رعب نتنياهو !! / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الخميس 14/3/2024 م …




إذا أردنا أن نفهم حالة “الرعب” التي تسود إسرائيل هذه الأيام، ووصلت إلى درجة التهديد علانيةً بقَصف دِمشق، ما عَلينا إلا متابعة التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير دفاعه، من خلال اتهامهم الرئيس الأسد بأنه السبب في كل ما يحدث في الكيان الصهيوني من خسائر على جميع الجبهات، بالمقابل يدركون جيدا أنه لو لم يقوم الأسد بدعم المقاومة لإنهارت، فالذي يتابع أخبار الكيان الصهيوني وتحليلات منظريه يعرف حجم التخبط والجنون الذي أصابه هذه الفترة.
القراءة الإسرائيلية المتعمقة تقول بوضوح إنه لا يوجد أي سبب يجعل الكيان الإسرائيلي سعيداً هذه الأيام لما يجري في غزة تحديداً من خلال صمدوها، والصفعة الكبرى كانت في مقابلة الرئيس الأسد الأخيرة التي كانت مليئة بالتحدي والإصرار في مواجهة الإرهاب ومقاومة الكيان الصهيوني والدفاع عن فلسطين، وهذه المقابلة أغلقت الباب أمام أي آمال بسقوط المقاومة، لأنه بحسب محللين عسكريين فإن رجال المقاومة يتقدمون ويحققون مكاسب كبيرة في عدد من جبهات القتال ويكبدون الجيش الإسرائيلي ومن وراءه يومياً خسائر فادحة في المعدات والأرواح ، ويبدو أن الخوف من أي إنتصار من قبل المقاومة بات له التأثير المباشر على الكيان إذ أكد نتنياهو أكثر من مرة ” إن من مصلحة إسرائيل هزيمة الأسد ورحيله”، وهذا لا يخلو من تخوف ورعب من نجاح الرئيس الأسد في تصديه للإرهاب والإنتصارات التي يحرزها محور المقاومة.

كما هو الحال مع كل تقدم بارز يحققه رجال المقاومة، تتسارع وسائل الإعلام الإسرائيلية على قراءة أبعاد هذا الحدث، وأثاره السلبية على الأمن الإسرائيلي، هذه الإنجازات دفعت المحللين الإسرائيليين للتساؤل عن مرحلة ما بعد هذه الإنتصارات، فيما حذر آخرون من أن ما حققته المقاومة يعزز قوة محور المقاومة، كل ذلك سيجعل إسرائيل أمام حقيقة واحدة مفادها بأن ليس لديها أي قدرة على التأثير في المنطقة، وهذا ما يؤكد بما لا يدع مجال للشك بأن المشروع الأمريكي – الإسرائيلي يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً في فلسطين، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً بفشل اسرائيل في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية، وأن مشروع تقسيم قطاع غزة قد إنهار بعد أن إنكشفت كل خيوط اللعبة التي أدارتها أمريكا وحليفتها إسرائيل.

في السياق ذاته حاولت اسرائيل استهداف مواقع داخل سورية “مطار دمشق الدولي” تحت ذريعة كسر التوازن وادعاء بأن هناك سلاحاً إيرانياً أو سوريّاً في طريقه الى حزب الله والى المقاومة في غزة، لكن إسرائيل تخشى الإنتصار السوري على الجماعات المسلحة المدعومة إسرائيليا وأمريكيا، الذي سيفتح أبواب جهنم عليها وعلى من يدعم المتطرفين، لذلك جاء هذا العدوان لرفع المعنويات المنهارة للجماعات المسلحة، خاصة وأن الجيش السوري يواصل تحقيق الإنتصارات على كافة الجبهات.

إن سبب خوف الكيان الصهيوني من سورية هو تعاظم القدرات العسكرية والصاروخية لدى الجيش السوري، إضافة إلى الخبرة المتزايدة، التي اكتسبها الجيش جراء خوضه الحرب على التنظيمات الإرهابية في مختلف المحافظات السورية، وتسجيل الانتصارات المتتالية على تلك التنظيمات، التي تمتلك أفضل أنواع السلاح والتدريب العسكري، وقد أكدت بعض التقارير الإسرائيلية أن الجبهة الداخلية في إسرائيل غير قادرة على صد الصواريخ السورية ، التي من شأنها أن تحدث دمارا هائلا في مدينة تل ابيب.

وأمام هذه الانجازات لم يكن أمام اسرائيل إلا التدخل المباشر علّها تستطيع وقف هذا التقدم السريع للجيش السوري وحلفائه ومساعدة تنظيم داعش وأخواته وتوفير فرصة جديدة له لالتقاط أنفاسه بعد تكبيده خسائر كبيرة وتقلص مساحة سيطرته في سورية، ضمن محاولات فك التحالف الإستراتيجي الذي يربط سورية مع محور المقاومة ضمن مخطط يضمن أمن اسرائيل وتحقيق حلمها القديم الذى يمتد من النيل إلى الفرات.

ومن جهة أخرى عكس الرد الإسرائيلي المحدود على الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان وقطاع غزة هواجس المؤسسة الإسرائيلية من حرب شاملة مع محور المقاومة، وحملت في طياتها العديد من الرسائل التي توحي بعدم جاهزية الجبهة الداخلية في اسرائيل لحرب على عدة جبهات التي تفضي الى توحيد الساحة اللبنانية مع جبهتي غزة والضفة الغربية، فضلاً عن استعداد ايران وسورية والمقاومة في العراق واليمن للتصعيد في مواجهة الهجمات الاسرائيلية.

بالتالي إن سورية هي الجبهة الأكثر قابلية للاشتعال بتداعيات حرب غزة بالنظر لجملة عوامل معقدة ومتداخلة، أبرزها أن سورية رسمياً هي في حالة حرب مع إسرائيل بسبب منطقة الجولان، فضلاً عن العلاقات التي تربط دمشق بحزب الله اللبناني وطهران وبمختلف فصائل المقاومة، والتي تستهدف المصالح والقواعد الأميركية والغربية في كل من سورية والعراق، مما يضاعف من خطر انزلاق الأمور نحو مواجهة مفتوحة تتحول إلى حرب واسعة بين الإسرائيليين والأميركيين من جهة، والجيش السوري وحلفائه من جهة أخرى.

مجملاً…. ليست الأسلحة الحديثة وَحدها التي تَحسم المعارك، إنّما الإرادة الصلبة، والاستعداد الدائم للقِتال حتى الشهادة، وإدارة المعركة بشكلٍ فاعلٍ ومؤثر، وهذهِ العناصر تتوفّر لدى السوريين والإيرانيين وحزب الله وحُلفائهم من محور المقاومة، في إطار ذلك يمكنني التساؤل، هل سيسقط الكيان الصهيوني بتهوره أم يجر ذيول الهزيمة والإذلال؟ وهو الثمن الذي سيدفعه نتيجة أخطاءه الفادحة في سورية وسعيه الفاشل لإسقاطها، وإنطلاقاً من ذلك، المنطقة مقبلة على بركان ثائر، الأمر الذي يضع الجيش السوري وحلفائه أمام واحد من الخيارين إما النصر وإما الاستمرار في الحرب والصراع.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.