الشيعة ليسوا أعداءنا! / حلمي الاسمر
حلمي الاسمر ( الأردن ) الخميس 5/1/2017 م …
-1-
كنا في الإعلام العربي قبل أن تتحطم المفاهيم، وتختلط الاصطلاحات، نكرر عبارة «اعرف عدوك» وكنا عادة نخصص هذا الباب للحديث عن إسرائيل، وقوتها وأحزابها وحياتها الاجتماعية، وكنا نركز عادة على الثقوب السوداء في حياة هذه «الجارة» لنكتشف بعد زمن طويل من الخديعة، أن هذا العدو ليس عدوا، بل هو رفيق وصديق وأخ عزيز إن لم يكن «عشيقة» ينام في فراشها «كل ليلة» مغرم جديد، في غفلة من «الزوجة» التي كانت آخر من يعلم!
اليوم تتكرر المأساة، ولكن مع اختلاف بسيط بالتفاصيل، فقد حل «الشيعة» محل إسرائيل، وباتت «الجارة العزيزة» تفرك يديها فرحا بهذا العدو الجديد لنا، لسبب قد يجهله الكثيرون، وهو أننا نحن أهل السنة، الذين نمثل نحو تسعين في المائة من عدد المسلمين الإجمالي، يراد لنا أن نحرف حرابنا عن إسرائيل، ونوجهها لنسبة العشرة في المائة من «المسلمين» وكفى الله إسرائيل شر القتال، فقد جاءها من يقوم بـ «الواجب» نيابة عنها!
-2-
بعيدا عن التهريج وصخب الإعلام وترويجاته الضالة، تعالوا بنا نقرأ خلاصة التقرير الاستراتيجي السنوي الإسرائيلي لمعهد بحوث الأمن القومي، الذي يصدر دوريا كل سنة ويحدد من الطرف الذي يشكل تهديدا جديا على إسرائيل، ليس وفق طريقتنا الهوجاء في قصة «اعرف عدوك» بل بالأرقام والقلم والورقة، التقدير رفع أمس الأول (الإثنين) للرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، وهو يقول بأن حزب الله (يحلو لبعضنا أن نسميه حزب اللات!) يبقى التهديد التقليدي الأخطر على إسرائيل، لماذا؟ لأن لديه صواريخ لكل مدى وهي أكثر فتكا من السابق، صواريخ دقيقة، طائرات بدون طيار مهاجمة وانتحارية، صواريخ شاطيء بحر متطورة، حماية جوية من أفضل الإنتاج الروسي ووحدات برية تتدرب على احتلال بلدات في أراضي إسرائيل، ومن التهديد الثاني؟ إيران هي التهديد الثاني في خطورته على إسرائيل، إذ كما يقول التقرير «رغم أن الاتفاق النووي يمنح إسرائيل نافذة زمنية في المدى القصير، فان طهران تعزز في من قدراتها التقليدية وإسرائيل ستلتقي إيران أكثر خطورة في المدى الزمني المتوسط والبعيد، مع شرعية عالمية لبرنامج نووي واسع وغير محدود. وعلى خلفية الحرب في سوريا، فإن ايران وفروعها يترسخون أيضا في الساحة القريبة لإسرائيل». أما التهديد الثالث في خطورته فينعكس من جانب حماس. فحسب التقرير، يدور الحديث عن «إمكانية اشتعال عالية للغاية. صحيح أن المنظمة مردوعة ولكنها تواصل بناء قوتها، وحتى لو كان الطرفان غير معنيين بذلك، فان المواجهة قد تنشب بسبب تصعيد غير متحكم به لحادثة محلية، او ضائقة اقتصادية – اجتماعية عميقة في القطاع، تندلع حيال إسرائيل». بقية التقرير لا تهمنا هنا، رغم أهميتها، وهي جديدة بالقراءة والتأمل، والأخذ بعين الاعتبار.
-3-
أعرف سلفا كل التهم التي ستكال لي، لأنني أنظر إلى المشهد من زاوية أخرى، فحزب الله أيد دكتاتور سوريا، وشارك في مذبحة الشعب السوري، وأسهم في خنق ثورته، وإيران تصول وتجول وتعربد وترغي وتزبد في الخليج ولبنان وسوريا واليمن، وثمة طموحات «فارسية» ولا أقول شيعية أبدا في الثأر من العرب الذين قوضوا امبراطورية فارس، وأطفأوا نار المجوس، كل هذا سيقال، وكثير غيره، لكن ما لا يقال، إن كل ما يجري، هو لكي لا نعرف من عدونا، وكي «تضيع الطاسة» ويرتع الذئب في غنمنا، ولنا عودة لمزيد من الإيضاح ربما!
(للعلم، التقدير الإستراتيجي الصهيوني، ليس معدا للنشر في الإعلام العربي، بل يوضع أمام أصحاب القرار، لبناء رؤية للمستقبل!)
التعليقات مغلقة.