وزير الحرب الأميركي مهووس بالدم!
السبت 3/12/2016 م …
الأردن العربي – كتبت نغم أسعد …
«عزّز» الرئيس الأميركي دونالد ترامب عهده الآتي بتعيين الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس. ماتيس العنصري في تصريحاته ومواقفه، يجمعه العداء لإيران وغيرها مع زملائه في الحكومة الأميركية المُقبلة. ووفق المزايا التي يتمنّاها ترامب لـ «أميركا عظيمة» سبق لترامب أن عيّن الجنرال مايكل فلين مستشاراً للأمن القومي، ومايك بومبيو رئيساً للاستخبارات المركزية، وهم من «صقور المُحافظين» الذين لا يُخفون عداءهم لإيران والإسلام الراديكالي، وحنقهم على حقبة الرئيس باراك اوباما باعتبارها «تقاعست عن أداء دورها في مُواجهة تنظيم داعش في العراق وسوريا، الأمر الذي استغلّته إيران للتمدّد في الشرق الأوسط من العراق وسوريا ولبنان واليمن».
«الكلب المسعور» و«المُحارب الراهب»، صفتان لم يكتسبهما الجنرال ماتيس من عبث. فهو قائد عسكري يوصف بأنه صلب وشرس، خدم أكثر من أربعة عقود في قوات المُشاة البحرية، وذو المشية المُختالة واللغة الفذّة التي يشتهر بها عناصر «المارينز» الأميركية، كما أنه العازب المُتعطّش للقراءة ودراسة التاريخ العسكري.
يُوصف الجنرال الستيني (مواليد 1950) بأنه مولع بالحروب، قاد كتيبة هجومية خلال حرب الخليج الأولى في العام 1991، كما كان قائداً لقوّة خاصّة عملت في جنوب أفغانستان في العام 2001، وشارك أيضاً في غزو العراق في العام 2003، ولعب دوراً رئيسياً بعد ذلك بعام في معركة الفلوجة، ليتولّى قيادة القيادة المركزية الأميركية الوسطى في العام 2010، وهو منصب جعله مسؤولاً عن جميع القوات الأميركية في الشرق الأوسط حتى العام 2013.
يُعتبر من القادة أصحاب الشعبية لدى قوات «المارينز» والقوات العسكرية الأميركية عامة. ويحفظ له محبوه بعض العبارات القاسية مثل: «كونوا مُهذّبين ومهنيين، ولكن كونوا مستعدين دوماً لإطلاق النار على كل من تلتقونه». هو مُتعطّش للدماء ويستمتع بإطلاق النار على بعض الناس كما يُروى عنه. هو المسؤول عن مقتل 42 شخصاً في حفل زفاف في قرية مقرّ الذيب في مُحيط مدينة القائم في العام 2004، من مُنطلق أن «كلما وجّهت سلاحك إلى مدني عراقي، تدقّ اسفيناً في قبر القاعدة». وفي حلقة نقاش مع بعض الجنود في سان دييغو حول حركة «طالبان» في العام 2005، قال: عندما تذهب إلى أفغانستان تجد رجالاً يضربون النساء على مدى خمس سنوات، لأنهنّ لم يلبسن الحجاب. إن رجالاً كهؤلاء لم تعد لديهم رجولة على أي حال، ولذلك فإنه من الممتع جداً أن تطلق النار عليهم».
يُعرف عن ماتيس أنه مُتحمّس لمُواجهة عسكرية مع إيران، ويُعَدُّ هذا الأمر السبب الرئيسي لاستبعاده من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما، وإقالته من منصبه في العام 2013، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست» التي نقلت عن مصادرها قولها إن أوباما كان يُحضِّر لمفاوضات جدية مع إيران لتوقيع الاتفاق النووي، ولم تعجبه توجّهات ماتيس المُتشدِّدة نحو طهران. لكنّ ماتيس لم يتخلَّ عن حماسه إذ يرى أن الخيار العسكري هو أحد الخيارات المُتاحة أثناء التفاوض مع الإيرانيين حول البنود الجديدة التي يُريد ترامب وضعها لهم، لأن «الكلام سهل، لكن الواقع يثبت أشياء أخرى غير تلك التي قُيلت على طاولة المفاوضات».
يعتبر ماتيس أن إيران «خطر يُهدّد المنطقة وأميركا، أكبر من خطر الإرهاب» المتمثّل في تنظيم «القاعدة» و «داعش»، ومن الصراع العربي – الاسرائيلي، ويؤمن أن «داعش ليست سوى عذر لإيران للاستمرار في عدوانيتها والتمدّد في المنطقة».
في إحدى جلسات الكونغرس، وصف ماتيس البرنامج النووي الإيراني بـ «تهديد واحد» من خمسة تهديدات عسكرية إيرانية لأمن وتوازن منطقة الشرق الأوسط، وتتمثّل في «رعاية الإرهاب والتدخّل العسكري في العراق وسوريا ولبنان، والتهديد المُباشر لأمن الخليج العربي، ومُحاولاتها إشعال الموقف في اليمن».
ويرى أنه «لدى طهران برنامج صواريخ بالستية طويلة المدى، تُهدّد الملاحة البحرية في الخليج ومضيق هرمز. كما طورّت قدراتها في الحروب الإلكترونية، علاوة على الميليشيات التي يُجنّدها ويدعمها فيلق القدس في المنطقة»، لذلك يعتبر أن الاتفاق الذي وقّعه أوباما «جمّد تهديدات إيران النووية، لكنه منحها أموالاً تُمكّنها من دعم برامجها الأخرى التي تُمثّل تهديداً للمنطقة».
في العام 2010، وقبيل استعداده لخلافة الجنرال ديفيد بترايوس في القيادة المركزية الاميركية الوسطى، خطّ ماتيس مقاربته الأولية للوضع في لبنان والمنطقة في رسالة إلى لجنة القوات المسلّحة في مجلس الشيوخ (نشرتها «السفير»)، مؤكداً أن واشنطن تدعم القوات المسلحة اللبنانية لـ «موازنة نفوذ سوريا وحزب الله»، مُعتبراً أن «سيادة لبنان تُواجِه تحدياً من الأنشطة المُقوِّضة للاستقرار من حزب الله المُصنَّف منظمة إرهابية أجنبية بموجب القانون الأميركي».
الجانب السياسي «الايجابي نسبياً» في سيرة ماتيس، هو انتقاده للاستيطان وتأييده لحلّ الدولتين. ومنذ الإعلان عن احتمال ترشيحه، توجّس الإعلام الاسرائيلي من تعيينه خصوصاً أنه حذّر، خلال ندوة في العام 2013، من أن استمرار البناء في المستوطنات من شأنه أن يجرّ اسرائيل إلى وضع تكون فيه «دولة ابرتهايد».
وحول الاستيطان في القدس المحتلة، قال إنه ‹إذا رسمنا الحدود بحيث تشمل السكان العرب، فإنه إما أن هذه ليست دولة يهودية، أو أن العرب لا يحصلون على حقّ بالتصويت – أي ابرتهايد. وهذه الطريقة لم تعمل بشكل جيد عندما شاهدتها آخر مرة»، في إشارة إلى نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وفي العموم، لن يجد ماتيس أي مُعارَضة في الكونغرس من أجل تمرير تعيينه، حيث يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط السياسية وأيضاً داخل الجيش، لكنّه يحتاج إلى استثناء خاصّ من قانون يُحظّر على أي جنرالات متقاعدين تولي منصب وزارة الدفاع لمدة سبع سنوات بعد تقاعدهم. وفي حال وافق مجلس الشيوخ على تعيينه، سيكون ماتيس الجنرال المتقاعد الأول الذي يشغل منصب وزير الدفاع منذ جورج مارشال في العام 1950 الذي خدم في إدارة الرئيس هاري ترومان.
وفي أول تجمّع له في سينسيناتي في ولاية أوهايو، في إطار «جولة أميركا تشكركم 2016» التي يقوم بها في عدد من الولايات الأميركية لشكر الناخبين، قال ترامب: «سنُعيّن الكلب المجنون ماتيس وزيراً للدفاع. لكننا لن نُعلن ذلك قبل الإثنين، لذلك لا تقولوا لأحد».
وأكد ترامب عزمه على مُحاربة الإسلام الراديكالي، مُشدّداً على أن سياسته سترتكز على «الحفاظ على أمن الولايات المتحدة، وتدمير تنظيم داعش، وليست هناك خيارات أخرى سوى هزيمة الإرهاب الراديكالي الإسلامي».
التعليقات مغلقة.