ذكريات لا تنسى-21 … العرب والكرد.. تاريخ وعيش مشترك / د. عاصم الشهابي

 

د. عاصم الشهابي ( سورية ) الثلاثاء 29/11/2016 م …

** نتحفظ على بعض المصطلحات والرأي الوارد في المقالة .. لكننا ننشرها كوجهة نظر نتفق في بعض ما ورد فيها

رئيس تحرير شبكة الأردن العربي ـ محمد شريف الجيوسي

يضم المشرق العربي خليط من أعراق ومذاهب وطوائف عاشوا معا طوال الحكم العربي الإسلامي وخاصة أيام الخلافة الأموية والعباسية في تجانسوتفاهم كبير. ومن بينهم بالذات الكرد كأهم شعب أصيل من مكونات العراق. والحقيقة أنه لم يحدث أي خلاف أو عداء بين العرب والكرد عبر التاريخهمالمشترك الطويل، ما عدا فترة حكم صدام حسين، حيث نشبت خلافات مسلحة بسبب أن هناك قوى عالمية كانت تخطط لتقسيم العراق، وأقامة دولة كرديةفي شمال العراق. وتارخيا أشترك العرب والأكراد بمقاومة حملات الفرنجة الأوروبية الاستعمارية التي غزت المشرق وحرروا المشرق العربي،وأستعادوا مدينة القدس الشريف بقيادة البطل الكردي الأصل صلاح الدين الأيوبي عام 1187. وتشير الحقائق التاريخية بأن المستعمرين الأوروبين بقيادةانكلترا وفرنسا هم الذين ساهموا بتقسيم الدولة العثمانية ومنطقة المشرق العربي حسب معاهدة سيكس- بيكو عام 1916، وأتفقوا مع الاتراك على منع قيامدولة كردية بضمهم شرق الأنضوال الكردي الى الدولة التركية بقيادة كمال أتاتورك، وبضم ما تبق من وطن الكرد الى كل من العراق وإيران.

كما تم تقسيم منطقة بلاد الشام وشمال أفريقيا الى دويلات صغيرة. فمشكلة الشعب الكردي لم تكن يوما مع العرب، وأنما مع الأوروبي المستعمر والدولة التركية.وكان الهدف الرئيسي لهذا التقسيم أن يبقى المشرق العربي والجزيرة العربية الغنية بالبترول والمصادر الطبيعية مرتعا للمستعمر الأوروبي. والحقيقة التيلا يمكن لأحد أن ينكرها بأن الكرد الذين أستقروا في بلاد الشام كانت لهم نفس الحقوق والواجبات، كما أنهم أندمجوا بالزواج مع العرب وأصبحوا من نفسمكونات النسيج الاجتماعي والثقافي لبلاد الشام. ومن يعود الى التاريخ الحديث خلال القرن العشرين، سيعرف أنه كان بين الأكراد زعماء وطنيين كبارورؤساء جمهورية ووزارت من رجال الحكم في كل من العراق (أحمد مختار بابان ونور الدين محمود) وسوريا ( يوسف العظمة وابراهيم هنانو وحسنيالزعيم وشكري القوتلي وعلي بوظو). وهناك كان ولا يزال الكثيرين من الوزراء والقادة العسكرين ورجال الحكم والمال ومسؤولين كبار وأدباء ومثقفينوفنانيين من أصوال كردية في كل من العراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر،وجميعهم مندمجين كليا في المجتمعات

العربية. وأما ما حدث للكرد منمأسي وقتل أيام حكم صدام حسين في العراق، فقد حدث نفسه مع العراقيين العرب ولأسباب سياسية لا مجال لذكرها هنا. وعلينا أن لا تنسى بأن دولالإستعمار، ومنهم بالذات بريطانيا وفرنسا وإسرائيل أقاموا إتصالات وتعاون عسكري وثيق مع تركيا، وفي نفس الوقت مع كرد العراق منذ زمن بعيد،وذلك من أجل اقامة دولة كردية في العراق. وأنا أذكر جيدا أنني أيام دراستي وأقامتي في هامبورغ خلال بداية ستنيات القرن الماضي ، كان هناك بعضالطلبة الكرد العراقيين الذين يشاركون في رابطة الطلبة العرب التي كانت تضم طلبة من كافة البلدان العربية ، كما كانوا يرفضون إقامة دولة كرديةمنفصلة عن العراق، وكانوا يفتخرون بأنهم أخوة مع العرب ويعتبرون اللغة العربية لغتهم. ولكن مع بداية عام 1970، لآحظت تغيرا في موقف بعضالزملاء العراقيين الأكراد ،وبانهم بدأوا ينشطون لوحدهم وبدعم الماني . وأذكر أن الصديق الدكتور عبد الرضا العباسي الأستاذ السابق بكلية طب بغداد،قال لي مرة منذ سنوات، بأن هناك نسبة كبيرة من الكرد والعرب في العراق مرتبطين بزواج مشترك ويعيشون بتفاهم ومحبة، وبأنه يشعر شخصيا بأنهمشعب واحد فرقتهم السياسة والتدخلات الإجنبية التي تسعى لتقسيم العراق منذ زمن طويل.

وبأختصار، أعتقد أن المصلحة الوطنية لكل من العرب والكرد أن يكونوا معا كجيران طبيعيين أوكشركاء في وطن واحد من أجل مستقبلهم، فهم بحقوحقيقة يمثلون كتلة بشرية إجتماعية وثقافية وتاريخية ومذهبية وحدها التاريخ والجغرافيا والعيش المشرك مع العرب. ونتمنى أن لا يكون الكرد والعربوقودا لنار قادمة يشعلها من يريد زيادة تقسيم المشرق العربي.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.