ما يحدث في غزة نكبة، قد تماثل أو تزيد عن النكبة التي عرفناها مؤرّخة في عام 1948، ونعيش آثارها يومياً، كفلسطينيين وكعرب، ولا أبالغ إن قلت، العالم يعيش آثارها، طالما أن سببها الرئيسي هو الاحتلال، وهو عالمي التواصل والعلاقات والتحالفات، وبالتالي يقع التأثير طالما أن السبب موجود. الجديد، أن ما سمعناه من الأجداد، وما وثّقه الكثير من المؤرّخين والمفكرين والصحافيين الفلسطينيين، نراه اليوم ونسمع صوته. والجديد الآخر، هو أننا اليوم نمنع النكبة هذه، ونعيد الحكاية إلى أولها، أي إلى النكبة عام 1948، لتصحيحها، وإيقاف النكبة المستمرة.

في كتاب «دير ياسين… الجمعة 9/4/1948» يبين مؤلفه الدكتور وليد الخالدي في الفصل الثاني، الاستعدادات للهجوم، باجتماع القادة العسكريين لـ «الإرغون» (إيتسل) و«شتيرن» (ليحي) لوضع خطة الهجوم على القرية، ويبين أن الحضور، كانوا عشرة، يذكر اسم وصفة بعضهم، ناقشوا «تفصيلات الهجوم، وتتطرقوا إلى كيفية معاملة الأسرى والشيوخ والنساء والأطفال»، ويشير الخالدي إلى أن بن تسيون كوهين، وهو أحد قادة «الإرغون» وقائد الهجوم على دير ياسين، أورد في شهادة له بخط يده، مودعة في مؤسسة جابوتنسكي في تل أبيب، أنه «كان ثمة اختلاف في الآراء ولكن الأكثرية كانت تحبّذ تصفية جميع الرجال وكل من يقف بجانبهم، أكانوا شيوخاً أم نساء أم أطفالاً. واتضح من ذلك أنه كانت هناك رغبة عارمة في الانتقام لما حدث في کفار عتسيون وعطروت». والإشارة هنا إلى معركتين وقعتا قبل ذلك بقليل بالقرب من مستعمرتين: الأولى جنوبي القدس على طريق الخليل، والثانية شماليها على طريق رام الله، وانتصر فيهما المجاهدون على قافلتين للهاغاناه، علماً أنه لم يشترك أحد من دير ياسين في أيهما». ويذكر الخالدي أيضاً، أن يهودا لبيدوت، مساعد بن تسيون كوهين، قال في شهادة له عن الاجتماع المذكور، إن المجتمعين اقترحوا تصفية سكان دير ياسين، بقصد: «تحطيم معنويات العرب ورفع معنويات الجالية اليهودية في القدس ولو قليلاً، وهي التي كانت في الحضيض نتيجة الضربات الموجعة التي كانت قد تلقّتها أخيراً». («مؤسسة الدراسات الفلسطينية»، نيسان 1999، بيروت ط2 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، ص30-31).