم دمشق وعقد مؤتمر فيها وقول ما تريدون عيبا تتقاذفون التبرأ منه وانتم تعلمون أنكم منخرطين في البحث فيه ، فأي بقاع الأرض سوف تحتضنكم إلى الأبد . النضال السياسي من أجل أهداف تخدم مستقبل سوريا وأمنها ووحدتها وتطورها السياسي والاقتصادي …الخ نضال مشروع في كل القيم العالمية ، شرط أن لا يكون لخدمة أجندة أحد في الخارج يسعى إلى مصالح بلاده لا لمصلحتكم أو مصلحة بلادكم .العمل السياسي ليس بيانات نفي أو تأكيد ، انما دينامية مستمرة تعمل على تحقيق الأهداف وفق معطيات البيئة السياسية وفق الممكن والمتاح. إذا لم يعقد مؤتمر دمشق لاشيء سيتغير في مسار ما يجري ، فالاحداث تسبق خطابكم واتصالاتكم واجتماعاتكم ، وإذا انعقد ستكون فرصة لتجميع القوى التي تؤمن بالحل السياسي لفتح مسار الحل . أما من ما يزال يراهن على الانتحاريين والانغماسيين فهؤلاء لا يراهنون عليك .
التعليقات مغلقة.