مقاومة الشعب الفلسطيني، نضال ضد الإمبريالية / الطاهر المعز




الطاهر المعز ( تونس ) – الأربعاء 24/4/2024 م …

تُهيمن الإمبريالية الأمريكية والأوروبية على ثروات العالم بواسطة القوة العسكرية (حلف شمال الأطلسي) والقوة المالية ( الدّولار واليورو والين…) وتُمثل مجموعة الدول السبع (كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة) إحدى دعائم العلاقات غير المُتكافئة بين الدّول، في حين لا يتجاوز عدد سكانها نحو 10% من سكان العالم، لكن حصتها من الناتج الإجمالي العالمي تقارب 35% (معادلة القوة الشرائية) ولها قوة عسكرية ضخمة (حلف شمال الأطلسي) وتتحكم بالمُؤسسات الدّولية، وتُهيمن على العالم، غير إن الحرب في أوكرانيا أظْهرت تغييرات في موازين القوى حيث رفضت العديد من دُول “الجنوب” التنديد بروسيا ودعْم موقف الإمبريالية الأمريكية وأظهر العدوان الصّهيوني الأخير تغييرات لموازين القوى داخل النظام العالمي القديم، نتيجة تراكمات بدأت إثر انهيار الإتحاد السوفييتي الذي اعتبرته الإمبريالية الأمريكية انتصارًا نهائيا للرأسمالية النيوليبرالية و”نهاية التاريخ”، وتُشكّل القوة العسكرية والدّولار وحلف شمال الأطلسي والسيطرة على المؤسسات الدّولية مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنك العالمي من ركائز الهيمنة الأمريكية، لكن جسّدت بعض التكتلات التي ظهرت بعد انهيار الإتحالد السوفييتي، بداية التغييرات في موازين القوى، ومن بينها:

منظمة شنغهاي للتعاون (SCO): اتحاد جمركي قاري يمتد من المحيط الهادئ إلى الحدود الأوروبية لروسيا، ويجمع الصين والهند وباكستان وإيران وروسيا  ومجموعة دول آسيا الوسطى، وقد تقدمت تركيا والجزائر للتو بطلب الانضمام إليه.

الإتحاد الاقتصادي الأوراسي (الأوروبي والآسيوي): يجمع روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا وقيرغيزستان

الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP): تحالف اقتصادي آسيوي يمثل ثلث الناتج الإجمالي العالمي وثلث سكان الكوكب.

 تُمثّل دول بريكس + نحو 45% من سكان العالم و35,6% من الناتج الإجمالي العالمي (مُعادلة القوة الشرائية)، و44,35% من احتياطي النفط العالمي و49% من احتياطي الغاز الطبيعي العالمي و43,1% من الإنتاج العالمي للنفط و35% من الإنتاج العالمي للغاز

أنشأت مجموعة بريكس بنك التنمية الجديد لتمويل بعض المشاريع القليلة للبُنْيَة التّحتية، وأطلقت الصين، منذ 2013، مبادرة الحزام والطريق (BRI) وهو مشروع تجاري واستثماري تمكّنت الصين من خلاله من عقد شراكات مع حوالي 80% من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، أو حوالي 64% من سكان العالم، ولكن معظم هذه الدّول فقيرة، يُقَدّر اقتصادها مجتمعة بنحو 52% من الناتج الإجمالي العالمي (معادلة القوة الشرائية) سنة 2022.

 تُشكل هذه المجموعات التي ظهر معظمها خلال القرن الواحد والعشرين إرادة التّحرّر من هيمنة الإمبريالية الأمريكية وحلفائها، وبادرت الصين وروسيا وإيران وأعضاء مجموعة بريكس وغيرها إلى استخدام العملات المحلية في التّعاملات التجارية، وهي محاولة للتخلص – ولو جزئيا – من هيمنة الدّولار، غير إنها تكتلات لا تخرج من دائرة الرأسمالية، وتقودها الصين وروسيا التي يتمثّل شعارها وهدفها الرئيسي في تأسيس عالم مُتعدّد الأقطاب الرأسمالية بَدل هيمنة القُطْب الرأسمالي الواحد…

على الصعيد السياسي والعقائدي، أظهر حرب أوكرانيا والعدوان الصهيوني (2023/2024) الإنحياز الإمبريالي الصّارخ لمليشيات اليمين المتطرف في أوكرانيا وللكيان الصهيوني الذي يحتل فلسطين، ويُمارس حرب الإبادة والتّدمير والتّخريب منذ 1948 بدعم من الإمبريالية الأوروبية، فيما استخدمت الإمبريالية الأمريكية حق النّقْض (فيتو) 86 مرة، من بينها 46 مرة للإعتراض على قرارات تدين الكيان الصهيوني…

تستخدم الإمبريالية الأمريكية القوة العسكرية للهيمنة على العالم ولتهديد الخصوم والحُلَفاء على حدّ السواء، وبلغت ميزانيتها العسكرية المُعْلَنَة 916 مليار دولار، بعد تعديل ميزانية سنة  2023، أو ما يفوق 37% من الإنفاق العسكري العالمي الذي بلغ 2,443 تريليون دولار سنة 2023، وتُقدّر حصة الإنفاق العسكري الأمريكي بنحو 68% من إجمالي الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي الذي فاقت قيمته 1,34 تريليون دولارا أو ما يُعادل 55% من الإنفاق العسكري العالمي سنة 2023، كما تُعتبر القواعد العسكرية من أهم دعائم الهيمنة العسكرية الأمريكية، ويٌثدّر عددها بأكثر من تسعمائة، منها أكثر من ثمانمائة تقع خارج أراضي الولايات المتحدة، واستخدمت الولايات المتحدة القوة العسكرية والقواعد المُنْتَشِرة حول العالم لتشن حروبا عدوانية – بعد انهيار الإتحاد السوفييتي – على العديد من الدّول من بينها بنما ويوغسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا وكثفت الإستفزازات والمناورلات العسكرية خلال القرن الواحد والعشرين …

يستفيد أعداؤنا من الدّعم السياسي والعقائدي والإقتصادي والعسكري الأمريكي والأوروبي والأطلسي، وأقَرّ مجلس النواب الأمريكي (نيسان/ابريل 2024) تقديم مساعدات جديدة بقيمة 26,4 مليار دولارا للكيان الصهيوني فضلا عن المبالغ السابقة، منذ انطلاق العُدوان (07 تشرين الأول/اكتوبر 2023) و”,8 مكليارات دولارا سنوية وتبرعات فاقت أربعة مليارات دولارا سنة 2023، وأكثر من مائة شحنة عسكرية خلال الشّهْرَيْن الأوَّلَيْن للعدوان الصهيوني، فضلا عن الدّعم الأوروبي – وخصوصًا الألماني

يمثل الدّعم المُطْلق لمقاومة الشعب الفلسطيني ولنضاله من أجل التّحرّر الوطني وتقرير المصير شرطًا أساسيا لمقاومة الإمبريالية والصهيونية والأنظمة الرجعية العربية، ويندرج نضال الشعب الفلسطيني ضمن نضال القوى التقدّمية العالمية المُناهضة للإمبريالية والرّجعية والفاشية، ولذلك قَمعت حكومات الدّول الأوروبية وأمريكا الشمالية أي صوت يرتفع لدعم نضال الشعب الفلسطيني ولمقاطعة الكيان الصهيوني وَوَقْف إرسال الأسلحة له، وخصوصًا من ينادي بتحرير فلسطين من النّهر إلى البحر وتفكيك الدّولة الصهيونية التي تُشكل قاعدة وَمَحْمِيّة امبريالية في قلب الوطن العربي…

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.