الجبهة الشعبية في ذكرى انطلاقتها / د.فايز رشيد
د. فايز رشيد ( الأردن ) الخميس 8/12/2016 م …
في ذكرى انطلاقتها الـ 49 , باقات نرجس ملمومة من جبالنا الفلسطينية , تعطرها نسائم بحرنا المتوسطي الجميل , وأشجان أغانينا الشعبية ,الممتدة في الأزل. كتاريخنا الخالد.. نحملها في أعناقنا لنكلل بها ذكرى هامات كلّ شهداء جبهتنا وثورتنا فلسطينيين وعربا وأمميين , نصنع من تضحياتهم لآلىء عشقٍ نستمد زاده في رحلة مواصلة الطريق.. السائرة حتما نحو النصر أو النصر.
وضوح نظري وسياسي , لا مساومة ولا تفريط بأي حق فلسطيني , شعاران رئيسيان من بين شعارات/ مبادىء عديدة ترفع لواءها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, . هي مع تحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر, ومن راس الناقورة جتى رفح. وهي مع تحرير كل الأراضي العربية المحتلة من دنس الاحتلال الصهيوني. نعم ,نؤمن بأن لا تفاوض ولا تعايش مع هذا العدو,الذي يعترف بعض من قادته بفاشيته , ولا لغة معه سوى المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها على طريق اجتثاثه من جذوره. هذه هي استراتيجيتنا.لقد وقفت الجبهة الشعبية ضد اتفاقيات أوسلو المشؤومة والمدمرة ,ولا تزال.نعم, الجبهة الشعبية هي حزب الفقراء… من أمنائها العامين حتى أصغر عضو فيها .. كانت وهي, وستظل صمّام أمان الثورة الفلسطينية. تتجه بوصلتها حيث تتجه الجماهير الفلسطينية. منذ انطلاقتها وحتى اللحظة حافظت وتحافظ وستحافظ على منطلقاتها الاستراتيجية ونهجها السياسي. هكذا استمرت الجبهة الشعبية وهكذا ستستمر. استطاعت فور انطلاقتها استقطاب الجماهير الفلسطينية ,بالشكل الذي باتت تهدد بالتفوق على التنظيمات التي كانت قائمة! لذا تآمروا عليها من خلال تغذية بعض الأتجاهات فيها للانشقاق عنها .. وهذا ما حصل .الجبهة الشعبية لا تهادن ولا تساوم أحدا أيا كان ,على تغييرولو بسيط في نهجها ,منذ انطلاقتها وحتى اللحظةتميزت بالمواقف الوطنية الواضحة,التي لا تقبل التأويل.
رفضت الجبهة اتفاقيات أوسلو وتوابعها. رفضت من قبل: اتفاقية كمب ديفيد, ومن بعد اتفاقية وادي عربة. الجبهة تدعو إلى الاستمرار ومواصلة قتال العدو ,واستمرار الصراع ورفض أية هدنة معه.ولها موقف مبدئي رافض للصراعات المذهبية, والطائفية , والإثنية في الوطن العربي, تربط بين الخاص الوطني والعام القومي ,وتعمل على تعزيز العلاقة مع كافة القوى الديموقراطية على الصعيدين العربي والعالمي.تحدد معسكر القوى الصديقة والحليفة, كما تحدد معسكر الأعداء. الجبهة اعتبرت أن : حق العودة , وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على كل الأراضي المحتلة عام 1967 ليست أكثر من حل مرحلي على طريق تحرير كامل فلسطين, وإنشاء الدولة الديموقراطية العلمانية الواحدة. ناضلت وتناضل من أحل تشكيل الجبهة الوطنية الفلسطينية العريضة على قاعدة الوحدة الوطنية على الأسس الثابتة لحقوق شعبنا الفلسطيني,
تؤمن الجبهة بإنشاء الجبهة الشعبية العربية المساندة للثورة,وتناضل من أجل تعزيز التلاحم مع حركات المقاومة العربية والعالمية والقوى الديموقراطية والتقدمية والاشتراكية على الساحة الدولية,تؤمن بمبدأ تغليب القانون الجدلي :وحدة, صراع,وحدة في التعامل مع فصائل منظمة التحرير,على قاعدة عدم التفريط في الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني. وأن منظمة التحرير الفلسطينية (م. ت. ف) هي مُنجز وطني جماهيري فلسطيني, تتوجب فعالية مؤسساتها الدائمة ,وتطوير آليات فعلها, و إصلاحها ها على أساس من المراجعة الفلسطينية الدورية الشاملة. الجبهة الشعبية وفي المنعطفات الفلسطينية الصعبة, حين كانت تتم الانشقاقات في التظيمات الفلسطينية الأخرى, وحين سعى البعض لإنشاء تشكيل جديد مواز لمنظمة التحرير, وقفت بكل إصرار وتحد على منع هذا الأمر, باعتبار المنظمة الموجودة هي الإطار الجامع لشعبنا في كل مواقعه في الوطن والشتات, وهي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وفصائله. لها ميثاقها ودستورها , المتوجب النضال على أسسه وهديه. لذلك استمتنا في الدفاع عن الميثاق الوطني الفلسطيني بأشكال متعددة ,حين ارتأى البعض إلغاء بعض بنوده الكفاحية انطلاقا من مقتضيات نصوص اتفاقيات أوسلو الكارثية. الجبهة الشعبية وحين كان القرار القيادي في الحركة ,بوقف المخصصات المالية عن أصحاب الانشقاق ,تبنتهم ماليا, لاعتبارات إنسانية بحتة,ودون قيد أو شرط.
في العديد من المحطات السياسية الفلسطينية ,وإذا ما اعترضت الجبهة على نهج سياسي محدد للمتحكمين والمسيطرين والمهيمنين على قرار المنظمة,بحكم سيطرتهم على كافة مقدراتها (وهي سياسة حرص عليها هؤلاء المتنفذين في شؤونها), كانت الجبهة تجمّد عضويتها في اللجنة التنفيذية للمنظمة, أو تعترض من خلال وسائل قانونية وديموقراطية أخرى من خلال عدم حضور هذا الاجتماع أو ذاك, لكن على أساس انتمائها للمنظمة, التي من المفترض أن لا تكون حكرا لا لتنظيم فلسطيني ولا مجالا لسيطرته على اعتقاده في أحقيته (غير القانونية) للحيازة على الأغلبية, وفقا لقاعدة دكتاتورية وضعها ظلما وهي معادلة :”النصف +1″! من الحصص.
لطالما حوصرت الحبهة الشعبية بكافة الوسائل والسبل,من الحصار المالي, وصولا إلى عدم إعطائها ما تستحق سواءا في العضوية لهيئات المنظمة كافة أو الحد المدروس والمخطط له ,ذلك للحد من تواجد أعضائها في المؤسسات الفلسطينية التابعة لهيئات المنظمة!.
في الجانب السياسي, لقد وقفت الجبهة الشعبية بكل أصالة وطنية ,لمنع انشقاق المنظمة, وحاولت إعادة توحيد حركة فتح ووقف خلافاتها الداخلية, رغم أن الآخرين غذّوا كافة الانشقاقات التي حصلت في الجبهة. وقفوا وراءها ماليا وإعلاميا واحتضانا .لقد أصرّت الجبهة الشعبية وما زالت تصر على إجراء الانتخاب لجميع مؤسسات المنظمة ومؤسسات الشعب الفلسطيني، الاتحادات – البلديات… وغيرها. أيضا,حرّي التذكير: أن الذين اعتقلوا أمين عام الجبهة الشعبية القائد أحمد سعدات ورفاقه ,منفذي عملية (تصفية الفاشي العنصري العفن رحبعام زئيفي) هي الأجهزة الأمنية للسلطة! الخطوة كانت المقدمة الحقيقية لاختطافهم من قبل العدو الصهيوني ومعاناتهم القاسية كما كل الأسرى في معتقلاته الما بعد نازية, والحكم عليهم بالؤبدات. لتعلم جماهير شعبنا وأمتنا : أن للجبهة الشعبية في المرحلة الراهنة, أكبر عدد من الأسرى في سجون ومعتقلات العدو الفاشي الصهيوني!
كما,أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هي التنظيم الوحيد ,الذي استقال أمبنه العام المرحوم الرفيق الدكتور جورج حبش من منصبه, ليفسح المجال لغيره لهذا المنصب. وأن الجبهة الشعبية هي التنظيم الفلسطيني الأول , الذي عارض برنامج النقاط العشرة سيىء الصيت والسمعة! والذي يعتبر مقدمة حقيقية (كما فهمه البعض من الصانعين والمهندسين لها) لاتفاقيات العار في أوسلو.الجبهة الشعبية رفضت هذه الاتفاقيات الكارثية , وما تبعها من إفرازات عبثية كريهة, , هذه التي ألحقت وما تزال الدمار بالمشروع الوطني الفلسطيني, وبحقوق شعبنا الوطنية وقضيته النضالية. الجبهة قدمت عشرات المبادرات السياسية لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية, وتجاوز الانقسامات السابقة والانقسام الحالي بين حركتي فتح وحماس.
طالبت وتطالب الجبهة الشعبية بإعادة الاعتبار للمنظمة ومؤسساتها بعد إن جرى تهميشها عمدا من قبل السلطة لصالح الأخيرة!.. هذا هو إيمان القائمين علي السلطة! ،لكن لا تتوفر الإرادة السياسية للمهيمنين على السلطة ، لاعتباراتهم الخاصة بالطبع (وبخاصة بعد وضوح حدود الحل الصهيوني ,الرافض لمطلق حق وطني فلسطيني ) لبدء هذا الإصلاح، وبالتالي ظل الإصلاح وإعادة الاعتبار للمنظمة ومؤسساتها شعارات فقط ، لم يبدأ تطبيقه. نعم,لا يقتصر التفرد والهيمنة والاستئثار على الأموال وحدها في المنظمة، بل تتجاوزها إلى كافة مؤسساتها .
التعليقات مغلقة.