خياران في حلب….أمام أمريكا وحلفائها / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) الإثنين 12/12/2016 م …  بدأت تتكشف أبعاد المؤامرة التي حاكها الغرب وحلفاؤه وما زالوا ضد وحدة واستقرار سورية من خلال الدعم غير المحدود للتنظيمات المسلحة وحلفاؤها من القوى المتطرفة، التي أشعلت حربا عالمية بالوكالة، من أجل خدمة مصالح وحسابات أمريكا في سورية والمنطقة بأكملها، لكن سورية بقيت هي سورية، عصية على الأعداء والتقسيم من خلال الوحدة والقتال معاً تحت خيمة سورية  الواحدة، وقدرتها في التصدي لقوى الظلام والتخلف والطائفية والإرهاب. لا شك أن الغرب وأعوانه  يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية لما يجري من أحداث في سورية، إذ تبدو واضحة تلك الإزدواجية في المعايير والإنتقائية في سياسة الغرب تجاه محاربة التنظيمات المتطرفة، وبينما تركزت تحركات أمريكا وحلفائها على بعض الدول، تتجاهل ممارسات “داعش” والجماعات الأخرى في سورية، فقد عقد جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى إجتماعاً  فى باريس مع عدد من نظرائه الأوروبيين والعرب لبحث دعم ما يسمى بـ”المعارضة” السورية، ولوحت واشنطن بأنها ستدرس تزويدها بصواريخ مضادة للطائرات، كما طالب بعض حلفاء واشنطن بتدخل عسكري من جانب واشنطن لمحاولة إنقاذ المسلحين المحاصرين في حلب،  وفي الوقت نفسه شهدت جنيف إجتماعاً آخر لمجموعة من الخبراء العسكريين والدبلوماسيين الروس والأمريكيين لبحث تفاصيل خروج المسلحين من شرق حلب، مع تقدم الجيش السورى وحلفاؤه في مختلف المناطق السورية. اليوم قوات الجيش السوري، المدعومة بغطاء جوي روسي مكثف، حققت تقدما كبيراً في معركة حلب الكبرى، وعلى الصعيد الميداني، سيطر الجيش أكثر من ٩٣٪ من مساحة حلب، هذا الإنتصار الكبير للجيش السوري وحلفاؤه ستكون له تداعيات ونتائج مهمة ستفرض نفسها على مجريات الأحداث في المنطقة، أولى هذه النتائج هي التحرك المرتقب للجيش السوري وحلفاؤه لتأمين حلب من الشمال والشرق،  بالإضافة الى إستكمال تحرير الجزء المتبقي من ريف دمشق، والجيوب الصغيرة قرب الحدود الأردنية والإسرائيلية، بالتوازي مع التحرك لمحاصرة إدلب مستغلين حالة الإرتباك التي تشهدها الجماعات المسلحة وسط فرارها  من المواقع التي كانت تتمركز فيها، فضلاً عن نية الجيش العراقي الحليف للجيش السوري الذي يضع كل ثقله في هذه الحرب التوجة نحو الحدود مع سورية فور إنتهاءه من تحرير مدينة الموصل، الذي سيتبعه تحرير الرقة ودير الزور والمناطق الأخرى من سورية.. في هذا السياق إن رهان أمريكا وأوروبا وحلفاؤهما لكسب الحرب في حلب أو غيرها وإسقاط النظام في دمشق يثبت يوماً بعد يوم إنه ليس رهاناً كاسباً، لذلك فإن أول الخاسرين في معركة حلب الكبرى هي واشنطن، التي أدركت بعد كل هذه السنوات أن مواصلة القتال في حلب هو هدر لطاقتها وتزيز لخسارتها على مختلف المستويات، التي سينعكس سلباً عليها ويعرضها لإحراجات وانتقادات دولية، ومع تقدم الجيش السوري  في الشمال السوري وبدء نهاية معركة حلب لصالح الجيش، عاد السؤال المتجدد عن الموقف الأمريكي المتوقع ليطرح نفسه من جديد، ما هي خيارات أمريكا في حلب؟، لا سيما وأن  هذه التطورات لا تسير أبداً وفق رغبة واشنطن أو مصالحها في المنطقة، في هذا الإطار أمام أمريكا خياران لا ثالث لهما في حلب، الخيار الأول هو التحول والإنضمام إلى الروس وضمنياً إلى الحكومة السورية لسحق جماعات مثل داعش وأخواتها، والعمل مع تركيا وحلفاؤها للتوصل لوقف إطلاق النار وعدم دعم هذه الجماعات،  أما الخيار الثاني هو عدم التدخل في الشؤون السورية والعمل على إنهاء الصراع  الذي دخل عامه السادس، لذلك فإن الموقف الأمريكي في حلب معقد جداً ومحدود الخيارات، فأمريكا غير قادرة على مواجهة الدب الروسي وتخشى من التورط في ذلك ، فعندما أدركت واشنطن أن دعم حلفاء سورية لهذه الدولة لم يتوقف تحت اي ظروف، إضطرت الی تغير سياساتها وتعلن أن الحوار السياسي هو الأفضل لتحقيق الأمن والإستقرار في سورية، وهذا يعتبر إنتصاراً إستراتيجياً حقيقياً لسورية ولحلفاؤها وإنتصاراً لشعوب المنطقة علی الإرهاب والتطرف. مجملاً…. لقد ظن الأمريكان إن السوريين غير قادرين على طرد وسحق تنظيمهم الإرهابي الذي جاؤوا به، وفي ضوء هذا الواقع، أن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح، فحلب  اليوم قاب قوسين أو أدنى من إعلانها مدينة خالية من المسلحين تماماً، بعدما حقق  الجيش السوري  وحلفاؤه تقدماً جديداً في عملية تطهير ما تبقى من الأحياء الشرقية للمدينة من الجماعات المسلحة وأخواتها، وبإختصار شديد، إننا اليوم ووفقاً للشواهد الميدانية وإنتصارات الجيش في أكثر من جبهة يجعلنا على يقين تام بأن الإنتصار والتحرير لمدينة حلب أقرب مما نتوقع .. وبإنتصار حلب وتحررها من المتطرفين أصبحت سورية بأكملها قريبة من النصر، لأن تحرر حلب يمثل بوابة النصر لسورية، لذلك فإن الأيام القليلة القادمة ستشهد مفاجأت مهمة تعمل على قلب الموازين في المنطقة بأكملها. [email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.