التلاصيق و الخوازيق في حكومة الاغريق / د. عبدالفتاح طوقان

 

د. عبدالفتاح طوقان ( الأردن ) الثلاثاء 17/1/2017 م …

حكاية الحكومة الاردنية الحالية التي يقودها الدكتور هاني الملقي المعروف بذكائه و حنكته التي غابت عنه في حكوماته المشكلة و المعدلة هي مثل حكاية “ابريق الزيت “ . الابريق الذي يضرب به المثل و يدلّ على التململ واستهلاك الوقت لتعجيز شخص ما، فنقول إذا ما استطال الحدث وصار مرهقاً ومزعجاً: “صار حكاية إبريق الزيت”. و ها هو “ صار حكاية التلاصيق و الخوازيق في حكومة الاغريق” حيث اصبح التعديل ممل و مستهلك.

و الاغريق المقصودن هم ليسوا تلك الفئة من اليونانيين و اللذين أطلق على القدماء منهم تسمية “إغريق” في العربية. وهي أمة ومجموعة عرقية يعود موطنها الأصلي إلى بلاد اليونان وقبرص ومناطق مجاورة ، و لكن القصد الشعب الاردني الطيب و الذي اغرق في المديونية ، و بالتالي فحكومة الاغريق الاردنية هي الحكومة التي اغرقت الشعب ، و اصبح بسببها و بسبب سياساتها و السياسات المتوارثة من بعض الحكومات الفاشلة المماثلة تمتد قوتها من “أغرق ،غرق، يغرق، اغراق ،اغريق “ ، و يصبح الشعب من الاغريق. شعب تم اغراقه و تغريقه في المديونية ضمن حكومة غارقة في الفشل المتكرر.

تعديل سطحي تهريجي

نعم الشعب الاغريق الذي اطاحت الحكومة بكل من ابنائه المبدعين و داست بقدميها علي الثقافة والفنون والإستكشاف، والأدب، والفلسفة، والسياسة، والهندسة المعمارية، والموسيقى، والرياضيات، والعلوم والتكنولوجيا، والأعمال التجارية، المطبخ، والرياضة، و غيرها سواء من الناحية التاريخية أو المعاصرة، و اهتمت بهدر امواله و مستقبله و حماية مستحقاتها و امتيازاتها و بتواجدها و رواتبها و بقاؤها في مواجهة مجلس النواب بحيلة و احتيال تمثل في تعديل تهريجي سطحي ، وتعيين وزراء من حكومات .

و القصد من الاتيان بوزراء كانوا يوما ما نوابا للشعب هي سابقة مغرضة للتعامل مع مجلس النواب عوضا عن وزراء قادرين علي ايجاد حلول للوطن، لأن اقصي ما تطمح اليه الحكومة هو شرعيتها و ثقة المجلس النيابي و امتداد فترة حكمها لاطول فترة ممكنة ضاربين عرض الحائط بحرارة الشارع الذي يغلي و صبره نفذ. هي حكومة باموال و فلوس من جيوب الشعب لذا علي الحكومة ان تسمتع للشعب و تحافظ عليه و علي وطنه و مستقبل الدولة و امواله.

نسخ و لصق الوزراء

يري البعض أن حكومة الدكتور هاني الملقي لم تقدم برنامجاً مختلفاً عن برامجها الفاشلة جملة و تفصيلا ، وكل ما في الأمر أنها قامت بعمل (نسخ لصق) لوزراء من حكومات أخرى ، ببساطة رئيس الحكومة لم يستطع ان يآت بجديد سوي ان يرضخ لخلاف بين وزري سابق ووزير الخارجية ادي الي الاطاحة بوزير الخارجية الذي لصق في مقعده عشر سنوات .

فاذا كان رئيس الحكومة ، و الذي هو محبوب و انتظره الشعب لسنوات ، و هو نظيف و امين و ذكي و فاعل ، لم يستطع حل مشاكل المديونية و ووضع استراتيجيات للدولة الاردنية في ثلاث تعديلات وفشل بعض من وزرائه في وزارتهم فما الذي سيجعله ناجحاً في رئاسة الوزراء” مع التعديل الجديد ؟ و ما الهدف من انغماسه في تبعية و صمت و تنفيذ لتعليمات الغير متنازلا عن الولاية العامة ؟.

ان التلاصيق هو جزء وامتداد للحكومة الفاشلة السابقة باعمدتها الراحلة وخوازيق ، ويتحمل الرئيس جزء من المسؤولية فيما يحدث، متضامنا في الجزء الاخر مع من رشح له الوزراء و فرضهم عليه و من يحركهم من خلف الستار ، فالرئيس و حكومته لم تقف مع مجلس النواب و لا الشعب ،في اي خط دفاعي رغم فضل تواجده و بعض من وزرائه لمدة عشرين سنة علي انفاس الشعب ، فما هو الجديد في التعديل الجاسم علي صدر الشعب ؟.

الانتفاضة في مواجهة الكتف الاسرائيلي

و اقصد حكاية التعديل فاشلة من بدايتها مثل ابريق الزيت ، يميزها الانسداد و العناد و التحايل السياسي و جمعت بين المتناقضات، و ابسطها الخلاف الفكري من اللحظة الاولي بين الدكتور ممدوح العبادي وزير الصحة الاسبق ، نائب الدائرة الثالثة في عمان و نقيب الاطباء و رئيس لجنة الانتفاضة ضد اسرائيل ، كيف سيتفق مع مهندس ملفات التفاوض مع اسرائيل الذي صورته مع اريل شارون رئيس وزراء اسرائيل تملاء صفحات الصحف مبتسما و مبتهجا؟ ، و كيف سيتعامل اصحاب فكرة الدولة المدنية و الفكر القومي في مجلس النواب مع رئيسهم السابق في لجنة الانتفاضة و مقاومة التطبيع بعد ان سكن في حكومة ضعيفة مهلهلة تخلصت من كل معارضي الرئيس فكرا ، و يحتل موقعا متقدما في صنع القرار الحكومي المحتضن بدفء الكتف الاسرائيلي ،او هكذا الاعتقاد؟

المشكلة الثانية امام الرئيس هي التعليم الذي عهد بوزارته الي من هو ابعد شخص عن التعليم . و كا يقول المثل “خرج رئيس الحكومة من الحفرة فوقع في دحديرة” لم يميزه وزرائه او يحموه و الآتي اعظم.

جلطة الحكومة السياسية

انها اكبر حالة من الفشل ستؤدي الي جلطة سياسية للحكومة المفككة و المتعالية علي الشعب و التي ابرمت صفقات علي حساب الشعب ، و التلاصيق الاخيرة في الحكومة المؤدية الي مزيد من التصعيد والتأجيج والتأليب ضد حكومة “ لصق نسخ “ تملؤها حالات التناقض بين القول و الفعل و تشكل بتعديلها الاخير عبئاً ثقيلاً عليها وعلى المواطن الصامت غُبناً وحيرة ولكنه لا بد من الحذر من شعبا وطنيا صبورا ليس قليل الحيلة او صعب الحراك.

كل تلك الامور عوامل تؤدي إلي مضاعفات خطرة للجلطة السياسية. لقد كان البعض يري ان الحكومة تمر بحالة ذبحة سياسية نتيجة خلافات داخل مجلس الوزراء و انقسامات لم يحسن استخدامها للصالح العام ولم يفلح رئيس الحكومة في تفعيل التوافق بينهم و لا لاتنسيق، لكن ايقن الشعب و ممثليه بعد التعديل أن الحكومة الآن هي حكومة مصابة بالجلطة غير قادرة علي انقاذ نفسها فكيف هي ستنقذ الوطن و هي تحتاج النقل الي مشفي في قسم الطواريء لتودع بأمان ؟.

و لتآكيد الجلطة الحكومية فأن اعراضها واضحة و هي شعور الشعب بالألم والضجر والتشنجات السياسية داخل مجلس الوزراء والسعال غير المبرر بين اقطاب في الحكومة و الكتم علي انفاس الشعب و اغلاق منابع الفكر و الحريات مما ادي الي ضيق التنفس الشعبي المودي الي آلام في الصدر الاعلامي مع كل مقال او كتابة تتنفس عميقا ووضع

الخطوط الحمراء على الاردنيين الوطنيين و تورم الساقين و هما مجلس النواب و الاعيان.

و و بما أن التعديل فاشل بآمتياز مع مرتبة الشرف فيحق المثل “المرعي اخضر و لكن العنز مريضة “، اللهم اشفها من الجلطة السياسية و اشفينا منها ، والاستحقاق هنا مع تعديل الحكومة ان نردد اغنية ام كلثوم ““للصبر حدود” التي غنتها عام ١٩٦٤: “ماتصبرنيش بوعود. وكلام معسول وعهود. انا ياما صبرت زمان. على نار وعذاب وهوان. وهي غلطة ومش ح تعود”.

افهم يا شاطر.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.