4 خيارات “انتحارية” أمام نتنياهو  في غزة / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الأربعاء 24/4/2024 م …




إذا كان هناك من قراءة لتداعيات ما يحدث في غزة، فهو عجز وفشل المشروع الإسرائيلي المزعوم في المنطقة، وأمام تفجر الوضع في غزة بشكل غير مسبوق، ومسارعة رئيس وزراء الاحتلال للتهرب من مسؤولية هزيمة الكيان الصهيوني هناك، ظهر نتنياهو في المشهد ليعلن أن أمامه عدة خيارات سيتخذها دفاعاً عن المصالح الإسرائيلية في غزة لدرجة “إنشاء شرق أوسط جديد”.

إن نتنياهو يعدّ رفح ورقته الأخيرة لاستمرار الحرب على قطاع غزة بما يضمن بقاءه في الحكم، فهو يسعى منذ بداية الحرب للسيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح؛ ليفرض هيمنته على هذين الموقعين في المدينة الحدودية، فمدينة رفح بالنسبة لنتنياهو ورقة ضغط على «حماس» لإبرام صفقة للإفراج عن المحتجزين لديها؛ إذ إن تحريرهم بالقوة العسكرية ليس بالأمر اليسير المضمون نجاحه، قد يُدخل إسرائيل في ورطة عسكرية وسياسية، في مستنقع من غير الواضح كيف نخرج منه، وهذا هو الخيار الأول، لكن يبدو أنه مرفوض من البداية من قبل الإسرائيليين كونه تنطوي على إمكانية سقوط أعداد هائلة من الضحايا.

وهناك خيار تشديد الضربات الجوية للقضاء على المقاومة، وهذا خيار بعيد المنال، فإسرائيل، فهي رغم كل ما تقدم، أي رغم طول الزمن، وخسائر الفلسطينيين الباهظة، وحرب الإبادة التي تشنها ضدهم، فإنها لم تستطع القضاء على القوة العسكرية لـ”حماس” وتحرير الرهائن واستعادة هيبة الردع الإسرائيلية ، رغم كل ما تكبدته هذه من خسائر، كما لم تستطع تحرير أي من الأسرى أو الرهائن الإسرائيليين لديها، ما شكل إخفاقاً أمنياً واستخباراتيا وسياسيا لها، وبانكشاف حقيقتها كدولة استعمارية وعدوانية وعنصرية، تقوم بحرب إبادة، غير عابئة بالرأي العام، ولا بالمعايير الإنسانية.

 

وبشأن الخيار الثالث، يأتي زيادة إسرائيل من وتيرة ضرباتها في سورية ولبنان وإيران إنتقاماً من فشلها في غزة، فكان الهجوم الإيراني قد أدخل إسرائيل في مأزق جديد هو المأزق الإيراني قبل أن تخرج من المأزق “الغزاوي”، لذلك فإن “ضربة الانتقام الإيرانية”  رداً على استهداف القسم القنصلي في السفارة الإيرانية بدمشق جعل الإسرائيليين يعيشون في حالة خوف ورعب وتوترٍ، كونهم يخشون من أن تؤدّي هذه العملية إلى حرب شاملة ومفتوحة تندلع مع حزب الله والجيش العربي السوري والمقاومة العراقية واليمنية وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية، لذلك نحن أمام انقلاب خطير في قواعد الاشتباك في المنطقة.

وهناك خيار رابع يتمثل في أن هناك “اضطراباً داخلياً” إلى الآن في تل أبيب في التعامل مع هجوم حماس، والذي يُفجر أزمة سياسية متفاقمة ومتعددة الأطراف في وجه حكومة نتنياهو، بين ضغط شعبي، وتراجع الثقة مع قيادات الجيش، وتمرد من أعضاء حزبه الليكود ، وهذا الضغط يتزايد يوما تلو الآخر، مع استمرار احتجاز الرهائن الإسرائيليين داخل قطاع غزة حتى الآن، لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يستمر المئات من ذوي الأسرى الإسرائيليين في التظاهر بالعاصمة تل أبيب، للمطالبة بإطلاق سراحهم، واستقالة بنيامين نتنياهو، بعد اتهام إياه بـ”الفشل الذريع”، لا سيما أنه -أي نتنياهو- يُواجِه أصلا منذ شهور طويلة معارضة داخلية ضخمة على هامش محاولة تحجيم دور القضاء في الحياة السياسية تحصينا لنفسه من الملاحقة بتهم الفساد

من الطبيعي أن تفشل إسرائيل في غزة، بعد أن ضخت ترسانتها المليئة بالأسلحة الفتاكة، بالإضافة الى ملايين الدولارات في هذه الحرب على الشعب الفلسطيني بداعي إسقاط المقاومة، بالنتيجة سقط الكيان الصهيوني في الامتحان الفلسطيني، وكل ما أنجزه هو تدمير للبنية التحتية و قتل الآلاف من الأطفال و النساء، في حين لا تزال المقاومة تدك تل أبيب بنيران الصواريخ و ترفض رفع الرايات و الاستسلام.

وإنطلاقاً من ذلك فشل نتنياهو في تحقيق أحلامه بالمنطقة، الأمر الذي تسبب في الإضرار بمصالحه كونه اتبع سياسة خاطئة، فضلًاً عن زيادة قوة محور المقاومة وتماسكه في المنطقة ووقوفه ضد أهداف إسرائيل وأدواتها.

وأخيراً ربما أستطيع القول، إن الحرب على غزة، وَفق هذا المنظور، تسرّع نحو رسم شرق أوسط جديد يصنعه مقاومو لبنان وإيران والعراق واليمن ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة. وإنطلاقاً من كل ذلك، فإن الحرب في الشرق الأوسط ستظل مشتعلة ومستمرة  إلى أن يعلن الفلسطينيون قيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

khaym1979@yahoo.com

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.