ما بعد حيفا…….ما بعد حلب / راسم عبيدات

راسم عبيدات ( فلسطين ) الإثنين 12/12/2016 م … المشروع الأمريكي لإقامة ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية أنذاك “كونداليزا رايس” حيث عهدت امريكا الى اسرائيل في تموز /2006 بشن حرب عدوانية بالوكالة عنها على المقاومة اللبنانية وعمودها الفقري حزب الله،ونفس القوى التي تشن حربها العدوانية على سوريا اليوم كانت مشاركة ومتواطئة في تلك الحرب،والتي كان هدفها تدمير لبنان، كما جرى من قبل تدمير العراق،لكي يصبح دويلة تدور في الفلك الأمريكي- الصهيوني،وبما يمهد للإستفراد في سوريا والعمل على حصارها وتفتيتها،ولكن صلابة وصمود حزب الله والمقاومة اللبنانية ومعها محور المقاومة الإيراني- السوري أفشل هذه المخططات،حيث لم تستطع اسرائيل أن تحقق هذا الهدف،ولتثبت تلك الحرب بأن الجيش الذي لا يقهر،قد قهر على أيدي أبطال حزب الله اللبناني،حيث استمر حزب الله في إطلاق الصواريخ على قلب دولة الإحتلال حتى اليوم الثالث والثلاثين،اليوم الأخير في الحرب،والذي قال فيه سماحة السيد حسن نصرالله حيفا وما بعد حيفا..وعندما وضعت الحرب أوزارها قال الرئيس السوري بشار الأسد مخاطباً ملوك ومشايخ النفط الخليجي على دورهم المخزي في تلك الحرب بأشباه الرجال.وليسقط المشروع الأمريكي وينتحر على أسوار وبوابات بيروت،واليوم بعد خمس سنوات من العدوان الكوني الواسع الذي شن على سوريا مغلفاً بالمذهبية والربيع العربي،والهادف الى نشر الفوضى الخلاقة في المنطقة العربية،ونشر ثقافة القتل والدمار والتفتيت والتمزيق مجتمعياً ووطنياً بغرض خلق وانتاج مشروع سايكس – بيكو جديد يقوم على اساس تفكيك واعادة تركيب الجغرافيا العربية على اسس مذهبية وطائفية وثرواتية من أجل ضمان نفوذ ومصالح الحلف الأمري- صهيوني والغرب الإستعماري في المنطقة،وحماية منابع وخطوط امدادتها من النفط والغاز،وكذلك القضاء على أي إمكانية لحالة نهوض قومي او وحدة عربية مستقبلاً عبر تدمير وتحطيم المؤسسات العسكرية للدول العربية المركزية سوريا ومصر والعراق،نجد ان هذا المشروع يتحطم وينتحر على بوابات قلعة حلب،حلب هذا التي اختيرت  من جل ان يكون اقتطاعها وضمها للحالمين بإحياء خلافتهم العثمانية – السلجوقية على حساب الدم والجغرافيا العربية،كمدخل لتدمير سوريا وتفتيتها وتمزيقها،ولهذا الغرض مع بدايات العام 2012 حصل اجتماع مهمّ جداً في «غرفة عمليات هاتاي» في تركيا حضره يومها كلٌّ من رئيس جهاز المخابرات الأميركية «سي أي آي» ورئيس جهاز المخابرات التركية ورئيس المخابرات السعودية ورئيس القسم الخارجي في المخابرات «الإسرائيلية» ورئيس جهاز المخابرات القطري وضابطان رفيعا المستوى من مركز عمليات الناتو قرّروا خلال اللقاء فصل حلب عن حضن الدولة السورية بأيّ ثمن كان وإعلانها إمارة مستقلة بمثابة مقدّمة لتفكيك الدولة السورية…! كان هذا بمثابة قرار مخابراتي دولي بقيادة واشنطن هدفه إسقاط حكم الرئيس السوري المنتخَب وتدمير الدولة الوطنية السورية وتمزيقها الى دويلات…!  إستقدمت الى سوريا كل المجموعات من إرهابيين وقتلة ولصوص وأفاكين والمتمسحين والمتسربلين بعباءة الدين،وقدم لها كل أنواع الدعم، أسلحة باحدث الأنواع،أموال بالمليارات،خبراء ومستشارين،دعم لوجستي ومخابراتي بلا حدود، والهدف واضح إسقاط سوريا،فسوريا هي الحلقة المركزية في المنطقة وفي المشروع العربي الإقليمي المقاوم،فسقوط سوريا يعني استباحة كاملة للمنطقة العربية وتحويلها الى منطقة نفوذ أمريكي لمئة سنة قادمة،بتحويلها الى دويلات وكيانات هشة تخضع للسيطرة الإسرائيلية، وتدار اقتصادياً من قبل المركز الرأسمالي العالمي في واشنطن،على ان يكون على رأسها “طرابيش” كحكام ينفذون الأوامر والتعليمات دون سيطرة فعلية على القرار. كل دوائر المخابرات الأمريكية والغربية والصهيونية  والعربية المؤتلفة معها من عربان مشيخات النفط وغيرها،ومعها أسطول من وسائل الإعلام تجندت في حرب شرسة ضد النظام السوري،وبأن هذا النظام باتت أيامه معدودة ،ولن يصمد اكثر من عدة أسابيع،وللزيادة الضغط على النظام للهروب أو الخروج من سوريا وتسليمها،جرى اغتيال جزء من القيادة السورية ،وقدمت الكثير من الإغراءات لقادة وضباط في الجيش السوري من أجل الإنشقاق والتمرد،ولكن كل هذه الحرب بأشكالها المختلفة والمتعددة،لن تفلح في دفع النظام لتغيير مواقفه او ثوابته،كما لم تنجح في شق وحدة الجيش السوري ولا الشعب السوري،وإن كان هناك من خدعته وضللته الشعارات المرفوعة عن سلمية ما يسمى ب” الثورة”،ولكن كل ذلك جعل حلف المقاومة ومحورها من طهران وحتى الضاحية الجنوبية،يدرك بأن أي نجاح لهذا المشروع المعادي،يعني نهاية محور المقاومة،ولذلك أعلنت بأن حلف المقاومة من طهران وحتى الضاحية الجنوبية واحد،وبمشاركة فعلية ومباشرة في التصدي للحرب العدوانية التي تشن عليها وعبر الساحة السورية. الصمود الأسطوري للجيش العربي السوري وتلاحمه وتمترسه خلف قيادته بدعم وإسناد من قوى المقاومة،وتحقيقه للإنتصارات على العصابات التكفيرية والوهابية من “القاعدة” ومتفرعاتها من “داعش” و”النصرة”  وغيرها من مئات التشكيلات الإرهابية،دفع بالقيادة الروسية التي باتت على يقين،بأن هزيمة سوريا تعني خسارتها لأخر مناطق نفوذها في المنطقة،وبأن هذه الهزيمة،تعني  منعها من الوصول للبحر الأبيض المتوسط،وفرض حصار اقتصادي عليها،ناهيك عن تهديد امنها وإستقرارها عبر الجماعات الإرهابية العائدة الى الدول الواقعة على حدود روسيا طاجكستان،تركستان،وزرستان والشيشان  وغيرها،وهذا جعل روسيا تعي حقيقة المخاطر على نفوذها ومصالحها وامنها وإستقرارها،لكي تقرر الدخول والمشاركة العسكرية في الحرب الدائرة على سوريا لجانب النظام السوري،تلك المشاركة وخاصة الجوية هي التي مكنت الجيش السوري من أن يلحق هزيمة مدوية بقوى الإرهاب والتطرف في حلب.   فكما إستطاع نصر تموز/2006،على يد حزب الله وقوى المقاومة اللبنانية بدعم وإسناد من سوريا وايران، قبر مشروع الشرق الأوسط الجديد،فإن النصر السوري في حلب بدعم وإسناد من محور المقاومة روسيا والصين وايران وحزب الله وكل القوى القومية العربية الشريفة،إستطاع ان يقبر مشروع تفتيت وتقسيم الجغرافيا العربية وإعادة تركيبها على أسس مذهبية وطائفية وثرواتية وإنتاج مشروع استعماري جديد في المنطقة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.