هل هي استعراضات نتنياهو ام شركة لوكهيد ؟ إف 35 تتحدى اس 300 / نارام سرجون

 

نارام سرجون ( سورية ) الثلاثاء 17/1/2017 م …

يستطيع نتنياهو الآن ان يقول مايريد من انه يضرب في دمشق ولايخشى العقاب .. ويستطيع أن يتبجح كما يشاء من أنه يطال دمشق من فوق الجولان أو من لبنان وأنه يعني مايقول عندما يهدد .. ولكنه لايستطيع ان يجيب عن سؤال أهم من كل عراضاته واستعراضاته وهو: طالما انه يحس بتراكم القوة الفائضة لديه فلماذا لايشن حربا على الجيش السوري وينزل به الهزيمة الموجعة والقاضية؟؟ .. وهي فرصة مناسبة لن تتكرر الا مرة كل مئة سنة حيث العدو السوري مثخن بالجراح والطعنات من الاتراك والعرب والاسلاميين بدواعشهم واخوانهم وهو محاصر من الغرب الاطلسي الذي يزج بكل طاقته لانهاك هذا العدو البغيض لاسرائيل .. واعداء هذا السوري ينتشرون شمالا وغربا وجنوبا وشرقا .. وهذا وضع يستحيل ان يتكرر في المستقبل ووهي فرصة لاتفوت .. فلماذا لايضرب نتنياهو ضربته التي يتوق اليها وتكون بالمرة الضربة التي تدمر النواة الأساسية للجيش السوري وهذا لن يكلفه الا بضع ساعات او ايام وهو يملك أحدث طائرة اميركية وهي ف 35 .. كما فعل ليفي اشكول في حرب حزيران ضد ناصر وحلفائه في عام 67 ؟؟ واذا ضرب نتنياهو الجيش السوري ضربة قاصمة فلاشك أنه سيسهل انتصار الاسلاميين أصدقاء اسرائيل الذين بايعوها وقايضوها وانجزوا الاتفاق معها والقاضي باستلام السلطة في دمشق والتسليم بملكية اسرائيل لكل ماتريد من ارض ومقدسات الى حيث يقف الجندي الاسرائيلي ..

في بداية الحرب على سورية كنا نتحرق للرد على اسرائيل ونلوم القيادة السورية التي لاترد .. وكان أحدنا يضرب بقبضتيه على الطاولة بعنف وهو يسمع البيانات السورية التي سترد في الزمان والمكان المناسبين .. فيما كان آخرون يمضغون غضبهم من تلكؤ الرد السوري والدماء تغلي في عروقهم .. وكنا بالفعل نريدها حربا مع اسرائيل لأن ضرب الرأس سيوقف جسم الأفعى وذيل الافعى التي تطوق سورية من كل الاتجاهات .. فالاسلاميون هم ذيل الأفعى وتركيا جسدها الطويل ولكن الرأس هو اسرائيل .. وفي الرأس أنياب اسرائيل السامة حيث السعودية ودول النفط التي تقطر نفطا .. أو سمّا..

لم نكن ندرك الكثير من التفاصيل التي دفعت القيادة السياسية والحلفاء الى اتباع سياسة ضبط النفس وعدم الانحرار وراء غواية الرد .. وكنا نقول ان هي الا حرب .. فلتكن .. كي نكون أو لانكون .. بل ان ماسنخسره في حرب مديدة مع حثالات الاسلاميين لايساوي خسارتنا من حرب قصيرة مع رأس الافعى .. لكن بالعودة الى تلك المرحلة صرنا نعرف أن اسرائيل كانت تريد أن يبقى القسم الأكبر من الجيش السوري في الجنوب ولايغادر الى الشمال خوفا من هجوم اسرائيلي صاعق يمهد لحلفائهم الاسلاميين اقتحام دمشق .. وكان أي رد سوري سيعني ان تبقى القوات الرئيسية جنوبا في معركة الرد ورد الفعل وان يتعطل تحرير الشمال ويتحول تدريجيا الى أمر واقع بدخول تركيا عمليا الى مدينة حلب .. وهذا يعني فصل حلب عن باقي سورية .. كنا ندرك أن قرار الرد على اسرائيل سيعني انقاذا للاسلاميين وتسليما لحلب .. لأننا بمجرد الانخراط في اللعبة الاسرائيلية لن يكون من الواقعي ان نكون قادرين على التصدي لاجتياح في الشمال يكرس الانفصال .. الى ان وقعت معركة حلب الكبرى التي كانت انتصارا ناجزا لايشك فيه .. وكان ذلك نتيجة قرار دقيق اقتضى بتثبيت الجنوب وتحريك الشمال .. وهو اسلوب تلجا اليه الدول التي تخوض حروبا على عدة جبهات حيث انها تتحمل جمود جبهات ولاتتحمل ضعف جبهة أخرى تنجم عنها خسارة كبرى ..

اليوم بعد حلب يدرك نتنياهو شيئا في غاية الحساسية .. وهو ان هناك احتمالا أن ادلب ستسقط اما حربا او سلما اذا نضج اتفاق ما .. ويخشى الاسرائيليون وصول ترامب الذي قد يضعف الاسلاميين حتى ان لم يقترب من الأسد .. ولكن المسألة هنا متعلقة بالجيش السوري وحزب الله اللذين سيعودان من الشمال ولن يضطر حزب الله للذهاب الى الرقة لأن الرقة معركة ستخوضها غالبا القوات السورية والعراقية .. والاسرائيليون استفاقوا على حقيقة لم يضعوها بالاعتبار وهي ان هذا يعني أن قسما كبيرا من القوات التي احترفت وتمرست على أشد أنواع القتال بعد عودتها ستكون وجها لوجه مع الجيش الاسرائيلي في الجليل والجولان ..

فكيف يمكن تفسير التحرش الاسرائيلي الأخير بضرب محيط مطار المزة العسكري في توقيت لايناسب اسرائيل بعد انتصار الجيش السوري في حلب وكان من الافضل تنفيذها أثناء معركة حلب .. وهي ضربة لامعنى لها من الناحية العسكرية لأنها محدودة ولاتقدم ولاتؤخر اذا لم تكن شاملة .. ولكنها تأتي في ظل حقيقة أن الدفاع الجوي السوري صار قويا للغاية بنشر بطاريات اس 300 التي تم تسليمها له من قبل الروس .. علاوة على ان شبكة اس 400 تغطي كل المنطقة حتى ايلات .. ومع هذا غامر نتنياهو وخرق تفاهما مع الروس وخطوطا يبدو انه يتمتع وينتشي بتجاوزها في ظل حرب معقدة واستعمل أحدث طائرة.. فيما كان قادرا على تنفيذ الضربة كسابقاتها بطائرات إف 16 ..

نحن لن نتوقف امام اعلام نتنياهو الدعائي لمنح الرجل بعض اللمعان والبريق في عيون الاسرائيليين .. ولن نستمع لاعلام النفط العربي الراقص الذي شمت وتشفى وبرّد غله .. بل سنذهب الى حيث ذهب المحللون الغربيون الذين لاينتظرون بيانات ونشرات ايبكا ولايلتفتون الى كلمة من كلمات المحللين في الشرق الأوسط ..

صحيح أن الحقيقة هي أن هذه الضربة مثل سابقاتها تريد احباط السوريين والتقليل من حجم انتصاراتهم ورفع معنويات الجمهور الاسرئيلي و”الاسلاموي” المتحالف معه ولتأكيد القول للاسلاميين ان اسرائيل معكم واننا في خندق واحد وأننا حلفاء .. ولكن أهم مافي الخبر الذي تردد عن الغارة الاسرائيلية والتقطته آذان هؤلاء المحللين الغربيين هو أنه أشار لأول مرة عن ان الطائرات التي أطلقت الصواريخ كانت من طراز إف 35 .. وهنا يكمن السر الحقيقي وراء هذه الضربة في هذا التوقيت الغريب .. ووجدت أن من المفيد الاطلاع على الجدل الكبير بشأن هذه الطائرة والذي يعتقد انه ربما وراء الضربة الأخيرة .. وقد وجدت من المفيد أن نتشارك الاطلاع عليه من باب معرفة العدو ومابين سطور العدو مهما أطلق من غبار التضليل والتفسير..

فهذه الطائرة هي أغلى واقوى طائرة أنتجها العقل الغربي حتى الآن وكلفة البرنامج الذي سعى لاطلاقها بلغت تريليون دولار للوصول الى درة وأيقونة السلاح الضارب الاميريكي لجعلها سيدة الأجواء في العالم لعقود قادمة .. ولكن ومنذ شهر تقريبا نشر البنتاغون أهم تقرير عن هذه الطائرة وهي ان فيها عيوبا خطيرة وهناك خلل على عدة مستويات وخاصة في نظام الرادار ونظام التشغيل الكهربائي ونظام نشر واطلاق الأسلحة .. بل هناك محدودية واضحة في الاستجابة للتهديدات .. والمشكلات كلها متعلقة بالبرمجيات التي تبين ان عملية اصلاحها وتطويرها ستستغرق سنوات وهذا ماسيضيف الكثير من النفقات الهائلة التي ستضاف الى التريليون دولار السابقة وهي القيمة الأعلى في تاريخ صناعة الطائرات العسكرية على الاطلاق ..

وهنا بدأ اللوم يلقى على النظام الصناعي العسكري الاميريكي الذي اصابه الترهل لأنه في حالة الاسترخاء بعد سقوط الاتحاد السوفييتي تم اقصاء شركات صناعة المقاتلات لصالح شركة واحدة هي شركة لوكهيد مارتين التي باتت الشركة الوحيدة التي تحتكر عقود تزويد الجيش الاميريكي بالطائرات المقاتلة والتي امتصت كل عقود التسليح وأنفقت ببذخ على برامج التطوير ولكنها فقدت أهم عامل في النمو التكنولوجي وهو وجود منافس في السوق ومنتجات متنوعة تهددها .. مما انعكس في منتج ف 35 الفاقد للمنافسة الذي يصنف على أنه فاشل .. بل ان تجربة نظرية لمناورة مع طائرة ف 16 القديمة أثبتت تفوق إف 16 في عدة مجالات .. وهذا يعني ان ف 35 غير قادرة على منافسة السلاح الروسي الذي احتفظ بعامل التنافس بين شركتي ميكويان (التي تصنع الميغ) وشركة سوخوي لصناعة مقاتلة السوخوي .. وكان ان ظهرت أجيال متعددة منهما في منتهى التفوق والأداء الرفيع والمتناسق ..

شركة لوكهيد اعترضت على التقارير التي تضرب سمعتها ونفوذها وتهدد احتكارها للسوق خاصة أنها أمام عهد ترامب الذي سيعيد هيكلة كل شيء له علاقة بفساد النخب في الحزبين الجمهوري والديمقراطي والذي بنى عليه حملته الانتخابية .. ولكن ليس امامها دليل تثبت فيه ان البنتاغون يبالغ في اثبات عده أهلية الطائرة لتكون طائرة القرن خاصة بعد ظهور أداء السوخوي الروسية .. ولاشيء هناك الا اختبار رادارات والكترونيات الطائرة أمام التفوق الجوي الروسي في مجال الصواريخ التي نشرت في سورية .. وشركة لوكهيد مارتين من الموالين للنخب الاميريكية الديمقراطية والجمهورية ولها علاقات طيبة مع فريق اوباما وكلينتون وصقور الجمهوريين .. ولكن لاتزال العلاقة مع فريق ترامب غير واضحة خاصة ان الرجل يريد اعادة هيكلة كل شيء في اميريكا من السياسة الى الاقتصاد ونفوذ واحتكار الشركات والفساد الى اعادة تحديد مخاطر الأمن القومي ونقله نحو أقاصي آسيا .. وقد لايسمح بفكرة المجازفة مع السلاح الروسي أو انه قد يطلق سباق تسلح داخل شركات اميريكا يطيح بانفراد لوكهيد مارتن في احتكار سلاح الجو الاميريكي والأطلسي .. ويرجح البعض ان أصدقاء الشركة في فريق اوباما طلبوا من الاسرائيليين اجراء تجربة التحدي مع أفضل سلاح مضاد للطائرات في العالم موجود في سورية عبر اس 300 واس 400 لاثبات تفوق الشركة وأحقيتهابالعقود للعقود القادمة ..

وكانت أول مهمة لطائرات ف 35 هي في أجواء الجولان .. واتخذت أوضاعا قتالية في الأجواء وأطلقت رشقات صواريخ .. ولم تتلق الرد .. ويقوم مئات الخبراء في تحليل الاشارات الرادارية التي التقطت والتي بثت .. وهل تم رصد الطائرة ام ان اجهزة التشويش والتضليل التي تعمل في الطائرة فعالة .. وهل كانت المناورة الجوية سريعة وناجحة ودقيقة ؟؟

لايزال من المبكر معرفة الحقائق .. ولكن مايتوق الخبراء الى معرفته هو هل أدرك الروس قوة الطائرة أم تثبتوا من ضعفها ومواطن العيب في الكترونياتها وأجهزة الرادار والتشويش .. وهل امتنع السوريون عن الرد أو منعوا من قبل الروس لابقاء الحيرة لدى الخبراء الأمريكيين الى حين قيام مواجهة أكبر وحقيقية ..

العسكريون الغربيون يبتسمون عندما يسمعون استعراضات نتنياهو وعراضاته الجوية السريعة وهم يعرفون ان استغلال الوضع السوري المنشغل عنه لايعني الا قلقه ايضا من الجيش السوري الذي سيخرح قريبا من أقوى حرب كأقوى جيوش المنطقة .. وسيكون في الجنوب أمام منخري وفم نتنياهو .. نتنياهو يبدو مستعجلا لردع الحلفاء بعرض ف 35 في التوقيت الغريب بعد التفوق السوري في معركة حلب وقبل رحيل اوباما .. وهذا يبدو توقيتا له علاقة بالحاح شركة لوكهيد ولوبياتها لدى الديمقراطيين أكثر من اي شيء آخر .. وليس له علاقة بأي هدف ثمين في محيط مطار المزة العسكري ..

رغم أننا لسنا حقل تجارب للوكهيد ونتنياهو الا أن علينا أن نلاعب العدو بنفس اللعبة التي يتقنها .. كما فعلنا عندما اختبرنا قوة الدفاع الجوي الاسرائيلي منذ أشهر بطائرة من غير طيار تنزهت فوق شمال فلسطين وأخفقت كل محاولات اسقاطها وعادت الينا سالمة .. ولم يفعل نتنياهو شيئا ..

والسؤال الذي لانعرفه هو هل ستكرر الشركة اختباراتها مجددا في عهد ترامب ؟؟

والأهم أن اس 300 أو اس 400 هل يقبلان التحدي من شركة لوكهيد ويستمران في مراقبة تجارب لطائرة فاشلة .. أم سيتم قبول التحدي التكنولوجي .. أم ان ترامب سيوقف هذه المراهقات ؟؟..

الحرب سجال .. والحرب صبر .. والحروب والمعارك تخاض مواعيدها بميزان الذهب .. والرصاص يطلق في موعده تماما .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.