ما سر زيارة الرئيس عباس المفاجئة للسعودية؟

 

الجمعة 23/12/2016 م …

الأردن العربي – كمال عليان …

لمدة يوم واحد فقط، مكث الرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة السعودية الرياض، في زيارة رسمية التقي خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، دون الكشف عن سبب الزيارة المفاجئ.

وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، فإن الوفد المرافق للرئيس عباس، يضم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، وقاضي القضاة محمود الهباش، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج.

وتأتي هذه الزيارة بعدما شهدت العلاقات مؤخراً توتراً، كان من ملامحه وقف السعودية صرف المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية، والتي تقدر بنحو 20 مليون دولار شهرياً، منذ نيسان/ أبريل الماضي، وهو ما رُبط برغبة المملكة في عودة القيادي المفصول من الحركة، محمد دحلان، للمشهد السياسي مجدداً.

غير أن اقتصار زيارة الرئيس للمملكة فقط في ظل هذه التطورات، تطرح العديد من علامات الاستفهام حول الأهداف الأساسية للزيارة؟!

مشاورات متواصلة

ويؤكد الناطق باسم حركة فتح أسامة القواسمي، أن هذه الزيارة تأتي في ظل المشاورات المتواصلة بين القيادتين الفلسطينية والسعودية في ظل الأوضاع العربية الراهنة، وما تواجهه القضية الفلسطينية اليوم من محاولات لقتل حل الدولتين بشكل كامل من قبل الاحتلال، مشيداً بمواقف السعودية التاريخية تجاه القضية الفلسطينية.

وتحدثت أوساط سياسية فلسطينية عن أن أحد أهداف الرئيس عباس من هذه الزيارة هو الضغط على دولة الإمارات من خلال السعودية، لتسليم النائب المفصول محمد دحلان للقضاء الفلسطيني.

غير أن القواسمي استبعد في حديثه لـ “دنيا الوطن” تطرق الرئيس عباس لقضية دحلان في زيارته بقوله “هذا الموضوع ليس في بال القيادة الفلسطينية، وملاحقة أي مواطن خارج عن القانون يتم بطرق خاصة لهذا الموضوع، والرئيس عندما يلتقي خادم الحرمين يتحدث عن قضايا استراتيجية كبيرة للبلدين والقضية الفلسطينية، وليس قضايا ثانوية التي يمكن حلها بوسائل أخرى”.

وأشاد القواسمي بمواقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية سواء على الصعيد السياسي أو الدعم المالي المتواصل للثورة الفلسطينية والسلطة، مؤكداً على وقوف الشعب والقيادة الفلسطينية إلى جانب المملكة العربية السعودية في ظل ما تواجهه من إرهاب ومحاولات لضرب وحدة الشعب السعودي.

من جهته، شدد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد على حرص القيادة الفلسطينية على استمرار العلاقات الطيبة مع السعودية، نافياً الأخبار التي تتحدث حول توتر العلاقات بين السلطة والمملكة.

وتقود السعودية منذ سنوات التحالف الرباعي العربي، بجانب مصر والأردن والإمارات، لتأخذ دوراً أكبر فيما يخص القضية الفلسطينية، فيما ذكرت تقارير سابقة أن السعودية تسعى لإدخال عباس في وساطة مع النظام السوري لإنهاء الأزمة السورية بعيداً عن تنازل بشار الأسد عن رئاسة الحكم بسوريا.

إلا أن القواسمي والأحمد أجمعا في حديثهما لـ”دنيا الوطن” على أنه لا يوجد لديهم معلومات بهذا الخصوص.

وفي ذات السياق، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، أن القضية الأبرز التي تناقشتها زيارة الرئيس للسعودية، هو التشاور والتنسيق المشترك بين البلدين.

وذكر مجدلاني في حديث لـ “دنيا الوطن” أن الملفات السياسية التي سيناقشها الرئيس في السعودية تتعلق بالتحرك الدبلوماسي الفلسطيني في المحافل الدولية، ومساندة القرارات الرباعية العربية ضد الاستيطان، وتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن بهذا الصدد، بالإضافة إلى مؤتمر السلام الدولي في باريس، وأيضا ما تمخض عن المؤتمر العام لحركة فتح من قرارات وتجديد التحرك نحو إنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية.

دعم مالي

أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، فيؤكد أن الهدف الأساسي من زيارة عباس للمملكة السعودية هو الحصول على الدعم المالي للسلطة، وتثبيت الشرعية التي حصل عليها مؤخراً من خلال المؤتمر السابع لحركة فتح، وأنه مازال الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني.

وقال الصواف لـ “دنيا الوطن”: “الرئيس الفلسطيني، يريد أن يرسل رسائل للسعودية مفادها، أنه الجهة الفلسطينية الشرعية التي يجب التعامل معها بالإضافة لقضايا أخرى مثل محاولة الطلب من السعودية تسليم النائب المفصول محمد دحلان لمحاكمته بناء على الاتهامات التي وردت عليه”.

وأضاف الصواف “الهدف الأساسي من الزيارة هو المال لأن السلطة الفلسطينية الآن في أزمة مالية في ظل ضعف واردات الدول الأوروبية وضعف دعمها لرواتب السلطة، بالإضافة إلى ترميم العلاقة بعد رفض عباس لطلبهم بإعادة دحلان للواجهة السياسية”.

ويرى أن الزيارة جاءت وفق رغبة من الرئيس عباس، وليس رغبة من قبل السعودية، موضحاً أن السعودية ربما قبلت بعد العلاقة السيئة التي سبقت وبعد أن انفضت مصر من تحالف الرباعية إلى تحالف روسيا وسوريا.

وتابع “السعودية ربما تريد أن توجه رسائل أنها تحتضن ولو شقاً من الشعب الفلسطيني ممثل بعباس” مستبعداً أن تدخل السعودية عباس في أي وساطة مع النظام السوري لأنه –وفقاً للصواف- لا يمتلك أي أوراق قوية بهذا الخصوص.

عمق العلاقات

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر ناجي شراب، أن الهدف الرئيسي من الزيارة هو التأكيد على العمق الاستراتيجي للعلاقات الفلسطينية- السعودية، ورسالة من الرئيس عباس أن العلاقات بين البلدين أقوى من اللغط الإعلامي الذي ساد الفترة الماضية.

وقال شراب لـ “دنيا الوطن”: “الزيارة تأتي للتأكيد على تحسن العلاقات إزاء أي سوء فهم، وخصوصاً أن الرئيس عرض ملفاً كاملاً لنتائج المؤتمر السابع لحركة فتح، كما أن لها بعد شخصي بين الرئيس عباس وخادم الحرمين الملك سلمان منذ أن كان يرأس مؤسسة دعم القضية الفلسطينية”.

وبشأن إمكانية أن يدخل الرئيس عباس لوساطة بين السعودية ونظام الأسد بسوريا، أكد شراب أن عباس نجح إلى حد كبير في إقامة علاقات متوازنة مع السلطة الرسمية في سوريا، وبالتالي فإنه من الممكن أن تطرح هكذا أفكار للقيام بهذا الدور الرئيس شخصياً.

واستبعد المحلل السياسي شراب، أن يطلب الرئيس عباس من السعودية الضغط على الإمارات لتسليم النائب المفصول محمد دحلان، معتبراً أن تلك تصريحات إعلامية فقط ومستبعدة تماماً.

وأضاف “الرئيس بهذه الزيارة وبعد مؤتمر فتح وانتخاب اللجنة المركزية والمجلس الثوري، يؤكد أن ملف دحلان أغلق تماماً دون رجعة”.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.