ربيع العرب … في ذكراه السادسة / هشام الهبيشان

 

هشام الهبيشان ( الأردن ) الخميس 15/12/2016 م …

 في مثل هذه الايام من عام 2011 بدأ التونسيون حراكهم الثوري،وها هم التونسيون كما العرب يستذكرون ذكريات ربيع العرب بذكراه السادسة،فهذا الربيع قد أضحى جرحا نازفا يسري بكل حاضر الامة، فبدل أن نرى الأمة تسمو بربيعها المفترض،رأينا الأمة تصبح هدفا لهذا الربيع المفترض.

فهذا الربيع بعد ان كان امنية العرب للتحرر من الطواغيت والعملاء وهم بعض حكام العرب عبيد الماسونية والصهيونية، ومن امبرطوريات الفساد في مصر وتونس،تحول فجأة ليبرز وجهه الحقيقي، وليكشر عن أنيابه مبكرا، فضرب الارهاب مصر وسوريا وليبيا واليمن وتونس،ومازال يضرب وما زال الدعم الغربي بذراعه الماسونية والصهيونية، يدعم هذا المسعى لإسقاط حقيقة ومفهوم وبوصلة ربيع العرب الحقيقي، ومفهومه النهضوي والحضاري، الهادف لقيام وتأسيس مشروع التحرر العربي.

فبعد ستة أعوام من انطلاق أولى صرخات «الشعب يريد أسقاط النظام» والتي انطلقت حينها من تونس، فمن الطبيعي أن يتم هنا دراسة هذا الربيع العربي ونتائج هذا الربيع، وبوصلة هذا الربيع، وعن من حرف مسار بوصلة هذا الربيع، ففي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الأمة وفق مسارها الحالي ووفق حالة الانهزام والانكسار التي خلفتها «فرضية» الربيع العربي وما تبعها من تحول لهذا الربيع إلى خريف دام، تسللت من خلاله أجندات الغرب إلى مصر وسوريا واليمن وليبيا و «تونس نوعآ ما».

ووفق هذه الفرضية واستدارتها للحلف الغربي – الاقليمي -وأدوات الرجعية العربية بالمنطقة، فقد قدمت هذه الفرضية باستدارتها للغرب حالة من الفوضى والدمار الممنهج بالمنطقة العربية ككل، وهنا فمن الطبيعي عندما تكون بعض البلدان العربية المحورية بحالة فوضى فحينها من الطبيعي ان يكون وضع الاقليم العربي بشكل عام هو الاخر يعيش بنفس حالة الفوضى ولو بتراتبية اقل وفق الجغرافيا والديمغرافيا التي تتبع هذه العوامل الرئيسية بحالة الفوضى تلك.

فهذه الفوضى وفق منظورها السياسي والامني أعطت جرعة أمان للكيان الصهيوني الذي مازال ينثر سمومه الملعونة اينما حلت ادواته ومخططاته القذرة، وطبعا لامريكا وللغرب مصالحهم بشرذمة الجغرافيا العربية، وذلك يبدو جليا من خلال زيادة وتعميق حجم هذه الفوضى بدول الربيع العربي «ليبيا ـ سورية، كنموذج». فهذه الفوضى فتحت الطريق لدخول أمريكا والصهاينة وجوقتهم الغربية إلى ساحة صراع الشعوب العربية وانظمته الحاكمة «مع العلم أن هذا الصراع قد تم تصنيعه بكثير من الحالات إعلاميا – الثورة السورية المزعومة ـ كنموذج» لتحقيق مكاسب جديدة لواشنطن ـ باريس ـ لندن، وحلفهم بالمنطقة العربية، دون أن يترك هذا أي خسائر على حلفاء واشنطن، فقد قدم «حلفاء واشنطن بالوطن العربي والاقليم» حالة فريدة من نوعها وفق منظورها اللانساني ووفق مفهوم مصطنع يدعم حالة التصدع المجتمعي وكل ذلك من اجل ولادة حالة تطرف، تفرز جيلا جديدا سيحمل فكرا رديكاليا وهذا الجيل سيكون النواة الأولى، الذي سيحمل راية الاسلام بيد وباليد الاخرى يحمل مخطط الغرب لتقسيم الجغرافيا والديمغرافيا العربية «داعش ـ كنموذج»، وهؤلاء سيكونون هم البوابة لاعادة تشكيل الواقع العربي الجديد، وفق الرؤية الامريكية ـ الصهيونية.

ولهذا فقد رأينا كيف أن الدول التي ضربتها عاصفة الربيع العربي الاستعمارية، كيف أنها عاشت وما زالت تعيش حالة الفوضى «سوريا ـ ليبيا ـ اليمن ـ مصر» كنماذج وشواهد حية، فضربها الإرهاب المصطنع أقليميا وغربيا بقوة، وحاولت بعض قوى الاقليم المتآمرة تقسيم مجتمعات هذه الدول وفق «كانتونات» طائفية وعرقية ومذهبية، وعليه وكنتيجة أولية لهذه المشاريع الاستعمارية، التي أفرزت ما يسمى بربيع العرب، فقد دمرت البنى التحتية وحاولت قوى التطرف «المصطنعة» ضرب معالم الحضارة والتراث الدال على نضالات ووحدة المجتمعات بالدول التي ضربتها عاصفة ربيع العرب.

لقد عاشت شعوب مصر وسوريا وليبيا واليمن حالة فوضى كبيرة، والأخطر بالأمر ان قوى التآمر الغربية وبعض العربية والاقليمية حاولت اظهار أن ما يجري بهذه البلدان بأنه حالة فوضى داخلية، وبذلك أعطت لنفسها صكوك البراءة من كل ذلك، مع أنهم يدركون حقيقة انهم هم من سببوا واصطنعوا هذه الفوضى والهدف هو ضمان أمن الكيان الصهيوني، والحفاظ على عروش اغتصبوها، وكراسي لم يستحقوها.

فلطالما كان حلم وأمنيات ساسة وجنرالات هذا الكيان الصهيوني ضرب المنظومة المجتمعية والعقائدية للمجتمعات العربية ولا أنكر ان ذلك قد تحقق جزئيا ومرحليا، وهنا اقول جزئيا ومرحليا لان الفترة القادمة تحمل الكثير من الاحتمالات والتكهنات بل والتأكيدات ببعض ملفاتها بما يخص انطلاق مرحلة أكثر خطوره من عمر ربيع العرب الدموي التي تقوده وتركب موجه الان أمريكا وحلفائها بالمنطقة والعالم.

هنا على الجميع الاعتراف بأن الكثير من القوى بالمنطقة العربية والاقليم والتي كانت نسب ليست بقليلة من الشعوب العربية وخصوصا البسطاء من أبناء الشعوب العربية، يظن بها ويراهن عليها بأنها كانت ضد تمدد رقعة المشروع الصهيو ـ امريكي بالمنطقة، ولكن مع ازدياد وتمدد قوة الدفع للمشروع الاستعماري الاخير للوطن العربي «ربيع العرب»، فهذا التمدد السريع «لربيع العرب» قد اسقط هذه القوى باول أمتحان حقيقي لها بعد أن أسقط عنها أقنعتها ويأت جليا أنها أداه لهذا المشروع «الصهيو ـ امريكي» على عكس ما كان يظن بها فهذه القوى سخرت كل قدراتها بالفترة الاخيرة لتكون سلعة وأداة بيد الصهيونية والماسونية العالمية، «بعض قوى الاسلام السياسي ـ كنموذج».

ختاما، فبعد مرور ستة أعوام على انطلاق «ربيع العرب» يمكن القول إن هناك الكثير من الشعوب العربية التي أفترت عليها قوى التآمر وادعت انها تطمح لاستعادة حريتها المغتصبة، فهذه الشعوب، قد جلبت لنفسها فوضى عارمة، بدأت طريق البداية، ولكن للأن لاتعرف اين هو طريق النهاية، وهنا أقول بألم ان هذه الشعوب التي رضيت لنفسها أن تسير وفق مؤامرات وثورات مصطنعة، لا تدري للأن أن من التقط أشارات طريق البداية والنهاية لثوراتها المصطنعة بكواليس أجهزة الاستخبارات الصهيو -غربية، هم الصهاينة ، وهم الآن من يملكون الحلول للأسف، وحلول هؤلاء لن تكون ألا مزيدا من الدمار والخراب للعرب كل العرب، والسؤال هنا هل من صحوة للشعوب العربية ؟؟ حتى وأن كانت هذه الصحوة متأخره لتبني وتؤسس اليوم لحالة جديدة هدفها سد الفراغ الفوضوي الذي احدثته هذه العاصفة الاستعمارية التي حلت علينا كعرب، والاجابة هنا على هذا الطرح سأتركها للشعوب العربية ولبعض الأنظمة العربية التي مازلنا نؤمن بأنها ولدت من رحم هذه الشعوب العربية …

*كاتب وناشط سياسي – الأردن.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.