ما هو السرّ المدفون في سوريا الذي جعل دول العدوان تسعى لاحتلالها و تدميرها؟؟
الخميس 12/1/2017 م …
الأردن العربي …
ما لم يقل حتى الآن، إن منطقة شرق المتوسط تعد وفق التقديرات الأولية الأولى عالمياً بثروتها الغازية.
اليوم الصراع الأساسي في العالم هو على الطاقة ومخازن الغاز وخطوطه ومناطق توزيعه. حالياً يتراجع دور البترول لصالح الغاز. مع الانخفاض التدريجي بوزن النفط والحاجة إلى موارد نظيفة للطاقة كالغاز، جاء اليوم دور منطقة شرق المتوسط.
الصراع على المنطقة إذاً، وفي قلبها سوريا، ليس صراعاً بالمعنى السياسي الكلاسيكي كما يتم تصويره في الإعلام أو على مستوى النّخب.
حقيقة الصراع كما تعرفه خاصة الخاصة لا يقتصر على الجيوبوليتيك، ولا على الاعتبار السياسي المحض الذي يخلو من السر الأهم.
منطقة شرق المتوسط تزخر بكميات وفيرة من الغاز. سبق أن تم الكشف عن بعض المعلومات حول المخزون الغازي الموجود في شرق المتوسط، بحراً وبراً، في سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة.
لكن ما لم يقل حتى الآن، إن هذه المنطقة تعد وفق التقديرات الأولية الأولى عالمياً بثروتها الغازية. التوقعات الأولى فيها تتجاوز حدود التصديق. إذا أضفنا إلى ذلك أنها منطقة تجميع خطوط غاز، فإننا نتحدث عن مداخيل تتجاوز عدة تريليونات من الدولارات سنوياً. نتحدث عن منطقة تستحق الصراع عليها حتى الموت. لذا لا يجب تبسيط حجم الصراع إلى سياسي وجيوبولوتيكي محض دون النظر إلى الجانب الاقتصادي.
بالتالي، نحن نتحدث اليوم عن دولتين عربيتين ثريّتين بالقوة وليس بالفعل، سوريا وإلى حدّ ما لبنان.
هل تُؤجّل عملية استخراج الغاز في سوريا إلى أمد غير محدد بسبب عدم الاتفاق على “يالطا جديدة”؟
تُركت ثروات هذه المنطقة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى أجيال وعقود مقبلة وربما إلى قرن قادم. كانوا يحسبون بأنّ هناك خزّاناً كبيراً من الموارد النفطية في منطقة الخليج. عندما يتم استثماره إلى أبعد الحدود يأتي الدور على شرق المتوسط وتدخل منطقة الاستثمار.
لو دخلت هذه المنطقة حيّز الاستثمار خلال العقود السابقة لكان هناك إغراق كبير للموارد النفطية في العالم. من شأن ذلك أن يؤدي إلى انخفاض سعر النفط، وهذا ليس من مصلحة الشركات النفطية.
الآن، هل تُؤجّل عملية استخراج الغاز في سوريا إلى أمد غير محدد بسبب عدم الاتفاق على “يالطا جديدة”؟؛ يالطا تنطوي على صفقة روسية وأميركية وربما تشمل استثمارات صينية في مجال الغاز شرق المتوسط.
إذا لم نذهب باتجاه الاتفاق فقد يكون مردّ ذلك إلى عدم الرغبة باستخراج الغاز حالياً. هذا الأمر يتيح للدول التي تنتجه، بما فيها “إسرائيل”، استثمار مخزونها الأساسي بسعر مرتفع.
تأجيل التفاهمات يعني استمرار الصراع. المناطق التي لا يتم التفاهم حول مواردها الكبرى يبقى الصراع مستمرّاً فيها.
إذا ذهبنا إلى تفاهمات عبر “يالطا” جيوبوليتيكية تشمل النواحي السياسية والعسكرية والغازية سنذهب إلى عالم من الرخاء في شرق المتوسط. أبرز سماته استقرار لم تشهده المنطقة ولم تحلم به. لكن هذه رؤية وردية.
إن انتهاء الصراع في سوريا وبدء ورشة الإعمار يصبح هامشياً قياساً لما سيحل بالمنطقة في مرحلة ما بعد إنتاج الثروات. في حال حدوث تفاهمات هذا يعني أنّ المنطقة ذاهبة إلى ثراء، وليس فقط إلى نهاية صراعات. نحن نتحدث عن منطقة ستصبح أهم من منطقة الخليج بما لا يُقارن. وبالتالي ستتغير الخارطة في العالم وفي المنطقة.
هل هذا مسموح عالمياً لدول وليس لكيانات متشظيّة تترجّى الاستقرار وتجده سراباً؟
نحن أمام تحوّلات جدّية تحدث اليوم في العالم. تحوّلات، هي بمثابة حرب عالمية ثالثة لكن لا مكان فيها للقوة المفرطة والقنابل النووية. هي حرب ذات أبعاد سياسية واستراتيجية وحرب على الموارد وغير ذلك.
المرحلة التي عرفنا فيها الاتحاد الأوروبي كانت مرحلة إلغاء السيادات. ليس بالمعنى الذي مورس على الدول في منطقتنا. لكن وفق نموذج تكاملي وإلغاء الحدود. خروج بريطانيا من الاتحاد يأتي في ظل ميل للعودة إلى مرحلة الحداثة. مرحلة السيادات، والدولة الأمة.
قد نشهد خروج دول أخرى من الاتحاد الأوروبي. بعض التحليلات تذهب بعيداً وتقول وداعاً للاتحاد الأوروبي. حالياً نشهد هذا التحول في فرنسا. إذا فاز فرنسوا فيون بالرئاسة نحن ذاهبون إلى الدولة السيادية الواقعية التي كنا نعرفها. ربما نشهد أيضاً complementary تعايش في فرنسا. بمعنى سيادات تمثل الحداثة وسياسات مع الفوضى التي تمثل ما بعد الحداثة. من الصعب أن يعود العالم اليوم إلى حالة الحداثة، أي السيادة والسياسة الواقعية القديمة. هناك أولاً، اتجاه ما بعد حداثوي ينحو باتجاه الـ Chaos، أو العمى. هذا التوجه أُرسي في العالم وفي المنطقة العربية وله نتائج. لا بد إذاً من complementary تعايش يجمع التوجهين. سنرى ذلك في فرنسا، وهناك ملامح لذلك في إيطاليا.
التعليقات مغلقة.