باختصار: عندما ربح البغدادي معركة ! / زهير ماجد

 

زهير ماجد ( الخميس ) 19/1/2017 م …

هنالك منتصر ينسى دائما انه ربح معركة وعليه ان يستعد لمعارك .. كم عدد المعارك التي ربحها نابليون وهتلر وغيرهما، وكيف افلسا بعده فذهب الأول إلى المنفى والثاني إلى الانتحار. لا اهمية لنصر في حرب طويلة، ظنت اسرائيل عام 1967 إنها انهت حربا ولسوف يأتي السلام وسيركع عبد الناصر الرمز، فإذا بها مجرد معركة.

لا شك ان ابا بكر البغدادي زعيم داعش ظن يوم وقف في جامع الدولة الكبير في الموصل ليخاطب ليس جماعته بل من هم خارج حدود الموصل وصولا إلى كل العرب والمسلمين والعالم، انه ربح الحرب كلها، وكان حري به مثل أي منتصر أن يخاف من انتصاره كما هي فكرة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وان عليه ان لا ينام بعدها لأن الخاسر لن يقبل وهو الدولة الشرعية التي لها البلاد والعباد ان يسلم بخسارة معركة لم تكن في الأصل جزءا من حرب بل تسليم مواقع لا اكثر. افتتن البغدادي بانتصاره مع انه قارئ تاريخ كما يقال، لكن لا بأس عنده كما اعتقد، سيقال في التاريخ انه مر كغيره ممن تمكنوا من تغيير واقع ولو لمدة، بل من ممارسة حكم على اقطاعيات من المعروف انها لا تدوم. لكن الذين بعثوا إليه برسائل تطمين ان اقامته طويلة، كانوا مثله شهودا أقوياء ظنوا أيضا أن العراق ملعبهم وبالتالي سوريا وغيرها.

الآن البغدادي بدون “جامعة” الكبير في الموصل، فيما ظلت صورته وهو يقف على منبره غنية بمغزاها، وغدا هو بدون الموصل كلها وايضا في اماكن اخرى، ظله على الأرض سوف يمحى ذات ساعة أو يوم، الإرهاب حين تتكسر اضلاعه ويخسر مواقعه وتتلاشى قدراته يأكل نفسه وقادته، القاعدة الإرهابية تهيأ دائما من سينكر على القيادة بقاء وجودها وهي تخسر من نقلة إلى اخرى.

سيظن البغدادي الذي يتابع مجريات تنظيمه، ان القوة ليست فقط كما هي ظاهرة، كما انها ليست عندما تكون ضعيفة، كما ان خسارة معركة ليست نهاية حرب، المسألة كلها ببساطة معروفة، ان نتائج الحرب السياسية هي الفاصل النهائي للخرب، وقد لا تكون كذلك ايضا اذا رضي الخاسر على مضض، كما فعل الألمان في الحرب العالمية الأولى عندما قبلوا معاهدة فرساي بسبب خسارتهم، ثم جاء من ضربها بقدمه مثل هتلر واعاد كتابة تاريخ المانيا بما يتناسب مع تلك اللحظة التي تشبه عنفوانه.

جامع الدولة الكبير في الموصل هو اليوم علامة من علامات حدث كبير كونه سقوط مرحلة وعودة العافية إلى العافية الأولى، بل سقوط وهم للإرهاب ومن وراءه، ونجاح القيم الطبيعية الإنسانية والاجتماعية لإنسان المكان الذي عاش فيه ارثا بعد ارث. وغدا تعود الموصل كلها، بل يعود العراق إلى العراق في جغرافيته ومساحته وديموغرافيته، ويعود النهران الكبيران دجلة والفرات ليقصا واقع ما مر على العراق وما سيرته أمور وما غيرته وقائع وكيف كان ينتصر دائما على الطوارئ القاهرة.

سيتحرر العراق بهذا التقسيط من المعارك لكنها في النهاية من اجل الحل الذي يضمن العراق سليما طالعا من كل ما حيك له وما يحاك من ترتيب تقسيمي .. لقد انتصر الدم على الإرهاب، وغدا يوم آخر له معنى لن يكون الأخير في مسيرة كانت دائما على حافة الهدوء.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.