البيت الأبيض …ينهار أمام أعيننا / د. خيام الزعبي

د. خيام الزعبي ( سورية ) – الجمعة 19/7/2024 م … 

لا يختلف معي احد  في  أن أمريكا اليوم وعلى إمتداد خارطتها الجغرافية ـ السياسية محط أنظار العالم بأكمله، بعد أن تسارعت وتيرة الأحداث الأمنية هناك فالسبب وراء تلك الخطوة غير المسبوقة هو محاولة اغتيال ترامب التي أدت الى المزيد من الانزلاق في الظلام. وبالمقابل يدرك البيت الأبيض، بلا شك، المخاطر والأزمات المتأتية عن ذلك .




في الأيام القليلة الماضية وجدت الإدارة الأمريكية نفسها في ورطة حقيقية، وهذه الورطة سببها عدة تطورات حدثت في وقت واحد بشكل غير متوقع على الإطلاق، بعد أن تعالت الأصوات المطالبة بانسحاب بايدن من السباق الرئاسي في أعقاب أدائه الذي وصف بالكارثي، خلال مناظرة أمام ترامب .

وتشير تقارير موثوقة صادرة عن البيت الأبيض إن كبار قادة حزبه وأصدقاؤه والمانحون الرئيسيون يعتقدون أنه (بايدن) لا يستطيع الفوز، ولا يمكنه تغيير التصورات العامة عن عمره وصحته، ولا يستطيع تحقيق الأغلبية في الكونغرس، خاصة بما أظهره بايدن من مشاكل في التركيز والذاكرة خلال خطاباته العامة، مما أثارت الشكوك بشأن قدرته على خوض فترة رئاسية ثانية، وبذلك يبدو ن الرئيس الأميركي أنه “استسلم سرا” للضغوط المتزايدة واستطلاعات الرأي السيئة، التي تجعل من المستحيل عليه مواصلة حملته الانتخابية.

في الصورة الأكبر، اتسم الواقع الذي يعيشه المجتمع الأمريكي حيث الفجوة الكبيرة في الدخل للأفراد فهناك الطبقة الاروستقراطية الطبقية الغنية والتي تمثل 30% من الشعب أما 70% من الشعب يفقد الضمان الاجتماعي والصحي ويعيش تحت خط الفقر هذا مما يؤدي الى الإنفجار في أي وقت ممكن، بالإضافة الى الدين الخارجي فقد تخطى 200 مليار دولار وإن كانت الصين تدخلت في التسعينيات لإنقاذ البنك الفيدرالي الأمريكي ، لكن اليوم فأن الخلاف والعداء الشديد بين بكين وواشنطن سيؤثر على مساعدة  الصين لأمريكا، التي تسعى الى التفوق التكنولوجي لكبح جماح أمريكا في المنطقة .

الأبرز من كل ذلك،  الفشل السياسي والعسكري لأمريكا وأدواتها في منطقة الشرق الأوسط أصبح واضحاً جداً، هناك تخبُّط لا ينفصل عن كونه نتاج هزل سياسي يقوده الرئيس بايدن على صعيد السياسة الخارجية، الذي بات يُدرك فشل الرهان الأمريكي في الإقليم، فيما شكلت سورية نموذجاً لقصة الفشل الأمريكي في المنطقة بأكملها.

أما على الصعيد العسكري فقد اتسمت المشاريع العسكرية الخارجية، في العراق وأفغانستان وفي ليبيا واليمن أيضاً بالاضطرابات الدموية والصراعات،  واليوم أثار بايدن غضب الناخبين الديمقراطيين وألحق العار الأخلاقي بالبيت الأبيض بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني من خلال ارتكابه الإبادة الجماعية في غزة، وعلى الرغم من ذلك تدرك شعوب المنطقة جيداً أن نفوذ أمريكا أصبح في تراجع مستمر بسبب عدم قدرة واشنطن على تولي القيادة وتعزيز شعبيتها على مختلف المستويات في المنطقة.

وعلى خط مواز، سيناريو الحرب الأهلية الذي يهدد الولايات المتحدة و يتسبب في ضياع هيبتها من خلال خلخلة السّلم الأهلي داخل أمريكا، وتكريس سياسة التّفرقة العنصريّة بين مكوّنات الشّعب الأمريكيّ، بالإضافة إلى مضي بايدن في تدمير القانون الدولي، وفي الخروج على قرارات الشّرعيّة الدولية و العرف الدبلوماسي، ومحاولاته لتجيير السياسة الأمريكية لمصالحه ومصالح المحيطين به مالياً، فقد أظهر استطلاع للرأي أن أكثر من ثلث الأمريكيين يعتقدون أن الحرب الأهلية في حياتهم أمر محتمل، وفي عام 2021، حذّر السياسيين من أن إضعاف المؤسسات الديمقراطية الأمريكية على مدى عقود قد يؤدي إلى انهيار النظام بأكمله بحلول عام 2025.

في ضوء هذا الواقع، هناك تغيير كبير حاصل الآن على المسرح الدولي بما فيه من تراجع ثقل وتأثير واشنطن وتقدم الصين وروسيا وعودتهما بكل زخم وقوة لمقارعة واشنطن في المنطقة.

وأخيراً ربما يمكنني القول: في ظل التجاذب الحالي والحرب الإعلامية بين أطرافها قد يؤدي إلى المزيد من التدهور وتصاعد أعمال الشغب والفوضى في مختلف الولايات الأمريكية ، وهناك من يتحدث عن الصدام بين أنصار “بايدن” و” ترامب” وبالتالي احتمال اندلاع حرب أهلية في عدد من الولايات الأمريكية والتي ستؤثر بشكل فوري على الكثير من المعادلات الإقليمية والدولية والعالمية، وهناك من يقول ان العاصفة الكبرى آتية وان الهدوء الحالي المحدود هو تمهيدها.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.