الموقف الوطنى والقومى والاسلامى يحتم أن تكون مصر مع محور المقاومة / مجدى حسين




مجدي حسين ( مصر ) – الإثنين 8/4/2024 م …

كتبت مرارا حول معنى عدم التعارض بين الموقف الوطنى المصرى والموقف القومى العربى والموقف الاسلامى فى القضايا الكبرى، فهذه دوائر متداخلة مع بعضها بعضا . فمن أى زاوية نظرت ستصل إلى نفس الموقف .

حرب الابادة الجماعية التى نشاهدها على الشاشات منذ 6 شهور تجرى فى بلد مجاور اسمه فلسطين ، بل على رقعة لا تزيد عن 2 % منها اسمها غزة لأن بها معقل المقاومة المسلحة ضد الكيان الصهيونى الاستيطانى ، حرب إبادة تشنها اليهودية الصهيونية والولايات المتحدة والغرب .

الوثائق التاريخية تؤكد أن هذا الكيان تم التخطيط لزرعه فى فلسطين لفصل الوطن العربى إلى شطرين لمنع إمكانية وحدته ، وأن يلعب دور السرطان فى إنهاك الجسد العربى ويمنع بشكل خاص التلاحم بين الشام ومصر الذى قالت فصول التاريخ أنه سر قوة هذه المنطقة المركزية من العالم وسموها الشرق الأوسط . روتشيلد وهو من أبرز رموز اليهودية الصهيونية

وهو الذي توجه إليه بلفور وزير خارجية انجلترا بوعد بلفور الشهير في 2 نوفمبر 1917 بالتزام انجلترا بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين .
وهذا هو نص رسالة روتشيلد إلى بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا عام 1841 ، أي عقب معاهدة لندن 1840:
(ان هزيمة محمد علي وحصر نفوذه بمصر ليست كافية لأن هناك جذبا بين العرب وهم يدركون أن عودة مجدهم القديم مرهونة بامكانيات اتحادهم واتصالهم. أننا لو نظرنا إلى خريطة هذه البقعة من الأرض فسوف نجد أن فلسطين هي الجسر الذي يصل بين مصر وبقية العرب في آسيا . ولقد كانت فلسطين دائما بوابة الشرق. والحل الوحيد هو زرع قوة مختلفة على هذا الجسر في هذه البوابة لتكون هذه القوة بمثابة حاجز يمنع الخط العربي و يحول دونه . لذلك فان الهجرة اليهودية الى فلسطين هي التي تستطيع ان تقوم بهذا الدور وليست خدمة لليهود ليعودوا الى أرض الميعاد مصداقا للعهد القديم ولكنها أيضا خدمة للامبراطورية ومخططاتها فليس مما يخدم الامبراطورية أن تتكرر تجربة محمد علي سواء بقيام دولة قوية في مصر أو بقيام اتصال بين مصر والعرب والاخرين) (!!) .

والكيان الاسرائيلى ينازع مصر أولا على قيادة المنطقة لأنها هى القائد الطبيعى والتاريخى لها . هو بضربة واحدة يقوم على جثة فلسطين ويستهدف مصر أولا وينتهى بمنع تحقيق أى وحدة عربية. واسلاميا كل بلاد فلسطين والعرب من دار الاسلام بل فى قلب دار الاسلام بل تحتوى مقدسات المسلمين : مكة والمدينة والقدس ، ومقدسات المسيحيين .

وهذه الحقائق البسيطة التى تعلمناها فى المدرسة فى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين ، تم دفنها والقضاء عليها باتفاقيات كامب ديفيد الملعونة التى أسست للعلاقة الاستراتيجية العليا بين مصر واسرائيل وأمريكا حتى وإن خاصمنا كل العرب والمسلمين ومنذ ذلك التاريخ 1978 كرسنا فكرة القطرية المصرية : مصر أولا وليذهب العرب والمسلمون إلى الجحيم .

كان قيام الرئيس السادات بزيارة القدس المحتلة وإلقاء خطاب فى الكنيست خطوة صادمة لجيلنا وتصور السادات إن هذا التنازل الكبير سيجعل اسرائيل طيعة وستفرح بكل هذا الاعتراف رغم احتلالها لأراضى 3 بلاد عربية منها مصر ,أنها ستصبح دولة صديقة من أهل المنطقة . وأحسنت اسرائيل استقبال السادات ومجد الاعلام الغربى خطوة السادات حتى أدار رأسه.، ولكن اسرائيل صارت فى مشروعها الاستيطانى دون أن تطرف لها عين ، أذاقت السادات المر حتى يوافق على سيناء منزوعة السلاح ومع تطبيع إجبارى ومع فصل مصر عن فلسطين وأمتها العربية وأعلن بيجن أن القدس عاصمة موحدة وأبدية لاسرائيل . ووافق على حكم ذاتى للفلسطينيين تحت الاحتلال الاسرائيلى . بل أكثر من ذلك قامت اسرائيل باجتياح لبنان فى نفس العام 1978 فى شهر مارس أى خلال عمليات التفاوض مع مصر التى انتهت بتوقيع كامب ديفيد فى سبتمبر من نفس العام وأقامت حزاما أمنيا داخل جنوب لبنان .أدت العملية إلى سقوط 400 شهيد ونزوح حوالي 400 ألف شخص إلى بيروت وضواحيها.

وعقب لقاء رئيس وزراء العدو مناحيم بيجن مع السادات فى شرم الشيخ فى سيناء المحتلة يوم 6 يونيو 1981 قام الطيران الاسرائيلى ب

غارة جوية مفاجئة نُفذت في 7 يونيو 1981، وأسفرت عن تدمير مفاعل نووي عراقي قيد الإنشاء على بعد 17 كيلومترًا (10.5 ميلًا) من جنوب شرق بغداد.

وفى 6 يونيو 1982 قامت اسرائيل باجتياح لبنان . ولاحظ التواريخ الرمزية التى تذكر بهزيمة يونيو 1967 .

إسرائيل تشن عملية أطلقت عليها اسم “سلام الجليل” حيث تجتاح القوات الإسرائيلية لبنان، وتتجه شمالا نحو العاصمة بيروت و تحاصرها لمدة شهرين.

ويضطر رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات لمغادرة بيروت مع ما يزيد على 11 ألف مقاتل فلسطيني بين 21 أغسطس/آب و3 سبتمبر/أيلول.وفي 15 سبتمبر، دخلت القوات الإسرائيلية بيروت الغربية.

في 17 و18 سبتمبر/أيلول قتل 1500 مدني فلسطيني على الأقل بمجازر وقعت بمخيمي صبرا وشاتيلا (الضاحية الجنوبية لبيروت) على أيدي عناصر المليشيا المسيحية المارونية ، بينما طوق الجيش الإسرائيلي المخيمين. وقد اعترفت لجنة تحقيق إسرائيلية بـ “المسؤولية غير المباشرة” للإسرائيليين عن هذه المجزرة. وترتفع بعض التقديرات إلى أن عدد الشهداء الفلسطينيين بلغ 4 آلاف

في نهاية 1982 أفادت حصيلة رسمية لبنانية أن الاجتياح الإسرائيلي أسفر عن سقوط حوالي عشرين ألف قتيل وثلاثين ألف جريح.

وواصلت اسرائيل احتلال لبنان حتى عام 2000 قتلت خلالها مئات اللبنانيين .

ولنكف عن التفاصيل التى يمكن أن نعود إليها لأن جيلا من الشباب لم يعش تلك الفترة . ونشير سريعا لاستمرار مجازر الاسرائيليين تجاه الشعب الفلسطينى خلال انتفاضتين فى 1987 وفى عام 2000 مع استمرار التنكيل بالفلسطينيين طوال الوقت . ورغم ما سمى الحكم الذاتى ثم اتفاقية أوسلو يقترب الآن الاستيطان فى الضفة الغربية من مليون مستوطن ، حوالى 850 ألف . واجتياح لبنان عام 2006 . وبعد الاضطرار للانسحاب من غزة تم اجتياح القطاع أربعة مرات وهذه هى المرة الخامسة .

أما ما فعلته مع مصر فقد تناولناه كثيرا ويكفى القول باحتلال اسرائيل لمنابع النيل وما تفعله من تخريب فى السودان  .

وفيما يتعلق بفلسطين فقد ماتت إلى الأبد فكرة السلام والتعايش مع الفلسطينيين والدولة الفلسطينية وحتى الحكم الذاتى . فقد اندثر حزب العمل الاسرائيلى ومجموعات اليسار التى كانت تتحدث بهذه اللغة . والآن فإن اسرائيل منقسمة بين اليمين المتطرف العلمانى والدينى وبين تيار اليأس والشعور بفشل المشروع الصهيونى وبالتالى إلحاح فكرة الهروب من فلسطين .

فى المجزرة الراهنة تجاوز الشهداء والمصابين والمفقودون 120 ألف فلسطينى فى غزة . والهدف هو جعل غزة منطقة غير صالحة للحياة ويسير العمل فى الضفة الغربية على نفس المنوال ولكن الموضوع أصعب وأطول وأبعد منالا ، ولكن التركيز على غزة لأنها برهنت أنها هى القاعدة الصلبة للمقاومة المسلحة .

فى أول مقال لى يوم 7 أكتوبر 2023 عنونته بأن حرب تحرير فلسطين قد بدأت . ويبدو أننا نقترب الآن من ذلك . فبينما كنا نخوض ونلعب فى معسكر كامب ديفيد وفتنا أنفسنا وارتبنا وغرتنا الأمانى ، كان معسكر المقاومة يبنى بناء حقيقيا جيوشا للتحرير ويحفر فى الصخر بالمعنى الحرفى حتى رأينا بأنفسنا معجزة أنفاق غزة التى اندحرت أمامها القوة الاسرائيلية والأمريكية والغربية بكل ما أوتيت من تكنولوجية وقنابل فراغية ولكن الأنفاق حفرت أيضا فى لبنان وإيران واليمن وغيرها ودخل المحور بقيادة إيران المعركة الكبرى .. معركة العقول .. معركة التكنولوجية حتى رأينا اعتراف الأعداء بأن صواريخ اليمن أكثر سرعة وتطورا من صواريخ أمريكا وبريطانيا وأن صواريخ المقاومة العراقية أقوى من دفاعات اسرائيل وأن صواريخ لبنان أكثر دقة وتدميرا مما كانوا يتصورون . وأن القدرة على التشويش وضرب التشويش المضاد قد تطور جدا فى غزة ولبنان وطهران والعراق واليمن .

معركة تحرير فلسطين كما تنبأ الأستاذ عادل حسين ستعتمد بصورة أساسية على الصواريخ . واليوم يتأكد حتى فى حرب أوكرانيا أن أسلحة الحرب الأساسية هى : الصواريخ والمسيرات وقوات المشاه . وجيوش محور المقاومة تعتمد أساسا عليها بل برعت فى إنتاجها وتطويرها حتى زودت إيران روسيا بالمسيرات والصواريخ فى حربها بأوكرانيا . وتراجعت أهمية الطائرات والدبابات كأسلحة غير حاسمة وقد رأينا كيف تحولت أكثر دبابات اسرائيل تقدما وفقا لتكنولوجية أمريكية إلى قطع من الكرتون أمام ياسين 155 . أما الطائرات فإن سلاح الدفاع الجوى الروسى والايرانى ليس قليلا فى إضعاف تأثير الطائرات الأمريكية ، ولولا التخاذل العربى لتم إدخال الدفاع الجوى غزة كما دخل الآن إلى لبنان.

شاءت الحماقة الاسرائيلية بالتطاول على البعثة الدبلوماسية الايرانية فى دمشق أن تدفع سياق الأحداث إلى المنازلة الكبرى وأصبحنا أمام احتمالين :

أن تستوعب اسرائيل وتبتلع الضربة الايرانية المتوقعة ولا ترد عليها حتى لا تتعرض لهجوم إيرانى ومن كل محور المقاومة بصورة كاسحة . أو ترد بشكل كبير على ضربة ايران فنجد أنفسنا أمام المنازلة الكبرى التى تستهدف تحرير فلسطين . وفى الحالتين فإن اسرائيل تتعرض للهزيمة المؤكدة بإذن الله .

إذا لم ترد ستتجه إلى وقف ذليل لإطلاق النار وستخرج من هذه المواجهة وقد فقدت كل ما كان لديها من هيبة وقوة ردع وستتحول فورا إلى كيان هزيل يأكل بعضه بعضا . وإذا تهورت فى الرد فسيكون الوقت قد حان لمعركة تحرير فلسطين ، ومحور المقاومة استعد لها بالفعل .

رغم أن مصر أخفقت فى الاختبار الأصغر وهو فتح معبر رفح ، فإنها مطالبة الآن بألا تقف على الحياد فى معركة تحرير فلسطين . لم نفقد الأمل أبدا فى الجيش المصرى . ومن باب أولى لن نفقد الأمل أبدا فى الشعب المصرى . لا يوجد إلا شعار واحد يعبر عن اللحظة : حى على الكفاح .. حى على الجهاد .

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.