سورية تختبر السلام الدولي و”المعارضة” / المهندس ميشيل كلاغاصي
المهندس ميشيل كلاغاصي ( الإثنين ) 9/1/2017 م …
** “تغيّرنا وغيّرنا العالم .. لتبقى سورية سيدة الكون”
(كان التضليل سيد البداية ولا يزال, تعددت الأدوات و البدائل.. فلم تعد الأيام الأولى للحرب تشبه أيامنا الآن, ومئات الوجوه والساسة رحلوا وتدحرج سلم الأولويات الدولية , فغابت ملفات وظهرت ملفات , تعدّلت الخطط و الأساليب و الاّليات , واستبدل البيت الأبيت الأبيض وجهه الأسود , انعطفت تركيا وصمتت السعودية وقطر , ووجدت تركيا ضالة كيري المعتدلة المسلحة و تعهدتها , وبالإجماع انعطف العالم نحو السلام و محاربة داعش و النصرة ووقف الأعمال القتالية في سورية , سقطت واجهات المعارضات وعشرات مسمياتها وشخصياتها – غير المؤثرة- , و دُعي المسلحون إلى طاولة الحوار المباشر , إتفاقٌ دولي ثلاثي دفع الأستانة لفتح أبوابها وتوزيع تذاكر جنيف , هكذا عبدّت حلب طريق المعجزة , وتحريرها اختصر الحكاية وغدا البداية ولن يكون النهاية , وبدون أي شك فإن سورية ما قبل تحرير حلب تختلف عمّا بعدها , و بإنتظار ترامب الحرب مستمرة , و واشنطن لم تعلن استسلامها, فيما يمضي مشروع كيسنجر و يحمله رؤوساء متعاقبون أوباميون أو ترامبيون لا فرق , فالتضليل باق ٍ لبقاء المشروع , وسط حقيقة ٍ واحدة ووحيدة هي صمود السوريون وقيادتهم وجيشهم ووعيهم , وثقافة مقاومتهم تقول تغيرنا لكننا غيرنا العالم , لتبقى سورية سيدة العالم وصخرة الله على الأرض).
إذ تتجه أنظار العالم نحو العاصمة الكازاخية , و يُحمّلون لقائها ما ينوء بحمله , ويصور البعض اللقاء إنتصارا ً للسلام والفوضى بنفس الوقت , بين رافض ٍ لفكرة جلوس المسلحين على طاولة المفاوضات , وبين إنكشاف حقيقة من دعوا أنفسهم معارضين و قادة ً سياسيين لحراك ٍ شعبي أو دولي أو إرهابي مسلح , وما بين زيف التحرك الدولي للدول الداعمة للإرهاب والمشغلة الحقيقية له , وحقيقة المشروع الأمريكي في سورية والمنطقة و العالم , وقدرة الدولة السورية على ضبط إيقاع اللقاء لناحية إسقاط الفوضى , والسير قدما ً نحو فرض رغبة السوريين بالعيش بسلام والعودة إلى حالة الأمان الذي لطالما تميزت به على الكثير من دول العالم ” الاّمن”.
نستغرب مواقف البعض اللذين يؤمنون بالخلاف التركي – الأمريكي , و يبنون عليه الكثير … فالعلاقات بينهما تتطلب تقديم صور مختلفة عن السنوات الأولى للحرب , مع التأكيد على وجود خلاف ٍ حقيقي في الملف الكردي الذي يعكس هواجس أنقرة و مخاوفها من الدعم الأمريكي لإقامة دويلة كردية في الشمال السوري , من خلال مشروعها التقسيمي و الذي يعتمد بشكل ٍ أساسي على الدور التركي – الإخواني , لكنها وجدت ضالتها عبر –بعض- الأذرع الكردية التي وضعت نفسها في خدمة هذا المشروع , كوسيلة وحيدة لضمان وجودها على الأرض و بشكل فاعل .. في الوقت الذي تجد فيه تركيا نفسها مرغمة تحت تأثير حالة عدم الإستقرار الداخلي , و لجؤوها الدائم لتصدير أزماتها نحو خارج حدودها في ظل أطماعها وطبيعتها العدوانية العثمانية.. ومع ذلك تبقى قواسمهما مصالحهما المشتركة تُثير الشكوك حول نظرية إفتراقهما و صحوة تركيا أو استدارتها و إنعطافتها, في الوقت الذي تحصل فيه على تكليفا ً أمريكيا ً بإدارة الهزيمة في حلب , لإمتصاص البركان العسكري السوري الذي قد يفاجئ العالم أيضا ً في إدلب أو غيرها.
وبالتأكيد يمكن القول أن تغيير مواقف السعودية و قطر, و دول الغرب الأوروبي تتماهى مع التغيير الأمريكي المرتقب أو المرجو لإدارة ترامب, الذي يملك قرار إختيار الشكل الجديد للمواجهة, إذ لم يلمس العالم حتى الاّن إرادة ً أمريكية حقيقية لإيجاد حل سياسي للمنطقة و للحرب على سورية .
سورية تختبر السلام الدولي و”المعارضة”
لا بد لسورية أن تختبر العالم و”سلامه” الدولي الذي أجمع عليه في مجلس الأمن , وتضع من ادعوا المعارضة المسلحة المعتدلة تحت المجهر الكوني والسوري , فحسمها العسكري يتطلب حسما ً سياسيا ً تريده الدولة السورية صافيا ً و بلا شوائب لتنطلق نحو نصرها الكبير , وتصطحب معها الأصحاء والتائبين وتلفظ الخونة.
يبدو أن المرحلة القادمة ستحمل المزيد من القساوة و المواجهات الصعبة , في ظل إزدواجية الحديث عن السلام واستمرار الحرب , وتشابك الملفات , وتبدو المعركة أكثر خطورة ً وتعقيدا ً من الحرب العسكرية المباشرة , ولا يمكننا التعويل على المبالغة بنتائج لقاء الأستانة و الإنتقال نحو جنيف , فالطريق طويلة و يبقى للسوريين أن يؤمنوا بأنفسهم و قيادتهم و جيشهم الوطني الشجاع العاقل الخبير في تخطي حقل الألغام الدولي والإقليمي و المفرقعات التي تدعي “المعارضة” بنوعيها السياسي أو الإرهابي , مهما أطلق عليها العالم من مسميات أو ألقاب أو نسب إليها أدوار , فالشعب السوري يدرك خيالية وجود معارضة مسلحة معتدلة , فأدوار وسلوك الجماعات المسلحة يعبر عن ماهيتها دون إنتظار إعترافها أو مبايعتها للتنظيمات الإرهابية في داعش أو النصرة , و لا يحتاج السوريون من لمن يقدم له صكوك براءة “الجيش الحر” و غيره من حملة السلاح الإرهابي , من إيديولوجية الفكر التكفيري و قطع الرؤوس و أكل الأكباد, و في التعريف عن هوية من ادعوا المعارضة, إئتلافا ً أوهيئة ً أو منصة ً أو أفرادا ً.
فبعد ست سنوات للحرب الإرهابية الدامية المدمرة, لا زال المشغلون يستخدمونهم للحديث عن حوار أممي أو حوار سوري- سوري, في وقت ٍ يتغاضى العالم ويتعامى عن حقيقة المعارضات ( المسلحة, المعدلة, الكاذبة, العميلة), أو الوطنية؟ فهل يَصلح الحوار السياسي السوري- السوري كبديل للحرب الدولية على سورية؟ ويمكّن أعداء سورية على طاولة الحوار من الحصول على ما عجزوا عن تحقيقه في الميدان؟.
“المعارضة” السورية
ويحق للسوريين أن يسألوا و لبعضهم أن يعرفوا.. ما المقصود بالمعارضة, هل هي اسم أم فعل, من هم المعارضون, من أين يأتون, و ماذا يريدون؟ وإلى أية بيئة ٍ فكرية ينتمون ,هل يملكون مدارس فكرية و مفكرون ؟ أم يُطبعون و يُصنّعون في مصانع ٍ و بين الناس يُلقون! هل هم مسالمون, أم محاربون؟ و كيف يعبرون عن أنفسهم؟ هل هم وهم ٌ أم حقيقة وبالفعل موجودون !؟.
و يحق لهم أن يعرفوا.. من هي المعارضة وهل هي وطنية ؟ هل هي جسما ً واحداً ؟ً أين نشأت ؟ من يعرفها ؟من فوضها و رضي بها ؟ .. من يدعمها ؟ ماذا تريد ؟ ما هو الطريق الذي سلكته و تسلكه حاليا ً – مع ظروف الحرب الدولية على سورية – ؟ هل هي فاعلة على الأرض ؟ وهل استُعملت في الحرب على سورية ؟.
لم يعد السوريون بحاجة إلى سماع الأجوبة على كل هذه التساؤلات, فقد صنع غالبية المعارضين تاريخهم الأسود بأيديهم “فمن ثمارهم تعرفونهم”.. خصوصا ً ظل الحرب القاسية لقوى الشر العالمي والكيان الصهيوني الغاصب المتكىء على الفكر التكفيري الظلامي الإرهابي على الدولة السورية وشعبها ككل معارضا ً كان أم غير معارض , والتي تستهدفها بدءا ً من وجودها وصولا ً إلى دورها وبشرها وحجرها و تاريخها و كل شيء ٍ فيها.
ففي زمن الحروب .. من المعيب أن ينقسم المجتمع إلى مؤيد ٍ و معارض, فالمطلوب مدافعون و ليس معارضون أو مؤيدون, لنحصن الوطن أولا ً و نفوز به جميعا ً..
لا يمكن لأي دولة ٍ في العالم أن تقدم للسوريين حلا ً – سياسي أو عسكري – لإنهاء الحرب و إن صدقت ! فالحل في أيدي السوريين أنفسهم, والطريق واضحة وهو الحوار السوري – السوري تحت سقف الوطن وفوق أرضه , وهذا ما دعت إليه القيادة السورية منذ اليوم الأول , و للأسف لم يلق اّذانا ً صاغية و لكنا واختصرنا الزمن و منعنا سفك الدم السوري و الخراب الهائل الذي لحق بالوطن .
أخيرا ً ..نعوّل على وعي السوريين و بقبولهم أو رفضهم لمن ادعى زورا ً أنه معارض و يُمثل الاّخرين , والعمل على إسقاط من جعل نفسه واجهة ً إعلامية مزيفة , ومن كتفه منصة ً لإطلاق النار على الهوية و الجسد السوري , وهذا ما يمكن تسميته ب ” عملية الفرز ” الضرورية لإنجاح أي حوار, والوصول إلى الحل الذي يُجبر العالم على سحب ذرائعه باستمرار الحرب على سورية, والوقوف وقفة رجل واحد للدفاع عن الوطن , وهاهو سيد الوطن يعلنها مرات و مرات هيا بنا نحو المصالحات و الحوار و لنحارب الإرهاب سوية ً .
لنفعل ما يليق بنا كسوريين كي نستحق اسمنا و أصلنا و لقبنا , نحن السوريون ..
التعليقات مغلقة.