طلال أبو غزالة ونعمة المعاناة! / أ.د. امل نصير

 

أ.د. امل نصير ( الأردن ) الخميس 12/1/2017 م …

في زيارته لجامعة اليرموك التقى طلال أبو غزالة بالطلبة، وتحدث إليهم عن قصة نجاحه، وتحوله من طفل لاجئ احتلت أرضه، وشرد عن وطنه إلى رئيس تنفيذي لفريق مكلف بوضع استراتيجية العالم في تقنية المعلومات والاتصالات، ومالك لأكبر شركة ملكية فكرية في الكون لها فروع في 78 دولة في العالم .

وجه أبو غزالة للطلبة والحاضرين الآخرين رسائل قصيرة في كلماتها، كبيرة في مضمونها، في كل منها وصفة نجاح، ومن أهمها أن يكون للإنسان رسالة أو حلم في الحياة يسعى لتحقيقه.

بدأ حلم ‘أبو غزالة’ من جمر معاناته عندما كان يسير إلى أقرب مدرسة له 4 ساعات ذهابا وإيابا، وكان يفكر حينها كيف ينتقم من عدوه الذي شرده عن وطنه بالتفوق عليه بدلا من الغضب واليأس مما حل به وبشعبه!

جعلته هذه المعاناة يبذل جهدا كبيرا لتحقيق طموحاته، فكان الأول في الثانوية على دولة لبنان إذ كان شرطا لا بد من تحقيقه لتحصيل منحة وحيدة أعلنت عنها الأونروا في ذلك الوقت، فكان له ما أراد، ودخل الجامعة، واستمر في تحقيق النجاح تلو الاخر، فكان له أن تفوق على عدوه كما قال، مقدما وصفة مفيدة في فن التعامل مع الأعداء والرد عليهم، بأن يصبح الواحد منا أفضل منهم، وقد تحولوا عند “أبو غزالة” إلى محبوبين لديه؛ لأنهم دفعوه إلى النجاح والتفوق، فكانوا سببا فيه!

يحلم أبو غزالة بالتغيير إلى مجتمع معرفي لحل مشكلات الأردن مقارنا حالة الأردن بـــــ (فلندا) لتشابه الظرف من حيث السكان وفقر الموارد… ، في مقابل الاختلاف في حجم الدخل القومي: 30 مليارا للأردن في مقابل 180 مليارا لــــ ( فلندا)! والسبب أنها دولة معرفة؛ تصنع المعرفة…كل مواطن فيها منتج معرفيا في عمله بدءا من الأم في بيتها إلى سائق التكسي فالشرطي… فالناتج القومي يصبح حصيلة ناتج هذه المعرفة لكل المواطنين، فالمعرفة تصنع الثروة وهي ركيزتها، والمستقبل كله سيقوم على المعرفة.

فتقنية المعلومات والاتصالات هي أداة لكل التخصصات وليست تخصصا خاصا بفئة من الناس فقط؛ لذا يطمح أبو غزالة أن تصبح مادة إجبارية للجميع في المدرسة والجامعة من أستاذ اللغة إلى الطبيب…

وهو مؤمن بإمكانية تحقيق هذا الحلم الكبير الذي يحقق التغيير وواثق بقدرة بالشباب على ذلك، فقد كرر أبو غزالة أمنيته أن يقوم طالب/ة من طلبة اليرموك بتبني حلم تغيير الأردن إلى بلد أفضل… من بلد صاحب مديونية كبيرة إلى بلد يقود العالم مثل فنلندا التي تقود العالم كله بثروة التعليم وتقنية المعلومات والاتصالات.

ركز أبو غزالة في حديثه على نعمة الوطن وآليات الشكر على هذه النعمة العظيمة، فأفضل وسائلها حسن المواطنة، بإتقان العمل، والسعي إلى الإبداع لخدمة الوطن والإنسان، والمسؤولية المجتمعية.

أمتع طلال أبو غزالة السامعين بحديثه عن متعة استمرارية الحياة بأن تصحو سعيدا مبتهجا، وتشعر بنعمة الله عليك بالحياة بيوم جديد، ولا يأتي هذا الشعور للإنسان حتى لو كان في الثامنة والسبعين من عمره إلا وهو يحصد الحب من أسرته ومجتمعه، والثقة بالإنجاز الذي قدمه وما زال، فكل يوم ينعم الله فيه عليه يعني الاستمرار في العطاء.

أما حديثه عن حبه لأمه وبناته فتجسّد عنده بقول رسول الله : إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم.

وختم بالحديث عن صناعة الحب في مقابل صناعة الكراهية، فصانعها يعيش سعيدا في أسرته ومجتمعه وكل حياته، ونقيضه من يمضي حياته يصنع الكراهية وينشرها فيمن حوله، وكان حب ‘أبو غزالة’ للحياة والناس ماثلا للعيان بواسطة استثمار جزء كبير من وقته الثمين بالتقاط الصور مع الطلبة، واحتضانهم، وبث الأمل في نفوسهم.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.