كيف يُعيد المسلمون وغزة تموت جوعا؟! فلسطين لن تنسى من خذلها من العرب / مريم بوزيد سبابو
ما زلنا في ملهاتنا ومتاهة حياتنا ودورة مواسمنا وأعيادنا، وغزة في مأساتها ونكبتها نصف سنة، يا إلهي كأنه الدهر لفظاعة ما حدث ويحدث، وجع من فقدوا أحبتهم وهجّروا ودمرت بيوتهم كفيل بأن يجعل الجبال الرواسي تتصدع، موت أطفال من الجوع، بينما يبذر المسلمون والعرب على موائدهم ما لذ وطاب ويبددون الثروات في مشاهد جنونية، بإمكانها أن تسقط غضب الله علينا!
كيف وصلنا إلى هذه الوضعية الكارثية نحن من نعيش في سلام؟ من أين جئنا بكل هذه القسوة المؤسسة المتغلغلة في سياساتنا وقرارتنا؟
أيمكن للضعف والتبعية والتوازنات المقرفة أن تفعل فينا الأفاعيل؟! اصمت، دعهم يقتلون، ينكلون يغتصبون، فلنوقف الشاشات والمتابعات وننشغل برمضان وموائد الإفطار الجماعية في الشوارع والمطاعم، وصور إفطار وسحور الفنانين، وإعداد حلويات العيد وملابس العيد للكبار والصغار وتغيير ديكورات المنازل و»لوك» الأفراد والجماعات، فهل يمكن أن نتفاءل ونجدد ثقتنا بالله المنتقم الجبار في هذه الأيام المباركة؟! كما جاء بتدوينة الدكتور مصطفى ولد أكَليب: «لقد بدأت جبهة العدو تتفكك داخليا وخارجيا، وقد بين القرآن قواعد الصراع وحدد وسائل الانتصار. يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون».
لقد صبرت المقاومة الفلسطينية على تفوق العدو عتادا وعدة، وعلى الحصار والتجويع، وعلى خذلان الجار القريب وعلى تكالب الأمم». ويضيف عن المقاومة: «وصابرت وتفوقت على عدوها في المصابرة والمغالبة، ورابطت على الثغور وفي الأنفاق، فلم تتنازل عن حق ولم تعط الدنية في دينها أو من أرضها، وتلك هي علامات تقوى الجهاد». وفي نهاية التدوينة كتب الدكتور: «كل شعب لا يريد أن يتألم سيعيش ذليلا، لأن المقاومة والمواجهة يلازمهما الألم، وعلى قدر التضحيات التي يقدمها شعب من الشعوب يأتي الانتصار. ولكن الألم والتألم مشتركان بين الشعب المقاوم والظالم المعتدي، وبما أن الظالم المعتدي يتحمل الألم وهو على الباطل، فعلى الشعب المقاوم أن يتحمله أكثر لأنه على حق ولأنه يرجو من الله ما لا يرجوه هذا العدو الغاشم الظالم الباغي. وعلى الباغي تدور الدوائر».
وهل تنفع دعوات المنابر والتضرع لله على وسائل التواصل الاجتماعي، هذا الأضعف إيمانا غير المسموح به في بعض بلاد المسلمين، بينما تغتصب النساء علنا، وفي زمن لم يعد فيه معتصم ولا رجال، كما جاء في مقاطع من خطبة الشيخ محمود حسنات، التي انتشرت على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، والتي اعتبرت كأقصر خطبة جمعة، ولم تكن كذلك، بل نزعت المقاطع من سياقها لتهويل ما صارت إليه الأمور، بل لتهويل ما صرنا فيه وعليه من لا مبالاة لا يمكن تفسيرها، وبالفعل، علينا أن نفض المجالس ونغلق البرامج والقنوات ونقيم صلاة الحداد على النخوة، التي ماتت فينا وفي مسؤولينا وعالمنا العربي الإسلامي، لنصمت إلى الأبد»، إذا هناك أكثر من 30 ألف شهيد و70 ألف جريح ومليونا مشرد لم يستطيعوا ايقاظ الأمة، فما لكلماتي أن تفعل»؟ لا ينفع الكلام أمام إبادة يومية وغزة تفقد فيها أبناءها ومثقفيها وكوادرها الطبية وأسر بالجملة، تفقد مؤسساتها وأحياءها وكل بناها التحتية، بينما يتوقف التضامن العربي عند بعض المظاهرات وبعض التنديد، في حين أن التضامن الغربي والأمريكي وحده يتمثل في إرسال الجيوش والأساطيل، كما ذكر الحسونة، في خطبته التي كانت مكثفة ومثقلة بالمرارة.
حصار فلسطين عربيا!
شمل التطبيع في بعض البلدان العربية عدة مجالات وأهمها المجال الأكاديمي، ولم تكتف الأنظمة المطبعة بفعلتها، بل أتبعته بقمع أي مبادرة تضامنية صلبة مع غزة، وهذا ما جرى في الأيام القليلة الماضية عندما تم تطويق جامعة وعسكرتها في مدينة تطوان شمال المغرب: «صورة ناطقة فاضحة لما حدث بجامعة تطوان شمال المغرب. عسكرة الجامعة لمنع ملتقى القدس الطلابي لمساندة إخواننا الفلسطينيين في محنتهم». وحسب تصريح صابر إمدانين، الكاتب الوطني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب لموقع «صوت المغرب» فإن أسباب المنع تتعلق بموضوع الملتقى الذي كان حول طوفان الأقصى والتضامن مع الفلسطينيين واصفا إياه «بالمنع الفج وغير المنطقي».
وتابع المتحدث ذاته أن «الجامعة المغربية أضحت ترفض رفضا قاطعا أي تظاهرة كبيرة أو نشاط طلابي يسعى لمناهضة التطبيع»، وهذا يدل على «أن الجامعة غير مستقلة».
وكان ينتظر تنظيم الملتقى ما بين 21 و23 الشهر المنصرم، وقام الطلبة باحتجاجات على عدم السماح لهم بعقد مؤتمرهم الذي كان سيستقبل الملتقى ضيوف من مختلف التيارات الإسلامية واليسارية وغير المنتمية المناهضة للتطبيع.
ويبدو أن المنع المتعلق بفلسطين للأسف الشديد يشمل غالبية الدول العربية وخاصة بعض الدول الخليجية، وكأنها تناصر القاتل على المقتول وتتآمر على الدماء الإسلامية العربية التي تنزف في فلسطين بدول مساندتها أو على الأقل عدم منعها والوقوف مع المحتل، وهذا أبسط الإيمان.
مسلسل غزة اليتيم
يحسب للدراما المصرية في رمضان أن أنتجت على عجل عملا رمضانيا ناجحا ومشرفا، يعكس الهم الفلسطيني فنيا، وقد حقق هذا العمل رغم شح تمويله نجاحا لافتا جدا واحتل مكانة بارزة ضمن الانتاجات الرمضانية هذا العام.
لكن من المؤلم جدا أن تتسطح الدراما الرمضانية هذا العام، وتركز فقط على البلطجة والتواريخ المزورة، وعلى العنف والتعاطي والمحلية المغدقة، وتنزل بمستوى المشاهدين الى درك، في الوقت الذي أحجمت عنه الأموال الإنتاج، وبعض الخليجية منها بالتحديد، عن إعلاء القيم الإسلامية وعرض التاريخ الإسلامي الناصع.
ولم تقم أي قناة بإنتاج أي عمل عن القضية الفلسطينية في أحلك مراحلها التاريخية، بل جبنت حتى عن نقل أوجاع وطموحات وآمال الناس تحت القصف، رغم توفر ملايين القصص، التي تغني العالم كله بالبطولة والإنسانية والنضال.
التعليقات مغلقة.