قرار مجلس الأمن بشأن الاستيطان بين التصفيق والتبصر / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) السبت 24/12/2016 م

سيناريو دراماتيكي صاحب إعداد وعرض وإقرار مشروع قرار يقضي بوقف الاستيطان ، فبعد أن قامت مصر بعرضه على مجلس الأمن من قبل مصر عادت وقامت بسحبه وتبع ذلك بيوم واحد قيام أربع دول بعرضه على المجلس وهي ماليزيا وفنزويلا والسنغال ونيوزيلاندا ، حيث تم عرضه وإقراره من قبل مجلس الأمن في جلسته يوم أمس الموافق 23 كانون أول / ديسمبر 2016 ، هذا القرار يستحق منا التوقف ولو قليلاً لمعرفة خلفيته وماذا يضيف وكيف يعالج موضوع الاستيطان والاغتصاب الصهيوني للأراضي الفلسطينية .

لقد جرى الترويج لمشروع القرار المذكور منذ مدة ليست بالقليلة وذلك قبل قيام مصر بعرضه على المجلس حيث بدأ التباحث بشأنه منذ الربع الأول من هذا العام تخللها مباحثات ومشاورات بين أمريكا والسلطة الفلسطينية إلى أن وصل إلى الصياغة التي تشير كل المؤشرات إلى قبولها أمريكياً تبع ذلك قيام مصر بعرضه على المجلس وسحبه بعد ذلك ، وتمثلت المفاجأة بقيام مصر بسحب مشروع القرار قبل التصويت عليه بساعات قليلة ، ومن هنا بدأ الضجة الإعلامية والتكهن والتساؤل لماذا تم سحب المشروع ؟ ، وهل كان ذلك تخوفاً من الفيتو الأمريكي – غير المتوقع – ؟ او بطلب من الرئيس الأمريكي المنتخب وبتنسيق مع الصهاينة ؟ حيث صور الإعلام المشروع بأنه كان سيؤدي حال إقراره إلى هز الكيان الصهيوني وإرغامه على وقف الاستيطان بل ومعاقبته إن لم يقم بذلك ، واستمرت الدراما فلم يكد يمضي يوم واحد على سحب مصر لمشروع القرار حتى تقدمت به للمجلس أربعة دول وهي ( فنزويلا وماليزيا والسنغال ونيوزيلندا ) وتم التصويت عليه وإقراره على وجه السرعة بالاجماع وامتناع أمريكا عن التصويت .

وفور إعتماد القرار من قبل مجلس الأمن تحت الرقم 2334 بدأت عملية التصفيق والتفاخر والتباهي بالانجاز العظيم وبالنصر المؤزر حتى قبل معرفة فحوى القرار ونصوصه ، وعلى الرغم من أهمية صدور قرارت من مجلس الأمن حول الاستيطان وفي هذا الزمن بالذات إلا ن هناك نقاط هامة تستدعي التوقف عندها :

1.      لقد سبق هذا القرار قرارت متعددة صادرت عن مجلس الأمن حول الاستيطان في سنوات سابقة ، قرارت لم تلتزم ” إسرائيل ” بها ولم تحترمها أو تتوقف عندها وهذه القرارت هي :

•       القرار رقم 446 المتخذ في 22 آذار/ مارس 1979والذي ندد المجلس فيه بممارسة إسرائيل لبناء المستوطنات في الاراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس كما نص القرار على أن اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في الحرب والمؤرخة في 12 آب / أغسطس 1949 هي التي تنطبق على الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس ، حيث قرر المجلس أن سياسة إسرائيل وممارساتها في إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية الأخرى المحتلة منذ عام 1967 ليس لها شرعية قانونية وتشكل عقبة أمام تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط ، كما دعى القرار اسرائيل مرة أخرى بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال إلى التقيد الدقيق باتفاقية جنيف الرابعة (1949) وإلغاء التدابير الصهيونية والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي أو يؤثر ماديا على التكوين الديموغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وعلى وجه الخصوص (القدس) وعدم نقل سكانها المدنيين.

•       القرار رقم 452 المتخذ في 22 تموز / يوليو 1979 والذي اعتبر سياسة إسرائيل في إقامة المستوطنات على الأراضي العربية المحتلة ليس لها مستند قانوني وتشكل خرقاً لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب والمؤرخة في 12 آب (أغسطس) 1949، كما يؤكد على ضرورة مواجهة مسألة المستوطنات القائمة ويعيد التأكيد على قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس، ولا سيما ضرورة حماية وصون البعد الروحي والديني الفريد للأماكن المقدسة في تلك المدينة.

•       القرار رقم 465 ‏المتخذ في 1 آذار/مارس 1980 والذي تضمن شجب المجلس بقوة لرفض إسرائيل التعاون مع اللجنة المشكلة لمتابعة القرارين السابقين كما عبر عن أسف المجلس لرفض اسرائيل الرسمي للقرارين 446 (1979) و452 (1979، مؤكداً أن اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، المعقودة في 12 آب/أغسطس 1949، تنطبق على الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بما في ذلك القدس،ويشجب قرار حكومة إسرائيل بتأييدها الرسمي للاستيطان الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية والعربية الأخرى المحتلة منذ عام 1967.

•       القرار رقم 478 المتخذ في 20 آب / أغسطس والذي أكد على أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير جائز، وأكد على تصميمه على دراسة السبل والوسائل العملية وفقا للأحكام ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة، لضمان التنفيذ الكامل لقراره في حال عدم امتثال إسرائيل، كما يؤكد على أن سن “القانون الأساسي” من قبل إسرائيل يشكل انتهاكا للقانون الدولي ولا يؤثر في استمرار تطبيق اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب المعقودة في 12 آب / أغسطس 1949 على الأراضي العربية الفلسطينية وغيرها المحتلة منذ حزيران 1967 بما فيها القدس ، ويقرر أن جميع التدابير التشريعية والإدارية والإجراءات التي اتخذتها إسرائيل والتي غيرت أو ترمي إلى تغيير طابع ووضع مدينة القدس الشريف يجب إلغاءها وعلى الفور.

2.      ينص قرار مجلس الأمن الجديد رقم 2334 على ما يلي :

•       التأكيد على أنه لا شرعية قانونية لقيام إسرائيل ببناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، وأن قيامها بذلك يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين وإيجاد حل عادل ودائم ، ويطالب إسرائيل فوراً وبشكل كامل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، كما ويؤكد أنه لن يعترف بأي تغييرات على خطوط 4 يونيو عام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس غير تلك التي يتفق عليها الأطراف من خلال المفاوضات.

•       وتؤكد أن وقف جميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية أمر ضروري لإنقاذ حل الدولتين.

•       يدعو إلى اتخاذ خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتدمير، ويدعو إلى المساءلة في هذا الصدد، وتدعو إلى الامتثال للالتزامات بموجب القانون الدولي لتعزيز الجهود الجارية لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك من خلال التنسيق الأمني القائم، وإدانة واضح لجميع أعمال الإرهاب.

•       يدعو الطرفين إلى التصرف على أساس القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، والاتفاقات السابقة، والالتزامات، إلى التزام الهدوء وضبط النفس، والامتناع عن الأعمال الاستفزازية والتحريض والخطابة الملهبة للمشاعر، بهدف، في جملة أمور، الوضع على الأرض، وإعادة بناء الثقة والثقة، مما يدل من خلال السياسات والإجراءات والالتزام الصادق إلى حل الدولتين، وتهيئة الظروف اللازمة لتعزيز السلام.

•       يدعو جميع الأطراف على الاستمرار، في مصلحة تعزيز السلام والأمن، إلى بذل جهود جماعية لإطلاق مفاوضات ذات مصداقية حول جميع قضايا الوضع النهائي في عملية السلام في الشرق الأوسط، وضمن الإطار الزمني المحدد من قبل اللجنة الرباعية في بيانها الصادر في 21 سبتمبر 2010.

3.      يلاحظ مما ورد في القرار الجديد مقارنة بالقرارات السابقة ما يلي :

•       أن كل قرارات مجلس الأمن السابقة فيما يتعلق بالمستوطنات هي أقوى لغة تجاه الاستيطان ودولة الاحتلال، خاصة قرارات 446، 452، 465، 478، التي تحدثت عن اعتبار الاستيطان “غير شرعي وغير أخلاقي” ويجب تفكيكه، ومحاسبة دولة اسرائيل على عدم الإلتزام..وكل ما تقوم به “باطل قانونا“..

•       لم يرد في القرار الأخير كل ما يتعلق اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب، المعقودة في 12 آب / أغسطس 1949 بعكس كافة القرارات السابقة.

•       ينص القرار على اتخاذ الخطوات لمنع جميع أعمال الإرهاب” ضد المدنيين حيث ساوى في ذلك بين إسرائيل والفلسطينيين وبين المقاومة المشروعة والإعتداء حتى أنه يستنكر الخطابات الوطنية .

•       يدعو الى التزام الطرفين بنصوص الاتفاقات الموقعة من أجل تعزيز الجهود لمكافحة الارهاب والتأكيد على ضرورة التنسيق الأمني والذي يخدم الصهاينة الضرورة بما في ذلك من خلال التنسيق الأمني القائم .

•       4يدعو القرار إلى استمرار المفاوضات وفق الإطار لذي أقرته الرباعية الدولية في بيانها 21 أيلول/ سبتمبر 2010.

وبعد ، هل أضاف مشروع القرار 2334 شيئاً جديداً ، أم أنه كان من الأفضل لو نص المشروع على فقرة واحدة وهي التأكيد على القرارات السابقة التي اتخذها المجلس في سنوات سابقة حول الاستيطان ( القرارات ذوات الأرقام 446 ، 452 ، 465، 478 ) ، ربما كان وضعنا العربي في السنوات السابقة أفضل من الوضع الحالي فلم يكن العراق يعاني وما كانت سوريا تدمر وما كانت اليمن تمزق ولا ليبيا على هذا الحال … ولكن في ذات المجال فإنه لم يكن هناك اعتراف بالفلسطينيين وسلطتهم حتى عام 1980 وهي السنة الأخيرة التي صدرت فيها قرارات بشأن الاستيطان ،،، القرار الجديد لم يشر لا من قريب أو بعيد لدولة فلسطين الذي يتعنى فيها أبطال أوسلو رغم اعتراف الجمعية العامة بها كدولة عضو مراقب …. فلماذا التصفيق والتباهي بالنصر ، العذر الوحيد للمصفقين هو أن الوضع العربي والإقليمي الحالي هو وضع يشهد الفرقة والدمار وعدم الانسجام بالمواقف والرؤيا بل ويتجاوز ذلك إلى ما هو أسوأ .. وفي سنين المحل والجدب نتغنى بنقطة المطر….فهل ستمطر وهل ستعود القضية الفلسطينية إلى مكانها الطبيعي كقضية مركزية للعرب ….!!!!!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.