ندماء السلطة .. والضمير الغائب !! / احمد الشاوش
احمد الشاوش ( اليمن ) الأربعاء 21/12/2016 م …
كثيراً ما يلجأ حكام العرب والمسلمين الى انشاء وتعيين” ندماء” للسلطة من شقين ، الاول وهو الاوفر حظاً وقرباً وتفاعلاً ومسؤولية لوضاعته مثل بعض السياسيين والمثقفين ومشايخ ورجال صحافة واعلام وشعراء وادباء وظرفاء متحررين من القيم ، يجيدون فنون السفاهة والسفالة والانحلال ، للاستعانة بهم في تحجيم عقلاء الامة وتأديب الناقدين وترويض المعارضين وهجائهم عبر تسويق الشائعات والاساة والتشكيك والتهم والنيل من رموز الثقافة والفكر والتنوير والعلماء والمصلحين الذين لا تروقهم بعض التصرفات السلبية والتجاوزات المخلة لملوك وامراء ورؤساء وقادة كانوا أكثر صلاحاً قبل الصعود الى السلطة وأصبحوا غارقين في الظلم والفساد حتى أخمص القدمين .
في حين تأتي بطانة الحكماء والعقلاء والمفكرين والعلماء الاكثر استقامة وصلاحاً في آخر اهتمامات الحكام عن دراية ومعرفة وأخرى نزولاً عند رغبات ومغالطات ودسائس ندماء السوء ، الذين يستميتون في تهميش الحكماء والانتقاص من منزلتهم الرفيعة وتغييب حضور هم ، إلا اذا شعر الحكام باهتزاز عروشهم وكراسيهم بحلول الثورات او الانقلابات التي سرعان ما تطيح بعروشهم ، بعد ان غدر بهم المفلسين الذي طغى حضورهم على مدار الساعة وكانت لهم اليد الطولي في الهاء الحكام وتعيين فلان ، والاطاحة بزعطان ، والانتقام من علان ، بعد ان تفردوا وسحروا الحكام واستمالوا قلوبهم وسيطروا على عقولهم بنواعم الكلام وجلسات الانس واماتوا فيهم مواطن الخير ونزعوا عنهم الشعور باحتياجات ومآسي الرعية ، ولنا في ندماء الامويين والعباسيين والاندلسيين والعثمانيين وغيرهم أمثلة وعبراً كثيرة جرتهم الى سقوط ممالكهم وتهاوي كراسيهم بعد ان سقطت اخلاق الكثير منهم.
ورغم ان الحكام بشراً يصيبون ويخطؤون وغالبيتهم يحلم بالحياة ورغد العيش والتفكير في إضافة شيء للأخرين ويؤمن بلغة التسامح والتعايش من اجل البقاء على قيد الحياة ، إلا انهم بعد الوصول الى كراسي الحكم تموت فيهم غريزة التفكير الإيجابي وميزة الوفاء بالعهود ويفتقد السواد الاعظم منهم الى البساطة والرحمة والايثار ونسيان او تناسي منظومة القيم بعد ان أصبحوا ضحايا دون ان يشعروا وطغاة دون ان يعرفوا ودمى طيعة ، رغم الهيبة المصطنعة والهالة الاعلامية والافراط في الاناقة والخطابات والحديث عن الانجازات وقمع المعارضين ليدفع الكثير منهم ثمناً باهظاً بعد ان اصبحت البطانة الفاسدة قد خبرت بكل نقاط الضعف في الحاكم وشخصت نفسيته وجرت في كل جوارحه كما يجري الشيطان في مجرى دم ابن ادم ونمت فيه ” هوى النفس” وبريق الاموال والارصدة ودغدغت فيه التسلط ، حتى صنعت منهم طواغيت لقمع الشعوب لالهائهم بالصراعات الوهمية التي تعيق الحاكم والامة عن قيادة الشعوب العربية والاسلامية من الوفاء بمسؤولياتها الدستورية والقانونية والشرعية التي تعهدوا للارتقاء ببلدانهم واقسموا الايمان بصونها واحترام شعوبها ، وبغض النظر عن الطريقة التي قفزوا بها الى السلطة عبر الانتخابات أو التوريث او الانقلابات ذات اللونين الاحمر والابيض او الشرعية المضروبة التي اصبحت بمثابة شعرة معاوية في عالمنا العربي لتسويق الفوضى واستجلاب الغزاة .
ولذلك فإن بقاء حكام الامة العربية والاسلامية حبيسي الجدران الاربعة في قصورهم وتحت تأثير وسيطرة مجموعة من الغوغائيين والانتهازيين المفلسين عن بُعد الذين يعملون على مدار الساعة على تغييب الحكماء والعقلاء لأسقاط الحكام وضياع الامة بعد ان أصبح حكامنا عبيداً لشهواتهم وبطانتهم السيئة التي اصبحت تدير امور البلدان العربية من القصور الفخمة التي كثر حراسها وخدامها وغانياتها وموائدها المتخمة وانعدمت مرؤتها وأمنها وثقتها في نفسها والاخرين ،، بعد ان تصدى سفهاء الامة لكل خطوة رشيدة وبارقة امل هدفها الاصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين وبناء المؤسسات وتقويم الحكام بعد ان تسممت عقولهم وقلوبهم بالدسائس والحقد والكراهية والشك والصراع البيزنطي .. وما ان تأتي رياح التغيير وعواصف الانتقام وزلازلا الشعوب وصرخات البطون الجائعة حتى يستيقظ الحكام فجأة مذعورين من هول الفاجعة لاستجداء عقلاء الامة بعد فوات الاوان .
فهل يعي حكامنا التاريخ ويستفيدوا من قراءة الواقع ويستلهموا الدروس من فتنة الربيع العربي وماقبلها ومابعدها وترك هوى النفس ومجالسة حكماء الامة وعقلاءها ليريحوا ويستريحوا وفاءاً للعهود ام كُتب عليهم العيش في بروج مشيدة حتى تأتيهم المنية او رصاصات الانقلاب او اعصار الشعوب .. أملنا كبير في مراجعة النفس ووخز الضمير ؟
التعليقات مغلقة.