عن فتحي سرور وامثاله / ا.د. سعد قاسم

أ. د. سعد قاسم ( مصر ) – الخميس 11/4/2024 م …

* الصورة: فتحي سرور مع حسني مبارك …




مات فتح سرور ترزي القوانين المشهور وأحد أعمدة نظام مبارك الذي ثار عليه الشعب المصري في يناير ٢٠١١ وفجأة وجدنا من يتحدث عن سيرته العطرة وأخلاقه الكريمة ومعروفه الذي لا ينسى وكيف أنه كان يقوم من نومه ليقضي حاجات الناس ويسعى في الخير ويتصدق بالليل أو أنه كأستاذ جامعي أنتج مؤلفات وموسوعات في القانون ( الذي لم يحترمه) ونسي من نعاه أن يقول إن الرجل كان بينه وبين الله حال أو أنه كان موصولا بالله ، كثير التفكر ، عميق التدبر ، قائم بالليل وصائم بالنهار ، وكم أقام موائد الرحمن وكم أعتق من رقاب الغارمين والغارمات  بفضل كرمه وسخاء عطائه، وتساءلت هل هذا هو فتحي سرور الذي نعرفه جميعا والذي كان من المفترض أن يكون في السجن مع زمرة الحكم في عصر مبارك ؟ 
أهذا هو فتحي سرور الذي فسّر وبرّر تعديل الدستور  لكي يستمر قائد الانقلاب في منصبه مدة أطول حتى يستطيع تنفيذ خطته العظيمة؟ أليس هذا هو الرجل الذي وصف قائد الانقلاب بزعيم الثورة الحقيقي؟ 
 
البعض عن  قصد أو بغير قصد يقوم بعملية غسيل سمعة لشخصيات لا يكفيها مياه البحار للتطهر من خطاياها السياسية.
 
يعلم من يحاولون غسل سمعة مجرمي النظم وعتاة  الاستبداد أن السلوك الشخصي وإن كان حسنا لا يمكن أن يغفر الإجرام السياسي الذي ضيع البلاد واذل العباد .
 
ما فائدة أن يكون فتحي سرور أو كمال الشاذلي أو صفوت الشريف من أهل البر والتقوى أو من أصحاب الصفوف الأولى في صلاة الجماعة وهم يشرعون بالباطل ويسرقون وينهبون ويقدسون الطاغوت ؟ 
هل نفعت تقواهم (على فرضية انهم كانوا تقاة ) البلاد أم كانت ستارا لأعمالهم  الشريرة ؟ 
لست هنا لأحاسبهم عن علاقتهم بربهم ولا عن صلاتهم ولا زكاتهم فهذا يخص الرب سبحانه وتعالى وهو أعلم بمن اتقى ، ولكننا هنا لنتحدث عن أدائهم السياسي الكارثي الذي انتدبوا أنفسهم له وزعموا أن الشعب قد اختارهم له ؟ فهل قاموا بأداء الأمانة السياسية ، هنا فقط نتحدث وهنا نتناقش وهنا نطرح الأسئلة لماذا تقوم شخصية أو شخصيات سياسية أو مشهورة بتذكير الناس بموضوعات شخصية تجلب التعاطف مع المجرمين مثلما يحدث في مسلسلات رمضان وأفلام فريد شوقي و محمود المليجي  أيام زمان حين نشاهد البطل اللص يسرق وينهب ويقتل ثم يدفعنا المخرج دفعا للتعاطف معه ونكاد ندعو له بالتوفيق والستر وهو في طريقه لعملية قتل أو سرقه نعلم تماما أنها حرام وغير قانونية وأن هناك ضحايا غلابة كثر  لهذا اللص ؟ 
لماذا ننسى الضحايا وهم بالملايين لنتذكر معروفا أسداه الطاغية لشخص أو عدة أشخاص ؟ 
التاريخ يبلغنا أن الحجاج بن يوسف الثقفي شخصية كريهة مستبدة قاسية القلب وتكاد تكون بدون ضمير رغم أن عصره كان مليئا بالفتوحات حتى وصلت جيوشه السند والهند ولكن هل نفعه ذلك أمام بطشه الذي بقي مصاحبا لذكره عبر القرون. 
 
بنى فرعون او الفراعين الأهرامات والحضارة القديمة ولكن بقي ذكر فرعون مرتبطا بالظلم والطغيان هو و هامان وجنودهما ورغم كل محاولات إحياء الفرعون فلا تزال صورته كطاغية هي السارية وهي التي يصعب محوها أو تعديلها . 
 
لماذا يندفع شخص من المفترض أن يكون متضررا مثلنا من الفساد والاستبداد لكي يبرر ما فعله كمال الشاذلي أو صفوت الشريف أو فتحي سرور ويبحث لهم عن بقع مضيئة في ثوب ملئ بالسواد لا يصلح معه الغسيل ولا الترقيع ؟ هل لأننا استمرأنا العبودية  أصبحنا نعشق جلادينا ؟ أم أننا نريد إثبات التسامح مع العتاة والمجرمين بينما لا نثبته مع من وقفوا معنا و آزرونا وناصرونا ولا يزالون؟ 
 
فتحي سرور كان أحد أركان نظام مبارك المستبد الفاسد وكان على استعداد لفعل أي شئ لتمكين آل مبارك من الحكم ولا تفرق معه مصر ولا شعبها وبالتالي لا يمكن التعامل مع موته على أنه كان فاسدا ولكن مؤمنا أو مستبدا ولكن عادلا  أو قاتلا رحيما ، بل هو أحد أركان الاستبداد وكبير مستشاري الظلم والفساد على هذا نحاسبه ونذكره أما ما فعله من معروف مع فلان أو علان فهذه أمور شخصية لا دخل للأمم والشعوب بها إنما تصلح كقصص قبل النوم أو حكايات لتبرير الجريمة  أو تبرئة أصدقاء العائلة أو زملاء الجامعة والمدرسة والنادي  .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.