متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الواحد والسّبعون / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 11/5/2024 م …

يتضمن العدد الواحد والسبعون من نشرة “متابعات” الأسبوعية أخبارًا عن جبهة الأعداء، وتعليقًا عن الدّيمقراطية في البلدان الرأسمالية المتطورة، خصوصًا منذ انتشار وباء “كوفيد-19” وفقرة عن بعض الوضع في الدّول الإفريقية التي تدهورت علاقاتها مع فرنسا والولايات المتحدة، وفقرة عن أساليب استغلال العُمّال وأساليب الإحتيال التي تتوخّاها مجموعة ماكدونالدز، كنموذج للشركات العابرة للقارات، وفقرة عن إقرار “عُقُوبات” جديدة على بعض المعادن الروسية وفقرة عن الحرب التجارية والإقتصادية والتكنولوجية التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها على الصّين وفقرة عن التّشدّد الأوروبي تجاه المُهاجرين من العرب والأفارقة، رغم حاجة الشركات الأوروبية للعمالة الأجنبية، وأدّت القوانين الأوروبية الجديدة إلى تعزيز صفوف الأحزاب اليمينية المتطرفة…    




في جبهة الأعداء – 1

نَقَلت الصحف الصهيونية قبل بضعة أشهر خَبَرَ حُصول النظام المغربي على 150 طائرة آلية من الكيان الصهيوني (أكد النظام المغربي صِحّة الخبر)، وأكدت شركة بلوبيرد الصهيونية يوم 20 نيسان/ابريل 2024، افتتاح مصنع لتصنيع الطائرات بدون طيار قريبًا في المغرب، مقابل استخدام الجيش المغربي لهذه الطائرات الآلية ضد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذّهب (بوليساريو) ولتهديد الجزائر، واعلن الطّرفان المغربي والصّهيوني إن هذا التعاون العسكري يُشكّل علامة أخرى على التقارب بينهما، وسوف يتم استخدام المصنع الذي تم بناؤه في المغرب لتطوير طائرات آلية من نوع “سباي إكس كميكاز” يبلغ مدى تشغيلها حوالي 50 كيلومترًا وتتمتع باستقلالية إجمالية تبلغ 90 دقيقة، وهي قادرة على حَمْلِ 2,5 كيلوغرامًا من الأسلحة التي يتم تثبيتها مباشرة بواسطة نظام تتبع فيديو… 

يمتلك المغرب ثاني أكبر ترسانة من الطائرات العسكرية الآلية في إفريقيا بإجمالي 233 طائرة بدون طيار، بعد مصر التي يمتلك جيشها 267 طائرة وقبل نيجيريا بإجمالي 177 طائرة، والجزائر بنحو 121 طائرة آلية، ويدعم الكيان الصهيوني والولايات المتحدة حليفهما الرئيسي في شمال إفريقيا من خلال المصنع الجديد للطائرات الآلية… 

في جبهة الأعداء – 2  

لم تهتم وسائل الإعلام الأمريكي والأوروبي بعشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين بمن فيهم حوالي 15 ألف طفل، ولكنها نشرت في صفحاتها الأولى (بخط متوسط وليس بخط عريض) خبر قتل الكيان الصهيوني – بصورة مُتعمّدة – سبعة أعضاء من منظمة المطبخ المركزي العالمي (  World Central Kitchen WCK  ) وهي منظمة غير الحكومية يُديرها الطباخ خوسيه أندريس ( أمريكي من أصل إسباني) لأن هذه المنظمة هي غطاء لوكالات التجسس الأمريكية والبريطانية، ومن بين الأعضاء السبعة المقتولين كان ثلاثة منهم جواسيس بريطانيين قاتلوا في أفغانستان والعراق ويوغسلافيا وغيرها، وكانوا يعملون لدى شركة المرتزقة البريطانية (Solace Global ) المرتبطة بالمخابرات البريطانية، وتُشغّل هذه الشركة قَنّاصة وجنود وضُبأط البحرية أوعضاء سابقين في القوات الخاصة البريطانية، ولم يسافروا لإطعام الفلسطينيين الجائعين في غزة، بل أرسلتهم وكالات التجسس البريطانية ضمن صفوف منظمة إنسانية للتّجسّس على المنظمات الفلسطينية وتحديد مكان الرهائن، وتُعدّ هذه المنظمة الإنسانية المُزَيّفة (المطبخ المركزي العالمي) جزءًا من أصابع اخطبوط التّجسس التابع للحكومة الأمريكية والبريطانية، ضمن سياسات مُحاصرة الشعب الفلسطيني وتفكيك منظمة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (أنروا)، والتي قتل الجيش الصهيوني حوالي 180 من موظفيها ودَمَّر نحو 165 من مُنْشآتها – ولم يبق سوى تسعة مراكز صحية من أصل 24 مركزا – في غزة بين السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 والعشرين من نيسان/ابريل 2024، وأوقفت معظم الدّول الإمبريالية تمويل المنظمة (بما فيها سويسرا والدّول التي تَدّعي الحياد) لأنها أحد الشواهد على النكبة ( 1948) وتهجير الشعب الفلسطيني من وطنه،  ويرغب الكيان الصهيوني بدعم أمريكي وأوروبي وبتواطؤ من الأنظمة العربية القضاء على “أنروا” وحرمان الشعب الفلسطيني من الخدمات الأساسية التي يحتاجون إليها لدَفْعهم نحو الهجرة القَسْرِية بعيدًا عن وطنهم وعن البلدان المُحيطة بفلسطين

حقيقة الدّيمقراطية في عصر النّيوليبرالية

تَميّزت الدّيمقراطية البرجوازية بالتّمسّك بإجراء الإنتخابات في أوانها، وبطُغيان الشّكل مع إهْمال أو مُخالفة جَوْهَر الدّيمقراطية، وكان التّسلّط والقرارات الفَوْقِيّة ومظاهر الدّكتاتورية واضحة خلال جائحة كوفيد 19، حيث فرضت الدّول التي تتبجّح بتطبيق الدّيمقراطية قوانين الطوارئ وإلغاء دور مُؤسسات التّشريع والمُحاسبة وتضخيم دور المُؤسسات العسكرية والأمنية، كما في حالة الحرب، والتّدابير القَسْرِية – مثل الحَبْس المنزلي وحظر التّجول- بهدف السيطرة على حركة المواطنين وتعميم الرقابة الإلكترونية بواسطة الطائرات الآلية والأقمار الصناعية، وفَرْض الطّاعة العمياء على جميع فئات السّكّان، وكشفت الأخبار فساد العديد من المُؤسسات السيادية والمسؤولين – مثل رئيسة المفوضية الأوروبية وزوجها –عند توقيع عُقُود شراء الأقنعة واللقاحات والمواد المُطَهِّرَة من الشركات الأمريكية التي قَدّمت رشاوى، واستبعاد اللقاحات الكوبية أو الروسية والصينية ( ويتشدّقون بضرورة المُنافَسَة والتجارة الحرة)، ووزّعت حكومات الدّول الغنية المال العام على المصارف والشركات الكبيرة والأثرياء، بينما فقَد ملايين الكادحين وذوي الوضعيات الهَشّة وظائفَهُم ودخْلهم، وتمت تجربة العمل عن بُعد الذي يُمكّن الشركات من زيادة أرباحها من خلال زيادة إنتاجية العاملين وخَفْض الإنفاق على كراء المحلات والكهرباء وما إلى ذلك. 

يُفْتَرَضُ إن وسائل الإعلام حُرّة ولا تخضع لقيود، لكنها مملوكة للدّولة – أي سُلْطة الرّأسمالية – أو للأثرياء، ولذلك تُساهم في تَخْدِير الرأي العام ونَشْر الإيديولوجية البرجوازية، وتفادي نقد قرارات السّلطة الإستبدادية، بل دَعَت وسائل الإعلام ( وخصوصًا شبكات التلفزيون) عُلماء وخُبراء يدعمون خطاب وقرارات السّلطات التنفيذية (الحكومات) ويَسْخَرُون من المعارضين لقرارات الحكومة ولطريقة إدارة “الأزمة الصّحّيّة”، وينتقدون إلزامية التطعيم أو تسليط عقوبات وغرامات على المُشكّكين في جدوى الخطاب الرّسمي، أو يعترضون على احتكار اللقاح من قِبَل الدّول الغنية، بل رفضت الولايات المتحدة دُوَل الاتحاد الأوروبي الطّلب الذي قدّمته حكومة إيران للحصول على قَرْض طارئ من صندوق النقد الدّولي لإدارة أزمة “كوفيد-19” وللحصول على معدات طبية مثل أجهزة التنفس.

شكل انتشار الوباء فُرْصَةً لتغيير العلاقات بين العاملين وأرباب العمل، وبالأخص في قطاعات التجارة والخدمات، حيث أصبح الموظفون يعملون بدون ضمانات وبرواتب ضعيفة، في بيئة “افتراضية” ( غير مادّيّة) لا تُناسب العمل النقابي لأن هذه الشركات – مثل أمازون وشركات التجارة والتّوصيل والإتصالات والخدمات عن بُعْد – تستغل ملايين العاملين المَعْزُولين في بلدان عديدة، حيث لا علاقة لهم بزملائهم، وتم توظيفهم جميعًا بواسطة “تطبيقات” إلكترونية، ما يُؤَدِّي إلى إِضْعاف العمل النّقابي وإلى عدم قُدْرَة العُمال على التّفاوض الجماعي من أجل تحسين ظروف عملهم وأُجُورِهم  

تُظهر بيانات البنك العالمي والمُؤسسات المُماثلة اتّساع الفَجْوة الطّبقية وعدم المساواة على المستوى العالمي، منذ انتشار جائحة “كوفيد 19” وازدات معها ثروة الأثرياء وزادت حِدّة المَيْز الطّبقي والعُنصري والقمع الوحشي للإحتجاجات، بالتوازي مع زيادة حصة اليمين المتطرف في البرلمانات ومؤسسات السّلطة، في الدّول الرأسمالية المتقدّمة التي تَدّعي تطبيق الدّيمقراطية، وتنقد روسيا والصين وإيران وفنزويلا وغيرها بذريعة التّسلّط وعدم تطبيق الدّيمقراطية…

أدّى انحسار الديمقراطية في الدّول الرأسمالية المتقدمة إلى عَزْل الأقليات الدينية والعرقية وإلى توجيه الغضب الشعبي نحو “العدو الداخلي” (العمال المُهاجرين أو السّود في الولايات المتحدة أو المسلمين في أوروبا) وبذلك يتم إشعال نار الخصومات والنزاعات بين العاملين والفُقراء ومن هم في أسفل درجات السُّلَّم الاجتماعي، لتتمكّن الرأسمالية من استغلالهم واضطهادهم جميعًا دون مُعارضة أو إزعاج، وينطبق ذلك على المستوى الدّولي حيث تُوَجِّهُ وسائل الإعلام الرأي العام الدّولي لدعم الكيان الصهيوني الذي يُمارس الإبادة والتّهجير ضد الشعب الفلسطيني منذ أكثر من خمس وسبعين سنة، لأن الكيان الصهيوني جُزْءٌ من الرأسمالية العالمية (الإمبريالية) ومن القُوى الإستعمارية التي تَضْطَهِدُ شُعوب العالم…

هناك مُفارقة قَويّة بين عَوْلَمَة القوى الرأسمالية والإمبريالية وتَشَتُّت القوى العاملة والطّبقات المُسْتَغَلّة والشُّعُوب المُضْطَهَدَة، ووجب العمَل على توحيد عُمال العالم والشعوب الواقعة تحت الإستعمار والإضطهاد ضد الإستغلال والإضطهاد الإمبريالي…  

إفريقيا الغربية

تدهْورت علاقات الإمبريالية الفرنسية مع بعض مستعمراتها السابقة في المنطقة المُحيطة بالصحراء الكُبرى التي تُسميها منطقة “السّاحل”، خصوصًا بعد الإنقلابات التي نفذتها جُيُوش مالي والنّيجر وبوركينا فاسو، وأعلنت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو مُؤخرا طَرْد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين للاشتباه في قيامهم “بالتجسس وبأنشطة تخريبية”، مما يرفع عدد الدبلوماسيين الفرنسيين المطرودين من البلاد إلى سبعة منذ كانون الأول/ديسمبر 2023 وفق مذكرة رسمية مؤرخة يوم الثلاثاء السادس عشر من نيسان/ابريل 2024، تطلب من هؤلاء الدبلوماسيين “مغادرة أراضي بوركينا فاسو خلال الـ 48 ساعة القادمة، وسبق أن أعلنت حكومة بوركينا فاسو يوم الأول من كانون الأول/ديسمبر 2023 /كانون الأول، إلقاء القبض على أربعة مسؤولين فرنسيين وسجنهم واتهامهم بالتجسس ولا يزالون تحت الإقامة الجبرية، كما طردت حكومة بوركينا فاسو، خلال كانون الأول/ديسمبر 2022، إثنين من الفرنسيين اللذَيْن كانا يعملان في شركة محلية، للاشتباه في كونهما جواسيس.

طلبت الحكومة العسكرية لبوركينا فاسو، خلال شهر أيلول/سبتمبر 2022، إنهاء العمل بالاتفاقية العسكرية لسنة 1961 مع فرنسا، وانسحاب القوات الفرنسية، وتدهورت العلاقات إلى درجة عدم  استبدال السفير الفرنسي في واغادوغو، الذي تم إبعاده بعد الانقلاب الذي طَوَّرَ علاقات البلاد مع مالي والنيجر وروسيا، وأشارت وكالة رويترز ( 20 نيسان/ابريل 2024) إلى وُصول جنود وضباط من روسيا إلى النيجر في بداية شهر نيسان/ابريل 2024، مع مُعدّات لتعزيز الدفاعات الجوية للبلاد وتدريب جيش النيجير على استخدام المعدات الجديدة، بعد احتجاج آلاف المواطنين النيجريين ضد الوُجُود العسكري الأمريكي، وإعلان الحكومة إنهاء العمل باتفاق التعاون العسكري مع الولايات المتحدة التي تمتلك ثلاث قواعد عسكرية، من بينها قاعدة هامة للطائرات الآلية بمدينة أغاديز، ما اضطر وزارة الخارجية الأمريكية إلى الإعلان يوم 20 نيسان/ابريل 2024 عن “انسحاب أكثر من ألف جُندي أمريكي من النيجر (من إجمالي حوالي 1500 جندي) خلال الأشهر المقبلة”، في أعقاب التوجه الأمني الجديد للنيجر تجاه روسيا وإيران، غير إن المفاوضات مُتسمرة بشأن مستقبل القاعدة الجوية الأمريكية في صحراء النيجر، والتي تبلغ تكلفتها 110 ملايين دولار، وكانت الولايات المتحدة قد أقرّت منذ 2006 تعزيز وجودها العسكري في إفريقيا من خلال إنشاء القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم”، والتركيز على المنطقة المحيطة بالصحراء الكُبرى…

تُنتج النيجر اليورانيوم الذي تستغله شركة أريفا الفرنسية، وبعض الشركات الأخرى، ومنها شركة اليورانيوم الكندية (GoviEx ) التي تستغل منجم “ماداويلا” منذ 2015، ولكنها لم تنفذ البرنامج المتفق عليه والذي يُلزم الشركة ببدء العمل في غضون عامين من تاريخ الحصول على تصريح التّشغيل، وفَوّتت الشركة الكندية على حكومة النيجر فرصة الحصول على موارد إضافية فيس ظل ارتفاع سعر اليورانيوم إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، وهو المورد الأكثر أهمية في قطاع التعدين في النيجر ويمثل 6,7% من الناتج المحلي الإجمالي وتريد حكومة النيجر الإستفادة من ارتفاع أسعاره.   

ماكدونالدز نموذج الشركات العابرة للقارات

تُمثل مجموعة “ماكدونالدز” إمبراطورية عالمية تمتلك أكثر من أربعين ألف مطعم ولا يُظهر الإعلان الإشهاري الكاذب لهذه الشركة متعددة الجنسيات الاستغلال المفرط وظروف العمل السيئة التي يعاني منها أكثر من 2,5 مليون موظف، حيث يتعرض الموظفون ومديرو المطاعم لضغوط مستمرة من رؤسائهم كل يوم وكل دقيقة، ويضطر الموظفون للعمل عشرات الساعات الإضافية غير مدفوعة الأجر كل شهر، ويُعتَبَرُ أي مطعم ماكدونالدز مصنعًا لا تُحْتَرَمُ داخله إجراءات النظافة وسلامة الغذاء، حيث يصبح العمل ميكانيكيًا، يرتكز على السُّرعة ويتم تنفيذه “على خط التجميع” ويتم تحضير المنتجات مسبقًا، لتكون جاهزة في أوقات الذروة، حيث تكتسب كل ثانية أهميتها، لأن الهدف الرسمي هو عدم تجاوز 90 ثانية لكل طلبيّة، رغم نقص الموظفين، الذين يضطرون في وقت الإغلاق إلى التوفيق بين خدمة آخر الزبائن وتنظيف الأجهزة، خلال فترة زمنية محدودة للغاية، ومعظم هؤلاء العاملين من الشباب أو الطلاب من ذوي الخبرة القليلة والتدريب الضعيف، وتُجبرهم شركة ماكدونالدز على الإحتيال وخَرْق القانون وقواعد السّلامة الغذائية، من خلال وَضْعِ ملصقات جديدة لتمديد تواريخ الاستخدام على المنتجات والمكونات غير المباعة والتي فات أجَلُ استهلاكها، وخلال الليل بعد انتهاء فترة الدّوام الرّسمي، من الساعةالتّاسعة مساءً إلى الثّامنة صباحًا، يأتي دَوْرُ العمال غير المستقرين أو غيرال نظاميين، الذين يُشَغِّلُهم مُقاولون من الباطن برواتب زهيدة لتنظيف المطاعم يوميًا، دون أي يوم عطلة، وظروف عملهم مزرية جدّا ويضطرون إلى العمل لساعات إضافية مجانية.

يعتمد نموذج عمل ماكدونالدز على قاعدتين: الأولى هي المنافسة الدائمة بين العمال، مما يؤدي إلى تدهور ظروف العمل والعلاقات بين الموظفين، والثانية هي الاحتيال الضريبي، حيث تقوم مجموعة ماكدونالدز بتحويل رسوم الامتياز إلى الشركة الأم في كل قارة أو إقليم، ويقع مَقَرُّها عادَةً في ملاذ ضريبي، مما يسمح للشركة بتخفيض التزاماتها الضريبية، وفي العام 2022، اعترفت الشركة جزئيًا بهذه الممارسات في فرنسا ووافقت على دفع غرامة قياسية قدرها 1,25 مليار يورو لتَجَنُّبِ المحاكمة.

تنظم ماكدونالدز عمل المطاعم من خلال عزل كل مطعم عن غيره مع تعزيز معدل دوران الموظفين الشباب بدوام جزئي، بين المطاعم، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى منع تشكيل النقابات التي تناضل من أجل تحسين ظروف العمل، وتستخدم الشركة جميع الوسائل الممكنة لتعزيز النزعة الفردية والمنافسة بين الأفراد، وإلغاء مبدأ التضامن والمساعدة المتبادلة بين العاملين.

سَبَقَ أن نجحت مجموعات صغيرة من الموظفين، من خلال الإضرابات، في تحسين ظروف العمل والأجور في بعض البلدان، وقد تُشكّل نضالات العاملين وتأسيس نقابات تُمثلهم في شركتي أمازون وستاربكس في الولايات المتحدة خطوة مهمة ونموذجاً لعمال ماكدونالدز وكوكاكولا وولمارت وغيرها من المجموعات التي تُحارب العمل النقابي…

معادن

أقرّت الولايات المتحدة وحلفاؤها من حلف شمال الأطلسي حظْرَ استيراد الغاز الطبيعي والنّفط والفحم من روسيا، منذ شباط/فبراير 2022، تاريخ بداية الحرب في أوكرانيا، ثم أقرت عقوبات أخرى وآخرها على بعض المعادن فارتفعت أسعار الألومنيوم والنيكل والنّحاس بنسبة 10% تقريبًا وبلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق بعد الإعلان عن العقوبات الأمريكية والبريطانية الأخيرة ضد المعادن الروسية، وتحظر القيود الجديدة المفروضة على الأسواق توريد المعادن الثلاثة من روسيا إلى بورصة لندن، وهي المنصة التي يتم فيها تحديد الأسعار المرجعية العالمية، وكذلك إلى بورصة شيكاغو التجارية وقد تُؤَدّي هذه العقوبات إلى تقلبات في الإمدادات من روسيا إلى الأسواق الغربية، لأن روسيا من أهم المُصدِّرِين العالميين للمواد الخام وتبلغ حصتها في الأسواق العالمية نحو 6% من النيكل، و5% من الألومنيوم، و4% من النحاس، ولذلك سوف تُؤَثِّرُ الإجراءات الجديدة بشكل كبير على التجارة العالمية في المواد الخام، رغم تَسْويق جزء كبير منها خارج مستودعات بورصة لندن للمعادن…

الحرب التجارية والتكنولوجية

تحتكر الشركة التايوانية “تي إس إم سي” ( TSMC ) تصنيع أشباه المواصلات والمُعالجات الدّقيقة، وتايوان حليف أساسي للإمبريالية الأمريكية التي تُريد خَنْقَ اقتصاد الصّين ومَنْعها من تطوير التكنولوجيا وقطاع الإتصالات، ما يضطر الصين إلى اللُّجُوء إلى شركاتها الكبرى، مثل هواوي، لكسر الحصار الاقتصادي، من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال تطوير الرقائق الإلكترونية، خصوصًا وإن الجيش الأمريكي يراقب عن كثب شركة تي إس إم سي ويُشرف على نشاطها، وأعلنت شركة هواوي عن بناء مجمع للبحث والتطوير في شنغهاي باستثمارات قدرها  1,66 مليار دولار، بهدف تقليل اعتمادها على الشركات الأجنبية رغم الحصار الاقتصادي الأمريكي.

تتمثل استراتيجية شركة هواوي في إنشاء بنية تحتية جديدة، وفي إغراء ذوي الخبرات والمؤهلات في قطاع الإتصالات والتقنيات الحديثة برواتب مرتفعة وحوافز مُغْرِيَة وتمكّنت من اجتذاب مُهندسين كانوا يعملون في شركات عالمية رائدة بهدف تسريع إنجاز مشروع الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، وتطوير تقنيات متقدمة لم يعد بإمكانها استيرادها من دول أخرى بفعل الحصار الأمريكي، وشجعت الحكومة الصينية شركة هواوي على التّعاون مع شركات محلّيّة أخرى في مجال تصنيع أشباه الموصلات واتفقت هذه الشركات على استثمارات مشتركة لتلبية احتياجات السوق المحلية، فيما تسعى شركة هواوي، من خلال استثمارها الضخم في مُجَمَّع شنغهاي الجديد إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في تكنولوجيا أشباه الموصلات، وتأمين سلسلة توريد التكنولوجيا الخاصة بها وتعزيز مكانتها في السوق العالمية…

الإتحاد الأوروبي

اتفق البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء الـ 27، خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر ثم منتصف كانون الأول/ديسمبر 2023، على “إصلاح سياسة الهجرة” وإقرار قوانين جديدة مُتشدّدة مُعادية للمهاجرين وطالبي اللجوء، تتضمن حَبْس طالبي اللجوء في مركز الاحتجاز، وتمويل سُجون كبيرة جديدة وتجهيزات رقابة في بلدان المغرب العربي ( دُول عُبُور المهاجرين) لاعتقال كل من يعتزم الهجرة إلى أوروبا بشكل غير نظامي، واستقبال المتقدمين المرفوضين الذي يتم ترحيلهم من أوروبا… 

يدعم هذا التّشدّد الأوروبي أحزاب اليمين المتطرف التي تحكم عددًا من بلدان أوروبا وارتفع عدد نوابها في البرلمانات الوطنية والمحلية والبرلمان الأوروبي، رغم اقتصار برامجها على كراهية الأجانب وخُلُوّها من أي حلول للأزمة الإقتصادية وللتضخم وعجز الميزانية وأزمة البطالة والفقر وشُح السكن اللائق.

يأتي المهاجرون غير النظاميين إلى أوروبا من البلدان التي دَمّرها حلف شمال الأطلسي، أي الدّول الأعضاء بالإتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى تستغل الشركات الأوروبية المهاجرين في مجالات عديدة كالرعاية الصحية والإتصالات والتقنيات الحديثة وغيرها، وتُشغل المهاجرين غير النظاميين برواتب منخفضة جدًّا بدون تسديد أي ضرائب أو رُسُوم أو اشتراكات في مؤسسات التّأمين الإجتماعي، وأعلن اتحاد أرباب العمل بألمانيا حاجته إلى 1,8 مليون عامل مهاجر، وتحتاج النمسا ما لا يقل عن نصف مليون عامل أجنبي، فيما أعلن العديد من مُديري الشركات حاجتهم إلى المهاجرين “لتعزيز القدرة التنافسية للشركات الأوروبية في الأسواق الدولية”

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.