متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثالث والثمانون / الطاهر المعز




الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 4/8/2024 م …  

يتضمن العدد الثالث والثمانون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرات بعنوان “في جبهة الأعداء” عن الدّعم العسكري الأمريكي المباشر للجيش الصهيوني في عمليات الإبادة الجماعية، وعن “التّأثيرات الجانبية” للعدوان على الإقتصاد الدّولي وفقرة عن العلاقات المغربية الأمريكية، خلال فترة رئاسة دونالد ريغن، وفق وثائق رُفِعَتْ عنها السِّرِّيّة، وفقرات عن الإحتجاجات في بنغلادش على انقطاع الكهرباء وسوء أداء قطاع الخدمات العامة، وفقرة بمثابة مُتابعة لإضراب عاملات وعُمّال خطوط إنتاج الرقائق لشركة سامسونغ، لأول مرة في تاريخها، أي منذ 55 سنة ( راجع العدد السابق) وفقرة عن الحرب التجارية والتكنولوجية التي أطلقتها الولايات المتحدة ضدّ الصين وفقرة عن مخاطر الإحتكار بمناسبة الخلل التقني الذي أعلنته شركة “كراود سترايك” للخدمات الأمنية السّحابية، يوم الجمعة 19 تموز/يوليو 2024، وتسبب نظام “ويندوز” (التابع لشركة مايكروسوفت) في هذا الخلل… 

في جبهة الأعداء

حَذّر حسن نصر الله سلطات جزيرة قبرص التي تُعتبر مُشاركة في العدوان، لأن الجيوش الأمريكية والبريطانية والألمانية تستخدم القواعد البريطانية المتواجدة على أراضيها، وساهم جيش الجو والبحرية الأمريكية مُباشرة في العدوان ضد الشعب الفلسطيني منذ بدايته يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، من خلال استخدام قاعدة سلاح الجو البريطاني في أكروتيري بقبرص، بالإضافة إلى إرسال الطائرات من القواعد الأمريكية في إسبانيا وألمانيا والكويت، وهي طائرات غير مميزة من طراز C-295 وCN-235 (إنتاج شركة إيرباص) تستخدمها “القوات الخاصة” ووكالة المخابرات المركزية ( سي آي إيه) واستخدم الجيش الأمريكي ما لا يقل عن 26 طائرة نقل عسكرية أمريكية أخرى هبطت في القاعدة الجوية البريطانية “أكروتيري” ( قبرص)، قبل الإتجاه – مُحمّلَةً بالأسلحة – نحو تل ابيب في فلسطين المحتلة، فضلا عن العديد من الطائرات الأخرى غير المُسجّلة والمُمَوّهة، وأقلعت طائرات أمريكية أخرى من طراز سي-130 لا تحمل أية علامات من أكروتيري إلى تل أبيب، ويمكن للطائرة الواحدة من طراز C-130 أن تحمل 128 جنديًا مقاتلاً وما يقرب من 20 طنًا من المعدات، وفق تحقيق صحفي نشره موقع “دكْلَسّفيد” البريطاني الذي يُشير إلى تَوَرّط حكومات بريطانيا وأميركا وألمانيا ومجمل أعضاء حلف شمال الأطلسي في جرائم الإبادة الجماعية في غزة، بمشاركة مباشرة من القوات الخاصة الأمريكية التي انطلق العديد من عناصرها من قاعدة فايتفيل وقاعدة فورت ليبرتي بولاية نورث كارولينا، أكبر قاعدة للجيش الأمريكي، والتي تضم ما يقرب من خمسين ألف جندي في الخدمة الفعلية، وقيادة القوات الخاصة الأولى المحمولة جواً والتي “تقوم بتعيين وتجهيز وتدريب واعتماد والتحقق من صحة جنود ووحدات قوات العمليات الخاصة بالجيش لإجراء عمليات خارجية”، وهي “القوة الأكثر قدرة على التكيف والقدرة في الجيش الأمريكي” وفق وزارة الحرب الأمريكية، ولا تحمل طائراتها أي علامات وطنية محددة أو شارة سلاح أو وحدة جوية أو رقم تسلسلي…

ذكرت صحيفة “هآرتس” الصهيونية ( 23 تشرين الأول/اكتوبر 2023) أن أكثر من أربعين طائرة نقل أمريكية نقلت قوات ومعدّات وأسلحة إلى قاعدة أكروتيري في قبرص قبل التّوجه إلى فلسطين المحتلة للحفاظ على تفوق جيش الإحتلال، ولا تزال رحلات نقل الأسلحة والذّخيرة وقطع الغيار مُستمرة من القواعد الأمريكية في بريطانيا وإسبانيا وألمانيا ( رامشتاين) وتركيا (إنجرليك) إلى غاية اليوم، مما يجعل حلف شمال الأطلسي،بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، طرفًا مُباشرًا في احتلال فلسطين وفي عمليات الإبادة…   

في جبهة المقاومة، وبعد ارتفاع عدد السُّفُن ( سفن الدّول الدّاعمة للكيان الصهيوني) التي استهدفتها المقاومة اليمينية (حركة أنصار الله) في البحر الأحمر ومُحيطه، وبعد استهداف تل أبيب، فَجْرَ الجمعة 19 تموز/يوليو 2024، ارتفعت أسعار شحن الحاويات إلى أعلى مستوى منذ عامَيْن، بنسبة 121% منذ بداية العام 2024، وتضاعفت نحو أربع مرات مقارنة بسنة 2023، وفق دراسة نشرتها شركة التأمين والائتمان “أليانز ترايد التي قَدّرت إن تكاليف النقل لن تنخفض “طالما استمرت التوترات في الشرق الأوسط وخصوصا في البحر الأحمر واضطرار السفن أن تسلك مسارات أطول بكثير حول إفريقيا”، وتتحمل أوروبا وأمريكا والدّول الدّاعمة للعدوان الصهيوني مسؤولية عواقب تعطل سلاسل التوريد ومواعيد التسليم، واكتظاظ بعض الموانئ، وتُعَدُّ شركات نقل الحاويات هي المستفيدة من هذه الزيادة في أسعار الشحن، وأصبحت العديد من الشركات الأوروبية – التي تعتمد بشكل كبير على آسيا في وارداتها – “معرضة للاضطرابات في نقاط الاختناق الرئيسية مثل البحر الأحمر”، حيث انخفض مخزون هذه الشركات…

وردت معظم المعلومات بموقع ( declassifieduk  )  

تأثيرات “جانبية” للعدوان

تضاعفت أسعار الحاويات بعد ستة أشهر من دعم المقاومة اليمنية (حركة أنصار الله ) للشعب الفلسطيني، باستهداف السّفن الصهيونية والمُتّجهة نحو موانئ فلسطين المحتلة وسفن الدّول الدّاعمة للكيان الصهيوني والتي تُشارك جيوشها في العدوان على فلسطين واليمن، وقد يُؤَدِّي ارتفاع أسعار الشّحن، وطول فترة ومسافة العبور عبر رأس الرجاء الصالح بجنوب إفريقيا إلى ارتفاع أسعار السلع ونسبة التّضخم لأن المُستهلكين يُسدّدون ارتفاع التّكاليف، في ظل هشاشة الحركة التجارية في عصر العَوْلَمة وإنتاج الغذاء والسلع في المناطق الفقيرة من العالم، لتعظيم أرباح الشركات وبيع السلع بأسعار رخيصة في بلدان “المَرْكَز”، وفي ظل فرض أوروبا وأمريكا رسومًا جمركية إضافية على السلع الواردة من الصّين، وقد يؤدي ارتفاع التضخم وأسعار الشحن والسلع إلى تأجيل قرارات المصارف المركزية بشأن خفض أسعار الفائدة، وإلى صعوبات إضافية للشركات الأوروبية (زيادة تكاليف الشحن وتأخر التسليم ومراكمة المخزونات الإحتياطية، مما يعني تجميد مبالغ إضافية من رأس المال )، لأنها اشدّ ارتباطًا – مقارنة بأمريكا الشمالية وأستراليا واليابان- بحركة التجارة الواردة من آسيا عبر البحر الأحمر وقناة السويس – وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية – التي تراجعت إيراداتها السنوية ( السنة المالية المصرية من 1 تموز إلى 30 حزيران) بنحو 23,4% – من 9,4 مليارات دولارا خلال السنة المالية 2022/2023 إلى 7,2 مليارات دولارا خلال السنة المالية 2023/2024 – بفعل تَحَوُّلِ بعض شركات الشحن إلى مسارات ملاحية بديلة وانخفاض معدل عبور السفن قناة السويس من من 25911 خلال العام المالي 2022/2023 إلى  20148 سفينة خلال السنة المالية 2023/2024، وتراجع حجم ووزن الحمولة الصافية بنحو 15,6% مما يُؤدّي إلى تراجع إيرادات رسوم المرور.

تأثيرات على اقتصاد العدو – تواجه شركات العدو تداعيات العدوان المستمر وإغلاق الأراضي المحتلة سنة 1967، واستدعاء أكثر من 350 ألف من جنود الإحتياط، وحظر دخول العُمّال الفلسطينيين ومُغادرة عشرات الآلاف من العمال الآسيويين، وتجميد النشاط الإقتصالي في المناطق القريبة من غزة ومن جنوب لبنان وإخلاء ما لا يقل عن 250 ألف مستوطن، مما أدّى إلى إغلاق 35 ألف شركة صغيرة منذ بداية العدوان، وتتوقع شركة المعلومات التجارية الصهيونية “كوفيس بي دي آي” أن تتوقف ما يقل عن ستين ألف شركة عن النشاط قبل نهاية سنة 2024، وبالأخص الشركات العاملة في قطاعات البناء والزراعة والسياحة والضيافة والترفيه، بفعل العدوان الذي رفع أسعار الفائدة وعطّل الخدمات اللوجستية فضلا عن نقص القوى العاملة وانخفاض الطلب…

يستمر العدوان وتستمر المقاومة من قِبَل منظمات (وليس من قِبَل الأنظمة العربية) مما أدّى إلى إخلاء بعض المناطق القريبة من غزة، وبعض مناطق الجليل القريبة من جنوب لبنان، وشل ميناء أم الرّشراش ( إيلات) الذي أصبحت السّفن تتجنبه بفعل قصف المقاومة اليمنية لسفن العدو ومن يتعامل معه، فانخفضت به حركة الشحن بحوالي 85% بعد حوالي ثمانية أشهر من بداية العدوان، ما قد يُؤَدِّي إلى إفلاسه، وقُدّرت الخسائر الشهرية للميناء بنحو 2,5 مليون دولارا، ورصدت حكومة العدو مبالغ مالية ( معظمها من ألمانيا والولايات المتحدة) لإدارة الميناء للإبقاء على الموظفين وعددهم 120 موظفا، ولما عبّرت إدارة الميناء عن اعتزامها تسريح نصف الموظفين هدّدت الحكومة الصهيونية بإعادة تأميم الميناء الذي تمت خصخصته سنة 2013 ، وهو الوحيد الواقع خارج البحر الأبيض المتوسّط، ويستقبل السّفن القادمة إليه من الجنوب والشرق والمُحَمَّلَة بالمركبات القادمة من شرق آسيا ومعدات وماكينات ومواد خام، ومواد غذائية وتموينية، ومختلف السلع المستوردة، ومنطلقًا لصادرات البوتاس إلى الهند والصين.

المغرب

رفَعَت وكالة المخابرات المركزية السرية عن وثائق داخلية حول قضية الصحراء، ولم تَكشف هذه الوثائق أسرارًا، لكنها تضمّنت بعض التوضيحات حول طبيعة النظام المغربي المُتَذَيِّل للولايات المتحدة الأمريكية التي أعادت توجيه سياستها لصالح المغرب بشكل أكثر وضوحا، فيما يتعلق بقضية الصحراء، سنة 1981، في بداية رئاسة رونالد ريغن، وطلب الملك الحسن الثاني خلال زيارته واشنطن ( سنة 1982) بناء علاقات وِدِّيّة مع الولايات المتحدة وطلب “المساعدة الأمريكية لتطوير اقتصاد قوي ولمواجهة تهديد من قبل مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم جبهة البوليساريو وتسعى إلى إنشاء جمهورية عربية صحراوية مستقلة وديمقراطية في الصحراء الغربية”، وأظهرت الوثائق إن الدّعم العسكري والسياسي الأمريكي كان حاسما لمواجهة جبهة البوليساريو، وفق السفير الأمريكي جوزيف فيرنر ريد الذي كان يرى “يد الإتحاد السّوفييتي” في كل مكان، وأعلن: “أنا مصمم على أن يكون الوجود الأمريكي ظاهرًا ومحسوسًا هنا”، وأَمَرَ باستبدال العَلَم الأمريكي في السفارة بِعَلَمٍ أكبر، وبذل جُهْدًا لكي تُعزّز وكالة المخابرات المركزية عدد أعْوانها وتوسيع نشاطها ضد الجزائر وليبيا، انطلاقًا من المغرب، وهو أول سفير أمريكي يزور الصحراء. 

بنغلادش

أطلقت شرطة مكافحة الشّغب الرصاص المُغلّف بالمطّاط على الطلاب الذين يتظاهرون ضد سوء أداء الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي في المرافق العامة ( المدارس والمستشفيات)، مما أدّى إلى مقتل 32 شخصًا، من بينهم صحفي، أمام مقر قناة التلفزيون العامة “بي تي في” في العاصمة دكا، وفقًا لإحصائيات المستشفى، وأصيب مئات آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، بحسب برقية لوكالة رويترز بتاريخ الخميس 18 تموز/يوليو 2024، وحاولت رئيسة الوزراء “الشيخة حسينة” تهدئة الوضع ولكن التجارب السابقة جعلت المتظاهرين لا يثقون بها، وبالفعل فقد واصلت الشرطة استخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وأفاد الأطباء إن الشرطة تطلق الرصاص على الوجه، بهدف القتل، مما أدّى إلى توسُّع رقعة الإحتجاجات واندلاع اشتباكات جديدة في عدة مدن في بنغلادش يوم 18 تموز/يوليو 2024،عندما قطعت الحكومة شبكة الإتصالات والشبكة الإلكترونية “لمنع نَشْر الشائعات والأكاذيب والمعلومات المضللة”، وفق نائب وزير الإتصالات، قبل أن تُهاجم شرطة مكافحة الشغب المتظاهرين، الذين بدأوا جولة جديدة من إغلاق الطرق والطرق السريعة ومحاصرة حوالي ستّين من ضبّاط الشرطة في الجامعة، وأرسلت الحكومة طائرات مروحية لفكّ الحصار على قوات الشرطة ولم تُسخّر هذه الطائرات لنقْل المُصابين إلى المستشفى الذي أحصت إدارته ما لا يقل عن ألف جريح تم علاجهم، فضلا عن ما لا يقل عن 150 إصابة بالرصاص المطاطي وغير المطاطي في عيون الجَرْحَى، وأبلغت مستشفيات أخرى عن 14 حالة وفاة أخرى، وفق موقع داكار تايمز الإعلامي الإلكتروني، الذي قتلت الشرطة أحد مراسليه أثناء تغطيته الإحتجاجات في العاصمة دكا.

تحكم الشيخة حسينة ( 76 سنة) البلاد منذ 2009، وهي من الأعيان ومن أُسْرة أرستقراطية، وأقَرّت نظامًا للخدمات العمومية، سُمِّي “نظام الحصص” الذي يستفيد منه المُقَرّبُون من نظام الحُكْم، نظرًا لافتقاده للشفافية، وتطالب احتجاجات شبه يومية بإنهاء نظام الحصص الذي حرم الفُقراء والعديد من المرافق العمومية من الخدمات الأساسية كالكهرباء، وتحولت الإحتجاجات إلى موجة استياء واسعة من نظام الحُكْم واحتجاجات على الطبيعة القمعية للدولة، وأنشأ الحزب الحاكم ( رابطة عوامي ) مليشيات تُشارك مع الشرطة في عمليات القمع، وفق منظمة العفو الدّولية… 

اتخذت السلطات، يوم الجمعة 19 تموز/يوليو 2024، قرار حَظْر التظاهرات في العاصمة دَكَّا ( التي تَعُدُّ حوالي عشرين مليون نسمة) وإغلاق مؤسسات التعليم إلى أجل غير مُحَدَّد، وأعلنت توقيف أحد زعماء المعارضة الرئيسيين – زعيم الحزب القومي البنغلادشي – دون تقديم تفاصيل عن أسباب اعتقاله، وارتفع عدد القتلى إلى ما لا يقل عن خمسين وعدد الجرحى إلى حوالي 700 من بينهم ثلاثون صحافيا، خلال يوم الخميس 18/07/2024، بالإضافة إلى أكثر من ألف خلال الثماني والأربعين ساعة السابقة، واتهمت الشرطة “الكُفَّار بارتكاب أعمال التدمير والتّخريب، تحت غطاء المطالبة بإنهاء نظام الحصص في التعيينات في القطاع العام” وويُطالب المحتجون كذلك بالحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية التي وصفت شوارع دكّا – المزدحمة عادةً –  بالمُقْفِرَة وظَلّت مؤسسات التعليم مغلقة، بأمر من الحكومة، كما ظلّت خدمات الإتصالات والشبكة الإلكترونية مقطوعة، صباح يوم الجمعة 19/07/2024 وتهدف التظاهرات شبه اليومية التي انطلقت مطلع تموز/يوليو التنديد بالإنقطاعات المتكررة للكهرباء وإلى إنهاء نظام الحصص في القطاع العام الذي يخصص أكثر من نصف الوظائف لمجموعات محددة خاصة لأبناء قدامى المحاربين في “حرب التحرير” ضد باكستان عام 1971، أي أبناء أعيان الحزب الحاكم، ويطالب الطلاب بالتوظيف على أساس الجدارة، لأن نظام الحصص يعطي الأفضلية لأبناء أنصار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة التي تحكم البلاد منذ عام 2009 ويتهمها المعارضون بالرغبة في القضاء على كل أشكال المعارضة لتعزيز سلطتها، ولما تكثف الحراك في الأيام الماضية أطلقت الشرطة العنان لمليشيات الحزب الحاكم مما أدّى إلى اندلاع اشتباكات في عدة مدن ومما شكل ذريعة لتدخّل شرطة مكافحة الشّغب “لوضع حدّ للفوضى” بينما هاجمت شرطة مكافحة الشغب الطلاب الذين أقاموا حواجز على المحاور الرئيسية – رغم حَظْر التجمع والتظاهر –  واقتحم متظاهرون سجنا بوسط البلاد وأطلقوا سراح مئات المساجين قبل إضرام النار في المبنى، وارتفع عدد القتلى إلى 54 وفق إحصاء وكالة الصحافة الفرنسية (مساء يوم الجمعة 19 تموز/يوليو 2024)، وأصبح المتظاهرون يعلنون استمرار المظاهرات إلى حين “استقالة الشيخة حسينة وحكومتها المسؤولة عن عمليات القتل”، وفق وكالتَيْ رويترز والصحافة الفرنسية (أ. ف. ب. )  يوم 19/07/2024 

كوريا الجنوبية

“تشكل النساء النسبة الأكْبَرَ من عُمّال خط إنتاج الرقائق الخاص بشركة سامسونج للإلكترونيات، وتشتكي العاملات من سوء المعاملة ومن الطّرد التّعسفي وعدم الإعتراف بالأمراض المهنية، وفق الموقع الإلكتروني لصحيفة “هانكيوريه” الكورية الجنوبية ( النّسخة الإنغليزية)، ولهذه الأسباب وغيرها أضرب العاملون في شركة سامسونغ يوم الاثنين 15 يوليو 2024، بمشاركة مُكثّفة من النساء، ويعاني العمال في خط الإنتاج هذا من عدة أمراض مهنية مثل تشوه الأصابع، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الأمراض الجسدية مثل الدوالي والانزلاق الغضروفي، ونشر العاملون ( والعاملات) العديد من الرسائل والصور حول تدهور صحتهم وانتشار أنواع خطيرة من سرطان الدّم، ويشتغل العُمال بشكل متواصل، بدون فترات راحة تقريبًا، فحتى للذهاب إلى المرحاض يتطلّب الإستئذان والتّرخيص، مما يسبب التهابات متكررة في المثانة والجهاز البَوْلي والكلى، وتحدد الشركة حصص الإنتاج لكل مجموعة ويتم تقييم أفراد المجموعات على أساس أدائها، مما يضيف ضغطًا نفسيًا على العمل البدني الشاق.

ييسبّب نَسَق العمل وكثافته في تصنيع أشباه الموصلات بشركة سامسونغ هشاشة العظام، ما يُؤَدِّي إلى تشوهات الأصابع، وإلى الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي والدوالي وأمراض أخرى بالعامود الفقري، وقائمة طويلة من الأمراض الجسدية مثل التهاب اللفافة الأخمصية والانزلاق الغضروفي، بفعل الوُقوف طيلة أيام الأسبوع، وبفعل النّقل اليدوي، طيلة النهار لصناديق أو عُلَب يتراوح وزنها بين 3 و5 كيلوغرامات، وإدخالها في الآلات التي تكمل عملية التصنيع، ويتكرر هذا العمل طيلة ثماني ساعات يوميا لكل عامل وعاملة من النوبات الثلاث ( السادسة صباحا والثانية بعد الز”وال والعاشرة مساء)، مع الإشارة إن العُمّال يتوقفون لتناول الطعام، لكن العمل يستمر، ما يُحتم تناول الطعام بالتناوب، وفق نشرة النقابة الوطنية لعمال سامسونغ التي أعلنت إضرابًا عاما يوم الثامن من تموز/يوليو 2924، وأدّى الإضراب إلى انخفاض وتيرة إنتاج أشباه الموصلات التي كانت تُقدّر بحوالي 80% من الطاقة القصوى للإنتاج، وانخفضت بفعل الإضراب إلى حوالي 18% من طاقة الإنتاج خلال الأسبوع الأول، وصرحت العديد من العاملات إن الرعاية الصحية وتحسين معايير السّلامة والوقاية من الأمراض المهنية والوقاية من التّعَرُّض للأشعة السينية وخفض حدّة التّوتُّر، أصبحت أهَمّ من زيادة الأجور وزيادة أيام الإجازة التي تُؤَجّلها الشركة إلى ما لا نهاية له، بسبب نقص العمالة، ما يزيد من الضغوط النفسية وحالات الإكتئاب…  

قَدّرت صحيفة ” هانكيوريه” نسبة العاملات والعُمّال المُشاركين في هذا الإضراب العام الأول في تاريخ شركة سامسونغ للإلكترونيات، بنحو خمسين بالمائة، وأعلنت نقابة العُمّال (NSEU ) إن ارتفاع نسبة المُشاركة في الإضراب تعود إلى غضب العاملين من ظروف العمل وتحديد حصص الإنتاج من قِبَل إدارة سامسونغ، وإلغاء الإجازات والأساليب العسكرية لتَسْيِير المصانع، طيلة تاريخ الشركة  الذي يمتد لخمسة وخمسين عاماً، ونظمت النقابة ( NSEU ) مسيرة أمام مصنع جيهيونغ التابع لشركة سامسونغ يوم الاثنين 15 تموز/يوليو 2024… 

الحرب التكنولوجية

واجهت شركة هواوي التكنولوجية الصينية، منذ سنة 2019، هجومًا غير مسبوق من قبل الولايات المتحدة، بسبب ابتكار وتسويق تقنية الجيل الخامس (5 G ) قبل الشركات الأمريكية واليابانية والأوروبية، حيث تم حظْرُ وإقصاء عملاق الإتصالات الصيني من الأسواق العالمية، وحرمانه من الوصول إلى التقنيات الأمريكية الحيوية، ثم تم تشديد الحظر، خلال حكم الحزب الدّيمقراطي الأمريكي، ومنع “هواوي” من الوصول إلى رقائق شركات إنتل الأمريكية وكوالكوم، ةهي ضرورية لتطوير ما سُمِّيَ “الذكاء الاصطناعي”، وتندرج الحرب التجارية والتكنولوجية ضمن التنافس بين الصين والولايات المتحدة التي تحاول الحد من وصول هواوي إلى السوق الدولية، لكن تمكنت الشركة الصينية للإتصالات من هواوي من التعافي بفعل الابتكار القسري والتنويع الاستراتيجي والانسحاب التكتيكي إلى السوق الداخلية، واستثمرت نحو 23 مليار دولارا خلال سنة 2023 لدعم جهود البحث والإبتكار والتّطوير وإعادة توجيه مواردها نحو القطاعات الواعدة الأقل تأثراً بالعقوبات، وابتكرت حلولاً تكنولوجية متطورة لشركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية، وتمكنت من تنويع مصادر الدّخل بفعل تطوير عملها في مجال الحوسبة السحابية وتَحَوُّل الطّاقة…

مخاطر الإحتكار

أعلنت شركة “كراود سترايك” يوم الجمعة 19 تموز/يوليو 2024، إن خللا تقنيا في نظام “ويندوز” (التابع لشركة مايكروسوفت) وهو المُشَغِّل لأحد خوادم الشركة، أدّى إلى تعطيل عمل العديد من وسائل الإعلام والمستشفيات والمطارات والمؤسسات في العالم، وشَلّ هذا العطل المعلوماتي العديد من الشركات في جميع القطاعات، فضلا عن الشبكة الإلكترونية وقطاع الإتصالات، ونَفَت الشركة أن يكون العطل التكنولوجي العالمي ناجمًا عن “هجوم إلكتروني

كراود سترايك هي شركة أمريكية، تأسست سنة 2011، وهي مُهيمنة على مجال الأمن السيبراني من خلال منصة حماية نقاط النهاية السحابية الخاصة بها والمسماة “فالكون”، وهي منصة توفر معلومات استباقية للتهديدات التكنولوجية، كما تعمل في مجال إنتاج برامج مكافحة الفيروسات، وأظْهَرَ هذا الحادث إن احتكارها واحتكار مايكروسوفت لمنظومة تشغيل الشبكة الإلكترونية والإتصالات وإدارة منصأت المعلومات قد تتسبب في خسائر فادحة في جميع أنحاء العالم، فضلا عن تخزين المعلومات الخاصة بمؤسسات العالم والخاصة بعدّة مليارت من سكّان العالم، بذريعة العمل على “الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لمنع التهديدات السيبرانية المتطورة واكتشافها والاستجابة لها، مما يوفر للشركات حلولا أمنية شاملة”، وأظهر الحادث إنها غير قادرة على الإيفاء بوعودها، حيث أصاب الخلل الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الإتصالات وبعض التطبيقات والخدمات في مجالات النقل، فتوقفت العديد من رحلات السكك الحديدية والطيران والنقل البحري في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وهولندا وتركيا والكيان الصهيوني، وتعطل إنتاج النفط والغاز وتداول المحروقات والعديد من السلع والأسهم في البورصات العالمية، بسبب توقف أنظمة الحاسوب وفق وكالة بلومبرغ المُتخصّصة في الأخبار والتحليلات الإقتصادية والمالية، وأشارت الوكالة إلى انخفاض أسهم شركة “كراود سترايك” بنسبة 21% في تداولات السوق الأمريكية وانخفضت أسهم مجموعة مايكروسوفت بنسبة 2% وانخفض مؤشر ناسداك للتكنولوجيا بأكثر من 3% خلال أسبوع… 

يقع المقر الرّئيسي لشركة كراود سترايك في سانيفيل بولاية كاليفورنيا الأميركية، ويُشتغل نحو ستة آلاف موظف، وبلغ صافي إيراداتها للعام المالي 2023 نحو 2,25 تريليون دولارا، وفقا لموقع “ياهو فاينانس”، وبلغت القيمة السوقية للشركة خلال شهر تموز/يوليو 2024 حوالي 33 مليار دولار.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.