سورية ولبنان… وأهل الفتن / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الجمعة 12/4/2024 م … 

من الواضح أن هناك قوى مختلفة ممولة تسعى بكل الطرق إلى افتعال وتضخيم بعض الأحداث من أجل تأجيج الفرقة والفتنة بين الشعبين السوري واللبناني على خلفية اغتيال منسق حزب “القوات اللبنانية”، في جبيل، باسكال سليمان، وإلباس جريمة قتله الى اللاجئين السوريين، بحجة إنهم كانوا يريدون سرقة سيارته .




 

أنه مخطط مرسوم لاستغلال عملية الاغتيال في إشعال فتنة مسيحيّة – سوريّة على خلفية ردود الفعل على جريمة القتل، فالإعلان بسرعة بأنّ أفراد العصابة الأربعة الذين نفذوا الجريمة هم من التابعية السورية، ألهب مشاعر أبناء المناطق المسيحية، وكأنه تحضير لردود فعل ضد النازحين السوريين في لبنان.

 

فيما انتشرت مقاطع مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر تعرض لاجئين سوريين إلى حملات اعتداء وضرب من قبل مواطنين غاضبين، مطالبين بفرض مزيداً من القيود والتقييد على اللاجئين السوريين، وأن يكون الوجود السوري محدوداً جداً.

 

إصدار بيانات تُنذِر اللاجئين السوريين في المناطق ذات الغالبية المسيحية، بضرورة مغادرتها فوراً، دليل قاطع بأن هناك من يحاول النيل من وحدة الشعب السوري واللبناني ويفرق بين الإخوة لمصلحة الكيان الصهيوني، هذه المحاولات التي تشعلها قوى ممولة تؤدي في النهاية لتفتيت وحدة الشعوب لمصلحة قوى تريد القضاء النهائي علينا جميعاً.

 

بالمقابل هناك محاولات لجرّ لبنان الى حرب على غرار الحرب الفلسطينية كي تنتقل المواجهة الى الداخل تحت عنوان مسيحيون في مواجهة النازحين السوريين والتي ستتحول الى صراعات ونزاعات لخلق حالة من اللاستقرار السياسي وتمزيق النسيج الاجتماعي وخاصة في ظل الوضع الأمني الذي يمر فيه لبنان حالياً.

 

كما أن استغلال هذه العملية هي لخلط الأوراق من جديد وحرف انتباه العالم عن التطورات المحيطة بالحرب في غزة والجرائم التي ترتكبها اسرائيل هناك، بالإضافة الى صرف الأنظار عن الحرب المشتعلة بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب وإخفاقات الكيان الصهيوني المتزايدة في الجبهة الحدودية مع لبنان.

 

ومهما يكن من أمر، المجرم صاحب المصلحة باغتيال باسكال سليمان معروف، هو من امتهن أن يكون جندياَ في المشروع الصهيوني لليّ ذراع المقاومة، وهو الذي عمل منذ سنوات وما يزال يعمل على زرع العنف والفتنة والعداء بين السوريين واللبنانيين، وهو الذي يسعى لزعزعة استقرار لبنان وأمنه، وتحويله الى ساحة عنف وقتال طائفي وأرض للعصابات وساحة مفتوحة لكل الناس.

 

بالتالي إن استمرار شلال الدم في سورية ولبنان مصلحة أمريكية اسرائيلية يريدونهما مقسّمتان وملغاتان من دورهما في الصراع العربي الإسرائيلي حتى ينجح مشروع الشرق الأوسط الكبير ضد الوجود العربي، فبقدر ما نجحت خطط الصهيو-أمريكية في جعل البلدان العربية والإسلامية بؤرة مخّربة تصلح عشاً للدبابير لتجمع الإرهابيين، بقدر ما فشلت في القضاء على الفكر القومي العربي رغم محاصرته، فقد ظل صامداً أمام مشروعات التهويد والتأسلم.

 

الشيء الذي يحدث في كل مرة أن سورية ولبنان مرتبطتان بحبل سري يجمعهما حتى لو رغب مسؤول فيهما الفراق، ولأن لبنان هو نسخة طبق الأصل من سورية، به شعب واعي يدرك أبعاد المؤامرة، ولأن سقوط بيروت اليوم هو سقوط لدمشق، لن تنتصر الفتنة على سورية ولبنان وشعبهما، ولن ينجح المفسدون والمجموعات التحريضية في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فسورية ولبنان أصلاً سبقا عقارب الساعة ، كون أن سورية  تعد سنداً للبنان، كما أن لبنان سند لسورية، وبالتالي لا مجال للعبث بالعلاقات بينهما، أياً كانت الأسباب، وهنا لابدّ من الوقوف يد واحدة أمام العدو الحقيقي الذي يحاول دائما زرع الفتنة بين شركاء الوطن الواحد، فالعالم أجمع يتجه إلى التكتلات وخاصة في مثل هذه الظروف.

 

لذلك اليوم يقع على عاتق الحكومة السورية تحمل مسؤولياتها من خلال استخدام كافة وسائلها  واجراءاتها السياسية والدبلوماسية وتفعيل كافة الاتفاقيات الدولية الثنائية مع لبنان لحماية أمن السوريين في لبنان .

 

مجملاً… على شعبا سورية ولبنان أن يُدركوا يقيناً بأن المفسدين لن يتوقفوا يوماً -كما لم يتوقفوا تاريخياً- عن وضع الاستراتيجيات ورسم المخططات الهادفة لإشعال وزرع الفتنة داخل المجتمعات العربية، وبين أفرادها، بأي وسيلة وضيعة تُمكنهم من تنفيذ مخططاتهم الهدامة وغاياتهم التخريبية التي وبكل حزن وأسف وأسى يعمل على تنفيذها ويساهم في تسويقها مُرتزقة وعُملاء وخونة عرب في الداخل والخارج ممن ارتضوا لأنفسهم ذُل الارتزاق، ومهانة العمالة، وخِزي الخِيانة. إنها حرب قائمة ومستمرة يعمل عليها الأعداء، وتتطلب مننا الوعي والإدراك بأهدافها وغاياتها التدميرية والتوحد حول المشروع الكفيل بمجابهة الهجمة على بلدنا وشعبنا وأمتنا وبناء المستقبل الزاهر.

 

وفي الختام من الأهمية القول بأن من يسعى في الفتنة بين البلدين، فما له منا سوى القول أن مساعيه خائبة كما خابت في السابق وستظل سورية شقيقة لبنان ولينان قرينة سورية، والمراهنة على  دمارهما وترويج الوهم والإشاعات سينتهي وسيرمى في مزبلة التاريخ.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.