متى ينتهي مسلسل القتل داخل الأسرة؟

الأحد 11/12/2016 م … الأردن العربي – كتبت سهير بشناق … أثارت جريمة اقدام اب على قتل ابنته وابنه وزوجته امس استياء المجتمع لتعيد الى الاذهان مسلسل حوادث القتل التي ظهرت في الاونة الاخيرة بالمجتمع بشكل ملفت للانتباه والتي تعتبر غريبة على مجتمعنا الذي لم يعهد سابقا مثل هذا النوع من الجرائم. ولعل الاستياء والشجب لم تعد هي الوسائل الوحيدة المتاحة امام هذا النوع من الجرائم التي يكون بها الجاني من داخل الاسرة بل ان الامر تعدى كل هذا ليضعنا امام تساؤلات مهمة اصبحت اليوم مشروعة ومتداولة من قبل الجميع لماذا تكررت مثل هذه الجرائم بشكل واضح بالمجتمع خلال الاونة الاخيرة؟ وما هي الاسباب التي تدفع اب ان يقتل اولاده وزوجته؟، وام تقتل اطفالها وابن يقتل امه لتصبح شكل وصورة الجريمة التي هي باساسها مرفوضة دينيا واجتماعيا اكثر بشاعة لا يمكن تقبلها خاصة وان تحدث داخل نطاق الاسرة ومن قبل اشخاص لا يمكن تقبل انهم قادرين على ارتكابها بحق ابنائهم او امهاتهم او ابائهم ؟. هل اصبحت الامراض النفسية سببا للاقدام على ارتكاب الجريمة بصورتها الحالية؟، ام ان الادمان على المخدرات واصنافها باتت اليوم سببا رئيسياً لوقوع هذه الجرائم؟ الدكتور هاني جهشان اخصائي الطب الشرعي والخبير في مواجهة العنف وصف الوضع الحالي وازدياد هذا النوع من الجرائم «بالمحزن « والناتج عن اهمال التشخيص المبكر وتوفير العلاج التشاركي النفسي والاجتماعي. واضاف ان الادبيات الطبية اثبتت بان المرض النفسي يلعب دورا مهما في ارتكاب جرائم القتل داخل الاسرة كجنون العظمة والغيرة القاتلة والفصام حيث يتصف من يرتكبون مثل هذه الجرائم بالعدائية وعدم القدرة على السيطرة على النفس الى جانب كونهم شخصيات ضد الاجتماعية المتصفة بافكار العظمة وعدم احترام الذات والاحباط والعزلة الاجتماعية. وبين جهشان ان اضطرابات الشخصية تشكل ايضا عوامل خطورة مهمة في حدوث الجريمة كالكرب المرافق لاحداث الحياة كالازمات المالية او الخلافات الزوجية والتفكك الاسري والشعور بالرفض من قبل افراد الاسرة الاخرين خاصة الكرب الناتج عن المعاناة من الامراض المزمنة او ظروف المعيشة الصعبة بسبب الفقر والبطالة معتبرا ان هذه الاسباب وغياب التشخيص المبكر للمرضى النفسيين وعدم كفاءة الاستجابة المتعددة القطاعات المقدمة لهم تؤدي الى وقوع مثل هذا النوع من الجرائم. واشار جهشان إلى أن ارتباط المرض النفسي بوصمة اجتماعية وغياب خطة وطنية استراتيجية للصحة العقلية والنفسية تتحمل مسؤولية الكشف المبكر والعلاج القائم على الدليل العلمي المسند تسهم ايضا بانتشار مثل هذه الجرائم البشعة. وان كان القتل المتكرر داخل نطاق الاسرة اصبح العامل المشترك له « المرض النفسي « فان حالات الانتحار ايضا يقف وراءها المرض النفسي والذي يشكل نواة لارتكاب الجرائم سواء بحق الاخرين او بحق من يقدمون على قتل انفسهم. الدكتور ناصر الشرقي مستشار الطب النفسي المدير الفني لمستشفى الرشيد كان قد اكد للراي في وقت سابق ان الاضطرابات العقلية يقف وراءها الاكتئاب بشكل اساسي اضافة الى الضغوطات النفسية التي تحفز الاشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية للاقدام على الانتحار او ارتكاب الجرائم مبينا ان الابحاث العلمية تشير ايضا الى ان الادمان يزيد من خطورة او احتمالية الانتحار عند المدمنين والاشخاص الذين يعانون من امراض عقلية وقد يدفعهم ايضا لارتكاب الجرائم. الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع اشار الى ان الامراض النفسية سببا ريئسي للاقدام على ارتكاب الجريمة او الانتحار، مشيرا الى ان 80%من اسباب الجريمة بكافة اشكالها تعود لاسباب اجتماعية والامراض النفسية التي اعتبرها رئيسية خاصة وان المجتمع الاردني كما وصفه الخزاعي يمر بحالة من التفكك الاسري بمعنى غربة الاسرة والمعارف والعزلة الاجتماعية. وكما ورد في اعترافات القاتل لابنته وزوجته وابنه انه اقدم على هذه الجريمة دون ان يعرف لماذا ارتكبها او الاسباب التي دعته لاطلاق النار غير انه اكتفى بالقول بانه يعاني من امراض واضطرابات نفسية حسب ما جاء في التحقيقات الاولية معه في الوقت الذي كانت تستعد ابنته المقتولة لزواجها امس. هذه الجريمة وغيرها تستوجب لاعادة تقيم الخدمات الاولية المقدمة للمرضى النفسيين ومراجعة اليات ووسائل التعامل معهم واكتشاف امراضهم ومدى خطورتها قبل ان تصل بهم الى حدود الجريمة. فان كان المريض النفسي هو السبب الذي يدفع بهؤلاء الى ارتكاب هذه الجرائم البشعة او يقدمون على الانتحار ويضعون حدا لحياتهم فكيف يمكن الوقاية من ازدياد هذه الجرائم وتكرارها بين فترة واخرى وكيف يمكن التعامل مع المرضى النفسيين واكتشافهم سواء من قبل اسرهم او اقاربهم واصدقائهم ليتمكنوا من الخضوع للعلاج قبل ان يرتكبوا جرائم بهذا القدر من البشاعة التي يخشى أن تتحول لظاهرة بعد ان كان وقوع واحدة منها يعتبر غريبا ومستنكرا على المجتمع.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.