عباس ، دحلان ، حماس .. ثالوث الخلاف الفلسطيني / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) السبت 7/1/2017 م …

أسماء باتت تتردد بكل قوة عند المهتمين بالقضية الفلسطينية وعلى كافة المستويات ، من المستوى الفلسطيني إلى المستوى القومي العربي بل وتجاوز الأمر ذلك في حالات كثيرة ليصل إلى مستوى العالمي .

ما أصطلح على تسميته بالإنقسام الفلسطيني أصبح عنواناً للإنقسام بين شطري الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، بين سلطة في رام الله تنتهج المفاوضات طريقاً للوصول إلى تحقيق مطلب الشعب الفلسطيني – وفقاً لرؤية تلك السلطة – وبين حركة تتبنى فكر الاسلام السياسي وتتخذ من المقاومة شعاراً – على الأقل إلى ما قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس والكيان الصهيوني في آب / أغسطس 2014 – وهو خلاف فكري علاوة على كونه خلافاً سياسياً ، ولقد بدأ الإنقسام فعليا بعد فوز حماس المفاجئ بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في مطلع عام 2006 علماً أن مشاركة حماس في تلك الإنتخابات قد جاء على قاعدة وتحت مظلة اتفاقية أوسلو الموقعة بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني ، فمنذ ذلك التاريخ أخذت الخلافات تعصف بين حماس والسلطة صاحبه حصار عالمي من المجتمع الدولي متمثلاا بعدم التعامل مع حكومة ترأسها أو تشارك بها حماس.

الخلاف بين فتح وحماس خلاف بين تيارين وبين توجهين ، خلاف بين إرادتين كل منهما تدعي تمثيل الشرعية الفلسطينية ، فتيار المفاوضات التي تمثله السلطة في رام الله يحظى بدعم نسبي من المجتمع الدولي فيما تيار الاسلام السياسي و” المقاومة ” ! لا يحظى بأي دعم إلا من ايران وسوريا قبل ربيعها العربي الذي اصطفت به حماس مع تلك القوى التي تحاول زلزلة كيان الدولة السورية ففقدت بذلك الدعم السوري والايراني ، لقد تم تتويج هذا الخلاف الفتحاوي الحمساوي بأن قامت قوات حماس بالسيطرة العسكرية على قطاع غزة في حزيران / يونيو 2007 فانحصر بذلك نفوذ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية .. وعلى الرغم من المفاوضات والمباحثات وجلسات التوافق والبيانات الإعلامية ووثيقة الأسرى والسعي للمصالحة إلا أن الخلاف مازال مستمراً .. الأمر الذي أدى إلى قيام أحد قياديي الصف الأول في حماس إلى طرح حل خبيث وغير عقلاني يتمثل بإعلان الفدرالية بين الضفة الغربية وقطاع غزة وكأنه بذلك يلتقي مع ما طرحه الصهاينة على لسان نفتالي بينيت وزير التربية والتعليم في حكومة نيتنياهو والذي صرح بضرورة إلحاق الجزء الأكبر من أراضي الضفة الغربية بالكيان الصهيوني بشكل نهائي وحصر سلطات السلطة الفلسطينية بمناطق المدن الرئيسية لتتمتع بحكم أشبه بالحكم الذاتي وتصبح بذلك رئاسة السلطة كالمختار في زمن العصملي وعلى أن يتم إنشاء دولة فلسطينية في قطاع غزة ” الإمارة الإسلامية “.

وعلى الرغم من كل ما تشهده المنطقة من أحداث ومن تعدد جولات وأماكن عقد المباحثات بين حماس والسلطة للوصول إلى المصالحة ، مروراً بوثيقة الأسرى وبرنامج الوفاق الوطني إلى جولات بدات في مكة فالقاهرة والدوحة ودمشق والمبادرة اليمنية إلى دكار ووصولاً إلى موسكو .. وعلى الرغم مما هو منتظر من الرئاسة الأمريكية التي أعلنت برنامجاً أكثر عدوانية تجاه القضية الفلسطينية إلى أن مستقبل المصالحة الحمساوية السلطوبة – الفتحاوية – ما زال مظلماً ….

ومع تصاعد وتفاقم الخلاف الحمساوي الفتحاوي يتفاقم خلاف آخر وهو خلاف داخلي ضمن ما هو مفروض أن يكون بيت السلطة – فتح – الداخلي ( وذلك قبل قرار الرئيس محمود عباس ولجنة فتح المركزية بفصل دحلان من فتح ) وهو خلاف بدأ بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 عام 2000 وبروز توجهات أمريكية وإسرائيلية تهدف إلى تغيير القيادة الفلسطينية من خلال إحداث الفوضى والانفلات الأمني مصاحباً للانتفاضة الثانية مما نتج عنه بروز تيارين متعارضين داخل حركة فتح الأول برئاسة ياسر عرفات والثاني وعلى رأسه كل من دحلان وأبومازن رغم التناقضات الواضحة بينهما ، وبعد أن تولى أبومازن السلطة أوائل عام 2005 بدأ بتنفيذ خطّته القاضية بإبعاد دحلان عن السلطة ساعده في ذلك الكشف عن أسرار خطِرة بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة منتصف عام 2007 وتحميل دحلان مسؤولية تسليم القطاع لحماس ، وفي المقابل قام دحلان بتعزيز اتصالاته مع الذين يتفقون معه في حركة فتح مما زاد من حالة الخلاف بينهما ووصل الأمر قيام ابومازن بشطب دحلان من حركة فتح وتجريده من صلاحياته بل وتجاوز الأمر ذلك حيث وصل إلى تقديمه إلى القضاء بتهم مختلفة أهمها الفساد فيما تجاوزت الاتهامات ووفقاً لما يشاع إلى حد المشاركة و/ او قتل ياسر عرفات .

وتبعاً لذلك فما كان من دحلان إلا أن صعد من تحركاته ضد عباس وأصبح ومناصريه يشكلون نسبة لا بأس منها من الفتحاويين في قطاع غزة والضفة الغربية والشتات فيما قابل عباس ذلك بوقف الرواتب عن مناصري دحلان وشطبهم من الحركة وأصبح يطلق عليهم تسمية – المجنحين – وفي ذات الوقت بدأ تأييداً آخر لدحلان تمثل ببروز تيار ينادي بتولي دحلان قيادة السلطة الفلسطينية كبديل عن محمود عباس وذلك على المستويين الفلسطيني والعربي فيما استغلت حماس هذا الخلاف وعملت على فتح الجسور مع دحلان سعياً إلى التفاهم معه مما زاد في حنق السلطة ورئيسها على حماس ودحلان وعلى الدول العربية المؤيدة لدحلان على حد سواء .

نعم ، لقد عانت حركة فتح من خلافات متعددة في السابق إنشق على اثرها العديد من الشخصيات الفتحاوية وطرحوا برامج في حالات كثيرة أكثر ثورية من حركة فتح الأم متهمين الحركة بالتخاذل والتنازل والاستسلام ، إلا أن ما يميز الخلاف مع دحلان وهو أن الأخير يصر على بقاءه ضمن حركة فتح ويطعن بكل القرارات المتعلقة بشطبه ومؤيديه من الحركة مدعياً أنه يمثل فتح الأصل والبرنامج .

ومن هنا ووفقاً لما يظهر إلى العلن فإن الخلاف بين دحلان لا يتعلق بالمطلق بالبرامج السياسية أو الخطط النضالية بقدر ما يتعلق بتهم عناوين فساد وتخوين متبادلة دون وضوح أو تفصيل بحيث وصلت حركة فتح إلى حالة من الردح المتبادل بين فتح بقيادتها المعروفة وبين من اصطلح على تسميتهم بالمجنحين بزعامة دحلان .

وإذا أخذنا بعين الاعتبار حالة الوضع العربي المتهالك والحروب والدمار في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا ، وحقيقة تراجع القضية الفلسطينية عن موقعها كقضية العرب المركزية الأولى ، وبروز تيارات طائفية وإقليمية وجهوية في العديد من الأقطار العربية الأمر الذي أدى بالنتيجة إلى ضعف الموقف العربي على الساحة الدولية وعدم قدرته على طرح برامج تساهم في حل حتى ما يعاني منه من مشاكل ، فإن الوضع الفلسطيني في حال ليس بأفضل، فالصراعات مستمرة ،والخلافات والاتهامات مستعرة بين ثالوث الخلاف الفلسطيني المتمثل بعباس و دحلان وحماس ، مع وقوف بقية فصائل ما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية في موقف أشبه بالمتفرج، دون قيام تلك الفصائل بطرح أي مبادرة عملية لا لتطوير برناج النضال الفلسطيني ولا للم الشمل ، ولم نعد نسمع من تلك الفصائل إلا شعارات مستهلكة عن تطوير منظمة ” التحرير ” الفلسطينية مع سعيها للمحافظة على ما تقدمه المنظمة لهم من مكتسبات وامتيازات …!!!!!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.