كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني في اجتماع اللجنة المركزية للحزب من اجل حل جذري للخلافات الموجودة داخل الحزب
الأردن العربي – السبت 29/6/2024 م …
الرفيق سعود قبيلات ( الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني )
عمّان … هذه مبادرة قدمها الرفيق سعود قبيلات الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني، يوم أمس الجمعة 28/6 في اجتماع اللجنة المركزية للحزب، من اجل حل جذري للخلافات الموجودة داخل الحزب، ولكنها رفضت، ولم تقبل من قبل المكتب السياسي، ومن طرفي الخلاف. فمن المعروف ان المكتب السياسي الذي يؤجج الخلاف حاليا داخل الحزب، تم تشكيله ضمن عملية توافقية، كان الهدف منها انجاز وحدة الحزب، ولم يكن نتيجة انتخابات مباشرة من أعضاء المؤتمر. ومع الأسف كانت الوحدة بالنسبة الى المكتب السياسي السابق للوحدة الذي احتفظ لنفسه بنفس عدد المقاعد، مجرد خدعة للحصول على الترخيص وفق الشروط الجديدة، والتمسك بالمقاعد التي يجلسون عليها، حتى لو كانت مهشمة او بدون أرجل. ولم يكن واردا في حسابهم مصلحة الحزب، وليس لهم مصلحة في قيام حزب ثوري حقيقي يقف بحزم في خندق الجماهير الأردنية ويعمل على تحرير البلاد من قيود التبعية للمعسكر الإمبريالي واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني
= = = = = = = = = = = = = = =
.نصّ كلمة الأمين العام الرفيق سعود قبيلات … .
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
أطيب تحيَّاتي لكم وبعد،
فها نحن نلتقي، مرَّةً أخرى، في اجتماعٍ يضمُّ ألوانَ طيفنا المتعدِّدةَ كُلَّها؛ فآمل أنْ يسيرَ اجتماعُنا هذا سيراً طبيعيَّاً وأنْ يكون منتجاً..
وضمن التَّقاليد، أو حسب الأصول المتَّبعة، وكما تعوَّدتُ في كُلِّ اجتماعات اللجنة المركزيَّة الَّتي قدتُها، من المفروض أنْ أتحدَّث، في بداية هذا اللقاء، في السِّياسة. لكن ما جدوى أنْ أُواصل الحديثَ في السِّياسة، كأمين عامّ للحزب، والأداة التَّنظيميَّة الَّتي من المفروض أنْ توصلَ الموقفَ السِّياسيَّ إلى أوسع أوساط الجماهير الشَّعبيَّة، وأنْ تعملَ بدأب مِنْ أجل تحقيق الرؤى السِّياسيَّة – مشلولة؟!
هذا هو الحال، مع الأسف!
لذلك، أجدُ مِنْ واجبي، اليوم، أنْ أقولَ كلاماً آخر.. كلاماً آملُ أنْ يتمَّ التَّفكيرُ فيه مليَّاً؛ ولكلٍّ منكم، بعد ذلك، أنْ يبني عليه، إذا شاء، أو أنْ يتركَه جانباً، ويتابع سيرَه في المسار الَّذي يراه مناسباً..
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
اجتماعُنا السَّابق حقَّق، في الظَّاهر، نجاحاً ملموساً، وكان منتجاً؛ إذ توصَّلنا فيه إلى قرارٍ، بالذِّهاب إلى المؤتمر الاستثنائيّ وانتخاب قيادة جديدة.. وبدا كما لو أنَّ هذا هو الحلّ الجامع المانع، والَّذي لا بديل عنه!
لكن لو جلس كُلُّ واحدٍ منَّا قليلاً مع نفسه، وفكَّر بعمق ومسؤوليَّة، لوجد أنَّ ما نحن مقدمون عليه إنَّما هو وضعٌ خطر، وليس فيه أيّ حلّ؛ فنحن نذهب، إلى المؤتمر الاستثنائيّ، متفرِّقين؛ بل متناحرين؛ نذهب إليه وكُلٌّ منَّا يُضمرُ في نفسِه أنْ يستغلَّه كفرصةٍ سانحة لتصفيةِ حساباته الخاصَّة مع الفرقاء الآخرين بالضَّربة القاضية!
فبماذا نتوقَّع أنْ نخرج مِنْ هذه العمليَّة المليئة بالنَّوايا المبيَّتة والمكائد المدبَّرة؟
ماذا نتوقَّع من المؤتمر أنْ يُخرِجَ لنا في هذه الحالة؟
لن نخرج مِنْه بشيء، سوى الانقسام؛ بل التَّشرذم، وتدمير الحزب.
بالطَّبع، قد يفوز في الانتخابات، الَّتي ستُجرى في المؤتمر، هذا الطَّرف أو ذاك، من الأطراف المتقابلة، فيحصل على أغلبيَّة مريحة في القيادة؛ وعندئذٍ، سيحتفل بالنَّصر، ويستمتع بنشوة الفوز؛ لكن، في ضُحى اليوم التَّالي، ستذهب السَّكرة وتأتي الفكرة.. في ضُحى اليوم التَّالي، سيكون الحزبُ أشلاء..
فما فائدة الفوز، حينئذٍ؟!
وما الشَّرف الَّذي يمكن أنْ يجلبه تولِّي القيادة في واحدة مِنْ هذه الأشلاء المتناثرة؟
وقد تكون النَّتيجةُ – وهذا غيرُ مُستبعدٍ – هي انتخابُ قيادةٍ جديدة لا تتوفَّرُ فيها أغلبيَّةٌ مريحةٌ لأيِّ طرف؛ فلا نلبث أنْ نكتشف أنَّ كُلَّ ما فعلناه هو أنَّنا أوقعنا أنفسَنا في أسرِ حالةٍ مستعصيةٍ جديدة..
فماذا سنفعل، عندئذٍ؟
هل سندعو إلى عقد مؤتمرٍ استثنائيٍّ جديد؟!
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
أنا أتذكَّرُ كيف أنَّنا، في العام الَّذي سبق المؤتمرَ التَّوحيديَّ الثَّامنَ، بذلنا جهوداً هائلةً مِنْ أجل إقناع الكثيرين بالمشاركة في الوحدة، ليس لتوفير العدد المطلوب فقط للتَّرخيص؛ بل أيضاً لإغلاق الدَّكاكين السِّياسيَّة المفتوحة باسم الشُّيوعيين، كُلِّها؛ فنجحنا أحياناً، وفشلنا في الكثير من الأحيان؛ والسَّبب هو عدمُ ثقة الكثيرين في إمكانيَّة نجاح الوحدة، واعتقادُهم أنَّ أيَّ جُهدٍ، قد يبذلونه، في هذا المجال، سيكون بلا طائل..
والآن، فإنَّ هذه هي فرصتُنا الأخيرة، ونحن نبدِّدها بتهوّر، ونتعامل معها بقدرٍ كبيرٍ من الخفَّة والاستهتار وبلا أدنى شعورٍ بالمسؤوليَّة..
لذلك، في أيّ مرَّةٍ قادمة، لن يثقَ أحدٌ في أيِّ دعوةٍ إلى وحدة الشُّيوعيين.
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
أُذكِّركم، هنا، وأُذكِّر نفسي، بأنَّنا جِئنا إلى المؤتمر الثَّامن، والتقينا فيه، في إطار عمليَّةٍ توحيديَّة مشتَرَكَة، وليس في إطار عمليَّةٍ إلحاقيَّةٍ أُلحِقَ بعضُنا بوساطتها ببعض.. كما كان يحدث في السَّابق باسم الوحدة..
وقد جئنا إلى هذه العمليَّة متساوين في الحقوق والواجبات، أو هكذا افترضنا، وليس ليكونَ بعضُنا وصيَّاً على بعضِنا الآخر؛ أو لينصِّبَ بعضُنا نفسَه وصيَّاً على التَّجربة بمجملها..
والوحدة تقوم على الشَّراكة؛ ولا تقوم، مطلقاً، على المغالبة أو على الاستفراد واحتكار الأدوار والمسؤوليَّات والصَّلاحيَّات..
لا يوجد أيُّ منطقٍ يمكن أنْ يُبرِّر المغالبة والاستفراد، ولا توجد أيّ شرعيَّة يمكن أنْ تدعمهما..
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
لقد جئنا إلى الوحدة ونحن نعرف جيِّداً أنَّنا مختلفون وأنَّ تجاربَنا مختلفة؛ لكنَّنا، كُنَّا نعتقد بأنَّنا سنتفهَّم خلافاتِنا واختلافاتِنا، وسنتعايش معها، بل ونستفيد بها؛ وبناء عليه، وضعنا، في النِّظام الأساسيّ للحزب، نصَّاً يؤكِّدُ «ضمان احترام تنوُّع الآراء والمواقف السِّياسيَّة، وتعدُّدها» (المادَّة 5/8)..
ووضعنا، في النِّظام الأساسيّ أيضاً، نصَّاً يؤكِّد «ضمان حقّ الأقليَّة في التَّعبير عن رأيها، والتَّرويج له، بالوسائل المختلفة» (المادَّة 5/9)..
ووضعنا، كذلك، نصَّاً يشدِّد على «اعتماد آليَّة انتخابيَّة تكفلُ التَّمثيلَ الصَّحيحَ والدَّقيقَ لأعضاء الحزب وتوجّهاتهم الفكريَّة والسِّياسيَّة» (المادَّة 5/5)..
وشدَّدنا على ضرورة «ضمان حياد إدارات المؤتمرات الحزبيَّة، وتوفير أعلى شروط النَّزاهة وآليَّاتها للانتخابات الَّتي تُجرى فيها» (المادَّة 5/4)..
والنَّزاهة لا تقتصر على ضمان حقّ الاقتراع السِّريّ واختيار إدارة نزيهة للانتخابات؛ كما نقول عادة في نقدنا للانتخابات الَّتي يُجريها النِّظام، وأحرى بنا أنْ نقول ذلك لأنفسنا أيضاً.. النَّزاهة، قبل ذلك، وأكثر مِنْ ذلك، هي في اختيار آليَّة ديمقراطيَّة تحول دون هندسة الانتخابات في الحزب لصالح هذا الطَّرف أو ذاك، بل تفسح المجال أمام أكبر عددٍ من الشُّيوعيين الفاعلين للمشاركة في اتِّخاذ القرار عبر المؤتمر، وهو أعلى سلطة في الحزب وأهمّ منصَّة ديمقراطيّة في الحزب؛ وليس حصرَها في أضيق نطاق واقتصارَها عليه..
وفي النِّظام الأساسيّ أيضاً، مبدأٌ أساسيٌّ ينصُّ على واجب الحزب في «توزيع المسؤوليَّات والمهامّ على جميع أعضائه» (المادَّة 5/2)..
وبهذه المناسبة، يعرف العديد من الرِّفاق أنَّني كُنتُ أطمح، كمرحلةٍ أولى، إلى أنْ نوزِّعَ أدواراً ومهمَّاتٍ حقيقيَّةً على مئة رفيقٍ ورفيقة، على الأقلّ، ثمَّ نتوسَّع في ذلك، إلى أنْ يتحوَّل الحزبُ إلى ما يُشبه خليَّةَ نحل..
وقد عبَّرتُ عن ذلك، مراراً، شفاهيَّاً وكتابةً.. لكنَّني، مع الأسف، لم أُمَكَّنَ مِنْ تحقيق هذا المتطلَّب الدِّيمقراطيّ المنصوص عليه بوضوح في النِّظام الأساسيّ..
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
نظامُنا الأساسيّ، يُمثِّلُ، في جوهره، آليَّةَ تجميع وتوحيد؛ لكنَّنا، في الواقع، نحَّينا جانباً آليَّات التَّجميع والتَّوحيد، واستخدمنا آليَّات التَّقسيم والتَّفريق، فأصبحنا أسرى لها..
عندما يستخدم الإنسان آليَّةً نفسيَّة أو اجتماعيَّة معيَّنة كي توصلَه إلى غايةٍ ما، فإنَّه سرعان ما يُصبح أسيراً لتلك الآليَّة؛ لأنَّها ستشتغل وفق ديناميَّاتها الخاصَّة ونظامها الخاصّ، وليس وفق إرادته ورغباته؛ وسرعان ما يكتشف أنَّها كانت تتحكّمُ به وتقرِّر مصيره، بينما هو يتوهَّمُ أنَّه هو مَنْ يتحكّم بها ويوظِّفها لخدمته..
وهكذا، فإنَّنا أصبحنا الآن أسرى لآليَّة التَّقسيم والتَّفتيت.. تلك الآليَّة الَّتي تمَّ تشغيلها على نطاقٍ واسع خلال الأشهر الماضية؛ وإذا لم نتدارك أمرَنا، فننبذ هذه الآليَّة ونستخدم آليَّةَ التَّجميع، بدلاً مِنْها؛ فأنا أرانا، منذ الآن، نسير إلى الهاوية بينما نحن نرفع شارات النَّصر فرحين!
فهل هذا قدرٌ لا مفرَّ منه، ولا محيدَ عنه؟
كلَّا، برأيي؛ فالمطلوب، في المقابل، ليس تضحياتٍ باهظةً؛ ليس إلغاءَ صلاحيَّات أحد أو مصادرة دوره؛ بل العكس تماماً؛ المطلوب هو التَّشارك على نحوٍ ديمقراطيّ متوازن، وتوزيع الصَّلاحيَّات والأدوار والمسؤوليَّات على أوسع نطاق؛ واحترام خلافاتنا واختلافاتنا؛ بل واستثمارها، على نحوٍ خلَّاق، لخدمة الحزب، ومِنْ أجل إيصاله إلى أوسع قطاعات الشَّعب؛ فكُلُّ لونٍ سياسيٍّ أو فكريٍّ أو ثقافيٍّ موجودٍ لدينا، يوجد ما هو قريبٌ منه في المجتمع..
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
برأيي، لا تزال توجد، أمامنا، فُرصة، قبل أنْ ننزلق عن حافَّة الهاوية؛ لكنَّها فُرصة أخيرة، والوقت المُتاح لها قصير؛ لذلك، أرجو أنْ يسودَ العقلُ وأنْ تتغلَّبَ الحكمةُ، فنغتنم هذه الفرصةَ الأخيرةَ المُتاحةَ ونستثمرها على أحسن وجه؛ بدلاً من الاستمرار في الانسياق مع الخيار الشَّمشونيّ السَّائد الآن.. هذا الخيار الَّذي يعمل بمنطق: «عليَّ وعلى أعدائي» العدميّ..
أعتقد، بدايةً، أنَّنا لسنا أعداء؛ وفي كُلّ الأحوال، لسنا مضطرّين للخضوع لهذا الخيار المدمِّر؛ لذلك، لا أفهمُ الإصرارَ عليه، ولا أجدُ مصلحةً لأحدٍ فيه؛ اللهمَّ إلَّا إذا كان هناك ما هو خافٍ عن علمي!
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
أنا لن أكتفي، هنا، بإسداء النُّصح للآخرين، وحثِّهم على القيام بفعلٍ إيجابيّ، ثمَّ أُعفي نفسي من القيام بأيّ شيء؛ ولن أكتفي، كذلك، بإطلاق كلامٍ عامٍّ، ثمّ أعتبر أنَّني قد قمتُ بواجبي على أكمل وجه..
وبناءً عليه، وفي حال الاستمرار في رفض جميع الحلول والمبادرات الَّتي طُرِحتْ سابقاً، فإنَّني أطرح المبادرةَ الأخيرةَ التَّالية، الَّتي لم يبقَ سواها لتلافي خيار شمشون بهدم المعبد على رؤوسنا جميعاً..
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
ليس مهمَّاً، الآن، مَنْ يتحمَّل المسؤوليَّةَ عمَّا وصلنا إليه ومَنْ لا يتحمَّل المسؤوليَّةَ؛ فلنترك هذا الأمر للتَّاريخ.. مع تأكيدي أنَّني، كأمين عامّ، لم أُمنَح الفرصة للاضطلاع بدوري، أو القيام بواجبي؛ ولم أتمكَّن مِنْ تنفيذ الوعود الَّتي بذلتُها للرِّفاق..
وصورةَ هذا الأمر قد أصبحتْ واضحةً الآن لكثيرٍ من الرِّفاق، بعدما رأوا العديدَ من الممارسات العلنيَّة المستهجنة لسلب صلاحيَّات الأمين العامّ المنصوص عليها في النِّظام الأساسيّ للحزب وفي قانون الأحزاب، ومصادرةِ دورِه، وتهميشِه وإقصائه؛ وآخر هذه الممارسات كان فاقعاً جدَّاً قبل أيَّام؛ ليس أمام أعضاء الحزب فقط، بل أيضاً أمام الرَّأي العامّ بمجمله..
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
اقتراحي هو أنْ يضعَ جميعُ أعضاء المكتب السِّياسيّ، والأمين العامّ ونائبه، استقالاتِهم، في تصرُّف اللجنة المركزيَّة، وأنْ تجري حواراتٌ حثيثة وجادَّة وعاجلة للاتِّفاق على أمين عامّ جديد ونائب أمين عامّ جديد (غيري وغير نائب الأمين العامّ الحاليّ)؛ ويُتَّفق أيضاً على مكتب سياسيّ جديد رشيق، يتكوَّن مِنْ عددٍ محدود من الأعضاء، مِنْ غير أعضائه الحاليين، وبما لا يتجاوز ستَّة أعضاء..
وهكذا، نكون، مِنْ دون الذِّهاب إلى مؤتمر يقود إلى الانقسام، قد حقَّقنا مطلبَ الرِّفاق الَّذين يرون أنَّ الأمين العامّ هو المشكلة، ويريدون الذِّهاب إلى المؤتمر مِنْ أجل التَّخلّص منه؛ وحقَّقنا، أيضاً، مطلبَ الرِّفاق الَّذين يرون أنَّ نائبَ الأمين العامّ والمجموعة الَّتي تقف معه في المكتب السِّياسيّ هم المشكلة، ويريدون التَّخلُّصَ منهم؛ وبهذا، نصلُ إلى وضعٍ جديدٍ، نأملُ أنْ يكون مبشِّراً وأنْ يحفِّزَ هممَ الرَّفيقات والرِّفاق جميعاً، ويديرَ عجلات الحزب، بلا أيّ خللٍ أو تلكّؤ..
وأتعهَّد، أمامكم، بأنْ أدعمَ القيادةَ الجديدةَ، وأنْ أُقدِّمَ لها كُلَّ مساندةٍ قد تطلبها منِّي..
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
إذا كُنَّا، حقَّاً، تهمُّنا مصلحة الحزب، وليس مصالحَنا الشَّخصيَّة الأنانيَّة، فإنَّ هذه التَّضحية ستُعَدُّ صغيرةً ولا قيمة لها في مقابل الغاية الأسمى الَّتي هي الحفاظ على وحدة الحزب وضمان بقائه..
أمَّا إذا كان هناك مَنْ لا يوجد لديه استعداد لتقديم مثل هذه التَّضحية، فهذا شأنه؛ لكن سيصعب عليه، بعد ذلك، أنْ يواصل استخدام «مصلحة الحزب» كشمَّاعة لمصالحه الشَّخصية؛ لأنَّه، عندئذٍ، سيكون مكشوفاً تماماً ولا يجد مَنْ يصدِّقه..
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
نعم، أنا مستعدّ لرهن موقعي كأمين عامّ مِنْ أجل الوصول إلى حلٍّ ينهي حالة الاستعصاء الَّتي يعاني منها الحزبُ؛ فهل جميع المعنيين مستعدّون للتَّضحية بمواقعهم مِنْ أجل هذه الغاية السَّامية؟
أوكِّدُ، مجدَّداً، أنَّنا نقف أمام فرصتنا الأخيرة؛ وبعدها، لات ساعة مندمِ.
الرَّفيقات والرِّفاق الأعزَّاء،
أختمُ كلمتي، هذه، متعشِّماً أنْ تكون قد وجدتْ لديكم آذاناً صاغية؛ فإن وجدتْ، فالشُّكرُ لكم؛ وإن لم تجد، فأنا أُزجيها للتَّاريخ..
أخيراً، آمل أنْ لا نجد أنفسَنا، ذات يوم، وقد انطبق علينا مضمونُ بيت الشِّعر الشَّهير، لدُريد بن الصَّمَّة، وهو يقول:
«أمَــــــرْتُــــــهُـــــــمُ أَمْـــــــــــــــــــرِي بِـــــمُـــــنْـــــعَـــــرَجِ الــــــــــلِّــــــــــوَى فــــلَــــمْ يَـسْـتَـبِــيــنُــوا الــــرُّشْـــــدَ إلا ضُــــحَـــــى الــــغَـــــدِ»
أشكُركم على حُسن استماعكم،
وأطيب تمنِّياتي لكم..
التعليقات مغلقة.