فليتجرعوا كأس العائدين من سورية!! / د.محمد سيد احمد
د.محمد سيد احمد ( مصر ) الجمعة 23/12/2016 م …
في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وعندما كانت بريطانيا هي الدولة الاستعمارية الأكبر في العالم، وكانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وكانت منطقتنا العربية تقع ضمن نفوذها الاستعمارى هي وشقيقتها الاستعمارية الأخرى فرنسا، قررت بريطانيا منح العصابات الصهيونية المشتتة حول العالم قطعة من أرضنا العربية وهى فلسطين، ومن هنا بدأت بذور الإرهاب تنبت في أراضينا العربية، ولم تكتف بريطانيا بذلك لكنها أيضا قررت أن تزرع داخل منطقتنا العربية كيانا إرهابيا آخر، وهذه المرة داخل أكبر دولة عربية وهى مصر، فقامت المخابرات البريطانية بتجنيد الشاب حسن البنا الذي لم يكن قد أكمل بعد عامه الحادى والعشرين، وكان يعمل مدرسا للغة العربية في إحدي المدارس الابتدائية بمدينة الإسماعيلية، وأمدته بالمال الذي قام من خلاله بتأسيس جماعة الإخوان الإرهابية، وقد اعترف هو بنفسه بأنه قد تلقى 500 جنيه مصرى في حينه لبناء أول مسجد للجماعة بالإسماعيلية من رئيس شركة قناة السويس، وكان بالطبع أحد رجال المخابرات البريطانية بمصر.
وبعد أن أنجزت بريطانيا مهمتها بدأت شمس إمبراطوريتها الاستعمارية تغيب وتتلاشي، ليبزغ شمس الإمبراطورية الأمريكية، ومنذ لحظة بزوغها وهى تتبنى تلك الكيانات الإرهابية التي زرعها الإنجليز في منطقتنا العربية، فأصبحت إسرائيل ذلك الكيان المغتصب لأراضينا العربية في فلسطين هي حليفتها بل وابنتها المدللة، وفى نفس التوقيت أصبحت جماعة الإخوان الإرهابية التي خرجت من تحت عباءتها كل الكيانات والجماعات والتنظيمات الإرهابية في العالم، والذين رفعوا شعار الجهاد وأطلقوا على أنفسهم المجاهدين، رغم أنهم يعيثون فسادا في الأرض فقد تدثروا برداء الإسلام والإسلام منهم براء، أصبحت الجماعة وأبناؤها تحت الرعاية الأمريكية، لا يمكنها الحركة إلا بأمر السيد الجديد وأجهزة مخابراته التي تدير الحروب هنا وهناك، وتستفيد من جراء ذلك مليارات الدولارات تدخل سنويا إلى الخزانة الأمريكية، ثمنا للأسلحة التي تستخدم في هذه الحروب التي تشعلها الولايات المتحدة الأمريكية بواسطة كياناتها الإرهابية.
وبالطبع يتذكر العالم كيف دفع فاتورة فادحة الثمن بعد انتهاء الحرب الأفغانية، وعودة أولئك الذين أطلقوا على أنفسهم لفظ المجاهدين إلى بلدانهم، وكانوا أيضا من مختلف الجنسيات جاءت بهم الولايات المتحدة الأمريكية إلى أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتى، بدعوى تحريرها من الكفر والإلحاد، وكانت النتيجة أن شهدت مناطق عديدة من العالم العديد من العمليات الإرهابية على يد هؤلاء العائدين من أفغانستان، ولم تنج الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا التي زرعت الإرهاب من أيدى هؤلاء العائدين، خاصة تنظيم القاعدة الذي كان يقوده أسامة بن لادن، والذي قرر أن يسقيهم من نفس الكأس، بعد أن انقلبوا عليه وتخلوا عن مساعدته ومده بالمال والسلاح.
وها هو التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى ومع نفس الإمبراطورية الأمريكية التي قررت أن تقسم وتفتت منطقتنا العربية لصالح حليفتها الصهيونية إسرائيل منبت الإرهاب في تربتنا العربية، ومن أجل جعلها الكيان الأكبر في المنطقة ولحفظ أمنها واستقرارها أشعلت نيران الربيع العربي المزعوم، وعادت مرة أخرى لاستخدام حليفها الإرهابي القديم والذي يعمل لديها دائما بالوكالة، إذا توافر المال والسلاح، والحجة جاهزة وهى تحرير مجتمعاتنا من الكفر، فيهب المجاهدين للدفاع عن الدين الذي هو منهم براء، وهذه المرة كانت وجهتهم هي سورية العربية الحصن الأخير للمقاومة في وجه المشروع الأمريكى الصهيونى، حيث شنوا حربهم الكونية عليها ولمدة ست سنوات كاملة، وعبر الإرهابيين الذين تم جلبهم إليها من 92 دولة حول العالم، وعلى الرغم من ذلك صمدت سورية، وقاومت شعبا وجيشا وقائدا ولم تستسلم، بل تمكنت وببراعة فائقة من إدارة المعركة على المستوى الميدانى، ولأول مرة في التاريخ ينجح جيش نظامي في حرب الشوارع، وهو ما فشلت فيه أمريكا بجيشها في فيتنام وأفغانستان والعراق..
وأيضا على المستوى السياسي، حيث تمكنت من عقد تحالف دولي قوي مع روسيا والصين وإيران وحزب الله، مكنها من الانتصار على الأرض وعلى طاولة المفاوضات.
وجاءت أخيرا اللحظة الحاسمة في معركة حلب، وبدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الحرب الكونية على سورية يصرخون من انتصارات الجيش العربي السورى، ويحاولون وقفها بأى شكل، وما يؤرقهم اليوم هو الطريقة التي يحاصر بها الجيش العربي السورى الجماعات الإرهابية، حيث يطوقها ويحاصرها ويخنقها حتى تعلن الاستسلام فيمنحها ممرات آمنة للخروج، وبالطبع هذه الطريقة الجهنمية التي يتبعها الجيش العربي السورى لا ترضى أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا وتركيا وقطر وغيرهم، ممن قاموا بشن الحرب الكونية على سورية، لأنهم يدركون حجم الخسائر التي سيدفعونها بعودة هؤلاء المجاهدين الإرهابيين إلى أوطانهم الأصلية، فما يتمناه هؤلاء المتآمرون على سورية الآن هو أن يقوم الجيش العربي السورى بقتل كل هؤلاء الإرهابيين على الأرض السورية، لكن هيهات أن يتحقق حلمهم، فليدفعوا ثمن تآمرهم على قلب عروبتنا، وليتجرعوا من كأس العائدين من سورية، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
التعليقات مغلقة.