الاتفاق الفلسطيني.. وحملة حماس الأمنية / د. فايز رشيد

 

د. فايز رشيد ( الأردن ) الثلاثاء 17/1/207 م …

” جميل أن نخرج للعالم, ونخاطبه قائلين: إن فصائلنا الفلسطينية استطاعت الاجتماع معا, ولم يتغيب سوى فصيلين خارج إطار م.ت.ف. غير أن الحقيقة أنه لم يجر التوافق على شيء. حقيقة الأمر أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي لم ترغبا في الظهور بمظهر المعطل لتجاوز الانقسام, لكنهما تدركان أنه لن يحدث أي اجتماع جديد للجنة التحضيرية, وإن حدث سيكرر الخطاب الإنشائي الأول, وبالتالي,لن يحدث أي حوار حقيقي بعد الجلسة الأولى.”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بداية, فإن مطلق كاتب, إن لم يعش في فضاء من الحرية النسبية فيما يخطه قلمه, وأن يكون تابعا لرأي جهة بالمطلق, فهذا يعني باختصار موته المحقق, وهي حالة لا أتمناها لأحد من الكتاب, رغم كثرة وجودها في عالمنا, وتتمثل في ظاهرة المستَكتَبين والكتبة,الذين يغردون ما تقوله حكومات بلادهم, أو جهات أخرى تستكتبهم. بالنسبة لكاتب هذه السطور, فإن ما أكتبه من مقالات في صحف عربية متعددة, فإنه أولا وأخيرا يعكس وجهة نظري الشخصية, وأتمنى ألا يحسب على أي جهة أنتمي إليها, وعلى هذا الأساس, رأيت لزاما عليّ , التوضيح.

إنه من المفرح لشعبنا وأمتنا العربية, أن ترى كافة الفصائل الفلسطينية مجتمعة في اجتماعات اللجنة التحضيرية, للإعداد لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني, على مدار يومين في العاصمة اللبنانية بيروت. كان “الأروع”, البيان الذي صدر عن الاجتماع, وفيه اتفاق على خطوات في غاية الأهمية لقضيتنا الفلسطينية, ومشروعها الوطني التحرري, ولشعبنا الفلسطيني في كل مواقعه. تمثلت الخطوط العريضة في: إنهاء الانقسام, تشكيل حكومة وحدة وطنية, وعقد مجلس وطني فلسطيني جديد, بعد إجراء انتخابات لأعضائه حيثما أمكن ذلك.باختصار شديد, سمعنا كلاما فلسطينياعاما وجميلا عشرات المرات, ولكن حالما تغادر الوفود مكان الاجتماع, ومثلما يقول مثلنا العربي “فإن حليمة تعود إلى عادتها القديمة”.

نعم, يذهب الطرفان المعنيان بالمصالحة, كلٌ إلى برنامجه ومسلكيته. فمثلا, ما كاد حبر الاتفاق يجف, حتى قامت حماس بتفريق مظاهرة سلمية, بالقوة القمعية وبطريقة تنكيلية, وقامت باعتقال كوادر مهمة ومسؤولة في القطاع, من الجبهة الشعبية (منهم القيادي حيدر أبو العيلة), ومن حركة فتح ( منهم, فادي أبو وردة وأشرف ابو زعيتر), كما الصحفي يوسف فارس مراسل تلفزيون “خبر” الإيراني, ورئيس تحرير موقع “نبأ برس” الإخباري, وأشارت مصادر كثيرة, إلى أن اعتقال الصحفي, جاء على خلفية رأيه حول ما يحدث في مدينة حلب في سوريا, حيث يدعم مواقف الشرعية السورية, معروف موقف حماس من الصراع مع الإرهاب في سوريا, والنابع من موقف التنظيم العالمي للإخوان المسلمين, المعادي للنظام السوري, بالرغم أن ما قدّمه النظام السوري لحركة حماس, لم يقدمه لمطلق تنظيم فلسطيني, ولا حتى لمنظمة “الصاعقة” الفلسطينية, التابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي .لم تكتف حماس بالاعتقال, بل قامت صباح اليوم التالي (الجمعة 13 يناير الحالي,2017) بحملة تفتيش ومداهمة بوليسية لبيوت مواطنين كثيرين في قطاع غزة, لاعتقالهم بسبب مشاركتهم السلمية في تظاهرة الخميس.

نسأل…. هل مسلكية “دولة حماس” تعبّر عن إرادة حقيقية لتجاوز الانقسام؟, ألم يكن بإمكان “وزير الداخلية” في حكومتة حماس , التكرم بالدعوة إلى عقد اجتماع لمسؤولي الفصائل الفلسطينية, لبحث ما تريده منها؟, وهي من المفترض أن تكون حليفاتها في النضال, وليس في عقد التهدئة مع العدو الصهيوني.

وبالعودة إلى اجتماع اللجنة التحضيرية, نقول: جميل أن نخرج للعالم, ونخاطبه قائلين: إن فصائلنا الفلسطينية استطاعت الاجتماع معا, ولم يتغيب سوى فصيلين خارج إطار م.ت.ف. غير أن الحقيقة أنه لم يجر التوافق على شيء. حقيقة الأمر أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي لم ترغبا في الظهور بمظهر المعطل لتجاوز الاتقسام, لكنهما تدركان أنه لن يحدث أي اجتماع جديد للجنة التحضيرية, وإن حدث سيكرر الخطاب الإنشائي الأول, وبالتالي,لن يحدث أي حوار حقيقي بعد الجلسة الأولى.

جملة القول، ما جرى في اجتماعات اللجنة التحضيرية, هو الاتفاق على خطوط وطنية عريضة, لا يختلف عليها اثنان! لكن لا الإرادة السياسية ولا الرغبة قائمة لدى الطرفين لتجاوز الانقسام, ولا لتشكيل حكومة وطنية ائتلافية واحدة, ولا تتوفر الرغبة لدى حركة حماس لدخول المنظمة, ولا حضور المجلس الوطني الفلسطيني, إن لم تضمن قاعدة “النصف +1″ التي اتبعتها حركة فتح, طيلة مرحلة النضال الوطني الفلسطيني.أعد جازما, أنه وبتاريخ 13 يناير 2021, إن تم تجاوز الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطني, وعقد مجلس وطني فلسطيني بحضور حركتي “حماس” و”الجهاد”, (بالطبع إن أمدّ الله في عمري) فسأعتزل الكتابة نهائيا بعد انعقاده مباشرة, وسأعتذر من شعبي وقرّائي، عن خطأي التاريخ في إدراك حقيقة أحداث الساحة الفلسطينية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.