كاميلا رافيرا 1889 – 1988 … مناضلة شيوعية إيطالية لم ينصفها التاريخ / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – الأربعاء 19/6/2024 م …
ولدت كاميلا رافيرا يوم 18 حزيران/يونيو 1889، وقادت الحزب الشيوعي الإيطالي خلال أشدّ فترة استبداد السّلطة الفاشية، وهي نموذج لجيل من النساء الرائدات والقادة مثل روزا لكسمبورغ وكلارا زتكين، رَبَطْنَ تحررهن بتحرر الطبقة العاملة ككل.
كَرّم المُؤَرّخ والباحث لورنزو الفاتو المناضلة الشيوعية كاميلا رافيرا، خلال بحوثه بشأن سيرة وإِرْث أنطزونيو غرامشي ( 1891 – 1937)، ووصفها بالمناضلة الشّجاعة ورفيقة القادة الشيوعيين مثل أنطونيو غرامشي، وبأول امرأة قادت حزبًا شيوعيا ( بداية من سنة 1927، بعد حَظْر الحزب واعتقال أنطونيو غرامشي)، إثر وصول الحزب الفاشي إلى السلطة، سنة 1923، ومَنْعِها من التّدريس، وبقيت تعيش في السِّرِّيّة بأسماء مُستعارة طيلة ثماني سنوات، حيث سافرت مرات عديدة إلى باريس وسويسرا وشاركت سنة 1928 في المؤتمر السادس للأ ممية الشيوعية (الكومنترن) في موسكو سنة 1928، وأشرفت على إعادة بناء الحزب وإصدار صحافته السّرّيّة، إلى أن تم إلقاء القبض عليها يوم العاشر من تموز/يوليو – لتبقى في السجن طيلة 15 سنة 1930، وتم اعتقالها لما كانت في طريقها إلى اجتماع سِرِّي على الحدود بين إيطاليا وسويسرا، بعد وشاية من جاسوس تمكّن من اختراق الحزب، رغم الإهتمام الذي أَوْلَتْهُ كاميلا رافيرا، الأمينة العامة ( بمعية بالميرو تولياتي وأومبرتو تراسيني وألفونسو ليونيتي وفيليس بالتوني) للحفاظ على تماسك الحزب الشيوعي ووِحْدَته، ليتمكن من الصمود ومُقاومة الفاشية، ومن تجاوز الجناح اليميني – بقيادة أنجيلو تاسكا – الذي اقترح حلّ الحزب بفعل الدّمار الذي ألحقته الفاشية بالحزب، وظهرت القُدُرات السياسية والتنظيمية لكاميلا رافيرا لما اقترحت مخطط إعادة بناء الحزب ونقل مقره إلى منزيل بريف مدينة جنوة – أطلق عليه الروائي الإيطالي إينياسيو سيلوني إسم “فندق الفقراء، الذي تخرّج منه عشرات المناضلين الشيوعيين، خلال سنوات العمل السّرِّي التي مكّنت المناضلين من الإفلات من الإعتقال، وهيّأت الحزب الشيوعي الايطالي لبناء شبكة علاقات متينة مع العُمّال وصغار الفلاحين والفُقراء، وقيادة المقاومة ضد الفاشية والنّازية بين سنتَيْ 1943 – 1945، وتم انتخاب كاميلا رافيرا سنة 1948 نائبة بالبرلمان الإيطالي، وساهمت في تأسيس “حركة نسوية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالنضالات العمالية، ولكنها غير محصورة بالشيوعيات، بل تتشكل من النسوة اللاتي لا يهمهن الانتماء الحزبي والديني، ومن النساء اللاتي يواجهن مشاكل مشتركة تتجاوز حدود الحزب والطبقة، واللاتي لا ينوين الارتباط باي حزب…”
يقول عنها أنطونيو غرامشي إنها كانت تستمع إلى غيرها بهدوء، وتُجيد كتابة المقالات – في جريدة الحزب – عن وضع النساء وحال الطبقة العاملة، ولذلك طلب منها أن تُصبح عضوة في هيئة تحرير الصحيفة ( سنة 1921) وكان موقعها في الصحيفة بوابة لموقعها القيادي في الحزب الشيوعي، بفعل تفانيها وكفاءتها ومهاراتها التنظيمية، وبسرعة تم اختيارها لتكون مندوبة عن الحزب الشيوعي الايطالي في المؤتمر الرابع للأممية الشيوعية سنة 1922، حيث بالمناضلات الشيوعيات مثل كلارا زيتكين، وقياديي الحركة الشيوعية مثل لينين وستالين…
واصلت رافيرا”، بعد الحرب العالمية الثانية، النضال داخل البرلمان وخارجه، وأعدّت قوانين تركز على إجازة الأمومة والأجر المتساوي للنساء والرجال، إلى أن تقاعدت – بعد عشر سنوات- سنة 1958، وتفرّغت إلى حياتها الخاصة إلى أن اختارها سنة 1982، المناضل السابق ضد الفاشية، وأول رئيس جمهورية اشتراكي في إيطاليا (1978 – 1985) ساندرو بيرتيني ( 1896 – 1990 )، كأول امرأة تشغل منصب عضو مجلس الشيوخ مدى الحياة، لأنها كانت مُقاومة ومعارضة للفاشية، في زمن كان من العسير على أي امرأة المُشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية…
كانت كاميلا رافيرا امرأة شيوعية، تقود حزب ذُكُور، وكافحت ضد جميع أنواع التمييز في المجتمع، واهتمت بالوضع الخاص للنساء، وخاضت المعارك معهن من أجل تحقيق المطالب الخصوصية للنساء، لكن فترة حُكْم الفاشية غيّرت الأولويات وأصبح النضال ضد الفاشية والمحافظة على الحزب الشيوعي في أحلك فترات القمع، من الأَوْلَويات…
التعليقات مغلقة.