سنارة الصيد الأمريكية تفقد خيطها الصهيوني / د. خيام الزعبي

د.  خيام الزعبي ( سورية ) – الإثنين 25/3/2024 م …




اختياري لعنوان مقالتي هذه لم يأتي من فراغ وإنما جاء بعد نظرة شمولية لما لهذا الموضوع من أهمية كبيرة، لما لواشنطن من تأثير كبير على المستوى الإقليمي والدولي، وما يحصل حالياً بين واشنطن وتل أبيب ليس إلا إنعكاساً لرؤيتين متناقضتين للتحولات الكبيرة التي تشهدها فلسطين.

طرأ في الأيام الأخيرة تسارع كبير وغير مسبوق في الإتصالات بين الرئيس الأمريكي بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي ، ويبدو أن نتنياهو «الحليف الوثيق»، أصبح مصدر قلق كبير للإدارة الأميركية، إلى درجة يصعب معها ترك المسألة من دون معالجة، ومن هنا أصبحنا نسمع أصواتاً من داخل البيت الأميركي وسط انقسام بين مَن يدعون إلى تصعيد الموقف بوجه الكيان الصهيوني، ومن يفضلون العمل على تهدئة مخاوفه، طارحين جملة إجراءات يمكن للولايات المتحدة تفعيلها فوراً من أجل حل مشكلة تمرّد نتنياهو، منها دعم عملية تغيير سياسي في إسرائيل.

 

إن التعنّت الإسرائيلي في اجتياح رفح قد يكلّف نتنياهو الكثير وسط توتر كبير تشهده العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية قد يتحوّل في أي لحظة إلى خصام علني، خاصةً أن كل من، بايدن ونتنياهو، وضعا “خطوطاً حمراء” حول العملية الإسرائيلية في مدينة رفح ، فإدارة بايدن تعارض بشدة العملية الإسرائيلية في رفح، بينما يصر نتنياهو بأن إسرائيل يجب أن تدخل رفح للقضاء على حماس شاءت واشنطن أم أبت.

في هذا السياق إن الصدام المتزايد بين الحكومتين بشأن رفح يسلط الضوء على ترنَّح هيبة الدبلوماسية الأميركية وتراجع نفوذ إدارة بايدن على نتنياهو مع استمرار جيشه في مهاجمة غزة، حتى مع تزايد الضغوط داخل الحكومة الأمريكية لكبح جماح إسرائيل، وهذا يدل على أن شعبية نتنياهو في الولايات المتحدة في أدنى مستوياتها.

مما لا شك إن الحرب في غزة تتحول بسرعة إلى كابوس سياسي للرئيس بايدن قد يكلفه منصبه في البيت الأبيض، بسبب دعمه لإسرائيل في حربها على غزة ، حيث امتدت حركات الاحتجاج ضد تعامل الرئيس بايدن مع حرب إسرائيل على قطاع غزة إلى ولايات أمريكية عدة، وأكد أنصار الاحتجاج ضد بايدن، إن الغضب من حرب غزة قد يعرض فرص بايدن للخطر في الولايات المتأرجحة ضد الرئيس السابق دونالد ترامب في سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 نوفمبر المقبل، وبذلك إن الخلافات مع واشنطن حول مسألة غزة، وحكومة اليمين المتطرف وموقفها من القضية الفلسطينية، خرجت من الكواليس إلى العلن في ظل الحملة الانتخابية الأميركية والإنتخابات الإسرائيلية أيضاً، حيث توجه كل من بايدن ونتنياهو نحو الصدام للحفاظ على حظوظهما وشعبيتهما قبالة منافسيهما.

وعلى الطرف الأخر، نفد صبر الرئيس الامريكي بالفعل مع نتنياهو، و تفاقم هذا الغضب بسبب قيام نتنياهو بإحباط التخطيط الأمريكي لفترة ما بعد الحرب لإعادة إعمار غزة ولتعزيز التحالف العربي الإسرائيلي لمحاربة إيران، مع تحذير واشنطن من أنه سيفاقم عزلة حليفتها، خاصة بعد أن باتت إسرائيل أكثر كراهية وسط أصوات مؤثّرة داخل الكونغرس الأميركي باتت تدعو لإسقاط حكومة نتنياهو.

كما إن نتنياهو -بحسب تقديرات بايدن- يسعى للمواجهة والصدام مع الإدارة الأميركية بشأن إدارة وسير الحرب، والواقع الأمني ​​بغزة مستقبلا، وجر أمريكا لحرب إقليمية مع المقاومة اليمنية أو حزب الله.

وعلى الرغم من إصرار نتنياهو باحتلال غزة بالكامل ومعارضة الرئيس الأميركي جو بايدن فكرة الهجوم على رفح، إلا أن البيت الأبيض ما زال يؤكد أن أميركا ملتزمة بتزويد إسرائيل بالسلاح والذخائر التي تحتاج اليها رغم الانتقادات الأميركية المستمرة.

وفي إطار ذلك يمكنني القول إنه ليس هناك من تفسير لهذا التمرد الإسرائيلي إلا الشعور بالإستقواء باللوبي اليهودي الواسع النفوذ في الولايات المتحدة، وقدرته على التأثير في صانع القرار الأمريكي وبالتالي تغاضيه عن أي مواقف إسرائيلية مسيئة حتى لو كانت تشكل إهانة أو تطاولاً على السياسة الأمريكية.

مجملاً…. لا ينبغي التعويل على توتر في العلاقات بين الطرفين ولاسيما إن المصالح المشتركة لا يمكن التفريط فيها من الجانبين، وحتى وإن بدا هناك خروج نسبي للولايات المتحدة من المنطقة كنتاج لتحول إستراتيجي ينصب فيه الإهتمام على مناطق أخرى في آسيا، إلا ان أمريكا لا يمكن ان تترك المنطقة دون حليف إستراتيجي، كذلك حجم التشابكات لا يمكن فصلها أو تجزئتها، وقد لخصها بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس كارتر، “إن العلاقات  بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل علاقات حميمة، مبنية على التراث التاريخي، والفاعلية التي تتعزز بإستمرار من خلال النشاط السياسي لليهود الأمريكيين”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.