لماذا اختارت واشنطن الرصيف المائي؟ / كمال زكارنة




كمال زكارنة ( الأردن ) – السبت 18/5/2024 م …

لا يمكن لعاقل ان يفكر او يعتقد، ان ما تقوم به الادارة الامريكية في قطاع غزة، وخاصة انشاء ممرا او رصيفا مائيا بين قبرص واليونان من جهة وغزة من جهة اخرى، بحجة ايصال المساعدات الانسانية، يمكن ان يكون لاجل الشعب الفلسطيني في القطاع، وحرصا على الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب ابادة جماعية، للشهر الثامن على التوالي.

والكذبة الكبرى الامريكية، والخطة الخبيثة الاستعمارية الاستغلالية الاقتلاعية، التي تقوم بها واشنطن في قطاع غزة، يمكن اثباتها بسهولة، من خلال الحقائق التالية، ان امريكا تشارك بشكل فعال في العدوان العسكري على قطاع غزة منذ اليوم الاول للحرب التي تشنها اسرائيل على القطاع، وانها تزود اسرائيل بأحدث انواع الاسلحة واكثرها تطورا، برا وبحرا وجوا، وتقدم للاحتلال احدث انواع التكنلوجيا الامنية والعسكرية لضرب الشعب الفلسطيني في القطاع، وتقدم لاسرائيل مئات مليارات الدولارات لدعمها اقتصاديا وماليا، لمواجهة تحديات ونتائج الحرب، وانها تحمي الاحتلال وجرائمه قانونيا وسياسيا وحقوقيا ودبلوماسيا، في جميع المحافل الدولية المعنية والمختصة، وانها تهدد جميع الدول العربية والاقليمية والعالمية بدفع الثمن اذا تدخلت ضد العدوان الاسرائيلي، وانها تضع كل ثقلها العسكري والاقتصادي والمالي والامني والسياسي ،في خدمة الاحتلال الاسرائيلي، وهي شريك رئيسي واساسي في العدوان على الشعب الفلسطيني، وهي التي تعطل التوصل لاتفاق ينهي الحرب على غزة والصراع الفلسطيني الاسرائيلي عموما، وتمنع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، اضافة الى كل ذلك ،وجود خمسة معابر برية توصل الى قطاع غزة، هي حاجز بيت حانون (معبر إيرز الشمالي) إلى مناطق 48، ومعبر رفح الجنوبي إلى مصر، ومعبر المنطار (معبر كارني) الشرقي المستخدم فقط لعبور البضائع، وهناك معابر بضائع أخرى، مثل معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) على الحدود مع مصر ومعبر صوفا شمالاً.

اما الاهداف الاستراتيجية للادارة الامريكية من انشاء الرصيف المائي في غزة،فهي اولا،تهجير الشعب الفلسطيني بالكامل من القطاع،وافراغ مساحة قطاع غزة من اصحابها الشرعيين،وضمها للاراضي المحتلة عام 48، والسيطرة المطلقة على اراضي القطاع واستغلالها زراعيا، واعادة بناء المستوطنات فيها،والسيطرة على حقول الغاز والنفط والطاقة في بحر غزة،الامر الذي ينتج عنه تبديد الخطر الوجودي الذي يهدد الاحتلال،وسرقة واغتصاب ثروات الغاز والنفط الفلسطيني دون مقاومة،وتقديم اسرائيل على انها دولة انسانية ،وتسهيل عملية التطبيع مع الدول العربية والاسلامية.

وهناك اهداف لوجستية اخرى لهذا الرصيف المائي،اهمها التأثير على النقل البحري لقناة السويس المصرية،والتواصل مع القاعدة العسكرية الامريكية الجديدة الاكبر في الشرق الاوسط ،في صحراء النقب المحتل،وتسهيل السيطرة السريعة والكاملة على القطاع ،وفرض الطوق الشامل باحكام على القطاع عندما تغلق المعابر البرية في اي وقت، والابقاء فقط على الممر المائي منفذا وحيدا للقطاع،والتحكم بماء وغذاء ودواء ووقود سكان القطاع على مدار الساعة ،وعزل القطاع عن العالم وتسهيل وتشجيع عملية التهجير الجماعي للسكان الفلسطينيين.

انها بداية خطة امريكية اسرائيلية خطيرة جدا،تهدف الى احداث تغيير جغرافي وديمغرافي في المنطقة ،لصالح اسرائيل .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.