كيف يتأثر ألاردن برفع اسعار الفائدة ألامريكية / د.مروان الزعبي
د.مروان الزعبي ( الأردن ) الإثنين 26/12/2016 م …
في خطوة متوقعة قام الفيدرال ريزيرف الامريكي قبل عدة ايام برفع اسعار الفائدة ب 25 نقطة اساسية حيث كانت اخر مرة يرفع فيها اسعار الفائدة في كانون اول 2015 بعد الازمة المالية العالمية. الخطوة هدفت الى الابتعاد عن الفائدة الصفرية لتفعيل هذه الاداة واستخدامها عند الحاجة وتؤشر الى التخوف من بدء ارتفاع معدلات التصخم على الرغم من انهافي الوقت الحاضر تحت معدلها المستهدف والبالغ 2%. ويذكر بان البنك المركزي الامريكي يهدف بشكل رئيسي الى استقرار الاسعار ورفع مستوى التوظيف في الاقتصاد.
اما الاثار المتوقعة على الاقتصاد الامريكي، فمنها الفوري ويتمثل بتراجع اسواق الاوراق المالية (الاسهم والسندات) وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملات الاخرى وما لذلك من اثر سلبي على ميزان المدفوعات بالاضافة الى انخفاض اسعار النفط المسعر بالدولار. أما على المدى المتوسط، فهناك اثار اخرى، اهمها ارتفاع اسعار فوائد الاقتراض كافة (واسعار الودائع) وهذا يعني الضغط على الموازنة التي تعاني اصلا من عجز كبير وانخفاض وتيرة النشاط الاقتصادي بالاضافة الى تباطؤ مستوى التوظيف في الاقتصاد، ناهيك عن تراجع وضع ميزان المدفوعات بسبب ارتفاع قيمة الدولار.
الاهم من ذلك ، كيف يتأثر الاردن بذلك؟
1) من المعروف ان الدينار الاردني يرتبط بسعر صرف ثابت مع الدولار الامريكي وهذا يعني ان البنك المركزي ألاردني سيجد نفسه امام ضغوطات لرفع اسعار الفائدة لديه حتى يحافظ على المستوى المرغوب والمستهدف لهامش اسعار الفوائد ويبقي على جاذبية الدينار.
2)وهذا ما حدث فعلا، حيث قام البنك المركزي ألاردني برفع اسعار الفوائد الخاصة به وبنفس المقدار (25 نقطة اساسية)في اليوم التالي (ويذكر ان هناك مجموعة من الدول التي قامت بنفس الخطوة لارتباط عملاتها بالدولار وبسعر ثابت). ومعلوم ان الحكومة الاردنية تقترض وبشكل كبير ولذلك سيطرء ارتفاع اضافي على عجز الموازنة سواء اقترضت بالدينار الاردني او بالدولار الامريكي.
3) يرتبط سعر صرف العملة ايجابيا مع سعر الفائدة، ولذلك سترتفع قيمة الدينار الاردني مقابل بقية العملات (باستثناء الدولار وبقية العملات التي لها علاقة ثابتة مع الدولار). وسيكون لذلك اثرا سلبيا على ميزان المدفوعات حيث ستزدادالمستوردات وستنخفض الصادرات من السلع والخدمات.
الاقتصاد الاردني يعاني من عدة مشكلات اقتصادية ياتي في مقدمتها ارتفاع مستويات البطالة والفقر وعجز الموازنة وعجز الميزان التجاري. صحيح ان قيمة الرفع ليست كبيرة (ربع نقطة مئوية) لكن اثرها سيكون ملموس لانها تعني التشدد في السياسة النقدية. ما نحتاجة في هذه المرحلة هو في الحقيقة تخفيض اسعار الفوائد وليس رفعها حتى تدور عجلة الاقتصاد وبشكل اكبر واسرع. التوقعات في الاردنوخاصة من قبل البنوك، ستبنى على اساس ان البنك المركزي الاردني سيستمر باتباع الفيدرال ريزيرف. ولذلك ستبدأ البنوك بالتفكير في رفع اسعار الفوائد لابل ستبدء برفعها،وسوف تبتدي باسعار الاقراض لان لها مصلحة في ذلكخاصة في ظل وجود توقعات امريكية بان الفيد سوف يستمر بالرفع 3 مرات اخرى خلال عام 2017.
اقول ان عام 2017 سيكون من اصعب الاعوام على الاردن لان رفع اسعار الفوائد الامريكية هو خطوة في الاتجاه المعاكس بالنسبة لنا في الاردن، خاصة وان الدينار مستقر ومعدل التضخم ضمن المستويات المقبولة عالميا. ما نحتاجه في الاردن هو تبني سياسات ترفع من مستوى التوظيف وتسرع من وتيرة النشاط الاقتصادي. ولذلك ستعاني الحكومة لانها في حالة اقتراض دائم. من جهة ثانية، فان الاسواق المالية، وخاصة اسواق السندات، تتأثر بشكل كبير بتغيرات اسعار الفوائد، وهذا يعني ان عام 2017 سيشهد انخفاضات متتالية في اسعار السندات الامريكية والاردنية، واقول هنا ان المستثمرين في الاردن لن يتأثروا كثير لان غالبيتهم يحتفظ بها حتى يحين استحقاقها (buy and hold). لكن هناك من المستثمرين من سيتأثر في الاردن بانخفاض اسعار السندات الامريكية في العام القادم ومنهم البنك المركزي والبنوك التجارية المستثمرة في تلك السندات. وهذا يتطلب اعادة هيكلة محافظها الاستثمارية تحسبا لتكرار رفع اسعار الفوائدالامريكية.
ربما يكون الاثر الايجابي الوحيد هو انخفاض أسعارالسلع المستوردة التي يتم شراؤها بغير الدولار الامريكي حيث ان الدينار سيرتفع اما هذه العملات. وربما يشهد المودعون بعض الارتفاع في اسعار الفائدة على الدينار الاردني والدولار. وهنا لابد من الاشارة الى انه ليس على البنك المركزي ان يرفع اسعار فائدة الدينار في كل مرة ترتقع اسعار فائدة الدولار، وهو اجراء اتبعه البنك المركزي الاردني كثيرا في السابق. كل ما هو مطلوب الابقاء على هامش بسيط بين فائدة الدينار والدولار لان الدينار مستقر كما كان دوما وهذا ياتي بفضل سياسة البنك المركزي الاردني الذي استطاع على مرالتاريخ المحافظة على الاستقرار النقدي (باستثناء ما حصل في عام 1989).
الاردن بحاجة الى سياسات اقتصادية جديدة تستند الى الحداثة والابتكار بحيث تكون بوصلتها موجهة الى مكافحة الفقر والبطالة واستحداث وظائف جديدة والابتعاد عن السياسات التقليدية التي الت بالوضع الاقتصادي الى ما هو عليه الان. ان القيام برفع اسعار الفوئد في الاردن يعني السير في عكس الاتجاه الذي نريد، فتخفيضها يحفز النمو الاقتصادي ويرفع من مستوى ألاستثمار وبالتالي التوظيف ويخفض الفقر والبطالة.
أما بالنسبة للاستقرار النقدي، فما من شك انه يأتي في قمة ألاولويات وهو متطلب سابق للنمو ألاقتصادي لكن الدينار مستقر كما كان على الدوام ومعدل التضخم ضمن المستويات المقبولة. لذلك ينبغي عدم مشابهة تحركات اسعار الفوائدالامريكية. كل ما نريده ألابقاء على هامش بسيط بين اسعار الفوائد في الدولتين الا اذا انخفضت احتياطيات البنك المركزي من العملات الصعبة بشكل ملموس.
د.مروان الزعبي
خبير مالي و مصرفي
التعليقات مغلقة.