قطر تفاقم الخلاف مع الاردن على خلفية اغتيال الكساسبة / ساطع الزغول
ساطع الزغول ( الجمعة ) 20/2/2015 م …
اسهم الموقف القطري السلبي من جريمة اغتيال الشهيد معاذ الكساسبة في زيادة حدة الخلاف وتوسيع دائرة التباعد بين عمان والدوحة، وادى الى وقف احدى الوساطات التي كانت تنشط سراً للمقاربة بين العاصمتين.
وكانت العلاقات الاردنية – القطرية الفاترة اصلاً، قد توترت كثيراً عقب وقوف الاردن الى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي اطاح بالرئيس الاخواني محمد مرسي، في حين تقف قطر ومعها تركيا الى جانب مرسي وجماعة الاخوان المصرية.
وقد جاء رد الفعل القطري الهزيل على جريمة اغتيال الكساسبة ليصب الزيت على نار الخلاف بين عمان والدوحة التي كانت قد اكتفت ببيان استنكاري باهت اصدرته وزارة الخارجية القطرية من قبيل ”رفع العتب” لا اكثر، في حين انهمكت فضائية الجزيرة في التطبيل والتزمير والشرح والتفسير لهذه الجريمة بلهجة استعراضية لا تخلو من المبالغة المشوبة بالمكر والشماتة.
قطر خلافا لغالبية الدول العربية لم تنع الشهيد الكساسبة، ولم تتصل باي مسؤول اردني للاعراب عن استنكارها لهذه الجريمة وعن تضامنها مع الشعب الأردني وهو موقف اثار استياءً رسمياً وشعبياً على حد سواء.
اما فضائية الجزيرة التي كانت السباقة الى نشر شريط الفيديو الشهير لإحراق الطيار الكساسبة فقد تسبب في تعميق جرح الشعب الأردني، وقد عبر نشطاء التواصل الإجتماعي عن شديد الإنزعاج في بوست شهير تداوله حتى نواب البرلمان يحدد ثلاثة أعداء للشعب الأردني هم ”إسرائيل وداعش والجزيرة القطرية”.
معروف ان السعودية ارسلت وفدا برئاسة الأمير تركي بن طلال لتقديم التعزية بالكساسبة، كذلك فعلت البحرين والكويت والإمارات وهو ما لم تفعله قطر التي تجاهلت ابسط العادات والتقاليد العربية بهذا الخصوص.
هذا الموقف القطري السلبي افسح المجال امام موقع كوفية برس التابع للقيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، المقيم في دولة الامارات العربية، لتعميق هذا الخلاف الاردني – القطري عبر نشر اخبار عن تشكيل مجموعة اعلامية موالية لقطر داخل الاردن بهدف نشر الشائعات والاكاذيب التي من شأنها هز الاستقرار وبلبلة الخواطر والافكار في الاردن، بما في ذلك الزعم عن تورط طياري دولة الامارات في اسقاط طائرة الشهيد الكساسبة.
موقع كوفية برس الدحلاني قال ان هذه المجموعة الاعلامية ”المزعومة” قد اتخذت من شقة تقع على ارض رقمها 1134 في حوض رقم 16 من جبل اللويبدة بعمان، غرفة عمليات لادارة نشاطاتها المشبوهة تحت اشراف صاحب الشقة، وهو مفكر واعلامي فلسطيني معروف يعمل في قطر.
التدهور في علاقات قطر العربية لم يقتصر على الجانب الاردني، بل تعداه مؤخراً الى الجانب المصري حيث لاحظ المراقبون ان حكام قطر قد نفضوا ايديهم من التزامات المصالحة التي كان الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز قد عقدها بينهم وبين الحكم المصري، حيث عادت فضائية الجزيرة وخطابات يوسف القرضاوي الى سابق عهدهما في مهاجمة الرئيس السيسي وتحريض الشعب المصري على التمرد والتخريب.. وما خفي كان اعظم.
فقد اشتعلت الحملات الاعلامية مجددا بين السلطات المصرية من ناحية وجماعة ”الاخوان المسلمين” ودولة قطر من ناحية اخرى، على خلفية التسجيلات المسربة المنسوبة للرئيس السيسي عندما كان وزيرا للدفاع وتحدث فيها في ”دردشة” مع مدير مكتبه عباس كامل واللواء محمود حجازي رئيس هيئة اركان القوات المسلحة بطريقة تتضمن الكثير من السخرية بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج الاخرى حيث وصفها بأنها تملك كنزا من المال، وقال عنها بأنها ”اشباه دول”.
قناة ”مكملين” المقربة من حركة ”الاخوان المسلمين” بادرت الى بث هذه التسجيلات، اسوة بتسجيلات مماثلة، بهدف احداث شرخ في العلاقات بين النظام المصري والدول الخليجية الداعمة له ماليا ومعنويا، ولكن المهم في هذه القضية هو ”احتفاء” قناة ”الجزيرة” القطرية بهذه التسجيلات، واعادة بثها مجددا، وكذلك نشرها على صدر الصفحات الاولى للصحف القطرية ”شبه الرسمية” مما يعني ان اتفاق المصالحة المصرية القطرية الذي رعاه العاهل السعودي الراحل شخصيا قد انهار فعلا.
فمن ابرز بنود هذا الاتفاق ”التهدئة الاعلامية” تمهيدا لتهيئة الاجواء للقاء قمة مصري قطري، ولكن بث قناة ”الجزيرة” للتسريبات الاخيرة بشكل مكثف، واستضافتها لشخصيات مصرية محسوبة على الاخوان، وتغطيتها المكثفة لصدامات الشرطة المصرية مع المحتجين اثناء الاحتفال بذكرى ثورة 52 كانون الثاني، واستئناف يوسف القرضاوي لانتقاداته الشرسة للرئيس السيسي، وتحريضه الشباب المصري على الثورة ضده، كلها عوامل ادت الى تفاقم التوتر وعودة الخلافات بين البلدين الى مرحلة ما قبل المصالحة.
التعليقات مغلقة.