توجه خليجي جدي لتأسيس “اتحاد” على انقاض “مجلس التعاون” لإقصاء سلطنة عمان بسبب موقفها من حربي اليمن وسورية..

 

الإثنين 28/11/2016 م …

الأردن العربي – الرأي اليوم …

*ما هو موقف الدول الأخرى من هذه الخطوة الاندماجية؟ ولماذا جاء بالون الاختبار من البحرين؟

عندما يتعلق الامر بالجوانب الخليجية الاستراتيجية العليا، فان العفوية في التصريحات لاجهزة الاعلام، او اطلاق الآراء في القضايا السياسية الحساسة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون، من الأمور غير المستحبة، بل المحرمة في معظم الأحيان، اللهم الا اذا كانت مدروسة بعناية فائقة وترغب جهات رسمية في تسريبها.

في هذا لاطار يمكن التعاطي مع التصريح الصحافي الذي ادلى به السيد غانم البوعيني، وزير مجلس الشورى والنواب البحريني الى صحيفة “الحياة” السعودية يوم السبت، وقال فيه “ان ملف الاتحاد الخليجي سيكون حاضرا للمناقشة في قمة مجلس التعاون التي تستضيفها بلاده شهر كانون الاول (ديسمبر) المقبل”، مؤكدا “ان الاتحاد الخليجي قد يتم من دون سلطنة عمان”، وأضاف “ان الاتحاد الخليجي في حال اقامته سيكون متقدما كثيرا عن مجلس التعاون، اذ ان الدول التي ترغب في الانضمام الى الاتحاد بالخطوت الاقتصادية والسياسية وغيرها ستكون في حال متقدمة عن مرحلة التعاون، ومن يريد ان يكون في مجلس التعاون سيبقى”.

كلام السيد البوعيني واضح، ولا يحتاج الى تفسير، ويؤكد ان قمة البحرين الخليجية المقبلة سيتصدر جدول اعمالها وضع اللبنة الاولى للاتحاد الخليجي كبديل لمجلس التعاون، واقتصار العضوية فيه على الدول الخليجية الخمس التي دخلت في التحالف العربي بقيادة السعودية الذي يخوض حاليا الحرب في اليمن، واستبعاد سلطنة عمان التي عارضت هذا الاتحاد في “ملتقى المنامة” قبل ثلاث سنوات، عندما طرحه العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز قبلها بأشهر، وجاءت هذه المعارضة على لسان السيد يوسف بن علوي، وزير الخارجية العماني الذي كان جالسا بين الحضور، عندما تعمد الرد على مداخلة للسيد نزار مدني، وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي وتحدث عن هذا الاتحاد ودعم الدول الست له.

العلاقات السعودية العمانية ليست على ما يرام، والهوة بين البلدين بدأت تتسع عندما افاقت القيادة السعودية على انباء مفاوضات سرية أمريكية إيرانية جرت في مسقط لمدة ستة اشهر دون ان تعلم عنها شيئا، وتمخضت عن الاتفاق النووي بين ايران والدول الست العظمى، وتعمق الشرخ اكثر بين الدولتين العضوين في مجلس التعاون عندما فضلت سلطنة عمان النأي بنفسها عن الحرب في اليمن، ورفضت الانضمام الى “عاصفة الحزم” التي اطلقت الصاروخ الأول فيها.

المسؤولون العمانيون اتخذوا طوال السنوات الماضية سياسة مستقلة عن مجلس التعاون الخليجي ودوله، وابدوا تحفظا على القيادة السعودية المهينة على المجلس، وفضلوا اتخاذ موقف محايد من الازمة السورية، وانسحبوا مبكرا من منظومة دول أصدقاء سورية بقيادة أمريكا، وابقوا على سفارتهم مفتوحة في دمشق، وقام السيد بن علوي وزير الخارجية بزيارة رسمية الى العاصمة السورية التقى خلالها نظيره وليد المعلم والرئيس بشار الأسد، في وقت كانت السعودية ودول خليجية تنفق المليارات على تمويل المعارضة السورية المسلحة للإطاحة به ونظامه، مثلما حرص المسؤولون العمانيون أيضا على الحفاظ على علاقات طيبة مع طهران، ولم يغلقوا سفارتهم فيها او يسحبوا سفيرهم مثلما فعلت دول خليجية أخرى اثناء اقتحام متظاهرين السفارة السعودية واحراقها قبل عام احتجاجا على اعدام المرجع الشيعي السعودي نمر النمر.

هذه المواقف لم تُرض القيادة السعودية حتما، بل اثارت غضبها، وتعرضت سلطنة عمان لحملة انتقاد واسعة من قبل الجيش الالكتروني السعودي الرسمي على وسائط التواصل الاجتماعي مثل “التويتر” و”الفيسبوك”، وجرى اتهامها، أي السلطنة، بتهريب السلاح الى الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومن بينها صواريخ باليستية إيرانية، وهو ما نفته السلطة رسميا.

العومانيون في المقابل يعتبرون انفسهم دولة كبرى تختلف عن امارات الخليج الأخرى، تملك ارثا حضاريا امبراطوريا كبيرا امتد من سواحل الخليج وحتى اندونيسيا وماليزيا، حيث لعب تجارها وبعثاتها دورا كبيرا في إيصال الإسلام الى تلك البقاع، الى جانب اشقائهم الحضارمة بطبيعة الحال، وباتت النزعة الاستقلالية لديهم تتعمق في السنوات الأخيرة، وربما هذا ما يفسر رفضهم لاي اتحاد خليجي يذيب الهوية الوطنية للدول الأعضاء فيه، ويصرون على صيغة التعاون وليس الاندماج.

لا نعرف ما هي مواقف الدول الخليجية الأخرى من صيغة الاتحاد التي ترحب بها مملكة البحرين وتتبناها وتروج لها، ونحن نتحدث هنا عن دول مثل الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة ودولة قطر، فهذه الدول رحبت بهذا الاتحاد من حيث المبدأ، او التزام بعضها الصمت، دون ابداء أي معارضة لتجنب اغضاب السعودية صاحبة هذه المبادرة، ولكن عندما تبدأ الخطوات العملية للتطبيق، ربما تتغير بعض المواقف في هذا المضمار، بالنظر الى نتائج الحربين في اليمن وسورية التي بدأت تظهر للعيان حاليا.

ما يمكن استنتاجه من خلال متابعتنا لهذه المسألة، ان هناك توجها من قبل السعودية وحلفائها في حرب اليمن لفك الارتباط تدريجيا مع سلطنة عمان، والتقرب الى دول ملكية مثل المغرب والأردن، ولا نستبعد ان تجد هذه الخطوة ارتياحا “غير معلن” من الأخيرة، على رأي المثل الذي ينطبق على شخص متلكيء في الصلاة، ووجد المسجد مغلقا فقال “بركة منك يا جامع.. جاءت منك وليس مني”، والامر متروك لفهمكم.

“راي اليوم”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.