“لماذا كل الجمال بتعارك إلا جملنا بارك” / عدنان الروسان

 

عدنان الروسان ( الأردن ) الإثنين 26/12/2016 م …

أمَا آن لدول الخليج أن تنظر نظرة صادقة إلى الأردن و أن تتعظ بما يجري في اليمن و سوريا و في الإقليم كله ، أما آن لدول الخليج أن تفتح دفتر الحساب عن الخمسين سنة الماضية و تقلب أوراقه و تقرأ مساراته و ما قدمه الأردنيون لإخوانهم في دول الخليج بلا منة أو استكبار ، و مع هذا يموت الأردنيون من الجوع و يتقلبون على صفيح ساخن من الفقر و الاستجداء من الدول الأجنبية بينما إخواننا في الخليج يصرفون مئات المليارات على أمور أقل أهمية من الأردن والأردنيين ، ألم يقف الأردنيون مع أخوانهم في كل دول الخليج في كل محنهم و حروبهم و خصوماتهم ، ألم يرسل الأردنيون الأساتذة و الأطباء و المهندسين و المدرسين ليساعدوا في نهضة إخوانهم الخليجيين ، ألا يفتح الأردن حدوده لإخوانه في الخليج للدخول و الخروج إلى الأردن و من الأردن و كأنهم يتنقلون بين غرفة الطعام و غرفة الجلوس في بيوتهم بينما الأردني يذل و يعامل كالحيوان على أبواب السفارات الخليجية حتى يحصل على تأشيرة سفر و يدفع كل ما في جيوبه ثمنا لتلك التأشيرة و كأنها تأشيرة إلى الجنة.

بقيتم تقتِّرون على اليمنيين ، تعيشون أنتم في قصور و تصطافون في لندن و تشتون في كاليفورنيا و فلوريدا بدل أن تدعموا الشعب اليمني حتى جاءت إيران و دخلت إلى قلوب اليمنيين في لحظات و ما استفدتم شيئا من كل علاقاتكم الشكلية مع نظام علي عبدالله صالح ، و ها أنتم اليوم تدفعون عشرات أضعاف ما لو دفعتموه لسدّ رمق اليمنيين لما اضطررتم أن تدخلوا حربا و لا أن تشنوا غزوات لا تنتهي و لا يلوح في الأفق أي جدوى منها .

الأردنيون يعيشون على حدودكم ، تشبعون و يجوعون ، تضحكون و يعبسون و أنتم أنفسكم تقولون أن الشعب الأردني صاحب كشرة و عبوس ، كيف يمكن للأردني أن يضحك و متوسط دخل الفرد ألفان و بضع دولارات أي سبعة و نصف دولار للفرد في اليوم هي للطعام و الشراب و التعليم و الصحة و شمّات الهوا على جوانب الأرصفة حينما تكونون في مرابط خيلكم في لندن الشماء ، و متوسط دخل الفرد عندكم يبدأ من ثلاثين ألف دولار و ينتهي بمائة ألف ، تعيشون بأمن و أمان و الأردنيون يقفون على ستمائة كيلو متر من الحدود مع اليهود ، مع إسرائيل ، أسوأ دولة في العالم و أكثرها إرهابا و قتلا و دمارا و بخلا و حسدا و كذبا و استكبارا ، أبناؤكم يذهبون إلى الغرب للدراسة فيعودون بشهادات .. و أبناء الأردنيين يدرسون و يبيع أهلهم ثيابهم وأبواب بيوتهم ليصرفوا عليهم ثم يجلسون على جوانب الأرصفة عاطلين عن العمل بينما تذهبون أنتم لتستوردوا خبراء أمريكيين و انجليز أقل كفاءة من الأردنيين بعشرات المرات و برواتب خيالية أكثر من تلك التي تعطَى للأردنيين إن استطاعوا أن يجدوا عملا عندكم.

ثم بعد ذلك لا تريدون من الناس أن تكفر بالعرب و العروبة و القومية و الأخوة ، ثم تريدون من الناس أن لا تتبنى أفكارا متطرفة و تتحول إلى كائنات محبطة حانقة يائسة لا تحب الخير لكم و لا تتمنى الاستقرار و الهدوء و لا تمانع في استبدال الأحزمة التي تمسك سراويلهم من السقوط بأحزمة ناسفة لا تبقي و لا تذر بعد أن سقطت السراويل و تكشفت عورات الأمة كلها .

إن حالة السذاجة و الاستهبال لم تعد تنفع ، و البروباغندا التي تتحدث عن الدعم الخليجي للأردنيين خمسة مليارات دولار على خمس سنوات ، و الله العظيم عيب ، أقسم بالله لو طلبناهم من نادي ريال مدريد أو برشلونة أو من مومسات الغرب لتبرعوا بأكثر من ذلك ، أربعة و ثلاثون سنتا لكل أردني في اليوم ، هذا هو التبرع الخليجي أي ثمن كيلو خبز واحد ، ثم يأتي السفير الإيراني و يقدم عرضا للأردنيين عشرون عاما من النفط المجاني و دعم لا يقل عن ثلاثة مليارات سنويا ، و نعضّ على جرحنا الخليجي و بدل أن نشكر السفير الإيراني على عرضه السخي نشتمه و نبدأ بالكتابة عن الأجندة الشيعية الإيرانية في المنطقة و يذهب هذا الموقف عند إخواننا الخليجيين أدراج الرياح .

لماذا لا نقبل من إيران كل هذه المساعدات ، إذا كان إخواننا العرب لا يأبهون بنا و لا يتألمون لألمنا و لا يتحرك فيهم عرق ينبض لجوعنا و تدمير مستقبل أبنائنا بينما كل سفلة الأرض يستفيدون من هذا النفط العربي بالتهديد و الابتزاز و الاسترضاء ، الكل مستفيدون إلا نحن ‘ لماذا كل الجمال بتعارك إلا جملنا بارك ‘ ، هل كُتب على الأردنيين الشقاء و البقاء لخدمة الآخرين مجانا من أجل الأخوة ، أي أخوة هذه التي هي من جانب واحد ، هل كُتب علينا أن نكون ملجأً للنازحين و اللاجئين من كل بلد عربي تصيبه نكبة ‘ و أرجوا أن لا يتباكى البعض على الشهامة و أن أخلاق الأردنيين لا تسمح إلا ما بدري شو’، دعونا من المزاودة لأن الذين يزاودون هم من النخب التي تعيش في أحياء الفصل العنصري في عمان الغربية و بعض الجهلة الكذابين من المتملقين الجوعى ، أم العقلاء الجوعى الذين يفهمون الوطن على أصوله و الذين هم مواطنون لا مستوطنون فإنهم يعلمون أن الدول مصالح و كانت حكوماتنا قادرة على الجمع بين فعل الخير و إيواء إخواننا و الحصول على مبالغ نقدية كبيرة ثمن ذلك من الخليج و الغرب معاً ، و إلا فليفتحوا حدود الخليج للاجئين السوريين كما نفعل نحن.

هل تريدوننا أن ننحاز الى محور المقاومة ، المحور الإيراني الروسي السوري ، ذلك سهل، و يحسّن سمعتنا و يسد رمقنا و يخرجنا من ورطتنا و من حالنا الذي بات يصعب على الكافر ، الحقوا الأردنيين قبل أن تجدوا أنفسكم بين نارين و نحن لكم من الناصحين المحبين .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.