اسمعوا حكاية الفتى / باسل الرفايعة
باسل الرفايعة ( الأردن ) الأربعاء 21/12/2016 م …
يا أطفالنا في الأردن. تعالوا أقصُّ عليكم قصَّةً بَطَلٍ من بلادكم، وهي ليست مِنْ ‘كان يا ما كانْ’. ولا هِيَ من الأساطيرِ. ولا مِنْ كتابِ الساحرات، ولا عَنِ الأحصنةُ البيضاءِ، وزوجاتِ الآباءِ الشرّيرات.
لا تناموا، قَبْلَ أنْ تسمعوا حكايةَ الفتى الأردنيٍّ سائد المعايطة. وقد كانَ وَلداً كركّياً شُجاعاً، دَرَسَ في مدارسِ الحكومة. ثمَّةَ مدارسُ في بلادكم، يجوعُ فيها الأولادُ، ولا مقاصفَ فيها للحلوى، ولا مدافئ في
الشتاءِ، يعودونَ لأمهاتهم ظهراً، وتكونُ المفاجأةُ صحنَ عَدَسٍ، مع بصلٍ وخبز.
كَبُرَ سائدُ مثلكم، كلّ شبرٍ بنذرٍ. وخطَّ شاربهُ كالفتيانِ في عمَّانَ وإربدَ والزرقاء. وظهرَ حَبُّ الشبابِ على جبهتهِ وخدّيه. وحينَ أنهى دراسته الثانويّة، ذَهَبَ إلى الأمن العام.
لَمعَتْ على كتفيهِ النجومُ، فأصبحَ مُقدّماً، وتلكَ رتبةٌ عسكريّةٌ، يزهو بها أبناءُ القرى الغافيات على الجوعِ والصبرِ والأسى. كانَ شاباً وسيماً، يزهو بأوسمته، ويحبُّ النياشين على صدره. ويحبُّ الأمهات والبنات وسيْل الكرك.
وَمِمَّا كانَ، أيُّها الصغارُ، أنْ هجمَ الهمجُ على الطرقاتِ التي مشى فيها صغيراً، وعلى بيوتِ أهله وأصحابهِ. كانوا يريدونَ أنْ يأخذوا بنات مدينته سبايا، ويهدمونَ الكنائسَ في أدر والسماكيّة، ويقتلون النَّاسَ الذين يُصَلُّون في مساجد كثربا والثنيّة، ويرفعونَ علماً أسودَ على قلعة الكَرك، ويُعلنونها إمارةً للظلام.
صاحَ سائدُ صيحةً أردنيّة: ‘المنيّة، ولا الدنيّة’. وتقدَّمَ جنودَهُ نحوَ الأشرارِ، فأصابوهُ برصاصٍ في قَدَمهِ، وضمّدها على عجلٍ، وعادَ إلى ساحةِ المعركة قائداً، لا يخذلُ رفاقهَ، إلى أنْ تلقّى نيراناً في الصدرِ، كما هُوَ قَدَرُ الأبطالِ في الملاحمِ التاريخيّة، فصَعَدَ عالياً، وسلّمَ روحه للطيور، لتخفقَ في سماءِ بلاده.
يا أطفالَ الأردن. لا تنسوا الشهيدَ سائد المعايطة، فَقَدْ نزفَ دمه في هذا الشتاءِ، لتناموا دافئينَ في أحضانِ أمهاتكم، وتذبلُ عيونكمُ من فرطِ النعاس. ألا سلمت عيونكم. وعاشت بلادنا، وتصبحونَ على خير..
التعليقات مغلقة.