متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الرابع والسّبعون / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 1/6/2024 م …
يتضمن العدد الرابع والسبعون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرة تُمثل محاولة لتبسيط مفاهيم الإقتصاد السياسي، ومنها آليات تحويل “القيمة الزائدة” من البلدان الفقيرة نحو الدّول الإمبريالية، وفقرة بعنوان في جبهة الأعداء عن الدّعم مُتعدّد الأوجُهُ الذي تُقدّمه الإمبريالية للكيان الصهيوني، وخصوصًا بريطانيا والولايات المتحدة، وفقرة عن نشاط حركة المُقاطعة الأكاديمية لمؤسسات الكيان الصهيوني بجامعات بريطانيا ( نموذج كلية ترينتي، الأكثر ثراءً بجامعة كمبريدج) وفقرة عن نفس الموضوع بجامعة سيدني الأسترالية، وفقرة عن بعض تبعات تحطم طائرة الرئيس الإيراني، وأخرى عن الهجرة وفقرة عن ارتفاع حوادث العمل غير المُصرح بها رسميا بفرنسا في ورشات البنية التحتية للألعاب الأولمبية “باريس 2024″، وفقرة عن قطاع زراعة القطن وتحويله إلى منسوجات وملابس، كنموذج لعلاقات التبادل غير المتكافئ بين “المركز” و “الأطراف”، وفقرة عن الفجوة بين الإنفاق العسكري الأمريكي المُعْلَن وحجم الإنفاق الحقيقي الذي يصل إلى الَضّعْف
تبسيط مفاهيم الإقتصاد السياسي
من آليّات الهيمنة الإمبريالية
بلغ حجم “الثروة الأجنبية” (أي الأموال المُودعة بالخارج والأُصُول التي تمتلكها الدّول الغنية) قرابة ضِعْف حجم إجمالي الناتج العالمي، أو نحو 20% من الحجم الإجمالي للثروة العالمية، وتستحوذ أغنى 20% من البلدان ( أي الدّول الإمبريالية) على أكثر من 90% من إجمالي الثروة الخارجية، فضلا عن الثروة التي تم تهريبها إلى الملاذات الضريبية، وقُدِّرت تحويلات صافي الدخل من الدول الأشد فقرًا نحو الدّول الأكثر ثراءً بنحو 1% إلى 2% من إجمالي الناتج المحلي للدول الأكثر ثراءً، وخسرت البلدان الفقيرة ما بين 2% و 3% من إجمالي ناتجها المحلي جراء هذه التحويلات التي تُسمّى “العائد الزّائد”.
نشر موقع “أكاديميا” سنة 2021 مقالاً للمُحَلِّلَيْن مايكل روبرتس و غوليلمو كاركيدي عن الجوانب الاقتصادية الحديثة للإمبريالية، بعنوان ( The economics of modern imperialism ) ولخّص الكاتبان هذه الجوانب في “الإستيلاء الصافي المستمر وطويل الأجل لفائض القيمة من قبل البلدان الإمبريالية ذات التكنولوجيا العالية من البلدان ذات التكنولوجيا المنخفضة”، وتتم هذه التّدفُّقات من خلال رسم سك العملة وتقلبات أسعار الصّرف وأرباح الاستثمارات الرأسمالية والمبادلات التجارية غير المتكافئة، خصوصًا من خلال الصادرات، وهي وسائل للاستيلاء على فائض القيمة الدولية، وأنتج التبادل التجاري غير المتكافئ فائضًا لصالح الدّول الإمبريالية، بقيمة نحو 1% سنويا من حجم الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدّول الإمبريالية منذ الحرب العالمية الثانية، وهي خسارة تحملتها اقتصادات الدّول الفقيرة في شكل فائض قيمة خرج منها نحو الدّول الإمبريالية، عدا عن الأرباح التي تحققها الدّول الإمبريالية من الإستثمارات ومن فوائد قُروض صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي والتي تخرج من البلدان الفقيرة إلى الدّول الغنية، وخصوصًا إلى اليابان والدّول الأوروبية
تمتلك الإمبريالية أدوات أخرى للهيمنة، ومن بينها الأصول التي تحتفظ بها في الخارج والتي تصل تدفقاتها السنوية إلى نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي للدّول الغنية، فضلا القوة العسكرية والتّحكّم بالمؤسّسات الدولية التي خلقتها بعد الحرب العالمية الثانية، مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، فضلاً عن الهيمنة الإعلامية والثقافية والأيديولوجية، بينما يُعاني العاملون والكادحون في البلدان الفقيرة من “الإستغلال الفائق” الذي تُمارسه الشركات العابرة للقارات، ويمكن تعريفه بالإنخفاض الحاد لقيمة الرواتب إلى ما دون قيمة قُوّة العمل، ما يُمكّن الشركات متعدّدة الجنسيات من زيادة أرباحها “الفائقة” (بفعل الاستغلال الفائق ) للثروات وللبشر وتحويل فائض القيمة من الدّول الفقيرة إلى الدول الغنية من خلال التبادل اللامتكافئ في التجارة الدولية ومن صافي تدفقات الأرباح والفائدة ومن رَيْع الإستثمارات والأصول التي تمتلكها الدول الغنية في البدان الفقيرة، وهو مستمر منذ قرابة قرن ونصف…
في جبهة الأعداء
نشر موقع (Declassified ) البريطاني وثائق، منذ شهر كانون الأول/ديسمبر 2023، عن تعاون وثيق بين الجيشَيْن البريطاني والصّهيوني في مجالات التّدريب، ونشرت وثائق أخرى عن التعاون الوثيق بين الجَيْشَيْن خلال شهر آثار/مارس 2024، ثم نشر يوم العاشر من شهر أيار/مايو 2024 وثائق عن تنفيذ الجيش البريطاني 200 مهمة تجسس في قطاع غزة، منذ كانون الأول/ديسمبر 2023، دعما للجيش الصهيوني، وسجلت طائرات التجسس البريطانية حوالي أَلْف ساعة من اللقطات فوق غزة، بما في ذلك اليوم الذي قتل فيه الجيش الصهيوني سبعة أعضاء في منظمة المطبخ المركزي العالمي الذي يتعامل مع الحكومة والإستخبارات الأمريكية، واعترف وزير الحرب البريطاني (جيمس هيبي) ردا على سؤال كتابي من النائب كيني ماكاسكيل، بمعظم هذه الوقائع، وسبق أن حَذَّرَ أكثر من 600 محام وأكاديمي وقاض متقاعد، من بينهم ثلاثة قضاة سابقين في المحكمة العليا البريطانية، الحكومة من انتهاك القانون الدولي من خلال الاستمرار في تسليح الاحتلال الصهيوني، وفق موقع صحيفة “غارديان” البريطانية التي أفادت بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقوم أيضًا بجمع معلومات عن قادة حماس حتى يتمكن الصهاينة من اغتيالهم، فضلا عن زيادة هائلة في إمدادات الذخيرة والمعدات العسكرية، والتي كان قسم كبير منها في السابق متجهاً إلى أوكرانيا، مما جعل الولايات المتحدة منخرطة بشكل شامل في دعم المجازر، وهو تأكيد على اندماج الصهيونية والإمبريالية في جبهة واحدة ضد الشعب الفلسطيني والشّعوب المُضْطَهَدَة، وأرسلت وزارة الحرب الأمريكية (بنتاغون) أفراد من جيش الجو وجيش البر والبحرية لدعم المذبحة وتقديم المشورة والنصائح بشأن العمليات، ت الولايات المتحدة طائرات آلية من طراز MQ Reaper للتحليق فوق غزة لجمع المعلومات ونقلها إلى الجيش الصهيوني، كما قامت وكالة المخابرات المركزية بجمع معلومات عن قادة ومُقاوِمِين فلسطينيين، بهدف تَيْسِير عملية اغتيالهم، وأنشأ مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، بعد السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، مركزًا للتجسس يضم مجموعة عمل متخصصة في تتبع واغتيال القيادات الفلسطينية، ، مع تخصيص ميزانية إضافية لجمع المعلومات الاستخبارية، كما تتواجد قوات خاصة أمريكية في غزة لدعم عمليات القتل والإغتيال، وفق موقع (Declassified ) الذي تم الإطلاع عليه يوم العاشر من أيار/مايو 2024
من جهة أخرى، بدأت الدّول الإمبريالية المنتمية لحلف شمال الأطلسي، وخصوصًا الولايات المتحدة وبريطانيا، منذ عُقُود، تطوير أسلحة الطاقة الموجهة (DEW) القادرة على تحويل الطاقة الكيميائية أو الكهربائية إلى طاقة مشعة يمكن تركيزها لتدمير أو تحييد “الأهداف المعادية”، وهي مصممة لضرب الأهداف بشكل منفصل وسريع ودقيق، دون الحاجة إلى المدفعية، وتعمل بسرعة عالية، مثل أشعة الليزر، وأشعة الميكروويف عالية الطاقة، وأسلحة شعاع الجسيمات، وتطور اختبار سلاح الليزر في بريطانيا والولايات المتحدة التي تعمل على مُساعدة الكيان الصهيوني على الحصول على مثل هذه الأسلحة وتطويرها لتضخيم حجم إبادة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وطورت روسيا كذلك نظامًا مُماثلاً… وأشار موقع “رِسْبُنْسِبل ستِيت كرافت” إلى ضخامة الدّعم الذي تُقدّمه الولايات المتحدة إلى الكيان الصهيوني، بعد موافقة الكونغرس على مساعدات عسكرية بقيمة تفوق 16 مليار دولارا، وتشمل مبالغ لتطوير المدفعية والذخائر وتجديد أنظمة الدفاع، فضلا عن 1,2 مليار دولار لسلاح الليزر “الشعاع الحديدي” (ضمن برنامج تشرف عليه وزارة الحرب الأمريكية مباشرة)، وأسلحة الطاقة الموجهة التي يعمل مُجمّع الصناعات الحربية بالولايات المتحدة على نشرها في المستقبل. القريب، بدل نظام “القبة الحديدية”، مرتفع الثمن (50 ألف دولار للصاروخ الواحد)، الذي ظَهَر فشله في اعتراض الصواريخ البدائية القادمة من لبنان أو غزة أو اليمن، واستخدم الجيش الصهيوني أنظمة أسلحة تجريبية أخرى في غزة، مثل أنظمة Gospel و Lavender الجديدة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لاغتيال الأشخاص…
من تبعات حادث إيران
أدّى تَحَطُّم الطائرة التي كانت تحمل الرئيس الإيراني ووزير خارجيته مع مسؤولين آخرين إلى عدد من النتائج، منها انهيار العُملة الإيرانية وارتفاع أسعار النفط والذّهب، حيث انخفضت قيمة العملة المحلية (تومان) يوم 19 أيار/مايو أمس بنسبة فاقت 8% وفق وكالة رويترز التي أفادت إن الحكومة حدّدت السّعر الرّسمي للدّولار ب42 ألف تومان مقابل الدولار الواحد منذ سنة 2018 إلا إن سعره في السوق الموازية يتراوح بين 57 ألف و 70 ألف تومان، بفعل الضّغوط على العملة الإيرانية نتيجة ارتفاع التضخم والعقوبات الأميركية المستمرة التي فأدّت إلى انخفاض إيرادات المحروقات، كما أدّى حادث سُقُوط طائرة الرئيس إلى ارتفاع طفيف لأسعار النفط في الأسواق العالمية، بدعم من تحسن المؤشرات الاقتصادية بالولايات المتحدة والصين، أكبر مُسْتَهْلِكَيْنِ للنفط في العالم، ويَعُود عدم ارتفاع الأسعار بشكل ملموس إلى ارتفاع حجم الطاقة الفائضة التي يمتلكها أعضاء منظمة البلدان المُصدّرة للنفط (أوبك)، وأدّى هذا الحادث إلى ارتفاع أسعار الذهب – باعتبار الذّهب ملاذًا آمنًا – إلى مستوى قياسي جديد ليصل إلى 2440 دولار للأونصة، يوم الإثنين 20 أيار/مايو 2024، وفق وكالة رويترز
هجرة
أدّى أحتلال أو تخريب وتفتيت أو قصف قوات الدّول الإمبريالية وحلف شمال الأطلسي بلدانًا عديدة مثل أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا ومالي والكونغو وغيرها إلى ارتفاع عدد اللاجئين والنازحين والمُهاجرين، وعلى سبيل المثال كان يعمل في ليبيا حوالي ثلاثة ملايين عامل من بلدان مجاورة لِلِيبيا (تشاد والنيجر والسودان ومصر ومالي وغيرها) ولم تم تدمير ليبيا حاول العاملون البحث عن عمل في مناطق أخرى من العالم، وترفض دول الإتحاد الأوروبي التي شاركت في كافة الحروب العدوانية الأمريكية والأطلسية تَحَمُّلَ نتائج حُرُوبها وترفض استقبال اللاجئين والمهاجرين وتدّعي وسائل الإعلام إن الهجرة الجماعية القادمة من أفريقيا هي مُؤامرة، وليست ناتجة عن النهب والاستعمار الجديد والحروب التي جلبتها أوروبا إلى إفريقيا وغيرها من بلاد العالم…
استغل النظام المغربي قُرْب المسافة الفاصلة بين شمال المغرب وجنوب إسبانيا للمتاجرة بالمهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الكبرى ( وكذلك من المغرب العربي) الذين يريدون الوصول إلى أوروبا، والذين عَبَرَ منهم نحو 42 ألف مُهاجر سنة 2021، مع الإشارة إن ما لا يقل عن 10% من سكان المغرب العربي يعيشون في أوروبا بصفة رسمية، فضلا عن بضعة مئات الآلاف من المهاجرين غير النّظاميين واستخدم النظام المغربي موقعه الجغرافي لابتزاز المهاجرين والمساومة مع الإتحاد الأوروبي بهدف الحصول على المزيد من المال، وتحويل المغرب إلى سجن كبير وإلى مركز حدودي لأوروبا التي وقّعت اتفاقيات مع معظم حكومات دول ضفة البحر الأبيض المتوسط وكذلك مع بعض حكومات الدّول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء…
يُهاجر شباب المغرب بسبب البطالة التي بلغ معدّلها الرسمي 13% وتستفيد الحكومة – كما حكومات الدّول المُصَدِّرَة للمهاجرين والمهاجرات – من تحويلات المهاجرين للحصول على العملة الأجنبية (11,5 مليار دولارا سنة 2022) ولموازنة الحسابات، حيث تُمثل تحويلات المهاجرين نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي (130 مليار دولار)، أو ما يعادل 27% من عائدات الصادرات المغربية (حوالي 40 مليار دولار سنة 2022)، وتتوقع الحكومة ارتفاع التحويلات بنسبة 4% سنويا، إلى جانب ما تحصل عليه الدّولة من “مساعدات” أوروبية مقابل حراسة الحدود من قِبَل المغرب وكذلك دول المغرب العربي ومصر وَمَنْع عُبُور المهاجرين…
قبلت الحكومة التونسية مبالغ هزيلة ( 250 مليون يورو ) مقابل وقف تدفق الهجرة غير النظامية، وتحديث سفن خفر السواحل ومراقبة الحدود البحرية، بالإضافة إلى “مساعدة تنموية” بقيمة 150 مليون يورو سنة 2023. أما الخدمات التي تُقدّمها حكومة تونس للإتحاد الأوروبي (مقابل هذا المبلغ الهزيل جدا) فتتمثل في معالجة وضع المهاجرين غير النظاميين على أراضيها واعتقالهم وسجنهم وإعادتهم إلى بلدهم الأصلي.
يُشير التقرير السنوي للمنظمة الدولية للهجرة إلى ارتفاع عدد مهاجري العالم سنة 2020 إلى 281 مليون مهاجر في العالم أو ما يعادل 3,6% من سكان العالم، وتضاعف عدد المهاجرين الرّسميين بين سنتَيْ 1990 و 2000 وتضاعف ثلاث مرات منذ سنة 1970، ويُقدّر عدد المهاجرين إلى الولايات المتحدة سنة 2020 بنحو 43,4 مليون مهاجر، تليها ألمانيا (14,22 مليونا) والسعودية (13 مليونا)، وارتفعت قيمة تحويلات المهاجرين إلى 831 مليار دولار سنة 2022، وتتجاوز قيمة هذه التحويلات ما يُسمى “المساعدة الإنمائية” الرسمية والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وحَوّل مُهاجرو الهند إلى بلادهم أكثر من 83 مليار دولار، واستقبلت الصين 59 مليارا والمكسيك 42 مليار دولار ومصر 29 مليار دولار أرسلها المهاجرون…
بريطانيا، اندماج البحث الأكاديمي بالإحتلال والإبادة
تعد كلية ترينيتي المرموقة هي الأغنى في جامعة كامبريدج، واستثمرت هذه الكُلِّيّة ملايين الدولارات في شركات صنع الأسلحة وتدعم احتلال فلسطين وتستفيد منه ولديها استثمارات في شركة Elbit Systems، أكبر شركة مصنعة للأسلحة في كيان الإحتلال الصهيوني، بالإضافة إلى الإستثمار في شركات أخرى تستفيد من احتلال فلسطين، وبلغت قيمة آخر استثمار للكُلِّيّة نحو 75 ألف دولار في شركة “إلبيت سيستمز” التي تنتج 85% من الطائرات الآلية والمعدات الأرضية التي يستخدمها الجيش الصهيوني، كما استثمرت كلية ترينيتي أيضًا ما يقرب من 3,2 مليون دولار في شركة كاتربيلر، وهي شركة أمريكية للمعدات الثقيلة كانت منذ فترة طويلة هدفًا لحملات المقاطعة بسبب الجرافات التي تبيعها للجيش الصهيوني الذي يستخدمها في هدم منازل الفلسطينيين وتجريف أراضيهم، واستثمرت كلية ترينيتي أيضًا في العديد من الشركات الأخرى العابرة للقارات المشاركة في احتلال فلسطين، ومن بينها شركة جنرال إلكتريك وشركة تويوتا ورولز رويس ومصرف باركليز، وL3Harris Industries وغيرها.
على المستوى الأيديولوجي، تعرض الكلية بكل فخر صور رموز الاستعمار ومن بينهم اللورد آرثر بلفور، الذي قام أحد الطلاب بتشويه صورته المُعلّقة في مكان بارز بالجامعة، يوم الثامن من آذار/مارس 2024، واشتهر اللورد آرثر بلفور بإعلان إعطاء فلسطين (المحتلة من قبل الإمبريالية البريطانية) سنة 1917 ليهود أوروبا الذين أسَّسُوا وقادو الحركة الصهيونية منذ النصف الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وأثارت الحادثة استياء واسعا من وسائل الإعلام المملوكة لكبار الرأسماليين أو التي تُشرف عليها الحكومة، وكذلك استياء العديد من النواب البريطانيين، إلا أن الطلاب الذين أقاموا مخيما تضامنيا مع الفلسطينيين في غزة أمام الكلية استحسنوا هذه اللّفتة التي ترمز إلى مناهضة الإستعمار، ولم تلاقي إدارة الكلية ضغوطًا من الطلبة فحسب، بل وَقَّعَ أكثر من 1700 أكاديمي وموظف وطالب حالي وسابق في جامعة كامبريدج على رسالة مفتوحة (نُشرت يوم الخميس 09 أيار/مايو 2024) يعبرون فيها عن دعمهم للمتظاهرين الذين أقاموا مخيمًا احتجاجيًا، ودعا المُوقّعون على الرسالة إدارة الجامعة إلى وضع حد للتواطؤ مع الإحتلال الصهيوني، كما طالبت الاتحادات الطلابية هذه المؤسسة بالالتزام بسحب استثماراتها من الشركات المتورطة في الحرب والاحتلال، ووقف كافة العلاقات مع الشركات والمؤسسات “المتواطئة في عمليات التطهير العرقي الجارية في فلسطين”، فيما أصدر المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، وهي منظمة حقوقية مقرها بريطانيا، إشعارًا قانونيًا إلى كلية ترينيتي يوم 28 شباط/فبراير 2024 يحذرها من طبيعة استثماراتها التي قد تجعلها متواطئة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
أدّت الضّغوط إلى تصويت مجلس كلية ترينيتي، المسؤول عن القرارات المالية وغيرها من القرارات الرئيسية، بعد هذه الأحداث في آذار/مارس 2024 على سحب استثمارات ترينيتي من شركات الأسلحة، وفقا لاتحادات الطلاب، لكن القرار لم يُعْلَنْ في حينه، حتى لا يبدو كتراجع أما الضّغوط واحتجاجات الطلاب والمُدَرِّسِين، ولم يصدر هذا الإعلان إلا بعد أن وصفت محكمة العدل الدولية أعمال الحرب التي قام بها الجيش الصهيوني بأنها إبادة جماعية محتملة.
أستراليا – مُقاطعة أكاديمية للكيان الصهيوني
التأم أكبر اجتماع نقابي بجامعة سيدني يوم الخميس التاسع من أيار/مايو 2024، وصَوّت المنتسبون إلى الاتحاد الوطني للتعليم العالي بنسبة 93% قطع الجامعة علاقاتها مع المؤسسات الأكاديمية الصهيونية ووقف جميع الأبحاث المتعلقة بالأسلحة، ويؤكّد هذا التصويت تزايد الضغوط الطّلاّبية على الجامعات الأسترالية – خصوصًا من قِبَل تَجَمُّع الطلاب ضد الحرب (SAW) وحملة “قَطْع العلاقات” – لقطع علاقاتها مع مؤسسات العدو، وإنهاء كافة العلاقات مع المؤسسات أو الشركات المُوَرَّطَة في تسليح جيش الإحتلال، وينتقد الطلبة التّقدّميون الإتحاد الوطني للتعليم العالي بسبب عدم دراسة إجراءات لتنفيذ هذه المقاطعة وقطع العلاقات بالفعل ووضع حدّ لأي تعاون جامعي وأكاديمي، ويدعو الطّلبة التّقدّميون لمقاطعة “جميع المؤسسات التي تساعد وتحرض على الإبادة الجماعية”، وتوسيع قرارات المقاطعة إلى الجامعات الأخرى، خارج سيدني.
فرنسا
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقًا يوم الثامن من أيار/مايو 2024، أكّد – استنادًا إلى العديد من الوثائق – إن أشغال الألعاب الأولمبية “باريس 2024” أسفرت عن عدد مرتفع من حوادث العمل الخطيرة والتي حاولت الحكومة الفرنسية إخفاءها والتّقليل من حجمها ومن خُطُورتها، وفق شهادات العُمّال والمسؤولين النقابيين ومفتشي العمل وتُشير الشهادات إلى إجبار العمال المهاجرين – خصوصًا غير النّظامِيِّين – على أداء أعمال خطيرة خلال ساعات العمل الطويلة، دون معدات السلامة الكافية، مثل النظارات الواقية أو أحزمة الأمان، وأدّى غياب ضوابط السلامة إلى تعدُّد الحوادث الخطيرة التي لم يتم تسجيلها رسميا ضمن الإحصائيات، ويشير مقال صحيفة نيويورك تايمز إلى ارتفاع عدد العاملين غير النّظاميين الذي تُشغلهم الشركات المنفّذة لبرامج البنية التحتية للألعاب الأولمبية أو لبرنامج “باريس الكُبرى” ولا تُسدّد مقابل الحماية الإجتماعية ، ولا تبلغ عن إصاباتهم، مما يزيد من أرباح هذه الشركات ويُخفّض من إحصاءات الإصابات الرسمية، وعمومًا تُشير الصحيفة إلى عدم اهتمام الحكومة الفرنسية بحماية العمال العاملين بغض النظر عن وضعهم القانوني، فيما تُدين النقابات (بشكل غير حازم) ظروف العمل غير الآمنة والاستغلال الفاحش والعمل في ظروف شبيهة بالعبودية عن موقع صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ الثامن من أيار/مايو 2024 .
القُطْن والنسيج، نموذج العلاقات غير المتكافئة
نقلت الدّول الرأسمالية المتقدّمة وشركاتها العديد من الصناعات المُلَوثة والتي تتطلب عددا وافرًا من العمالة مثل النسيج الذي تُقدّر إيراداته بنحو 2,5 تريليون دولارا، والصناعات الكيماوية وتركيب قطع السيارات والكهرباء والإلكترونيك ) إلى بلدان فقيرة، وتقتصر الفقرات الموالية على قطاع القطن، وظروف العمل في المزارع وفي مصانع المنسوجات والملابس في آسيا، ومنها واحد من مصانع الملابس المملوكة لشركة من كوريا الجنوبية في كمبوديا، حيث توجد العديد من مثل هذه المصانع التي تُشغل نحو مليون من العاملات، كما في تايلند وفيتنام والفلبين وبنغلادش وغيرها، حيث يعمل أكثر من 2500 عامل في خياطة الملابس ويجب أن ينتج كل عامل (ومعظمهن من النساء) أكثر من مائة قطعة ملابس في الساعة الواحدة، لصالح شركات كبرى مثل وولمارات أو بريمارك، وإتش آند إم، وأولد نيفي (المملوكة لشركة غاب)، وشركات أخرى عابرة للقارات تتعاقد من الباطن مع شركات محلية، في مناخ حار وخانق يُصيب العديد من العاملات بنوبات إغماء، فضلا عن الإرهاق الشّديد، بسبب عدم وجود منافذ للهواء، ما يجعل ظروف العمل صعبة وغير صحية
تُعتبر الهند ثاني منتج للقطن في العالم بعد الصين، ويعيش ستة ملايين مزارع من هذا القطاع، معظمهم من النساء، وفقًا لمنظمة Better Cotton، وتعمل الكثير من النساء في هذه المزارع لكن القليل منهن يملكن الأراضي التي يزرعنها، وتعتبر سلسلة التوريد العالمية للقطن معقدة وتفتقر إلى الشفافية، فضلا عن احتمال إتلاف المحاصيل بسبب تغير المناخ، أو تأخر الأمطار الموسمية، وأدّى عدم استقرار المناخ إلى ظهور آفات جديدة وغير مألوفة، وتتعرض النساء لمشاكل صحية بسبب الحرارة وتقلبات المناخ ونقص أدوات الوقاية وكذلك بسبب المبيدات.
أما المصانع فإن العديد منها يُشبه المستودعات التي لا تتوفر على الحد الأدنى من شروط النظافة والسلامة والتّهْوِئة والإنارة وهي مُصممة لتخزين السلع وليست مُصممة لاستقبال عشرات أو مئات العاملات والعاملين الذين لا يحميهم قانون العمل السيء ولا موظفو وزارة العمل المُرتشون والفاسدون، فضلا عن ضُعْف النقابات أو غيابها، سواء في بنغلادش أو كمبوديا أو تايلند أو فيتنام أو الهند أو غانا وغيرها، وجميعها مصانع تعمل لصالح العلامات التجارية الكبرى التي تدّعي إنها غير مَعْنِيّة بظروف عمال المُزارعات والعاملات في مصانع المنسوجات والملابس…
أما منظمة العمل الدولية فإنها اكتفت بنشر العديد من التقارير وهي تفتقر إلى آليات القرار والمتابعة والتنفيذ وإقرار العقوبات وما إلى ذلك من أدوات الإلْزام وتجدر الإشارة إلى الحوادث العديدة التي ذهب ضحيتها مئات النساء العاملات بسبب عدم توفر شروط السلامة المهنية في المصانع، ورَفَضت شركات عابرة للقارات المساهمة في تسديد تعويضات لعائلات الضحايا، كما حصل في بنغلادش، عند انهيار مصنع رانا بلازا ووفاة حوالي 1300 عاملة وعامل، يوم 24 نيسان/ابريل 2013، ورفضت الشركات العابرة للقارات تسديد ثلاثين مليون دولارا لتعوض أُسَر الضّحايا…
الإنفاق العسكري الأمريكي
يتكون الإنفاق العسكري الأمريكي “المعترف به” من ثلاثة عناصر: أولاً، إنفاق وزارة الحرب وثانيا، الإنفاق العسكري المرتبط بالأسلحة النّوَوِية، تحت إشراف وزارة الطاقة وثالثا جميع الأنشطة الأخرى المتعلقة بالدفاع،، ومن بينها: تكاليف المحاربين القدامى (التقاعد والتأمين على الحياة والرعاية الصحية) وتكاليف عَسْكَرة الفضاء، والمنح العسكرية المقدمة إلى الحكومات الأخرى (مثل الكيان الصهيوني)، فضلا عن العمليات السّرّية، ويُمثل الإنفاق العسكري الأمريكي المُعْلَن نصف الإنفاق العسكري العالمي وفق موقع “آرس تكنيا” (arstechnica.com ) بتاريخ السادس من كانون الثاني/يناير 2022، غير إن العديد من الباحثين المُستقلّين يُؤَكِّدُون منذ سنوات عديدة بأن الإنفاق العسكري الأمريكي الفِعْلِي يفوق ضِعْفَ المُستوى المُعْلَن، بناء على فَحْص حسابات الدخل والمنتجات القومية الأمريكية (NIPA)، التي تُبين إنه بلغ ما لا يقل عن 1,537 تريليون دولارا سنة 2022، بينما أعلنت بنود الميزانية وفق أرقام “مكتب الإدارة والميزانية” ( OMB ) بلوغه 765,8 مليار دولارا، وهي الأرقام (الرسمية) التي يعتمدها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ((SIPRI، وبيانات حلف شمال الأطلسي، وبلغ الإنفاق العسكري الأمريكي الفعليسنة 2022، ما يُعادل 6% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، في حين لا يزيد الإنفاق العسكري المعترف به عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي، ويُشكّل الإنفاق العسكري الفعلي للولايات المتحدة، سنة 2022، أكثر من 70% من الإنفاق العسكري للدول العشر التي لديها أعلى إنفاق عسكري في العالم.
التعليقات مغلقة.